Digital Repository for Department of

Statistics for Department of

  • Icon missing? Request it here.
  • 0

    Conference paper

  • 0

    Journal Article

  • 0

    Book

  • 0

    Chapter

  • 3

    PhD Thesis

  • 18

    Master Thesis

  • 0

    Final Year Project

  • 0

    Technical Report

  • 0

    Unpublished work

  • 0

    Document

((الرذيلة وأثرها على الفرد والمجتمع)) الزنا أنموذجاً (دراسة تحليلية من منظور إسلامي)

العلم مع الإيمان سبب في طهارة النفس من الدناءات، ونجاة المرء من المهالك الدنيوية والمحن الأخروية. تتفق أحكام الشريعة الإسلامية في حد الزنا مع الأحكام الوضعية في القصد الجنائي أو أصل الفاحشة أو جنس الفكرة، دون نوعها، فتتفقان على كون الشخص يعلم بأنه واقع شخصاً محرماً عليه، وجوهر الاختلاف بينهما، أن الشريعة الإسلامية لا تفرق بين الشخص المحصن وغير المحصن كونهما ارتكبا الفعل، على اعتبار أن الفروج لها حرمة عامة وهي ليست ملكاً لأصحابها لهم حرية التصرف فيها مع من يشتهون، وجعلت حد الحرية ألا يضر الإنسان نفسه أو غيره على حدٍ سواء؛ إلا أن أحكام الشريعة الإسلامية تفرق بين حد الشخص المحصن وغير المحصن. لقوانين الوضعية لا تفرق بين المحصن وغير المحصن، ولا تعتبر المواقعة خارج إطار الزوجية زناً إلا إذا مست حرمة الزوجية فقط، وتري ألا يضر الفرد غيره فقط، واعتمدت في أحكامها على أسانيد عقلية أكثر من اعتمادها على أحكام الشرائع السماوية. إن ما جاءت به أحكام الشريعة الإسلامية لا تبطله أو تنسخه الأحكام الوضعية، لأن أحكام القوانين الوضعية، جعلت أحكام حد الزنا حقاً خاصاً للمجتمع في أغلب أحكامها، وبذا أبطلت كثيراً من أحكام الشريعة؛ وهذا الأمر يؤدي إلى انتشار الفساد في الأرض، وعدم صيانة الأنفس والحرمات في المجتمع. يجب إعادة النظر في بعض القوانين الوضعية الخاصة بأحكام حدود الزنا بما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية بما يحقق استقرار المجتمع وتوازنه. إن أصاب الإنسان ابتلاء نظير معصية اقترفها فلا يلوم إلا نفسه، ولا مخرج له من ذلك إلا الرجوع إلى الله والصبر على البلاء، حيث لا ينفعه الجزع. ترتبط الأخلاق الإسلامية ارتباطاً وثيقاً بالإيمان، لأن الإيمان مصدر الإلزام الديني ـ العقدي ـ الذي يتوافق معه الإلزام الخلقي، ويدفع الإنسان إلى طاعة أمر الله تعالى، وينهاه عن إتيان المعاصي؛ إذ لا يجتمع الإيمان والمعصية في قلب المؤمن في آن واحد، وعلى هذا الأساس ربط الله سبحانه وتعالى ارتكاب فاحشة الزنا بانتزاع الإيمان من قلب المؤمن عند اقترافها؛ لكونه مفسدة تؤدي إلى مفاسد كثيرة. ثانيا: نتائج وملاحظات خاصة نسترشد من الدراسة الميدانية بالملاحظات والتوصيات التالية: القيم الأسرية داخل المجتمع لها انعكاس على سلوك الأبناء سلباً وإيجاباً، وذلك من خلال علاقة الآباء بأبنائهم، فأغلب القيم الأولى يتعلمها الأبناء من الآباء، وممن لهم اتصال بهم بشكل مباشر بالمجتمع المحيط، لهذا لابد من الاعتدال في التعامل مع الأبناء، مع الرقابة الأبوية وبالأخص في مرحلتي الطفولة والمراهقة. وضع استراتيجية عامة في المجتمع بهدف الاهتمام بالنشء، من خلال مناهج تربوية، وبرامج ثقافية واجتماعية، على المستويين الفردي والجماعي والمجتمعي، بدءاً من الأسرة وانتهاءً بالمحيط الخارجي لها، ومنها المدرسة والمؤسسات التعليمية بشكل عام، والنادي والرفاق. . . إلخ. إضافة مادة للمقررات الدراسية، تحت مسمى" مبادئ الأخلاق" لطلاب الشق الثاني من مرحلة التعليم الأساسي، تدرس فيها أحكام وأسس العلاقات الأسرية وفق أحكام الشريعة الإسلامية، والقيم المثلي والفضائل الأخلاقية، وما يضادها من رذائل، كي يجتنب النشء السلوك الشاذ، لما يترتب عليه من أضرار نفسية وجسمية، واقتصادية واجتماعية. الإعداد الفني والمهني للمتعاملين مع مرضى الإيدز، والأمراض المعدية الأخرى في مجال العلاج والوقاية أو التعامل المهني، مثل الأطباء والعناصر الطبية المساعدة، والعاملين بالمختبرات الطبية العامة والخاصة، والمرشدين الصحيين والنفسيين والاجتماعيين، وأجهزة الأمن التي لها صلة بالتعامل معهم، ومؤسسات الإصلاح، والمؤسسات الاجتماعية والأجهزة القضائية، والمواطنين ممن لهم اتصال بالمرافق الخدمية العامة والخاصة، وحث الجميع على الأمانة والصدق والدقة في بيان المعلومات وانسيابها إلى الجهات ذات الاختصاص، مع تحميلهم المسئولية التامة في حالة الإهمال أو إفشاء المعلومات في غير وجهها، كاستخدامها