المستودع الرقمي لـقسم اللغة العربية

احصائيات قسم اللغة العربية

  • Icon missing? Request it here.
  • 0

    مقال في مؤتمر علمي

  • 0

    مقال في مجلة علمية

  • 0

    كتاب

  • 0

    فصل من كتاب

  • 8

    رسالة دكتوراة

  • 42

    رسالة ماجستير

  • 0

    مشروع تخرج بكالوريوس

  • 0

    تقرير علمي

  • 0

    عمل غير منشور

  • 0

    وثيقة

فن النقائض في الأدب العربي في الجاهلية وصدر الإسلام

الحمد لله الذي وفقني في إنجاز هذا العمل المتواضع، والذي يتعلق بدراسة ظاهرة فنيّة عملت على تماسك الشّعر الجاهليّ والإسلاميّ، وتقريب معانيه ألا وهي ظاهرة النقائض بين الجاهليّة وصدر الإسلام، التي تدور رحاها بين الشّعراء والتي ورسخّت لنا أصول الشّعر ومعانيه وأفكاره، وهذا من فضل الله عليّ ثم فضل أستاذي الكريم وتوجيهاته القيّمة المصيبة، فقد عمل جاهدا على إرشادي وتوجيهي، وعمل على إنارة الدّرب أماميّ، فوظفت هذا التّوجيه من الأستاذ في البحث، فقسمته إلى ثلاثة فصول ومقدّمة وخاتمة والتي استفدت منها واستنتجت منها الآتي: أنّ هذه الظاهرة، عرفت منذ القدم، وتمتد جذورها إلى العصر الجاهلي. لا تتم الرئاسة على القوم، إلا بوجود عصبية غالبة للعصبيات الأخرى. تخلخل هذه الظاهرة نوعاً من العصبيات القبلية. بلغت عصبية الشعراء لقبائلهم ذروتها في العصر الجاهلي وصدر الإسلام. أثرت هذه الظاهرة في الحياة الأدبية في العصر الجاهلي والإسلامي. وخاصة في الشعراء والنقائض، مما أدى إلى مغالاة الشعراء في عصبياتهم لقبائلهم وعشائرهم. حفظت اللغة العربية من الضياع بين اللغات الدخيلة. ظل الصراع بين العصبيات متواصلاً في عصر صدر الإسلامي. ظلت العصبية القبلية بين المهاجرين والأنصار قائمة في الإسلام وبين الأنصار أنفسهم على الرغم من أنّ الرّسول آخى بينهم. ظهور النزاع في بطون قريش بسبب الخلافة وذلك أثر وفاة الرسول أنّ فنّ النقائض معونة قيمة في تاريخ الأدب العربي بعامّة القديم والحديث منه. وقوف الشعراء مع قبائلهم في الحرب والسلم وتحريضهم عن القتال والأخذ بالثأر. وقفت طائفة من الشعراء إلى جانب قبائلهم المرتدة عن الإسلام وتحريض بعض الشعراء على الارتداد مثل: الحطيئة. كان لظهور الأيام الجاهلية وحروبها أثر بارز في ظهور فنّ النقائض بين الشعراء. ومن الأمور التي أدت إلى إثراء النقائض النظام القبلي الصارم والعصبيات القبلية. تعلق القبائل بأنسابها وحرصها عليها، واعتزازها بها. تمسك الشعراء في العصر الإسلامي بالروح الإسلامية الجديدة ووقوفهم مع النبي r والدعوة الإسلامية. ظهور معاني جديدة في العصر الإسلامي في النقائض مما أدى إلى ظهور نقائض إسلامية مواكبة للحركة الإسلامية. أدركت القبائل في العصر الجاهلي أنّ مصلحتها تقتضي بشدّة تماسكها وتناصر أفرادها، حتى تستطيع أن تحقق أغراضها من تبوّأ المناصب الرفيعة في الدولة، وجر الغنائم إلى أبنائها ومضاهاة القبائل الأخرى. ظلت نزعة المفاخرة والمنافرة غالبة على النفوس في العصر الجاهلي والإسلامي، ثم زادت في عصر بني أمية. كان للحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي الأثر الواضح في ظهور النقائض. عندما كثرت الأيام وحميت العصبيات وظهر الفحول وبدأ التحدي بينهم، وتعاظمت الجاهلية في نفوسهم، أخذت النقائض تطول وتتكامل عناصرها وتخضع للتحدي، الموضوعي والمعنوي والموسيقي، حتى تمت لها قواعدها المعروفة. إنّ مقومات النقائض وأصولها في الجاهلية هي الأنساب والأصول الاجتماعية والأيام والعصبيات القبلية، والمفاخرة بالأحساب والأنساب. استفادة الشعراء من الروح الإسلامية الجديدة وتوظيفها في أشعارهم وحملها في الدفاع عن الإسلام. تأجج العصبية بين المسلمين والكفار واستخدام النقائض في انتصار كل فريق. ألغى الإسلام الانتماء إلى الأنساب وشرفها والافتخار بها على الناس وكذلك ألغى العصبية القبلية الجاهلية وكل ما تمت إليه بصلة. أخذ الشعراء المسلمين على عاتقهم الدفاع عن الرسول r وعن الإسلام. نزول القرآن الكريم على الرسول r وأحاديث الرسول وخطبه وتعاليمه سندا لنهضة العرب وجميع علومهم بما فيها الشعر. شاركت النساء الشعراء في النهضة الشعرية مع الرسول r وكنّ يحرض على القتال، والانتقام ويبكين القتلى. لأنّ الشعر بعض الشعراء من أمثالهم حسان بن ثابت رضي الله عنه، وذلك لتغير الظروف عليه من الجاهلية إلى الإسلام، ولو بقي حسان في الجاهلية في الشعر لكان شعره مثل الشعراء الذين لم يدخلوا الإسلام، وإذا نُظِرَ إلى شعر المشركين في الإسلام لوُجِد أن شعرهم لم يتغير، وذلك لعدم دخولهم في الإسلام، فبقيت معانيتهم معاني جاهلية. أكثر النقائض الإسلامية جاءت في الغزوات الإسلامية وأيام الحروب بين المسلمين والمشركين، وأنها امتدادا للنقائض الجاهلية. تغيرت المعاني والموضوعات والأساليب من الجاهلية إلى الإسلامية. حمل عام الوفود نقائض تعتبر في مجملها قليلة. اقتباس الشعراء من معاني القرآن الكريم وتوظيفها في شعرهم. وهذا من فضل الله عليّ أن ّأديت جهدا متواضعا في هذا البحث.
هيثم سالم علي العباني (2011)

