Department of History

More ...

About Department of History

Facts about Department of History

We are proud of what we offer to the world and the community

23

Publications

31

Academic Staff

43

Students

0

Graduates

Who works at the Department of History

Department of History has more than 31 academic staff members

staff photo

Dr. Anaam Mohamed S Sharfeddine

إنعام محمد شرف الدين هي احد اعضاء هيئة التدريس بقسم التاريخ بكلية الآداب طرابلس. تعمل السيدة إنعام محمد شرف الدين بجامعة طرابلس كـمحاضر منذ 2001-06-08 ولها العديد من المنشورات العلمية في مجال تخصصها

Publications

Some of publications in Department of History

عبادة الإله زيوس في كيريني من خلال المصادر الأدبية والمخلفات الأثرية

بانتهاء هذه الدراسة، ومن خلال ما مر في فصولها، يلاحظ القارئ كيف تطور الدين لدى الإغريق من العصر"المينوموكينى" إلى العصر "الهيلينستى" الذي حدث فيه أن اختلطت الديانة الإغريقية بالديانات الأخرى، فأثرت وتأثرت بها. كذلك كان للنظام السياسي أثر قوى وواضح على ديانة الإغريق وخاصة بظهور نظام دولة المدينة الذي انعكس على الديانة، فجعل لكل مدينة إلهها الخاص. ومن خلال استعراض الآلهة الإغريقية؛ تبين أنها كانت كثيرة جداً ومتعددة المجالات، و أحياناً تتداخل اختصاصاتها. لقد كان الإله زيوس أهم آلهة الإغريق على الإطلاق وأغزرها من الناحية الأدبية، ويستشف ذلك من ما مر بنا خلال هذه الدراسة، من الكم الهائل للأساطير المتعلقة بمغامراته العاطفية وغيرها. وقد كانت شخصية الإله زيوس من أهم مواضيع الأساطير الإغريقية قاطبة، ولا تكاد تخلو أسطورة منه. وفيما يخص عبادة هذا الإله في كيرينى؛ يتضح أن هذه العبادة ربما دخلت للمنطقة قبل قدوم الإغريق لها وتأسيس كيرينى عام 631 ق. م، ولكن هذه الفرضية لا تزال تحتاج للمزيد من البحث والدراسة. ولقد عبد زيوس في كيرينى تحت ألقاب عدة أهمها "زيوس ليكايوس" ثم تمت مطابقته بالإله "آمون" وقد انفردت بهذه المطابقة كيرينى، ثم انتقلت عن طريقها إلى باقي العالم الإغريقي، فكانت كيرينى بمثابة الجسر الذي عبرت عليه هذه العبادة، وقد عُبد هذا الإله - زيوس آمون - في اسبرطة واوليمبيا وطيبة وغيرها. وقد حظيت كيرينى بشهرة واسعة بسبب هذه العبادة. ويتبين أن نهاية هذه العبادة في كيرينى كانت خلال بدايات القرن الرابع للميلاد. يتضح أن الإغريق كانوا مولعين