لأغراض شخصية أو دعائية لا تتناسب مع طبيعة المهنة. وما لم يكن هناك فهم وقناعة بخطورة مرض الإيدز والأمراض المعدية المصاحبة له، فإن احتمالات انتقال العدوى من المصابين إلى الأصحاء أمر قائم. إبراز الأضرار الناجمة عن سوء التعامل مع بعض وسائل الإعلام، ومنها على وجه الخصوص؛ الكتب والمجلات الماجنة، وكذلك سوء استخدام، الأجهزة والوسائط التقنية الحديثة، ومنها الإذاعتين المسموعة والمرئية، والسينما، وشبكة المعلومات (الإنترنيت)، والهواتف المحمولة. . . ألخ؛ وذلك ببيان آثارها السلبية النفسية والعقلية، على أفراد المجتمع، ناهيك عن أضرارها الاجتماعية والإقتصادية. يجب أن يكون هناك تنسيق بين الهيئات العامة والخاصة بالمجتمع، وذلك بغية إيجاد ترابط وتكامل وتوحيد الجهود المبذولة من أجل القضاء على السلوك السلبي المنحرف عن قيم وأخلاقيات المجتمع؛ ومنها على سبيل المثال: أن يخضع المصابون بالمرض للاختبار الطبي المعملي، لمعرفة المدمنين للمخدرات أو المسكرات والمؤثرات العقلية، وتتبع من يشاركونهم في تعاطي هذه المؤثرات. الكشف على مثل هذه الحالات يحدد نسبة تفشي هذه الأوبئة في المجتمع للوقوف عليها ووضع برامج وقائية وعلاجية لها على المدى القريب والمستقبلي البعيد. بذل الجهود الشعبية والأهلية بإنشاء هيئات متخصصة، بتعاون ومساهمة الأقسام المتخصصة بالجامعات ومراكز البحوث العلمية والنقابات والروابط المهنية المتخصصة لدراسة وتشخيص العلل الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع، ومن ثم اقتراح الحلول والتصورات العملية لمواجهتها، وتقديم التوصيات والمقترحات العامة لأخذ التدابير الوقائية بشأنها مستقلاً. إرشاد المصابين بفيروس العوز المناعي البشري: HIV بطرق التعامل مع غيرهم، ليبتعدوا عن السلوك المحفوف بالمخاطر، والذي يجنب الآخرين انتقال العدوى إليهم، وينبغي توجيه الناس على مختلف المستويات، إلى فهم السلوك العام الذي يجب ألا يمارسوه حتى لا يقعوا في مصيدة الإصابة بالمرض دون تعمد، ومحاولة إيقاف انتشار العدوى أو الحد منها على أقل تقدير، ببرامج الوقاية والتثقيف والإرشاد الصحي، لبيان كل ما يتصل بطرق العدوى، على مستوى الأفراد والجماعات، سواء منها الأسرية والأحياء السكانية، وجماعات النشاط أو جماعات العمل. . . الخ. يشعر المرضى بأنهم يحملون أسرهم ودويهم أعباء مادية كثيرة، بما ينفقونه عليهم من مبالغ مالية لا طاقة لهم بها، مقابل مصاريف العلاج بوجه خاص، ورعايتهم بوجه عام، وبالأخص عندما يشعر أفراد الأسرة بأن المريض ميئوس من شفائه، ويشعر المريض بأن المحيطين به يتحملون ضغوطاً نفسية سيئة، بما يتخذونه من احتياطيات وتدابير وقائية، خوفاً من انتقال العدوى إليهم، ومن الشواهد على ذلك ما قاله أحد المصابين بالمرض بعد أن طرد من العمل: (( إنك لا تعيش آلام الإيدز فقط، ولكنك تعيش منبوذاً من المجتمع. وحتى إذا متَّ فإنهم يرفضون تجهيز جك. ولا شيء يجعلك تشعر بالتعاسة أكثر من هذا )). تخصيص قسم إيوائي للمرضي، يتم فيه عزل المصابين بالمرض، يقدم لهم فيه العلاج الطبي والإرشاد والنصح، مع توفير الأدوية اللازمة للمرضى ورفع مستوى الرعاية الطبية والوقائية والإرشاد الصحي لأفراد المجتمع المحيطين بهم. إلزام من تكن له إقامة بالمجتمع من الأجانب أكثر من ثلاثة أشهر، إجراء كشف طبي على الأمراض الوبائية، في مراكز متخصصة تحت إشراف المجتمع. والمحصلة النهائية مما سبق، أنه عندما يدرك الإنسان قبح رذيلة الزنا والسلوك المشين الناتج عنها، بقلب مطمئن مغمور بالإيمان، يتيسر له السبيل لفعل النقيض منها، وهو الفعل الفاضل الحسن دون مشقة، بغض النظر عما تقتضيه الضرورة الأخلاقية أن يفعله، ودون أن يفكر فيما يترتب على الفعل من جلب المنفعة إليه أو دفع الضرر عنه، إن المؤمن بالله تعالى إذا طلب منه أمر دعت إليه أحكام الشريعة الإسلامية أو نهت عنه، امتثل إليه دون أن يسأل عن العلة أو السبب في ذلك. إن نفوسنا وأجيالنا الناشئة الفتية لأحوج ما تكون إلى التحصين بالإيمان القوي المتين الراسخ في النفوس، وإلى تعلم المزيد من الأدب والعمل بالآداب والأخلاق السامية من منهج الدين الإسلامي الحنيف. وفي الختام أقول: ها أنا ذا قد حاولت إصابة الهدف، فإن قاربت فقد استشرفت معالي الأمر بما وجهت إليه مما أردت، وإن لاح القصور مما ابتغيت، فالكمال لله وحده وعلى الله قصد السبيل، ونصلي ونسلم على سيدنا محمد بن عبد الله المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدي بهديهم إلى يوم الدين.
سليمان حندي صالح سليمان(2008)