التوجيه اللغوي عند ابن خالويه من خلال كتابه الحجة في القراءات

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله له الفضل كله وإليه يرجع الأمر كله وأحمده سبحانه وتعالى ـ أن وفقني لاختيار هذا الموضوع وأحمده كذلك أن أعانني على السير فيه وإتمامه فله الحمد أولا، وله الحمد آخرا والصلاة والسلام على الهادي البشير والسراج المنير محمد- صلى الله عليه وسلم. وبعد الانتهاء من كتابة الفصول الثلاثة المعدّة في المسائل الصوتية والمسائل الصرفية والمسائل النحوية في كتاب الحجة توصلت إلى النتائج التالية: إن القراءات القرآنية تعدّ مسألة توقيفية لا يفلح فيها الاجتهاد، فهي تقرأ كما أقرها النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- إن علماء. القراءات بذلوا في هذا العلم الجهد الكبير، والدقة المتناهية في دراستهم للأصوات العربية ومخارجها وصفاتها، ودراسة الظواهر الصوتية من تحقيق وتسهيل وإدغام وإظهار وغيرها. إن وجه التمايز والتفاضل والمقاربة لايكون بين قراءات القراء، وإنما يكون بين حجج القراءات حين تكون الحجة قوية أو ضعيفة. اعتمد ابن خالويه في منهجه على صناعة النحو، وأقوال النحويين في بيان وجوه القراءات وقياسها من العربية وسندها من النقل. عول في كتابه على القراءة الصحيحة المشهورة، واحتج لها بقراءة أخرى تؤيدها، وهو في احتجاجه للقراءات المشهورة لايهتم بذكر أسانيدها في الأعم الأغلب إلا في مواضع قليلة، أنه يحتج للقرآن بالقرآن وبالحديث النبوي الشريف في معالجته اللغوية والنّحوية من غير أن يذكر سنده، وهو في ذلك يقتدي بالسالفين من أئمة النحو ويأخذ بأقوالهم، ويجمع ما قالوا بقول واضح ولفظ سهل بيّن. فا بن خالويه من العلماء الذين خلطوا بين المذهبين البصري والكوفي إلا أنه تظهر عليه النزعة الكوفية، وصحة ذلك أن في قراءة جر﴿الأَرْحَام ﴾ قرأها حمزة وحده بالجر أظهرها على مذهب الكوفيين بعطف الاسم الظاهر على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، وذكر أن البصريين لحنوا هذه القراءة، وذلك؛ لأنه لايعطف الاسم الظاهر على الضمير المخفوض إلا بإعاد]ة الخافض من حيث إن المعطوف، والمعطوف عليه كالشيْ الواحد لايدخل في أحدهما إلا ّ ما دخل في الآخر، فكما لايجوز مررت بزيد وبك كذلك لايجوز مررت بك وزيد، وقد أظهرأن هذه القراءة على إسقاط الخافض والتقدير: به وبالأرحام ِ فحذفت الباء الثانية لدلالة الأولى عليها. والحق أن القراءة بجر الأرحام قراءة فصيحة مروية عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وبها قرأحمزة، وقبلهَا الكوفيون. الفصل الأول المسائل الصوتية. اختلفت نظرة العلماء قديما وحديثا إلى الهمزة فهي مجهورة على حد قول سيبويه وعلى ما ذهب إليه القدماء من العلماء، ويكون مخرجها أقصى الحلق، وهي صوت شديد مجهور (وهو الذي يمنع الصوت أن يجري فيه) وهو قول سيبويه على الرغم مما قاله علماء الصوت الحديث: من أن الهمزة صوت مهموس، أوصوت مجهور، أو صوت ليس بالمجهور، وليس بالمهموس. التحقيق: يكون لهمزة مفردة أو لهمزتين في كلمة أو كلمتين وقد قرأ النبي صلى الله عليه وسلم محققاً، والتخفيف يكون للهمزة المفردة وإحدى الهمزتين المجتمعتين في كلمة أو كلمتين، أو إحدى الهمزتين المتلاصقتين في كلمتين فالتحقيق والتخفيف من القراءات السبع. في ضوء التوجيه الصوتي الحديث أن القراءات يقرأ بها جميعا على الرغم من تتابع المقاطع المفتوحة أو حصول مقطع مديد مكروه ولا اعتراض عليها. الهمزة قد تبدل بأحد أصوات اللين، وهذا ما سماه الدكتور إبراهيم أنيس بالمخالفة وهو يقصد المعنى اللغوي لا المعنى الاصطلاحي، لأن صوت الهمزة يخالف أصوات أحرف اللين، وذلك لأن النطق بالهمزة يحتاج إلى مجهود عضلي. الإدغام بالتشديد من ألفاظ البصريين، وبالتخفيف من ألفاظ الكوفيين، وهو عند القدامى هدفه رفع الكراهة، أو الثقل أو الضيق، وما ذهب إليه الأمريكي (وتني) في نظرية السهولة، أو الجهد الأقل لايختلف عما ذهب إليه الأقدمون. الإبدال قسمان إبدال حرفي، وإبدال حركي والذي استزاد هو الإبدال اللفظي ومثاله الآية: ﴿قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِير﴾ إذا قرئت: ﴿ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كثِير فلإبدال يكون بين كبير وكثير. الفتح والإسكان، يرجع سببه إلى اختلاف اللهجات، فا لإسكان يكون في البيئة الواسعة وهو لغة البدو لبعد المسافات بينهم، والفتح لغة أهل الحضر لقرب بعضهم من بعض. الفصل الثاني: المسائل الصرفية: قراءة الجمع ﴿آيَاتٌ ﴾ وقراء ة التوحيد ﴿ آية﴾ لكل قراءة لها احتجاجها وحملها على معنى يخالف القراءة الأخرى، ومثل هذا وارد في مواضع كثيرة من كتاب الله جاء التعبير فيها مرة بالإفراد. ومرة بالجمع كالريح والرياح، وأمانة وأمانات. من أوزان جمع التكسير (فتيان وفتيه)وهما جمع للكثرة وللقلة وفتيان على وزن (فعلان) وفتية على وزن (فعلة) ( دفاع) مصدر و(دفع) مصدر، وهما مصدران لـ(دفع ) تقول: دفعا ودفاعا. (دفاع) مصدر قياسي، (ودفع) مصدرسماعي إن اللفظتين(تصاعر)، و( تصعّر)كلاهما للتكثير والفرق بينهما يتضح من خلال استعمالهما(تصاعر) يبدأ من مرتين فصاعدا ً وإلى حد معين، وتصعّر يبدأ من ثلاث فصاعداً وإلى حد أوسع وأكثر. الفصل الثالث - المسائل النحوية : المبحث الأول الكلمة مقسمة على الأقسام لآتية: الاسم، والفعل، والحرف والضمير. و المبحث الثاني الجملة، وفيه أمثلة أحوال الحملة الفعلية، والاسمية وبعد. . فإن أصبت فهو فضل من الله تعالى وتوفيقه، وإن تكن الأخرى فمني والله تعالى هو المرجو دائما أن يتجاوز عنا إن نسينا أو أخطأنا، وهو سبحانه من وراء القصد، وهو حسبنا ونعم الوكيل. ونستغفره ونتوب إليه من كل خطأ وزلل.
فاطمة عبد السلام خليفة الفورتي(2011)