بالأعياد والاحتفالات الدينية التي تقام لفترات متقاربة، وقد كانت أهم تلك الاحتفالات تقام على شرف الإله زيوس ألا وهى الألعاب الاولمبي، والتي لا تزال تقام حتى اليوم. ويتبين من خلال هذه الدراسة أن مدينة كيرينى كانت تشارك في هذه الاحتفالات وبشكل يلفت الانتباه، ويُرى ذلك من خلال اسماء الفائزين في هذه الألعاب، وكذلك يتضح أن مدينة كيرينى ربما كانت تقوم بتنظيم بعض هذه الألعاب على أراضيها. ومن خلال دراسة المخلفات الأثرية الخاصة بالإله زيوس في كيرينى، وخاصةَ العملات يتضح أن هذا الإله يحتل المرتبة الأولى في الظهور عليها، سواء أكان ذلك بصفته "زيوس ليكايوس" أو "زيوس امون". أما عن العمارة فيتضح تأثير عبادة هذا الإله عليها من خلال دراسة معبده الضخم الذي يعتبر تحفة لفن العمارة في المدينة، وهو يضاهى أشهر معابد الإغريق مثل (البارثنون) في أثينا، ومعبد زيوس في اوليمبيا، وبذلك يعد من أضخم معابد الإغريق، وهو الأكبر في قارة أفريقيا. ومن خلال دراسة فن النحت في كيرينى، يظهر هذا الإله في عدة أشكال، وتدل كثرة تماثيله وانتشارها في المدينة على الاهتمام الذي حظي به، ومن خلال تمثاله الضخم الذي كان موجودا في معبده يتضح مدى تأثر فن النحت بهذه العبادة من خلال صنع أكبر تمثال ليس فقط في المدينة بل في الإقليم، والذي كان نسخة عن تمثال زيوس في اوليمبيا من صنع النحات "فيدياس". ومن خلال كل ما مر بنا يتضح تأثير هذه العبادة على شتى مناحي الحياة في كيرينى من فنون، كالعمارة والعملات والنحت، وكذلك على الحياة الاقتصادية من نشاط وازدهار التجارة، والحياة الاجتماعية من تآلف اجتماعي بين مختلف الأعراق والأجناس في المدينة. والدين كان له تأثير كبير في حياة الإغريق وتفكيرهم، ويعتقدون أن كل ما يصيبهم من خير أو شر هو من عند الآلهة، فكانوا يلجأون إليها لحل مشاكلهم الاقتصادية و الاجتماعية ومن ثم يقومون بتنفيذ نصائحها وتوجيهاتها. وهو ما فعله أهل جزيرة ثيرا عندما حل الجفاف بأرضهم لجأوا إلي الإله ابوللو حيث نصحهم الموحي بالذهاب الي ليبيا الغنية وبعد ذالك قاموا بتأسيس مستوطنة كيريني، وبذالك استطاعوا حل مشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية، وبما أن زيوس هو أبو الآلهة والناس فقد كان له مكانة عظيمه في نفوس الإغريق. وان دراسة هذا الموضوع ستفتح الباب أمام الباحثين لدراسة جوانب أخري تتعلق بدور الدين في حياة الناس.
علي مفتاح عبد ربه حمد(2010)
Publisher's website