العولمة وآثارها الثقافية والسياسية على الوطن العربي

مع مطلع العقد الأخير من القرن العشرين حدثت مجموعة من المتغيرات الدولية والإقليـمية ألقت بظلالها على جميع أوجه الحياة، وساهمت تلك المتغيرات في مجملها في ظهور نظام عالمي تحتل فيه مجموعة قليلة من الدول مقعد القيادة، وتمارس مختلف أشكال السيطرة والهيمنة والوصاية على العالم فى ظل ما اصطلح على تسميته بالعولمة، فقد ألقت العولمة بتداعياتها على جميع أوجه الحياة، وبدأت آثارها تظهر فى مختلف بلدان العالم والبلدان العربية بوجه خاص، بعد أن دخلت كثير من الدول دائرة الغرب واهتماماته بشكل واضح، وفتحت آفاقاً للترابط مع النظام الجديد، على نحو يصعب الفكاك منه واختلفت الآراء حول العولمة فهناك من يرى ضرورة سرعة الاندماج وخاصة الدول النامية في النظام العالمي الجديد، حتى يتسنى لهذه الدول الاستفادة من التطورات التكنولوجية و زيادة حجم التجارة والاستثمار الدوليين، وذهب فريق آخر إلى أنه من الخطر على الدول الأقل نمواً الاندماج في النظام الجديد . وأياً كانت الآراء فإن العولمة طرحت العديد من التساؤلات حول من المستفيد من النظام العالمي الجديد ؟ وهل هناك خيارأمام الدول العربية خاصة باعتبارها من الدول الأقل نمواً في الاندماج في هذا النظام ؟ فهناك مجموعة من المتغيرات المصاحبة للعولمة ، التي أخذت تشكل تحديات تفرض نفسها على الساحة العربية، وتستلزم ضرورة العمل على تعظيم الإيجابيات على قدر الإمكان وتقليل السلبيات التي يمكن أن تلقي بظلالها على واقع السياسة والثقافة العربية، فهذه الدراسة تناقش آثار العولمة وتحدياتها على مستقبل الأمة العربية، وكيفية مواجهتها في مختلف المجالات الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والثقافية، وهي تحديات متداخلة يصعب فهمها بشكل منفصل. إن العولمة المعاصرة تعني الخضوع لمجموعة من القواعد والمعايير الدولية التي تنظم مجالات كانت تدخل في صميم سيادة كل دولة: من حقوق الإنسان في المجال الـسيـاسـي، إلـى اقـتصـاد الـسـوق بـمـا يتـضمنـه من إزالة القيود على انتقال رأس المال ، والسلع، والخدمات ، والعمالة، وحقـوق الـملكية الفكرية في المجال الاقتصادي، وانتقال الأفكار والمعلومات في المجال الثقافي، حيث تهدف عولمة الثقافة إلى صهر الثقافات المحلية في بوتقة واحدة، قد تضيع معها الخصوصيات الثقافية، ومن ثم فإن عولمة الثقافة تشكل خطراً كبيراً على الثقافات المحلية، حيث تصبح تلك الثقافات أكثر عرضة للغزو الثقافي في ظل التطور غير المتكافئ الذى طرأ على وسائل الإعلام مما يؤدي إلى زيادة المستهلكين لمنتجات الثقافة الغربية، ففـي ظل العولمة بدأت تظهر مخاطر الاختراق الثقافي، وتهـديـد الخصوصية والتبعية الثقافية للدول الأقل نمواً حيث تتجلى تداعيات العولمة الثقافية في التوجه لصياغة ثقافة عالمية من خلال تعميم النمودج الغربي الأمريكي، وبذلك يصبح الحفاظ على الهوية الثقافية والخصوصية الحضارية أحد التحديات التي تواجه الأمة العربية. ومما لاشك فيه أن الثورة المعلوماتية تركت بصماتها على دور الدولة الـذي بدأ يضعف فـي مجتمع عصر التدفق الحر للمعلومات عبر تقنيـات الاتصال الحديثة ولم يعد بالإمكان التحدث اليوم عن السيادة الإعلامية ضمن الحدود السياسية للدولة، وعن التحكم بعملية تدفق المعلومات داخل تلك الحدود، وبالتالي الانفراد بتشكيل عقول مواطني الدول بما يضمن الولاء التام للدولة، خاصة وإن تأثير ثورة المعلومات قد شمل سلباً الدولة بكل مكوناتها من حدود سياسية معترف بها، وشعب وحكومة، وأصبحت السيطرة على عملية تدفق المعلومات شبه مستحيلة بعد أن تحولت المعلومـات إلـى عناصر ملموسة، وغير مرئية، يسهل تنقلها واختراقها لأية حدود جغرافية، فقد تقلص البعد الجغرافي، وزال الفاصل الزمني، وأصبحت تقنيات الاتصال الحديثة تقفز من فوق الحواجز وتخرقها. وتكمن اشكالية هذه الدراسة في أن هناك انبهاراً بحضارة الغرب والرغبة في التشبه بها دون اقتراح آليات ومشاريع علمية و عقلية لتحقيق ذلك ، فالحاجة ماسة اليوم إلى ممارسة النقد الحر، والسعي إلى بناء كل ما هو مثمر وجديد. إن هذا العصر هو الذي يحدد ما تكون عليه أمة من الأمم من ناحية القوة والضعف ومدى تجاوبها السلبي أو الإيجابي مع معطيات العصر وتقلباته، وعلى مدى جدية الموقف العربي في التفاعل مع العولمة لأخذ مكانة متقدمة بين الأمم، بحيث نسهم في بلورة رأي بشأن الظروف الموضوعية للنشاط الفكري الثقافي المعاصر لنرى مدى اقترابه أو ابتعاده عن الطموح في التقدم العربي. مما تقدم فإن العولمة، تشير إلى متغيرات حقيقية ذات أهمية أساسية، ولهذه المتغيرات