بلاغة التَّناص في شعر نزار قبّاني دراسة في المفاهيم والإجراءات

بعد رحلة البحث والتقصي التي استمرت طويلاً لإتمام هذه الأطروحة العلمية توصَّل الباحث إلى جملة من النتائج العلمية، التي كان الوصول إليها صعباً دون البحث والاستقصاء العلمي الرصين، وأهم من كلِّ هذه النتائج التي لا شك في فحواها هو قدرة المناهج الحديثة على استيعاب النَّص الشِّعري المعاصر حيث لا يزال الاثنان (المنهج – والشِّعر) في بحث دائم للوصول إلى قناعات راسخة لكن دون جدوى فالإبداع لا يكون له شاطئ راكد، بل هو في هيجان مستمر. وأهم هذه النتائج: تقترب المعجمات العربية قديماً وحديثاً من معنى مصطلح (التَّناص) فتدور حوله وتشكل جملة من المعاني التي لا تبتعد عنه كثيراً، وهذا مرده أنَّ اللغة العربية من اللغات الحية التي تواكب كلَّ حديث يمكن أن يطرأ، لذا نجد معناه حاضراً في الفهم العام وإن لم يرد باللفظ الحاضر. يحضر التَّناص في النُّصوص الإبداعية بدرجات متفاوتة، فيطرح ثقافة المبدع ومرجعياته المعرفية التي تتجسد في النص الإبداعي، فيكون في الوقت نفسه معياراً واضحاً بين الشُّعراء حين البحث عن مدى خلفياتهم ومرجعياتهم الثقافية، وهو يشير دائما إلى معيار خاص يفضي إلى تشكيل معادلات تقويميَّة بين الشعراء. لم يكن مصطلح التَّناص بعيداً عن الفكر النقدي العربي الذي تبنَّى مصطلحات متعددة تشير إلى التَّناص ومن أهمها مصطلح (السَّرقة الشِّعرية) وهي تسمية لا نتفق معها كثيراً، حيث لم يوحد في شأنها المصطلح النقدي العربي، إذ كان بعيداً عن مضامينه وغير دقيق في أحيانٍ أخرى، كما أننا وجدنا أن النقاد العرب لم يكن لديهم نظرة استشرافية في التأسيس لمصطلح نقدي، فقد ارتكز همهم على استنباط الأحكام النقدية استناداّ إلى تراكمات نصّية ونقدية قديمة. كانت البداية الغربية للتناص أشبه بالبحث عن مقاربات تكون كفيلة بإيجاد الكيفية التي بها ينشأ النص، حتى أنَّ "الليث والخراف المهضومة" التي قال بها بول فاليري كانت جملة البحث عن النص الغائب، وهذه النظرة المعرفية أدت فيما بعد إلى إسقاط وجود نصّ كامل، كما أن الآليات التي ولدت على يدّ الغرب وجدت لها صدى في كلِّ النُّصوص الإبداعية (شعراً ونثراً) وإن لم تتحقق كلُّها في النَّص الواحد، وهذا يحيل إلى وجود افتراقات في النُّصوص فلم تنشأ كلُّها وفق منهج واحد يؤطِّرها أو يمثلِّها. يتعدُّد التَّناص ليشمل أنواعاً جديدة تخرج عن دائرة السِّياق العام للتناص، ويتوقع الباحث ظهور أنواع جديدة من التَّناص، لأنّ الإبداع عمل جماعي وأنَّ الأسلوب لم يعد رجلاً واحداً بل رجال عدَّة، وأنَّ مصطلح ( التَّناص المتوارد) الذي ذهبنا إليه هو نتيجة لحصول التَّماثل في كثير من النُّصوص العربية والغربية من قبل أن يكون هناك أي لقاء حضاري أو إنساني بين هذه الدول والشعوب وهذا يقودنا إلى تقرير حقيقة مهمة جداً، وهي أنّ التجربة الإنسانية المعيشة والمتحولة إلى نصّ، هي الأساس الذي تشعّبت منه فكرة النُّصوص المتناصّة. مثّل شعر نزار قبّاني امتداداً للنَّسق الشِّعري العربي إلاّ أنَّ هذا الامتداد لم يكن كفيلاً له بالبقاء على ذلك النسق، فقد حاول أن يختط لنفسه مساراً ينفرد به عن غيره، وهذا ما حصل في كثير من نتاجه الشِّعري لاسيَّما حين خرج عن النَّسق الدِّيني والاجتماعي فكانت نصوصه أشبه بمتغيرات تعبيرية منحته مكانة خاصة بين شعراء جيله. لجأ نزار في كثير من نصوصه إلى أسلوب الإثارة اللغوية الذي يرى فيها خرقاً للسُّنن التَّعبيريَّة المطروحة في السَّاحة الشعرية، فكانت تناصّاته في هذا الأسلوب مدعاة للإثارة الفكرية والتعبيرية، وهذا ما حمله على المضي قدماً في هذا الأسلوب عند القرّاء، وهذا ما تميز به دون غيره من الشعراء، وكان الاستقطاب العام لنصوصه حاضراً وبكثافة عالية لا سيَّما بعد نكسة حزيران التي مثَّلت عند كثير من النقاد البداية الأولى لظهوره الحقيقي. استعمل نزار لغة ثالثة كما يسميها بين الفصحى والعامية مما حدا بقصائده إلى الانتشار، فلغته السَّهلة وقفت عند مختلف المستويات الفكريَّة التي وجدت فيه غذاءها الفكري الجديد فالتكرار وقلَّة معجمه اللغوي كان سلاحاً ذا حدين، فالحدّ الأوَّل يشير إلى سمة السُّهولة في وصول المعاني التي يريدها إلى قارئيه وقد فعلت فعلتها في ذلك، أما الحد الثاني فقد كان سبباً مهما في ابتعاده عن مصاف الشُّعراء الذين اتسموا بمعجم لغوي يفوقه بأضعاف كبدر شاكر السياب مثلاً. يتسم شعر نزار قبّاني بالثابت والمتحول، والثابت يتمثل في غزلياته ووجود المرأة في أشعاره، امتدت امتدت على مدار حياته دون أن يتركها أبدا حتى ولو من باب البعد عن الفكرة التي يريد أن يطرحها في نصه الشعري، أمّا المتحوّل فهو ذلك الرصيد الثقافي المتناثر في نصوصه من تناصات متعددة ومتنوعة. لم يظهر في شعر نزار قبّاني كلُّ أنواع التَّناص التي تدلُّ على التنوع الثقافي بجمعه، بل ظهرت ثلاثة أنواع من التَّناصات شغلت نصوصه الشعرية وهي التَّناص الديني والتاريخي والأدبي، أما الأنواع الأخرى كالأسطوري مثلاً فلم يكن لها حضور يمنح الشّاعر سمة التعدد الثقافي التي يمكن أن يتَّسم بها وربَّما كان السبب في ذلك عزوفه عن المضي مع التيار الشّعري الذي كان سائدا في زمنه محاولاً أن يختط لنفسه أسلوباً خاصاً به. امتاز نزار قبّاني بأسلوب شعري يختلف عن شعراء جيله ومن بعدهم فأسلوبه يفترق كثيراً، ذلك أنَّ سماع نصِّه الشِّعري بمفرداته التي أصبحت تنتمي إليه جعلته مميزا وهذه سمة تحسب له بغض النظر عن كلِّ الملاحظات النقدية التي حامت وتحوم حول نصِّه الشِّعري، وربَّما مقولة بيفون" الأسلوب هو الرجل نفسه" تنطبق عليه لكن من باب الثَّبات الأسلوبي الذي يرتبط به. يشكل عنوان القصائد عتبة مهمَّة من عتبات النص، فكان التَّناص حاضراً فيه بكثافة تنمُّ عن اهتمام الشّاعر به، لا سيما في التَّناصات التي مثّلت نقاط مهمة في التاريخ العربي والإسلامي على مرِّ العصور فكان الوقوف عند هذه العناوين باعثاً لإيجاد مساحة مندوحة من المعاني التي أغدقت على النص متواليات دلالية شكَّلت فيما بعد مراكز مهمَّة على مستوى النَّص الشِّعري بأكمله. سعى نزار قبّاني إلى توظيف كلِّ ما من شأنه أن يكون متوافقاً مع الثيمة التي يريد إيصالها، فارتمى بين أحضان الماضي ووقف عند الحاضر بكلِّ توافقاته وتناقضاته محاولاً أن يستل منه ما يمنحه قدرة تعبيرية يتميز بها عن غيره، فكانت الشخصيات والأحداث المختلفة تتقاطر بين نصوصه في حركة فيها من الأساليب التعبيرية ما يمنحها حضوراً جديداً يختلف كليّاً عن حضورها الأول، وهذا نابع بطبيعة الحال من براعة الاستعمال الفني للشاعر. يقف التَّناص من نظرية السِّياق الموقف نفسه الذي تقفه المفردة والجملة منها، ذلك لأنَّه يكون أيضا بالمفردة والجملة، فيكون تحققه مواكباً لفاعليته التي يتحقق صداها في كل النُّصوص التي يكون حاضراً فيها. إنَّ هذا التوافق يطرح حدود التّلاؤم في التَّداخل والتَّعالق النّصيِّ. يتجاوز التَّناص الشكل المفترض من كلمة وجملة إلى إشارة، ورمز، ودلالة، ليكوّن بذلك حضوراً جديداً يدلُّ على التنوع في التشكيلات التعبيرية التي لا تبقى واقفة عند حدّ معين، فكما تتطور اللغة وتتغير وربما تبتعد كلَّ الابتعاد عن بدايتها الافتراضية كذلك التَّناص يتغير شيئا فشيئا ليساير اللغة، وليجد لنفسه متّسعاً جديداً من المساحات التعبيرية. ظهر الرمز في شعر نزار بوضوح في حركة تعبيرية منحت نصوصه غموضاً شفافاً، فقد تناوبت النُّصوص في شعره بشكل يدعو إلى خلق ثقافة مختصَّة به لا سيما في الجانب السياسي من شعره فقد ظهر فيه تداعيات الأزمات بشكل حقيقي وواقعي، كما يعد نزار من الشُّعراء أصحاب الرموز المبتكرة فحزيران والنَّكسة وسيّاف عربي لم تغادر المخيلة العربية الشعرية.

Abstract

An idea of research is study of rhetorical and stylistic manners for concepts of intertextuality and employ it in Arabian poetry، especially to whom they are famous ، like Abd Al- Wahab Al- Baayati ، Badre Shaker Al – Sayab and Oddness. Our research confines on one of the contemporary poets. He is Nazer Khabani، so we see this poet use much for concept of the intertextuality whether it is in completed work or political work. It is much support this poet in the majority of his divans، verses and poems to the concept of intertextuality as an interference between texts to serve an the idea of connection to the poet. May it be distinguished، spread and common Nezar's poetry using intertextuality in all historical ، religious and library types. Phenomenon of reaction between texts with each other do not belong to modern texts but it is old as old as beginning of practice of text itself. The intertextuality becomes essential we can not avoid it. because none can avoid its conditions ، time ، place and contents and also from all its historical thought. An essential products to text to know his owner to the world in all his branches which flow in production of texts which participate in creative movement. This knowledge is foundation to interpret the text from a reader too. To prove this all procedures which enter in this stage of knowledge lead to the " intertextuality" is positive sign to original and distinguished poet not to mock or lessen from his value of creative products. The intertextuality is one of the most shape to employ from former to followed experiments and its products. It is mean to communicate without it " intertextuality" lingual speech does not reach the point. This view of knowledge reaches in products to our Arabic poet ، Nezar Khabani during circle of search in different methods but flowing in one bond. because an Arabic poet comes back to further past and calls all its content during the circle of search on props to create a new text and gives its quality of modernization in meaning ، imagination and even ideas.
خالد المهدي صالح(2011)