المجموعـات المهـاجـرة مـن شبه الجـزيرة العـربية وتـأثيراتهــا الاجتماعية والثقافية على سكان المغرب القديم (منذ الألف الخامسة حتى نهاية الألف الأولى ق. م)

لقد توصلت الدراسة إلى أنه بين شبه الجزيرة العربية وشرق وشمال أفريقيـا علاقات جغرافية وبشرية موغلة في القدم. فمن الناحية الجغرافية كانت شبه الجزيرة العربية والهلال الخصيب جزءاً من أفريقيا خلال فترة العصور الجيولوجية القديمة، ثم انفصلا عنهـا نتيجة عوامل طبيعية وجغرافية. أما الترابط البشري فقـد قـام نتيجة تلك الهجـرات التي خرجت من شبه الجزيرة العربية خلال العصر الحجري الحديث واتجه جزء منهـا نحو شـرق وشمــال أفـريقيــا، وكـان لهـذه الهجــرات أسبـاب عدة منهـا: الحروب، والصراعات على موارد العيش. وأقوى عواملها كان الجفـاف الذي حل بشبه الجزيرة العربية مما اضطر سكانها إلى الخروج منهـا والبحث عن مناطق أخرى صالحة للعيش فاتجهوا نحو منطقة الهلال الخصيب وأفريقيا. وقـد ناقشت الـرسالة الآراء المتعـددة والمتشعبة حـول المهد الأول الذي نشأت فـيه الشعـوب التـي يطلق عليهـا اصطلاحـاً بالشعـوب السـامية. فمنهـم مـن يـرى أن أرمينية وهضـاب آسيـا الوسطى هـي المهـد الأول للسـاميين ومنهم من يرى أن بلاد الرافدين هـي موطن الشعـوب السـامية، ورأي آخـر يقول إن جـزر البحـر المتوسـط هي مهد الساميين الأول، وفريق رابع يرى أن موطـن الشعـوب السـامية هو أفريقيا. إلا أن كـل هذه الآراء ضعيفة ولا تستند إلى أدلة علمية قـويـة. لقـد توصلت الدراسة إلى أن الرأي الأقرب إلى الصواب هو النظريـة التي تقول بأن شبه الجزيرة العربية هي مهد السامية وموطنها الأول. وقد أيد هذه النظرية الكثير من العلماء والمؤرخين والأثريـين أمثـال: كـارل بروكلمـان، وجـون مـاير، وجـاك دي مورجـان، وكيتـانـي وغـيرهم الكـثير، ولقـد قـدم هؤلاء حججاً قوية أثبتت صحة رأيهم ومن هـذه الحجـج والبراهين: الحجـة الجغـرافية أن شبه الجـزيرة العـربية تحولـت إلـى أرض صحراوية، وأن عـدد السكـان كـان يتزايـد ولـم تعـد الأرض قـادرة على إعـاشتهـم فمـن الطبيعي أن يبحثوا عن مكان بديل كمجال حيوي يوفر لهم سبل العيش. أن الأسـس والشـروط التـي اتفـق العـلمـاء علـى أن تكــون مـؤلفـة للصفـات المشتركة بين الساميين تتوفر في سكان شبه الجزيرة العربية، إلى جانب أن اللغة العربية أصلح لغة لتمثل خصائص اللغة السامية الأم. أن نشأة الشعوب السامية كـانت بدوية، ولـذلك لابـد أن يكـون موطنهم الأول صحراويـاً، وشبه الجـزيرة العـربية بعـد أن تحـول الكـثير من مناطقهـا إلـى صحاري بسبب الجفاف، هي أصلح مكـان لتكون ذلك الموطن ولاسيمـا أنـه قـد ثبـت أن معظم المـدن والقـرى التي نشـأت في بـلاد الشـام والعـراق، قـد كونتها عناصر بدوية كـون الوضع الجغـرافي لشبه الجـزيرة العـربية ينطبـق مـع الواقع التاريخي للهجرات السامية، فإن هجرات مبكرة خرجت من هذه المنطقة واتخذت عدة مسـالك وطرق أهمهـا نحو الهلال الخصيب، وأخـرى نحو وادي النيل وذلك عبر برزخ السويس، وهجرة نحو شرق أفريقيا عن طريق باب المندب. بالإضافة إلى ما سبق فإن اللغة العربية هي أقرب اللغات إلى اللغة السامية الأم حـيث أن اللغة العربية كـانت محصورة داخـل شبه الجـزيرة العـربية محفوظة بعيداً عن التغـيير والتبـديل، فضلاً عن أن اللغـة العـربية احتفظت بخـواص اللغـة السامية القـديمة مثل ظاهرة الإعـراب، كما رأى العـالم (بروكلمان) أن لغة الشعر العربي قد استوعبت كل خصائص الأصل اللغوي السامي على أكمل وجه. توصلت الدراسة إلى أن الهجرات التي خرجت من شبه الجزيرة العـربية نحو أفـريقيـا اتخـذت عـدة طـرق واستوطنت