آثار عميـقة فـي السياسة كما في الاقتصاد والثقافة والنشاطات الأخرى، فالعولمة فيها من الفرص بقدر ما فيها من المخاطر، والقدرة على اغتنام الفرص وتجنب المخاطر تعتمد إلى حد كبير على القدرة على التعامل مع الظواهر الجديدة القادمة مع العولمة، فيجب التحرك بسرعة المتغيرات نفسهـا، ليـكـون لـنـا رأي ودور فـي هذه المتغيرات. ونـظـراً لأهـميـة الـمـوضـوع وخـطـورتـه عـلـى الـوطـن الـعـربـي، وفـي ضـوء الـتـحديـات والـمستجـدات الـتي يـشهـدهـا الـعـالـم، وانـقسـام رؤى الـمـفـكـرين والـمثـقفـين حـولـهـا، جـاءت هـذه الـدراسـة مـحـاولـة لـتحليل بعض الآثار المترتبة على العولمة، من خلال آراء المفكرين والمثقفين، وذوي الاهتمام بهذا الموضوع ، وقد تناولت الباحثة التأثيرات المتعددة للعولمة، وكان التركيز على أربع محاور أساسية: المحور الأول: يدورحول العولمة من ناحية تحديد المفهوم والنشأة التاريخية، وأثر المتغيرات الدولية المعاصرة، لاستيضاح طبيعتها وتحديد موقعها، فمن الصعب الحديث عن العولمة بمعزل عن تطور الرأسمالية العالمية والمتغيرات الدولية المعاصرة في ظل ثورة المعلومات. المحور الثاني: يتعلق بالثقافة العربية والخصوصية والهوية، وما يحدث الآن من تشويه للثقافات على مستوى العالم، ولما للإعلام من دور في نشر وتسويق الثقافة الأمريكية والثقافة الغربية التي تتصادم مع المحلي القائم، فما يحدث الآن هو صراع بين الوافد والمحلي، مما يهدد بالاستبعاد والتشويه للثقافات المحلية الخاصة، فقد تم التركيز في هذا الجانب على أثر الثقافة الغربية على الثقافة العربية الإسلامية في ظل عصر المعلومات. المحور الثالث: يتعلق هذا المحور بالجوانب السياسية، حيث إن تطورات الأوضاع العالمية في العقد الأخير من القرن العشرين قد كرست مفهوم الأحادية القطبية، وتشكيل النظام الواحد المهيمن، مما يدعونا إلى التساؤل عن وضع الدولة وموقعها في هذا النظام الأحادي، فالدولة بدأت تنهار وتضعف أمام قوى الشركات العملاقة التي تسعى إلى إسقاط حق الدولة في التدخل بالشؤون الداخلية والخارجية، من خلال فتح الأسواق، وسيطرة المنظمات العالمية على أمور السياسة واستبعاد الدبلوماسية، فعصر العولمة هو عصر تسقط فيه الحدود وتفتح فيه الأسواق، وهو عصر الشعارات كحقوق الإنسان والديمقراطية التي تأتي جاهزة من الخارج، وتسيس بها الدول حسب مصالحها، بالإضافة إلى حق التدخل وحق تقرير المصير التي هي مجرد شعارات فارغة . المحور الرابع: يتعلق بالهيمنة الاقتصادية وتبعاتها السياسية والثقافية على الوطن العربي، وهوجانب أتعرض فيه لنقد ظاهرة العولمة، فالهدف اقتصادي وهو بالتالي يؤثر في السياسة والثقافة والتبعية للغرب المسيطر. وفي ظل ذلك وانطلاقاً من أن الأحداث الدولية التي يشهدها العالم اليوم، أصبحت تؤثر في الحياة العربية، فقد عرضت للتحديات التي تواجه الثقافة والسياسة العربية أمام التحول العميق الذي أحدثته ثورة الاتصالات، وذلك من خلال عرض وتحليل عدد من الدراسات والبحوث المهمة المتعلقة بالدراسة ومن أهم النتائج التي توصلت إليها الباحثة ما يلي: العولمة ظاهرة تستهدف تحطيم الحدود الجغرافية والجمركية وتسهيل نقل الرأسمالية عبر العالم كله كسوق عالمية، مما يعني انفتاح الحدود الاقتصادية والتشريعات التي تسمح للنشاطات الاقتصادية الرأسمالية بتوسيع حقل عملها ليشمل العالم كله، فالعولمة هي حقبة التحول الرأسمالي العميق للإنسانية جمعاء في ظل هيمنة الدول الصناعية الكبرى وبقيادتها وتحت سيطرتها، وفي ظل سيادة نظام عالمي للتبادل غير المتكافئ، العولمة بذلك هي العملية التي عن طريقها تصبح الأسواق والإنتاج في الدول المختلفة معتمدة كل منهما على الأخرى بشكل متزايد بسبب ديناميات التجارة في السلع والخدمات وتدفق رأس المال والتكنولوجيا، وهي ليست ظاهرة جديدة، ولكنها استمرارية للتطورات التي تتابعت لفترة طويلة من الزمن. فقد مرت العولمة بعدة مراحل منذ بداية الكشوف الجغرافية، أهمها: مرحلة تطور الرأسمالية التجارية، ثم الرأسمالية الصناعية، وبعدها الرأسمالية المالية، تليها رأسمالية بعد الصناعة أو الثورة التكنولوجية، وهي التي بدأت تترسخ أكثر فأكثر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وتميزت هذه المرحلة بتطور في مجال البحث العلمي التطبيقي في التنمية الاقتصادية، ففي هذه المرحلة المتقدمة من تطور الرأسمالية تندرج العولمة باعتبارها مظاهر اقتصادية اجتماعية وسياسية لإنجازات علمية وتكنولوجية مثلت ثورة المعلومات وتكنولوجيا الاتصال روحها وعمودها الفقري، ولا تمثل الموجة قفزة نوعية في تطور وسائل الإنتاج فقط بل أيضاً