العلاقة بين علم العروض وعلم الصرف دراسة تحليلية تطبيقية وصفية

إننا نعلم أن العرب في جاهليتهم كانوا أهل سليقة سليمة، ولغة نقية ؛ إلا أنهم خالطوا الأعاجم، وما صاحب انتشار رقعة الإسلام، ودخول غير العرب في الإسلام، وما نتج من المخالطة، الأمر الذي أدى إلى فشو اللحن. والخطأ الذي كان بدء فتح بوابة اندثارها – الناشئ عن مخالطة الأعاجم – "إلا أنه من الأمور المسلّم بها وجود جـهد خارق وعظيم بذله العرب مـن أجل خدمة لغتهم، والحرص عليها، والاعتزاز بها، دافعين إلى دراستها دراسة شمولية، تبغي في المقام الأول : - صون كتاب الله العزيز من شبهة التحريف" ومن ثم حفظ اللغة التي بها ينسج الشعر الذي يعد ديوانهم، وسجل تاريخهم، ومفسر بعض آي القرآن الكريم. والعلم الذي يحكم دراسة اللغة يسمى بعلم اللغة من كافة اتجاهاتها، فيدرسها منطوقة ومسموعة ومكتوبة. على أن العرب كانت على دراية في جاهليتها – وقبل تقعيد اللغة في قواعد – بأصول وقواعد اللغة، وأنها كانت "لغة فصحى" بما تعنيه الكلمة من معنى ممن كان يتقنها من البدو، الذين جُعِلُوا هم أهل المتكلمين بها، فمنهم أُخِذَت أولاً ولا أحد غيرهم. "فالعربية الفصحى عندهم – أي العلماء - هي لغة البدو، فالعربي البدوي هو الحكم الفصل في العربية الصحيحة، وهو لا يخطئ في التحدث بها عندهم، ولا يطاوعه لسانه – إن أراد – على الخطأ". فبظهور الخطأ واللحن - وهذه الأمراض في اللغة – عمدوا إلى وضع قواعد يسيرون بها الكلام، ويقعدون بها الضبط، لحفظ اللغة من الخطأ. وقصدت بهذا البحث أن يكون مدخلا إلى التعريف بكلا العلمين – العروض والصرف -، وبيان أوجه التباين والترابط بينهما، والنظر إلى قيمة اللغة في ضوء ممارسة الالتقاء والافتراق بين الوسيلة والهدف لكل من العلمين، وذلك يتضمن بيان أهمية موضوع البحث في معرفة صلة كلا العلمين ببعضهما من حيث التعرف على بدايات نشأتهما والتعريف بعلماء كل علم ومؤلفاتهم، ثم معرفة علاقة التأثير والتأثر بين العلمين، وتصنيف العلماء فيهما بتقعيدهم لأصول وقواعد كل علم على حده، وأثرهما الكبير في المحافظة على اللغة شعرا ونثرا من حيث البناء والوزن، استنادا إلى أن اللغة تخضع لقواعد أساسها الفطرة التي جبل عليها المتكلمون بالعربية، الامر الذي يساعد على استقامة النطق باللغة. كان ذلك من دواعي اختياري لهذا العنوان للبحث فيه، من معرفة للباعث الحقيقي وراء تقعيد علمي العروض والصرف، وعقد مقارنة بين المقاطع العروضية والتفاعيل الصرفية، إضافة إلى المشاركة في إحياء ما تركه الأقدمون من آثار ما تزال حتى الآن حبيسة الأرفف في دور الكتب لم تر النور بعد. ليس أدل على ذلك إلا افتقار الكتبة العربية إلى الكتب التي تحتضن مثل هذا العنوان، إلا ما وجد متناثرا هنا وهناك بين مقالة بسيطة أو استطراد على موضوع آخر جلبه سياق المقال، فمن هذه الكتب : ( البارع في علم العروض) لابن القطاع، ( العقد الفريد ) لابن عبد ربه الأندلسي، (الخصائص ) لابن جني، ( الصاحبي ) لأبي الحسين احمد بن فارس بن زكريا، (شجرة القمر- الأعمال الكاملة ) لنازك الملائكة، ( الرؤية الجديدة لموسيقى الشعر العربي قديمه وحديثه فصيحه وشعبيه) د: صالح عبد ربه أبو نهار، ( العروض العربي ومحاولات التطوير والتجديد فيه ) د: فوزي سعد عيسى، ( أوزان الألحان بلغة العروض وتوائم من القريض )، ( المدخل إلى علم النحو والصرف ) د: عبد العزيز عتيق، ( المقطع الصوتي، ضوء تراثنا اللغوي ) د: عبد المنعم عبد الله محمد، ( الظواهر اللغوية في أدب الكاتب – رسالة ماجستير ) د: مجدي إبراهيم محمد إبراهيم، (مجلة كلية الآداب، جامعة الفاتح) د: عبد النبي اقدير، ( مجلة كلية الآداب، جامعة الإسكندرية ) د: سعد مصلوح. هذا من باب العد لا الحصر، وهي من جملة ما تم الاستعانة به لإنجاز هذا البحث. وقد بدأت هذه الدراسة بمقدمة وتمهيد، مقسما البحث إلى فصول ثلاثة، تحت كل فصل يندرج مبحثان تليها خاتمة، وفق الآتي: الفصل الأول، ومبحثاه هما : الأول: العروض والصرف، الأسس والفائدة. الثاني: تباين مفهوم علمي العروض والصرف عن غيرهما من العلوم. الفصل الثاني، ومبحثاه هما: الأول: بين النشأة والتطور لعلمي العروض والصرف، وأسبابهما، وعلماؤهما الثاني: دور المقطع والنبر في علمي العروض والصرف. الفصل الثالث، ومبحثاه هما: الأول: تأثير العلمين– العروض والصرف – في المعاني والألفاظ والأساليب الثاني: الالتقاء والافتراق بين علمي العروض والصرف. وختم البحث بخاتمة تضمنت نتائج تم التوصل إليها من خلال النظر في المادة التي احتواها البحث. هذه هي الهيكلية العامة لهذا البحث الذي أرجو من الله أن يكون قد حوى إضافة ولو متواضعة للدراسة العروضية والصرفية، وان يساهم ولو بقدر يسير في تنمية دراسة اللغة العربية وتطورها.
علي أحمد علي الشارف(2011)