العـديد من المناطق، فقد وصلت العـديد من الهجرات إلى الصحراء الكـبرى وذلك إثـر عـبورهـم بـرزخ السـويس باتجـاه مصر ثم اتجهت نحـو الجـنوب، ثم بعـد ذلك نحو الغـرب، واستقـرت فـي منطقة الصحراء الكبرى ومنها جمـاعـات واصلت تقدمهـا نحو الشمـال الغربي، حيث ظهرت لنا فـي منطقة المغـرب القـديم عدة ثقـافـات أسسهـا هـؤلاء المهاجرون ومـن أهمها: الثقـافـة العاثيرية، والوهـرانية، والقفصية. أمـا المجموعة الثـانية من المهاجرين فقـد وصلت الصحراء الكبرى عـبر شـرق أفـريقيـا فـي حدود الألف السـادسة قـبل الميلاد؛ حيث عـرفت الـتدجين وتربيـة الحيوانـات واستئنـاسهـا، ومما يـدل على ذلك تـلك الـرسوم الفنية التي عثر عليها في جبال الأكـاكوس وتاسيلي. توصلت الـدراسة أيضـاً إلـى أن موجـات الهجـرة لـم تنقطع بين شبه الجـزيرة العـربيـة وأفـريقيـا، فكـانت كـل موجـة تـدفـع الأخـرى كسيـل عـارم، فكمـا وصلـت مجموعة من الهجـرات إلـى الصحراء الكـبرى، سلكـت مجموعـات أخـرى طـريقــاً مغـايراً فتقـدمت نحو الشمـال واستقـرت في منطقة المغرب القديم، وقـد جاء هؤلاء المهـاجـرون من جنـوب شبـه الجـزيـرة العـربيـة وبالتحـديـد من اليمـن. ومن خـلال الدراسـات والأبحـاث التـي قـام بهـا علماء التـاريـخ والآثـار تمكنـوا من حصر هـذه الهجرات فـي سبع موجات متتالية، استقرت واندمجت مع العنصر المحلي المعروف بالأمازيغ الذين يطلق عليهم البعض اسم (البربر) وهذه التسمية فيها الكثير من الظلم وقـع على شعـب له جذوره وأصوله التاريخية القديمة ولـه حضارة عـريقة كـل ذنبه أنه لم يقبل الاستعمار سواء القديم أو الحديث. إلا أنهم رفضوا وبقوة كل مـاله علاقة بالبربرة، وسموا أنفسهم الأمازيغ الأحرار، وأكبر دليل على أصالة الشعب الأمازيغي ذلك التمازج البشري، والثقافي، والفكري والمتمثل في العادات الاجتماعية والمعتقدات الـدينية، والفنـون بمختلف فـروعها من بناء وعمارة ونحت وتحنيط وموسيقى، إلـى جـانب اللغة حـيث تعـد الأدلة اللغوية من أفضل الطـرق لإثبات ما بين الشعـوب من علاقـات ثقـافية وصلات نسب وقـربى، وهـذا ما اتضح عندمـا قـام الباحثون بدراسة اللغة الليبية (الأمـازيغية) ومقـارنتها باللغة العربية القـديمة. فمن خلال دراسة كتابي علي أحمد الشحري وهما كتاب: (كيف ابتدينا وكيف ارتقـينا بالحضارة الإنسانية من شبه الجزيرة العربية "ظفار" كتاباتها ونقوشها القديمة)، والثاني بعنوان (لغة عاد)، حـيث تنـاول فـيها البـاحث دراسة لأبجدية ظفـار بسلطنة عُمان ومقـارنتها بالأبجـدية الليبية القـديمة (الأمازيغية) أكـد أن هـذه الأبجـديـات قـد أثـرت فـي بعضهـا البعض، وأنهـا تعـود إلـى فـترات تـاريخية موغـلة في القـدم. وهذا أكـبر دليـل على أن بعض جذور تـلك الأبجدية قـد انتقلت من ظفار وجنوب الجـزيرة العـربية عموماً مع أولئك المهاجـرين الـذين استقروا فـي الصحراء الكـبرى ومنطقة المغرب القديم، مما أوجد ذلك التشابه الكبير بين اللغتين الأمازيغية والعربية، ولا تـزال الأبحاث قائمة وبشكل موسع بخصوص هـذه الاكتشافات سواء من الجـانب العماني أو الجانب الليبي الـذي كلف أهم المختصين والباحثين في هذه اللغة وأخص بالذكر منهم الدكتور محمد علي عيسى أستاذ الآثـار والحضارات القديمة بجـامعة الفـاتح الـذي بذل مجهودات كبيرة بخصوص هذا الموضوع. من خلال ما تقدم يمكن أن نصل إلى خلاصة واحدة وهي أن شبه الجزيرة العربية كـانت مصدرا للهجرات البشرية نحـو أفـريقيا، وأن الأمازيغ هم سكان شمال أفريقيا الأصليون حيث نجد امتدادهم من واحات سيوا بمصر وحتى جزر الكناري بالمحيط الأطلسي.
سـارة حاتم سليمان عبود(2011)
Publisher's website