مرحلة جديدة في مراحل الرأسمالية. فهنـاك ربـط بين تطورالـعلم والـعولمة، ولكن التقدم العلمي وسيلة وليس سبب العولمة، فالربط بين التقدم العلمي والعولمة يستهدف تحرير العولمة على أنها نتاج التقدم العلمي مثل أي إنجاز آخر، ويتجاهل بأن التقدم الـعلـمـي يجري في خدمة الرأسمال، والتقدم العلمي إنجاز كل البشرية في تاريخها الطويل لسعادة الإنسان وليس لـخـدمـة الـرأسمـال. كانت الثقافة العربية في تاريخها الطويل ثقافة حوار وتعاون وكانت بحكم موقعها الجغرافي منطقة لقاء الثقافات وامتزاجها، وكانت بحكم طبيعة العرب المنفتحة أخذاً وعطاءً ثقافة تعاون وتفاهم بين الشعوب، ومع التطور الفائق السرعة الذي حققته التقنية في مجال الاتصال بين الأمم والشعوب أصبح الحوار والتعاون لزاماً، يضاف إلى ذلك أن الثقافة تنمو وتزدهر كقيمة في الحضارة الإنسانية بقدر تفاعلها مع الثقافات الأخرى، وبما تقدمه لتفاهم الشعوب وتعاونها من إسهام في إغناء الحضارة. فقد أصبح عبور المجتمعات المعاصرة إلى الحداثة العالمية ضرورة حتمية، لا فرق في ذلك بين مجتمعات متقدمة ومجتمعات نامية ، قد يبدو عبء العبور بكل تكاليفه الاقتصادية والثقافية أسهل بالنسبة للمجتمعات المتقدمة التي خاضت اختبارات الحداثة منذ قرون، إذا ما قورنت بالمجتمعات النامية، فمعركة المجتمعات النامية تتطلب السعي لمحاولة العبور إلى العالمية في عصر العولمة، بكل ما تفرضه من شروط سياسية وقيود اقتصادية، فالنقل عن الحداثة الغربية يفتح الطريق أمام التبعية الثقافية ويكرسها ، فالانبهار بالعقل الغربي ومنجازاته، واحتقار العقل العربي ومنجازاته تقع في قلب الشرخ الثقافي الذي يعيشه الإنسان العربي اليوم. إن مراكز المعلومات وتكنولوجيا الاتصال هي التي تمتلك اليوم مفاتيح الثقافة، ولذلك نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في نشر ثقافتها عبر القارات والترويج لأفكارها وقيمها الثقافية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية، على حساب اكتساح الثقافات الوطنية واتباعها ضمن الحلقة الثقافية الأمريكية إن الحوار بين الثقافات لا يكون منتجاً إذا انغلقت الثقافات، فالبحث عن الهوية الثقافية لا يعني العزلة فكوننا جزءاً من هذا العالم الجديد وإدراكنا لحقيقة العولمة، تؤكد حاجتنا إلى تعزيز خصوصيتنا في مواجهة أخطار التبعية وإلغاء الهوية القومية، فلوسائل الاتصال الدور الأكبر في حماية الثقافة ونقلها وتغيرها أيضاً، كما أن للأفراد خصوصيتهم و كل شعب من شعوب العالم له ذاته القومية، ومن حق شعوب العالم أن يتم التعبير عنها وعن هويتها الثقافية ، حيث صارت وسائل الاتصال تهدد الهوية الثقافية في كثير من المجتمعات، فالدول الأكثر قدرة على امتلاك وسائل الاتصال، هي الدول الأكثر هيمنة ثقافية، وهي بالتالي تقوم بتصدير ثقافتها وتعمل على فرضها بطرق واضحة أو خفية، مما يدعو إلى نظام إعلامي جديد، والمقصود من هذا النظام الذي يدعو إليه الكثيرون مواجهة المواقف السلبية الناتجة عن أساليب الترويج والإعلانات التجارية، وتلافي العواقب الناتجة عن بعض الجوانب من هذا النوع من الإعلام، التي تنال القيم الثقافية والاخلاقية في مختلف المجتمعات. بدأت عملية احتكار المعلومات مع بداية الثورة الصناعية حيث كان الحرص على عدم انتقال التكنولوجيا من بلد لآخر، وفي وقتنا الحاضر أصبحت المعلومات عنصراً أساسياً لا غنى عنه في أي نشاط، فهي المادة الخام للبحوث العلمية، وهي الأساس والمحك الرئيس لاتخاذ القرارات الصحيحة في الوقت المناسب، ومن يملك المعلومات الصحيحة في الوقت المناسب يكون قد ملك عناصر القوة والسيطرة، إن توافر المعلومات يساعد على نقل خبراته إلى الآخرين واستيفائها من الآخرين ليستعين بها على إدارة شؤونه وتطوير وسائل إنتاجه وتمكنه من القدرة على القيام بإنتاجية مبتكرة ومتجددة ، فالوضع السيئ لاقتصاديات معظم البلدان النامية وتخلفها في مجالات أخرى كثيرة نابع من تخلفها في مجال المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات، وإن التحفظ وسوء الإدارة يعود جزء كبير منه إلى افتقاد هذه البلدان إلى عنصر المعلومات. ويرجع تأخر الدول النامية ومنها الدول العربية إلى افتقارها للحصول على المعلومات التي أصبحت سلعة خاضعة لقانون العرض والطلب الأمر الذي يتيح للشركات الكبرى التابعة للدول المتقدمة احتكارها وبالتالي تعمل على حجب المعلومات الهامة عن الدول النامية التي تحرص على بقائها مستوردة لمنتجاتها المصنعة والتي مصدرها الأساس هذه الدول النامية، إن لتكنولوجيا المعلومات عواقب سيئة ونتائج أخذت ملامحها تظهر وتزداد وضوحاً يوماً بعد