تعليل الظواهر اللغوية عند ابن جني

والآن وبعد سفر طويل مع هذا البحث حُقَّ لي أن أُشير إلى أنّها كانت محاولة من جُهْدِ المُقِل ؛ وذلك لإبراز ما ذهب إليه هذا اللّغوي الجليل ؛ أبو الفتح عثمان ابن جني من رؤىً تعليلية حاول أن يبرر بها أحكام العربية ؛ ليضىيف إلى روعة ألفاظها وعذوبة أصواتها، الحكمة في مقاصدها، فأجاد وأبدع. لقد تعايشت مع نصوصه وآرائه مدة سنتين، فلم يكن تعبى عليها، بقدر متعتي بها عندما أجده يكشف أسرار العربية، ويوضّح شجاعتها، ويثني على قوة تعبيرها، فحاولت أن أصل بدوري إلى ماهية التعليل عنده واصفة إيّاه ومحللةً له، ومستجيبة إلى دعوته في أكثر من موضع إلى إمعان الفكر وحسن التأمل، بقدر ما أمدنيَّ الله به من ذلك، فكنت عندما أقف عند كل مسألة، أعرف شيئًا جديدًا عن منهجه التعليلي ؛ و إليكم خلاصة هذا البحث وأهم نتائجه: ابن جني كثير الاعتزاز باللّغة، شديد الاعتماد عليها فيما يقدمه من بحوث لغوية. إنّ استخدام ابن جني للعلوم المنطقية في بحوثه اللغوية، لا يعني قليل اعتماده على اللغة في التعليل، وإن استمد بعض معطياته منها ؛ بل هو شديد الاتصال بالواقع اللغوي ومقدس له. يسعى ابن جني في جل تعليلاته تفسير ما للعربية من خصائص، وإظهار الحكمة من أحكامها. يولي ابن جني اهتمامًا كبيرًا باللغة المنطوقة، ويرى أنّ أسرار اللّغة تتكشف واضحةً من خلالها ؛ لوضوح أغراض المتكلم فيها، مما يجعل التعليل أسهل وأقرب. يتسم أسلوب ابن جني في التعليل بالاستطراد فيه والانتقال من علّة إلى أخرى في حسن تخلص لا يرهق القارئ، ولا يشعره بكثير التنقل بين العلل. ابن جني في تعليلاته يتبع أسلوب الاحتراز ؛ لذا فإنّه يقيّد كثيرًا منها بشروط وقل ما يذكر أمرًا مطلقًا ؛ بل يحرص دائمًا ألا يتعارض مع ما ذهب إليه من أصول البحث اللّغوي وما كان محل اتفاق بين العلماء، وهو لا يُعمل القياس في اللّغة مطلقًا، بل يقيده بما ثبت أنّ العرب قد نطقت به، فيحذو حذو الناطقين بها. يحاول ابن جني في منهجه التعليلي ألا يخرج عن اللّغة إلى غيرها، إلا فيما اضطر إليه، وهو يبحث عن الاطراد في الظواهر اللغوية من خلال استقرائها، وهذا الأمر يسم منهجه بالوصفية في كثير من مسائله التعليلية. لفظ الاستعمال عند ابن جني لا يقتصر على مفهوم الاستعمال من حيث النطق وكيفيته، وما يعترضه من مصاعب، بل قد يقصد بالاستعمال عكس الإهمال وقد يقصد بالاستعمال السماع. ابن جني لا يصرِّح دائمًا بالعلّة مباشرةً، إن كانت الثقل أو التماس الخفة أو غير ذلك، بل يجعل سياق التعليل هو من يوضّحُها. إنّ التعليل الاستعمالي في أغلبه لا يخضع لقاعدة أكثر من البحث عن طرق لتيسير النطق والسهولة فيه. من التعليل عند ابن جني ما يرجع إلى الصناعة وما تقتضيه من ضوابط وقوانين عند التركيب، وصياغة الجمل ومواضع الكلام. لقد كان للهجات العرب المختلفة اهتمام لدى ابن جني، فقد علل لها في كثير من المواضع وفرّق بينما يكون فيها، وما يكون في اللّغة الفصحى. يحرص ابن جني في منهجه التعليلي على الحفاظ على القواعد والأصول اللّغوية المتفق عليها، ويحاول التماس الوجه الأقرب إليها في التعليل. ينسب ابن جني إلى العرب التعليلات المختلفة حتى ما كان الخيال فيها مفتوحًا، وكثرت فيها الافتراضات التي لا يمكن ضبطها تمامًا في وضع القواعد ؛ لأنّها لا تحكمها ضوابط معينة وليست مطردة. ابن جني وهو يعلل بالرجوع إلى المعنى، فإنّه لا يقصد به دائمًا المعنى الذي أراده المتكلم ؛ بل يشمل كل من المعنى الوظيفي والدلالي والمعجمي وهو لم يفرق بينها، بل قد تلتمسها من خلال التعليل. إنّ التعليل بالمعنى مقدّم عند ابن جني إذا تعارض مع غيره، وهو يقدمه حتى على الإعراب الذي هو طريق التفريق بين المعاني. عندما يتعذّر أمن اللّبس بطريق اللفظ يعتمد في تفادي اللّبس على ما يقارن هذه الأشياء ؛ أي ما يوضّح أصولها، مثل التحقير والتكسير. تصل حدود التعليل عند ابن جني إلى التعليل لحدود الصناعة وتسمياتها، وهذا أمر واضح في كل أنواع التعليل عنده. يعلل ابن جني الزيادة في اللفظ بأنّها توكيد للمعنى، فلا تضيف معنًى جديدًا. ابن جني في استخدامه للعلوم غير اللغوية، لم يكن كحاطب ليل، بل كان يتقيد بشروطها. إنّ دمج ابن جني بين العلوم الجدلية واللّغوية، كان رغبة في النهوض باللّغة ودعمها وفق ما يمكن أن تستوعبه من هذه العلوم الأخرى ؛ فليس كل ما فيها صالح للبحث اللّغوي. قد يستخدم ابن جني النظير في التعليل فيصطنعه من خارج اللّغة ؛ لتقريب المسألة إلى الذهن عن طريق إيراد نموذج مشابه في قبول وجوده من الناحية الذهنية، وليس لإثبات استعمال معينٍ وإثبات وجوده في اللغة. يرى ابن جني أنّ الإمالة تُعد من الإدغام ؛ لأنّه تقريب صوت من صوت، والإمالة وقعت في الكلام لذلك. من الإدغام عند ابن جني ما يكون في اللّغة التقاطًا، أي: دون قصد للإدغام أو اطرادٍ فيه. اتسم تعليل ابن جني في مسألة الصفات بالاقتضاب، وندُر التعليل فيه على غير عادته في كثرة التعليل حتى لذكر مسألة ما في باب معين. تفوق ابن جني في علم الصرف ولذلك كانت أكثر تطبيقاته فيه، وأغلب أمثلته منه. إنّ أكثر ما يعلل به ابن جني مسائله في المستوى الصرفي: الخفة والثقل وذلك بحثًا عن التناسق والانسجام بين أصوات الكلمة الواحدة. قد يكثر ابن جني من الافتراض والتأويل فيعتذر لذلك ؛ لأنّه يرى أنّ هذا الأمر يحتاج إلى التلّطف في الصنعة. من التعليلات عند ابن جني ما يتفق فيه مع أستاذه أبي علي الفارسي، ومنه ما يختلف فيه معه، ويرد عليه بتعليل يراه الأنسب والأقرب إلى الحكم. إنّ النظرة الوظيفية للمكونات اللغوية لم تكن مهملة عند ابن جني، وإنْ غابت مصطلحاته في عصره، لكن مظاهره تعددت في تعليلاته ؛ بذلك كان أكثر المتقدمين قرباً من الدرس اللّغوي الحديث. يفرّق ابن جني في تعليلاته بينما يكون في التمثيل للصناعة وما يكون في المثال المستعمل في الكلام فليس ما يجوز في كلام العرب قد يجوز في أبنيتها. لم يرفض ابن جني نظرية العامل ؛ يتبين ذلك من خلال تتبع التعليل عنده ؛ لأنه يبحث وراء كل حكم عن علته، وهي في كثير من الأحيان تقوم بوجود عامل لفظي أو معنويّ. ابن جني لا يتطرق في كثير من المسائل إلا لما يخدم التعليل ويوضحه ؛ لأن دراسته للّغة لم تكن تقليدية بذكر القواعد والقوانين وذكر الأقسام. ابن جني في منهجه التعليلي كثير الشرح والتوضيح لما يعلل له، أو ما ينقله من التعليل لغيره. تأثّر ابن جني بآراء من قبله من العلماء وكان ينسب القول إلى أصحابه بأمانة علمية، وهو في نقله إما متبنّيًا لها، أورادًا عليها بتعليلات مختلفة. ابن جني كثيرًا ما يكرر المسألة مع اختلاف المعالجة في التعليل، لكنه لا يذكر كل ما سيق فيها من أحكام، وهذا من خصائص منهجه التعليلي.
أمــــــل أحمد علي مفتاح(2011)