جذور التأثيرات الفينيقية - القرطاجية على السكان المحليين في شمال أفريقيا "814 ق. م حتى مجيء الرومان"

مما تمّ تناوله في فصول هذه الدراسة ومباحثها حول موضوع التأثيرات الفينيقية - القرطاجية على السكان المحليين في شمال أفريقيا "814 ق. م حتى مجيء الرومان"، خلصت إلى ما يلي: ساعدت عدة عوامل في منطقة الشمال الأفريقي في تشكيل الحياة بها، تمثلت تلك العوامل في جعل المنطقة تتمتع بالصلاحية للإقامة، وأن تصبح بذلك قبلة للوافدين من الأقوام المجاورة كالفينيقيين والإغريق والرومان وغيرهم، ومن أهمها كان الموقع الجغرافي، وطبيعة التربة، والمناخ، والتضاريس، والتنوع في الحيوانات والنباتات التي اعتمد عليها الإنسان في حياته اليومية. وبالرغم من أن منطقة الشمال الأفريقي تتمتع بتنوع كبير في تضاريسها الجغرافية، إلا أن هذا التنوع لم يقف عائقاً أمام توافد الهجرات التي جاءت للمنطقة بل نراه قد ساعدها في التنوع السكاني قديماً. إن مسألة أصل السكان في منطقة الشمال الأفريقي هي مسألة شائكة، لايزال الجدل حولها بين الباحثين قائماً، وذلك لتعدد النماذج البشرية في المنطقة قديماً، إلا أن هذه النماذج رغم اختلافها وجدت بينها خصائص مشتركة واضحة. ومن جانب آخر يُستنتج أن الأوضاع الاقتصادية في ليبيا القديمة تمثلت في خمسة عناصر مهمة وهي (الصيد - الرعي - الزراعة - التجارة - الصناعة)، وقد ارتبط السكان بهذه الدعائم ارتباطاً كبيراً، لذلك تنوعت حياتهم الاقتصادية آنذاك. وفد الفينيقيون من بلادهم الأم إلى منطقة الشمال الأفريقي، وهم أقوام عرفتهم المصادر القديمة بالأقوام الجرزية، وقد كان خروجهم من وطنهم بسبب عدة عوامل. تمثلت العوامل السياسية في عمليات الغزو المتكررة التي كان يتعرض لها الساحل الفينيقي منذ القرن التاسع ق. م من قبل الإمبراطوريات المجاورة، وكثيراً ما كان يصحب ذلك حركات انبعاث وهجرة إلى المراكز التجارية (محطات) حول البحر الأبيض المتوسط، والتي أصبحت فيما بعد مدناً هامة في التاريخ. ويمكن إيجاز العوامل الاجتماعية في النقاط التالية: ارتفاع الكثافة السكانية في البلاد الفينيقية، وانحصارهم في شريط ضيق من الأرض الزراعية بين الجبل والبحر، وهذه الأرض كانت لا تفي بالاحتياجات الغذائية المتزايدة للسكان، وازدياد النزاع الطبقي بين الأثرياء والعامة، والصراع داخل الأوساط الحاكمة نفسها، حيث يضطر القسم المهزوم بإرادته أو مرغماً بالانتقال لمناطق جديدة يبدأ فيها حياته، هذا ما نتج عنه إنشاء محطات تجارية في منطقة البحر الأبيض المتوسط في العموم وفي منطقة الشمال الأفريقي خصوصاً. حدث التمازج بين العنصر الليبي والعنصر الفينيقي بالمنطقة في كل مناحي الحياة المختلفة، وظهور عنصر ثالث وهو العنصر البونيقي (الليبي - الفينيقي). دخول الفكر الديني الفينيقي والثقافة الفينيقية للمنطقة أدى إلى التأثر بها، حيث تبنى قسم من الليبيين نمط الحياة الفينيقية، وكان تأثيرها أكثر قوة في الأجزاء الساحلية. عراقة اللغة الليبية، حيث تعود أولياتها إلى حدود الألف الخامسة قبل الميلاد. ورغم ذلك فإن التأثيرات الفينيقية قد لامست مفاصلها وأضحت في صياغ كلي تمثل اللغة البونيقية منذ القرن الخامس ق. م تقريبا. إن النمط الثقافي الليبي هو مزيج من المؤثرات الخارجية للأقوام الذين اختلط بهم الليبيبون القدماء من أبناء عمومتهم كالمصريين والفينيقيين. نعمت المنطقة تحت الإدارة النوميدية بالحرية، وحصولها على الحكم الذاتي، وتميزت الأوضاع السياسية للمنطقة تحت الاحتلال الروماني بين مد وجزر تمثل في حرمانها من استقلالها الذاتي في بعض الأحيان، وبين استرجاعها لحريتها أحياناً أخرى. إلا أن التأثيرات الفينيقية - القرطاجية ظلت تتفاعل في نسق الحياة اليومية. وتمثل ذلك في استمرارية العقائد الدينية الفينيقية القديمة تحت اسماء أو بدائل رومانية، حيث تمت مقابلتها مع اسماء الآلهة الرومانية الوافدة، أي أن تلك العقائد استمرت ولكن اسمائها تغيرت فقط. يبدو أن السلطات الرومانية لم تحل دون ممارسة العقائد التي كانت تقدس في المنطقة قبل مجيئهم، حيث ظلت تمارس طبقاً لطقوسها المتوارثة. رغم تغلغل وتسرب اللغة اللاتينية وفرضها لغة رسمية وإغراء العناصر الوطنية لتعلمها واستعمالها في معاملاتهم الرسمية وقضاء حوائجهم، إذ كانوا متمسكين بلغتهم الأصلية، ليبية كانت أم بونيقية، في علاقاتهم الخاصة. عليه فإن التأثيرات الفينيقية ظلت تتفاعل في منطقة الشمال الأفريقي مع المكّون المحلي حتى بعد زوال قرطاج، وتواصلت بعدها.
انتصار عمران عبدالله التليسي(2008)
Publisher's website