يوم، فالتدفق الحر للمعلومات الذي تدعمه القوة الاقتصادية قد أدى إلى موقف عالمي أصبح فيه الاستقلال الثقافي لكثير من الدول يخضع للإنتاج الإعلامي وللمفاهيم التي تبثها قلة من الدول الكبرى التي تتحكم في اقتصادها اعتبارات السوق، والاتهام القائم هو أن مضمون البرامج الإعلامية قد استخدمت أداة هامة لتحقيق الاستراتيجيات الثقافية للدول الرأسمالية، بهدف مد نفوذ أنظمتها. أصبحت شبكة الإنترنت بما توفره من ثروة في المعلومات منبراً للتفاعل بين المستفيدين، فإمكانية الاشتراك في شبكة الإنترنت أصبحت سهلة للغاية، فالإنترنت لها من الإيجابيات بقدر ما لها من السلبيات، ففي إطار ربط العالم عبر الإنترنت في عالم القرية العالمية الصغيرة فإن الفرص أمام النخب العالمية للاتصال والتفاعل الإنساني سوف تزداد، وبالنظر الشامل إلى التطورات الهائلة في مجال الاتصالات سيقوم عصر الوسائط المعلوماتية بتغيرات أساسية منها دخول الحواسيب البيوت في أشكال متنوعة، فقد أصبح المنزل بؤرة اهتمام الشركات المصنعة للحوسبة والاتصالات، وكل هذه الإنجازات والمخترعات المتجددة والمتغيرة بسرعة تؤكد أن ثورة الاتصالات هي روح عصر العولمة وعمودها الفقري، ولا يمكن إدراك أبعاد هذه الثورة إلا بإدراجها في إطار أشمل هو الثورة التكنولوجية والعلمية بشكل عام. تختلط الأمور السياسية بالأمور الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً، وهي بالتالي تصب في الاتجاه نفسه ، فالعولمة السياسية هي انتهاء الحدود بين الدول بحيث تثأثر كل دولة بما يجري حولها من الدول، ولعل أهم سمة من السمات السياسية هو ترسيخ النظام العالمي الجديد، فالعولمة السياسية تعني نشر مفاهيم الديمقراطية الليبرالية وتعميمها وما يصاحب ذلك من رفض وإنهاء للشمولية في الحكم، وتبني التعددية السياسية والالتزام باحترام حقوق الإنسان، وكذلك استخدام الأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان في العالم، والحماية الدولية للأقليات، والتدخل الدولي الإنساني، وغيرها من آليات النظام العالمي الجديد. فقد أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية إمبراطورية بلا حدود، وذلك لما تملكه من قوى عابرة للقارات، سواء من النواحي العسكرية أو الاقتصادية أو السياسية أو الثقافية يساعدها كل ذلك قدرة اتصالية فائقة، ففي ضوء المستجدات والمتغيرات الدولية العالمية وجدت الإمبريالية الاستغلالية الأمريكية فرصتها في التمدد والهيمنة على كثير من مناطق العالم عموماً وعلى منطقتنا العربية خصوصاً متذرعة بأحدث الذرائع الزائفة تحت عنوان مقاومة الإرهاب، وجوهره مقاومة كل إمكانية أو حركـة تستهدف استنهاض عوامل القوة والتحرر الديمقراطي القومي، بمثل ما تستهدف تكريس تبعية شعوب هذه الأمة وتخلفها من جهة، وإعادة هيكلتها وتكييفها بما يضمن إلحاقها بصورة شبة مطلقة لسياستها في المنطقة بما يتوافق مع مستجدات المصالح الأمريكية الراهنة إن الشعارات الليبرالية التي تتعلق بتقديس مبدأ حرية السوق، باعتباره الحل لكل مشكلات الإنسانية، تحتاج إلى وقفة نقدية، فلا يكفي رفع شعارات الحرية السياسية والقناعة بسياسة اجتماعية تقوم على التأمينات أو برامج الدعم للطبقات الفقيرة، ذلك أنه حين تزداد الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وحين تستولي القلة على الجزء الأكبر من الدخل القومي، فإن المخاطر جسيمة على النظام السياسي ذاته، لأن الجماهير التي تتدهور أحوالها الاقتصادية لن تستكين إلى أوضاعها المتردية، ومن ثم فالاستقرار السياسي وهو ضرورة أساسية لأي نمو أو تنمية يمكن أن تقضي عليه تحركات الجماهير المحبطة. ففي المجال السياسي تتجسد نظرية حقوق الإنسان في شكل الديمقراطية التي يريد الغرب فرضها في كل مكان، ولا يوجد من ينازع في أن الديمقراطية شكل متطور من أشكال الحكم، إلا أن الديمقراطية كما نعرفها اليوم هي صناعة أمريكية، ولدت في مجتمع غربي نتيجة لتطورات طويلة في التاريخ الغربي، إن حقوق الإنسان والديمقراطية نظريات واعدة لا تخلو من مزايا، ولكنها تحتاج إلى عنصر أساسي وهو الاحترام المتبادل، فلكي تنجح العولمة لا بد أن تحترم الشعوب بعضها بعضاً وينتفي مطلب البقاء للأقوى. إن الـدولـة الـمعـاصرة غير قـادرة بمفـردهـا علـى السيطرة على بعض الظواهر مثل الشركات العالمية، والأقمار الاصطناعية والمشاكل العالمية، والأسواق المالية العالمية، حيث إن هذه الظواهر لا يمكن حصرها ضمن فضاء إقليمي يمكن أن تمارس الدولة عليه سلطة حصرية، كما أن التقدم المذهل في تقنيات الاتصالات أدى إلى تدفق الأفكار والمعلومات بين المجتمعات بعيداً عن سيطرة الدولة، مما