كافية ابن الحاجب بين شرحي الرضيّ والجاميّ دراسة نحويّة مقارنة

الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وأفضل من نطق بالضاد وبعثه الله رحمة للعباد. الحمد لله أوّل الكلام، والحمد لله آخر الكلام، ربّ صلّ وسلّم وزد وبارك على أحسن الأنام. وبعدفإني الباحث الفقير إلى الله تعالى أرى حين أختم هذا العمل جملة من النقاط التي منها: رضيّ الدين الإستراباذي شيعيّ، وبكلّ وضوح من خلال شواهده من نهج البلاغة للإمام عليّ، ووروده في كتب أعيان الشيعة، والفاضل الجاميّ نقشبنديّ كما هو مبيّن في الحياة العلميّة من خلال التمهيد. كافية ابن الحاجب كتاب ثمين انكبّ عليه الشرّاح لذيوع صيته فوق البسيطة، وهي مع وجازتها تعدّ تقدّماً ملحوظاً في ظهور المصنّفات التي تختصّ بالنحو. يعدّ شرح الرضيّ موسوعة نحويّة أسهمت إلى حدّ كبير في علوّ مكانة الكافية بين مصنّفات الأمّة، ولا يقلّ شرح الفاضل الجاميّ شأناً عن دوره في إبراز قيمة الكافية. الشواهد الشعريّة عند الرضيّ بلغت ما يقرب من (1000) ألف شاهد، وهي تشكّل الجانب الأعظم، وقد أوليتها عناية كبيرة، وهي تفوق شواهد الفاضل الجاميّ التي وصلت إلى أكثر من (60) إذا علمنا أن شواهد الجاميّ تقلّ عن شواهد المصنّف في شرحه التي تصل إلى أكثر من (70) سبعين شاهداً. لم يتقيّد الرضيّ بحدّ النحاة في الاستشهاد بالشعر، وهو ما يعرف بساقة العرب، فاستشهد بشعر المولّدين، وليس هذا فحسب، فقد كسر حاجز الاستشهاد من الحديث الشريف، ويمكن القول بأنّه كان على نهج ابن مالك في التسهيل. في حين التزم الفاضل الجاميّ بذلك، فلم أجد عنده شيئاً من شعر المولّدين، وكان مقلاً في استشهاده بالحديث الشريف. رضيّ الدين الإستراباذي بغداديّ متأخّر، ونزعته نزعة بصريّة، والفاضل الجاميّ بصريّ. رضيّ الدين الإستراباذي عالم جليل مفكّر بشخصيّة مستقلّة إلى حدّ كبير، والفاضل الجاميّ عالم جليل تربوي متأثّر بالمصنّف ابن الحاجب ورضيّ الدين الإستراباذي من خلال نقوله الكثيرة، واهتمامه بآراء ابن الحاجب، فجاء شرحه وسطاً بين شرح الرضيّ وشرح المصنّف. للرضيّ اعتراضات على المصنّف والنحاة وهي تشكّل رسالة علميّة كبيرة، والجاميّ وإن اعترض على ابن الحاجب أو بعض النحاة إلا أنّها تعدّ أقلّ بكثير عمّا هو عند الرضيّ، وتبدو اعتراضاته راجعة إلى استفادته من حاشية الشريف الجرجانيّ على شرح الرضيّ. اهتمّ الرضيّ اهتماماً بالغاً بمسائل الخلاف، وهي تشكّل جانباً مهمّاً في الشرح، وإن اهتم الفاضل الجاميّ بالمسائل الخلافيّة إلا أنّه لا يصل إلى مرتبة الرضيّ. يمتاز أسلوب الرضيّ بالفلسفة والتفكير المنطقيّ كما هي سمة عصره في حين يغلب على شرح الفاضل الجاميّ الأسلوب التعليميّ، وله العذر، وكيف لا؟ وقد جعل هدفه أن يكون شرحه هديّة تعليميّة لابنه ضياء الدين يوسف وللمتعلّمين. شرح رضيّ الدين الإستراباذيّ مليء بالعلل النحويّة ولا سيّما العلّة التعليميّة التي تطالع القارئ في كلّ صفحة، في حين تقلّ العلل عند الجاميّ باستثناء العلل التعليميّة التي لابدّ منها لإقامة القاعدة. رضيّ الدين الإستراباذيّ يأخذ بالقراءات غير المتواترة. وقف الرضيّ موقفاً وسطاً بين الكوفيّين والبصريّين حيث أيّد الكوفيّين أكثر من تأييد ابن الأنباريّ لهم. الجاميّ قد تأثّر بمنهج الرضيّ في استشهاده بكلام الله ـ سبحانه وتعالىالأمر الذي جعل هذا التقارب، وإن كان استخدام الشواهد القرآنيّة عند القدامى لا يحيد عن هذا النمط سواء من أتى بعد الرضيّ (688 هـ) وقبل الفاضل الجاميّ ( 817 هـ ) مثل بدر الدين ابن جماعة. كان الرضيّ يكثر من الاحتكام إلى أساليب القرآن في المسائل النحويّة التي يناقشها. ويكاد يلتزم بذلك في سهولة ويسر، ودون تكلّف، وقد احتجّ بآيات من كتاب الله، فيما يربو على ألف موضع في شرحه. وكان إذا لم يجد شاهداً قرآنيّاً في موضع من المواضع، يذكر ذلك صراحة. مثال ذلك قوله: عند الكلام عن الفصل بين المبتدأ والخبر بضمير الرفع المنفصل: (( وجوّز بعضهم وقوعه قبل العلم، نحو: (إنّي أنا زيد)، والحقّ أنّ كلَّ هذا ادعاء، ولم يثبت صحّتها ببيّنة من قرآن أو كلام موثوق به)) ويبدو أنّ الرضيّ قد نسي قوله تعالى: )إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ( ثمّ إنّ الرضيّ لم يكن ناقلاً لما جاء به من شواهد قرآنيّة، ممّن سبقوه من النحاة، فهو يختلف مع سيبويه مثلاً في هذه الناحية ؛ إذ كان يستشهد في بعض الأحيان بالآية القرآنيّة نفسها، ولكن في مناسبة تختلف، وأحياناً أخرى كانت المناسبتان تتّحدان، ولكن آيتا الاستشهاد تختلفان. اتّبع الرضيّ سنّة أسلافه من النحاة في أسلوب الاستشهاد القرآنيّ، فهو غالباً ما يقرن المثال الذي يأتي بنظيره من القرآن الكريم دون التزام بمنهج معيّن في ترتيبهما من حيث التقديم والتأخير. احتجّ الرضيّ بحوالي ستّين مثالاً من القراءات الشاذّة، وكان ينسب القراءة لقارئها في بعض الأحيان، وفي بعض الأحيان الأخرى يكتفي بالإشارة إلى أنّها قراءة شاذّة. والواقع أنّ الرضيّ لم يكن أوّل من احتجّ بالقراءات الشاذّة، واجتهد في توجيهها من النحاة واللغويّين. فقد سبقه من علماء العربيّة الأفذاذ في هذا المضمار: أبو الفتح عثمان بن جنّيّ في القرن الرابع الهجريّ، فقد جمع القراءات الشاذّة في كتاب ألّفه لها، سماه (المحتسب في تبيين وجوه شواذّ القراءات والإيضاح عليها) واحتجاج الرضيّ بالقراءات الشاذّة أمر يتّفق تماماً مع رأيه في القراءات المتواترة، ويتّسق مع خطّ تفكيره فيها، فهو لا يأخذ بكلّ القراءات القرآنيّة، ويسوّي بين أنواع القراءات في الاستشهاد. ضعّف الرضيّ القراءات القرآنيّة، وطعن فيها أحياناً أخرى، ومن ذلك تضعيفه قراءة حمزة الكوفيّ في قراءة قوله تعالى: ) وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامِ ( وطعن في قراءته قوله تعالى: ) وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ (. ولم يغفل الرضيّ التعرض لما اختلف القرّاء فيه من إظهار وإدغام، وإشمام ومدّ وقصر وتضعيف وتخفيف، وتعرض لأغلب هذه الموضوعات في مواضع مختلفة من شرح الكافية، في ثنايا موضوعات أخرى. وتعرض لبعضها الآخر تحت عناوين مستقلّة من ذلك في شرح الكافية، تناوله لموضوع الإشمام تحت عنوان مستقلّ، عند كلامه عن بناء الفعل للمجهول. وهو يقول: (( وأمّا الإشمام فهو فصيح، وإن كان قليلاً )) ذلك أنّ الإشمام نوع من أنواع ثلاثة للوقف على أواخر الكلم، ثانيهما الروم، وثالثهما الإسكان المحض، وهو الأصل. إنّ الرضيّ كان يعتدّ بأقوال النحاة، وما وضعوه من قواعد، فيأخذ بها، وقد لا يعتّد بالقرّاء السبعة إذا خالفوا في قراءاتهم مذهبه النحويّ. وكان المبدأ العامّ عنده الاعتداد بكلّ قراءة بصرف النظر عن كونها متواترة أو شاذّة، وتصويبها ما دامت توافق مذهبه في العربيّة. ومنهج الرضيّ في الاحتجاج بالقراءات الشاذّة منهج سليم ؛ حيث أخذ بالقراءة الشاذّة (حاشاً لله) بالتنوين ليبرهن على رأيه في (حاشا) في قوله تعالى: ) حَاشَ لِلَّه( وإذا كان الرضيّ يحتج بالبيت الذي لا يعرف قائله أو بعبارة أخرى، إذا كان هذا شأنه مع الشواهد التي قالها العرب، فليس بمستغرب أن يستشهد بقراءة منسوبة إلى قارئها، مشهور بين الناس أمرها، متّصلة بالرسول في سندها، موافقة للعربيّة على وجه من وجوهها، في حين يقلّ هذا النمط عند الفاضل الجاميّ. أمّا اعتراض الرضيّ على القراءة القرآنيّة ؛ لأنّها لا توافق مذاهب النحاة، حتّى ولو كانت قد سمعت في لغة غير مشهورة من لغات العرب اعتراض غير صحيح، ذلك أنّ مقاييس العربيّة ينبغي أن لا تجري على ما روي من القراءات، كما ينبغي أن لا تردّ قراءة ؛ لمخالفتها لهذه المقاييس. وإنّما يجب أن يحتجّ بالقراءة على قواعد النحاة ومقاييسهم، مادامت هذه القراءة متّصلة السند بالرسول ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ولها وجه من كلام العرب، حتّى ولو كان على قلّة. والرضيّ في تحكيمه القواعد النحويّة، ومقاييس العربيّة في القراءات القرآنيّة، يسلك مسلك القياس والنظر لا مسلك الرواية والأثر، أو بعبارة أخرى هو يتّبع في الاحتجاج للقراءات مدرسة القياس البصريّة بما لها من طابع تحكيم مقاييس العربيّة في القراءات المرويّة. إنّ الرضيّ اتّخذ إزاء القراءات القرآنيّة موقفاً وسطاً بين موقف الكوفيّين وموقف البصريّين منها. اتّجه نحو السمة العامّة للكوفيّين في الاحتجاج بالقراءات حتّى الشاذّ منها. ونهج منهج البصريّين في التشدّد في تحكيم القواعد النحويّة في القراءات المرويّة عن الرسول عليه الصلاة والسلام. استطاع الشيخ الرضيّ أن يضمن للغة النموّ، ويجعلها حيّة متجدّدة، وأن يمنع عنها العقم بفتحه باب الاستشهاد من شعر المولّدين ولم يكن على ذلك الفاضل الجاميّ. وردت المصطلحات الكوفيّة عند الرضيّ على قلّة مثل الجحد والنسق والعماد والقطع بينما لم أجد عند الجاميّ إلا مصطلح النعت من المصطلحات الكوفيّة. لمّا كان للرضيّ شخصيّته المستقلّة فقد انفرد لآراء منها: أنّ الجملة تعمل في المستثنى النصب ؛ لتمامها لا لمعنى الفعل فيها سواء أكان معنى الفعل فيها أوّلاً أم لا. بينما لا تتوافر هذه الصفة عند الفاضل الجاميّ، والرضيّ وإن كان بغداديّاً فإنّه لم يأخذ برأي البغداديّين كما علمنا في عامل النصب في الفعل المضارع بعد واو المعيّة. يظهر النحو البصريّ في الشرحين: شرح الرضيّ وشرح الجاميّ على النحو الكوفيّ. وإن غلبت النزعة البصريّة على الرضيّ إلا أنّه أخذ برأي الكوفة أحياناً نحو القول في رافع المبتدأ، وفي جواز إضافة الاسم إلى اسم يوافقه في المعنى، وفي القول في رافع الفعل المضارع، وقد أخذ بهذا الجاميّ كما أخذ عنهم في مسألة ترخيم الرباعيّ. وقد اتّضح لي أن كلّاً من شرح الرضيّ والجاميّ على الكافية تضمّن موضوعات مهمّة للدراسة منها: الخلاف النحويّ من خلال فكر الرضيّ. العلل النحويّة من خلال شرح الرضيّ. آثار الرضيّ في شرح الجاميّ.
خليفة عبد الله خليفة حسن (2010)