قلل من سلطتها على اللغة والتعليم والثقافة، إن سلطة الدولة في الحفاظ على قيم المجتمع وتقاليده وأعرافه، والتعبير عنها على النحو الذي يؤكد وجود هوية حضارية متميزة تعمق انتماء المواطن لدولته في مواجهة الآخر، غير أن وظيفة الدولة الثقافية قد تآكلت بفعل تسارع آليات الاتصالات الدولية بفعل العولمة، وأصبح المواطن عرضة لأشكال متنوعة من قيم وتقاليد وأعراف أجنبية عنه. وكل هذا من شأنه تطويع الطابع القومي لشعوب العالم النامي لمقتضيات العولمة وللآليات التي تفرضها قوى السوق، بشكل يخلق نماذج استهلاكية مشوهه، ويفرز قيماً تتعارض مع ثقافة المجتمع، فالتحدي الرئيس أمام العرب اليوم هو كيفية تغير أو ما الذي ينبغي فعله حتى تغيرموقعها من العولمة، وبالتالي تغير دورها فيه من مجرد تابع إلى عنصر فعّال. إن المعركة الحقيقية لا تكمن في مواجهة العولمة كعملية تاريخية، وإنما ينبغي أن تكون ضد نسق القيم السائد الذي هو إعادة لنظام الهيمنة القديم، وهنا ينبغي تحديد طبيعة المعركة في النضال للقضاء على ازدواجية المعايير في تطبيق حقوق الإنسان، وعدم فرض نموذج النظرية الغربية كنموذج أوحد للديمقراطية، وإتاحة الفرصة للشعوب لكي تمارس حقها السياسي، فهناك ضرورة لتقنين حق التدخل، حتى لا يشهر كسلاح ضد الشعب العربي، كـمـا أن قـضية حل الصراعات بأسلوب سلمي، وتحقيق السلام العالمي، وإعادة النظر في مفهوم التنمية على المستوى العالمي، كل هذه الميادين تحتاج إلى نضالات متواصلة لضمان صياغة نسق قيمي عالمي يحترم حرية الشعوب، ويسهم في تقدمها في ظل حضارة إنسانية جديرة بالتحقق، إن الفجوة في المعرفة تتسع بيننا نحن العرب وبين الدول المتقدمة، فنحن ما زلنا في مجال استهلاك المعرفة ولم نعبر بعد إلى مجال المعرفة، ومن ثم لا بد من سياسات فعّالة لضمان الاستهلاك المنتج للمعلومات المتاحة، حتى يكون ذلك مجرد خطوة تجاه الإسهام في إنتاج المعرفة المعاصرة، إن صناعة المستقبل لا يمكن أن تكون حكراً على الدول المتقدمة، بل لا بد من أن نساهم في صنعها من خلال عملية نشيطة وفعّالة لحوار الحضارات نقدم فيها صورة إيجابية وخلاقة لحضارتنا . إن هيمنة العولمة على النظام الاقتصادي الدولي وقلق كثير من الدول النامية ومنها الدول العربية، من عدم تعبئة مجتمعاتها التعبئة الشاملة والحقيقية لمواجهة الاحتياجات المستقبلية ، يؤكد أن تطبيق مبادئ التنمية المستدامة هو الطريقة الصحيحة والأكثر فاعلية ؛ لأن الاهتمام برأس المال البشري وزيادة قدرته على التكيف مع التطورات التكنولوجية العملاقة من أهم عوامل الاستفادة من العولمة بدلاً من التخوف من سلبياتها، فليس هناك من بديل أمام الدول العربية في أن تكاملها في الاقتصاد العالمي في المدى الطويل، ونجاحها في تحقيق ذلك يتوقف على قاعدة من الموارد البشرية القادرة على التنافس، حيث تُعَدّ المعرفة عنصراً جوهرياً من عناصر الإنتاج ومحدداً أساسياً للإنتاجية، فقد أصبح تمايز الاقتصاديات يرتكز على مستوى التقدم العلمي والتكنولوجي، كذلك يجب الاهتمام بزيادة الإنفاق على البحث والتطوير العلمي، إذ لا سبيـل للأمة العربية في البقاء والحفاظ على قيمها وثراثها وهويتها العربية والإسلامية إلا بالعلم . إن الأمة العربية بكل أقطارها وتفرعاتها المصطنعة تشكل اتفاقاً خصائصياً من حيث القيم والتقاليد والتاريخ والدين واللغة، أي إنها تمثل نموذجاً فريداً يجعل من السهل عليها واليسير أن تقيم سياسة ثقافية إعلامية تقيم بعض الحواجز ضد الاختراقات الاستغلالية الغربية، التي تستهدف كيان الأمة وخصائصها القيمية والثقافية، ومحاولة طمس الهوية والذاكرة التاريخية للأمة العربية، وتحصنها ولو جزئياً من أنماط وسلـوكيات الحياة الغربية والأمريكية التي أصبحت جوهر العولمة ، إن العولمة الأمريكية تسعى جاهدة ودون أي تهاون إلى اختراق الأمة العربية مستخدمة كل الوسائل: إعلامية وثقافية وسياسية، وعلينا التسليم أن العولمة تؤدي إلى وجود رابحين كما تؤدي إلى وجود خاسرين، وغير مستفيدين منها، فلا بد من اتخاذ الإجراءات والاحتياطات التي تخفف من حدة اللامساواة الحاصلة من العولمة. إن حماية ثقافتنا رهينة بمدى رغبتنا نحن في العمل على انعاشها والاستفادة من معطيات العولمة والتفاعل معها أخذاً وعطاءً، لا رفضاً وسلباً، فالوصول إلى رسم سياسة عربية تربوية وثقافية موحدة في إطار رؤية عربية للتنمية الشاملة أصبح اليوم أمراًً حتمياً، سياسة تجمع بين القيم الأصيلة في حضارتنا العريقة والقيم الإنسانية الكبرى في الحضارة البشرية كالحرية والمساواة بين البشر وتوفير المناخات الملائمة للنهوض بالإنسان.
أسماء أحمد الحميدي(2008)