الحقيقة التاريخية والخيال الروائي في روايات إبراهيم الكوني ( لون اللعنة ـ نداء ما كـــان بعيداً ـ في مكـــان نسكنه في زمــان يسكنـنا )

وبعد ؛فقد حـاولتُ وفق ما أتيح لي أن أخلص إلى نتـائج اجتهدت أن تكون دقيقة صادقة تحكمها الحيادية والتمعن، وحاولتُ قدر المستطاع في القضايا الجزئية أنتكون نتائج الملاحظات مضبوطة يطمئن القـارىء إلى أحكامها. وقد بنيت دراستي بطريقة استخلاصية تتدرجّ في انتقاء النتائـج واختزالها. ولأن الدراسة تحـاول بقـدر الإمكان الابتعاد عن التكـرار، فسأحاول استخلاصالأفكار العامة التي خرج بها البحث من الملاحظات، وتـرك التفاصيل في أماكنهالمن يرغب في الاطلاع عليها أو مراجعتها. نتائـج البحث: أضفى الكوني خيالـه الروائي، ما جعله يُخالف بعض الأحداث التاريخية، ولعله في ذلك كـان يستحضر التـاريخ المعاصر أثناء كتابته عن تاريخنا في الفترة القره مانلية. جعل الكوني من روايته (لون اللعنة) سبيلاً إلى قـدح شخصية يعلمها، رمز لها باسم (شلم)، كما وظّف تاريخ قبيلة أولاد محمد فيها دون المغالطة فيه. وظّف الكوني تاريخ الأسرة القره مانلية عهد (أحمد ومحمد)، في روايتيه(نداء ماكان بعيداً ـ في مكان نسكنه في زمان يسكننا)، موضّحاً حصول أحمد باشـا على السلطة بالانتزاع، وإفـلاس الإيـالة أثناء توليه السلطة وإعادته ثـراءها بالقرصنة وتأمين الطرق، واتخاذه من المرأة سبيلاً للمال. أما محمد باشـا فقد تولـى السلطة بالوراثـة، زمن قوتها، ولكنه ظلّ يمارس القرصنة، ولم يلجأ للمكوس كوالده، أما المرأة فلم نجد لها أي دور في حياته. حضور شهوة الانتقام في روايـات الكوني، حيث أصاب فيما ذكره عنها في بعض المواقف، ولكنه وقع في خلط بين مفهومي الانتقام والاعتداء، كما وجدت أن مواقف الانتقام لديه هي نتيجة لردات فعل شخصية. هذا وقد وقع الكوني في مفارقة الموقف حين رددّ لفظ الانتقام بكل متعة، ثم نفاه في آخر قوله. حضور شهوة المتعة في روايـات الكوني، وقد قام بتفصيل أنواعها حين ذكر: التعذيب، الفتن، السلطان، والنساء. كان للمرأة حضور مستهجن في روايات الكوني، حيث ذكرهـا في بداية قوله مظلومة أمية مستباحة، سبيل لنيل الأبـناء، كما نعتـها بأفظـع الصفات منها: الخداع، والانتماء لسلالـة الجن، والمعتدية على الربوبية، وبأنها الشيطان، وغير العفيفة، وبأنها تُبـاع وتُشترى كالسلـع، كما جعل منها مكافـأة لمن قام بجيدالعمل من الرجال، وإن اعترف أخيراً بأمومتها، وعاطفتها، وذكائها. استدعى الكوني التاريخ العربي، ليتكىء على ما حمله من أحداث تـاريخية ولكي يضفي على رواياته الصفة التاريخية، كما وظفه فيما ناسب ما أراد قولهفي الروايات. قـام الكوني بإسقاط لبعض أحداث الزمن الماضي، على بعض الأحداث التي تعيشها الأمة في الحاضر، قاصداً أن يُنير بعض الزوايا التي غفل عنها الشعب، لعله يتذكر زمن قوته ووحدته فينهض ليستعيد مجده. عقـد الكوني مقارنة بين زعامات الزمن الماضي والحاضر، لكي يوضّح أنـهممتساوين في ظلمهم، وبأن الطوارق هم الأحق بهذه الزعـامة، لما يحملوه من خلاص لأبناء الأمة. جعل الكوني من نفسه متنبئاً لمستقبل الأمة وذلك من خلال نظره في تـاريخنا، بعد تركيزه في المـاضي، لذا أكّد على ثورة الشعوب المظلـومة، وبَشّر بالوحدة وعودة الأراضي المغتصبة، وكأنه يريد أن يقول إن التاريخ يُعيد نفسه. أراد الكوني إقحام الطوارق في التاريخ الماضي، فقد جعلهم في فترات التاريخ المختلفة التي وظفها في رواياته يقومون بأدوار البطولة والشجاعة. أراد الكونـي من خلال روايـاته أن يؤرخ للطوارق، لعلمه بأن ما يكتبه اليوم سيكون تاريخاَ في المستقبل. أما المصاعب التي واجهت الباحثة أثناء كتابتها فهي: نقص المراجع؛وخصوصاً فيما يتعلق بتاريخ أولاد محمد. عدم وجود مكتبة أدبية متخصصة. قلـة المكتبات العامة، وهـذا ما جعلني انظر في الشبكة المعلوماتية للبحث عن ظالتي فيها.
وفـاء محيي الدين سالم أبوغمجة(2010)

الآراء الكوفية في "مشكل إعراب القرآن" لمكي بن أبي طالب القيسي

وفي الختام أقول: إنني لا أدعي الوصول إلى الغاية الكاملة، فالكمال لله وحده، ولكن أقول في اطمئنان إنني بذلت من الجهد ما استطعت بذله في ضوء ما توفر لديّ من متطلبات البحث المختلفة، ومهما كان نصيبي من التوفيق من الله - سبحانه وتعالى - فإنّني على استعداد لتقبل كل رأي ونقد هادف بنّاء، برحابة صدر، فأرحب بكل قلم شريف، ورأي سديد، يصوِّب ويقوِّم بدافع الغيرة والحرص على لغة القرآن الكريم، وهذا أمر متروك لقضاء الفكر في محراب العلم. ومن استقرائي للآراء الكوفية في مشكل إعراب القرآن لمكي بن أبي طالب القيسي، يمكنني أن ألخص نتائج البحث في الآتي: أكدّت أنّهم من كبار أئمة صناعة النحو، وتقعيده من قواعد، وأحكام، وقراءات. بعد أن عرضت أهم علماء مدرسة الكوفة وأصولهم في السماع والقياس، ومصادرهم في الحصول على اللغة؛ لأنّها أهم الأركان الأساسية التي أمدّت النحاة على السواء بالمادة اللغوية التي هي أصل النحو. توسع الكسائي في القياس بشكل جعل منه متفرداً في مسائل كثيرة، وكان له السّبق في ذلك، ويتضح هذا من خلال بعض مجالساته ومناظراته مع يونس البصري، فأقرّ له في مسائل عديدة، وصدّره في مجلسه. كان للفرّاء الفضل على الكوفيين في استخدام القياس بصورة صحيحة وجيدة أهلّته إلى أن ينفرد بمسائل خالف فيها النحاة على السواء. يظهر أثر القياس عند الكوفة في معارضة القياس بالقياس، بل جعلوا للقياس ضروباً مختلفة في قياس النادر والشاذ، والكثير، والمختلف فيه، والمتفق فيه، وقياس النظير، وقياس الضد. تحاملت الآراء والردود على الكوفيين في أمر السماع بشكل كبير، وَوُصِفَ المذهب الكوفي بأنّه أفسد النحو، ولكنني بعد دراسة طويلة للمذهب الكوفي أقول: إنّ ما أتى به الكوفيون من أمر السماع في جمع اللغة من الأعراب والبدو ليس شاذاً ولا مخالفاً للأصول ما دام هناك عرب نطقت به. عنى الكوفيون بالسماع خدمة جليلة للغة والنحو، ومساهمة مع غيرهم في وضع قواعدها وأحكامها، سواء بمشافهة الأعراب أم بالأخذ عمّن سمع منهم، فاعتبر السّماع أساساً للدراسات النحوية واللغوية، وأعطاه هذا مكانته المهمة بين مصادر اللغة وأحكامها. أجاز الكوفيون وقوع التمييز معرفة، واستدلوا على ذلك بما ورد في القرآن الكريم. في الضرورة يحذف الموصول وتبقى صلته عند البصريين؛ خلافاً للكوفيين، فإنّهم يجيزون ذلك في الكلام؛ لدلالة المعنى عليه. جوّز الكوفيون زيادة الواو مطلقاً، واحتجـوا علـى كلامهم بورودها كثيراً في كتاب الله. ذهب الكوفيون إلى جواز بناء الظرف المبهم إذا أضيف إلى اسم، أو الفعل المضارع المعرب، واحتجوا بورود السماع، كما هو في قراءة نافع في قوله تعالى: ﭽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﭼ ببناء (يوم) على الفتح. أجاز الكوفيون في مسألة النصب على إضمار الفعل بتقدير أفعال لها على أقل تأويل؛ خلافاً للبصريين، فقد أكثروا من التقديرات والتأويلات في مسائل الإعراب. جوّز الكوفيون العطف على الضمير المخفوض دون إعادة عامله، ولكن ما اتضح لي بالنسبة للفرّاء في هذه المسألة دون سائر الكوفيين أنّ رأيه لا يبتعد كثيراً عن رأي البصريين، وقد أوضحت ذلك في البحث. جوّز الكوفيون إضافة الشيء إلى نفسه واستندوا إلى السماع والذكر الحكيم في قاعتهم هذه. جوّز الكوفيون الاتباع في الاستثناء المنقطع؛ استناداً على ما ورد في الشعر والقرآن الكريم. أجاز الكوفيون حذف (الفاء) في جواب الشرط، وجعلوه حذفاً مقيساً، واحتجوا بقول حسان بن ثابت: من يفعل الحسنات الله يشكرها. . . والشر بالشر عند الله مثلانأجاز الكسائي أن يأتي جواب (لمّا) بلفظ المضارع كما تقدم ذلك في البحث. نسب مكي للكوفيين في إعراب قوله تعالى: ﭽ ﭣ ﭤ ﭥ ﭼ أنّهم أخبروا عن الموصول قبل تمام صلته، ونسب ذلك إلى الفرّاء، وأثبت خلاف ذلك كما أوضحت في البحث. أجاز الكوفيون أن يعمل في (كم) ما قبلها. أجاز الفرّاء وقوع الحال معرفة، واستند في إعرابه ومذهبه على قوله تعالى: . نسب مكي للفرّاء: جواز وقوع الفعل حالاً دون أن تسبقه (قد)، والذي تبيّن لي خلاف ذلك؛ فالفرّاء منع ذلك حتى في الكلام، والشعر، وقد أوضحت ذلك، وشرحت في البحث. أجاز الكوفيون حذف الموصوف وإقامة صفته مقامه. أجاز الكوفيون وقوع (الكاف) اسماً في الكلام واستندوا على ذلك بحجج قوية وداعمة قبلها أغلب النحاة. المنهج العام للكوفيين في النحو والصرف يبدو لي متقارباً وفيه تشابه كبير، خاصة وأن ذلك اتضح لي من خلال الاستشهاد بالقرآن الكريم وقراءاته وأنّ ما جاء فيه يُعدّ أفصح اللغات وأحسنها، وكذلك الاستشهاد بالشعر وكلام العرب بكثرة. توسع الكوفيون في السماع والقياس، ساعدهم ذلك على اكتشاف أنماط وكلمات لغوية لم يذكرها البصريون، ولمسنا ذلك من خلال ما جاء في وزن (توراة)، فسمع الكوفيون (تَفْعَله) و(تُفْعله)، وأقرّ البصريون بذلك وأنهم لم يسمعوا ذلك في اللغة، ؟ وبينّا ذلك، ومثل ذلك أيضاً ما جاء في جمع (فَعَالى) في خطايا. اشترط البصريون ألا تكون الياء لتجديد النسب، ولكن الفرّاء خالف هذه القاعدة وبنى قاعدته في مثل ذلك أنّ واحد (أناسي)، إنسى كما جاء عند ورود مكي إعراب هذه الكلمة في سورة الفرقان، ولقد أوضحنا ذلك. لم يكن الكوفيون مجرد نحاة يخترعون القاعدة، ويضعون أحكامها، وقواعدها، بل تجاوز اهتمامهم أكبر من ذلك، فقد اهتموا بتعليل ما خالف القياس بوجوه عدة، ذكرت في كتب النحاة، ومن ذلك يكون (بالخفة أو بالحمل على اللغات أو بالحمل على الضد، ومن ذلك ما لمسناه من تعليلهم). في سقوط التاء من الفعل المضارع، وعله سقوط الواو من الفعل (وقى) في قوله تعالى: تمسك الكوفيون بظهور الأصل في فعل الأمر. غلب على الكوفيين في تحليلهم في بنية الأدوات الميل إلى التركيب وليس البساطة، واتفق الفرّاء مع الخليل في تركيب (مهما) كما أنّ (وي) عند الفرّاء مشتقة من رأي الخليل، وبيان ذلك تقدم. منهج الكوفيين يتصف بالشمول والعموم، فمالوا إلى إكثار المصطلحات وتعدّدها، وإعطاء المصطلح الواحد أكثر من لفظ ومعنى، واتضح هذا عند أكثر النحويين القدماء حيث استخدموا أكثر من مصطلح واحد؛ تعبيراً عن الحقيقة أو الفكرة الواحدة لديهم. تميزت مصطلحات الكوفيين التي استخدمها الفرّاء في معاني القرآن بالدقة والنضج أكثر من غيرها.
فاطمة عبـد الكريـم المهدي (2010)