عبد الرحمن بدوي ومشروعه الوجودي

وبتوفيق من الله انتهيت من إعداد هذا البحث المتواضع، وقد توصلت من خلاله إلى النتائج التالية: الوجودية أخذت تسميتها من مصطلح الوجود، وهذا أعطاها نوعاً من الهلامية، والصعوبة في التعريف والتعين، وتكمن أيضاً الصعوبة في التعريف في رفض بعض فلاسفتها لهذه التسمية، كما رفض تحديد تخصصه وحصره في ميدان ضيق، كما رفض المذهبية، أو أن توصف الوجودية بالمذهب. وهذا ما نراه واضحاً جلياً في فلسفة رائدها الأول(كيركجور). إن الوجودية كان لها طابع مميز، فهي مثلاً بحثت في بعض التجارب العميقة المتعلقة بالإثم، والخطيئة، واليأس، والقلق، والموت. . . الخ، وقد واجهت جميع الاتجاهات الوجودية في (الأربعينيات، والخمسينيات) من القرن (العشرين) هذه المشكلة. فنجد (هيدجر) على سبيل المثال يتحدث عن الحياة الزائفة، و(ياسبرز) يتحدث عن المواقف المقيدة. و(مارسيل) عن الوجود، والملك، واليأس، كما تميزت بطابعها النقدي، أو طابع الرفض والثورة. الوجودية كفلسفة أول من استعملها في مضمون فلسفي في الساحة العربية هو الفيلسوف (عبد الرحمن بدوي)، وقد اطلعنا على سيرة (بدوي) الذاتية التي أراد لها أن تكون وصيته الفلسفية الأخيرة فإنها لم تكن تجميعاً للحقائق اللازمة؛ بل أحداثا مأخوذة بالزمن متتابعة التواريخ، وهذه التسلسلية هي أسلوب أو مستوى تنظيم لحياته على إطار الزمن فليس الزمن عنده مجرد تسلسل؛ إنما الزمن عنده تكتسي فيه الأحداث مظهر التجربة المعيشية ذات البداية، والوسط، والنهاية، وتؤكد أن لهذه التجربة معنى وواقعية، وتستمر هذه المعاني على مدى أجيال زمنية متعاقبة. تكمن أهمية فلسفة بدوي في إثبات القيمة الكبرى للإنسان، واعتبار الإنسان محوراً أساسياً متفرداً، بعيداً عن التصوير التقليدي للفلسفات التي كانت تبخس حق الإنسان وتجعله مستسلماً للغيب والقدر وللآخرين أيما كانت صفتهم؛ بل يصور الإنسان على أنه كائن فاعل له دور كبير في هذا العالم الذي ألقي فيه صدفة – مع تحفظنا على هذا المعنى – دون إرادة منه أو قرار، وأن الإنسان قادر على تطويع المشكلات وإيجاد الحلول، وخلق قيم للخير والجمال. يقول (بدوي) كما هي الوجودية بالفردانية، وأن الإنسان عالم قائم بذاته، وقلعة محصنة من الفردانية، والإرادة، والحرية، وعلى حد قول الشاعر: وتحسب نفسك جرماً صغيراً وفيك انطوى العالم الأكبر فالوجود هو الوجود الفردي، والذات هي الأنا المريد المتواجدة بين الإمكان والواقع، أو من الإمكان إلى التحقيق، وهذا الوجود زمانياً في جوهره وبطبيعته فأصبح الكائن زمانياً لا مجرداً ولا صورياً، ذاتياً لا موضوعياً، جزئياً لا كلياً فردياً لا عاماً، فردياً في النوع لا العدد، وجوده أسبق من ماهيته، وجوده الفعلي هو وجوده حاضراً هنا الآن، وبالتالي فلا وجود إلا مع الزمان وبالزمان وما ليس بمتزمن بزمان فلا يمكن أن يعد وجوداً. انتقدت الوجودية ووصفت باللأخلاقية إلا أنها لم تكن ضد الأخلاق أو تنكر وجودها إلا أن الأخلاق الوجودية قائمة على موقف (الإنية) أو(الذات المريدة)، فالفرد هو صاحب الموقف والخالق للقيمة، والسلوك الأخلاقي قائم على الحرية الشخصية. يعلن بدوي صراحة أنه من غير الممكن قيام أخلاق وجودية، ويقيم نسقه الأخلاقي على أساس الفعل الدائم أياً كان نوعه ونتائجه، هذا الفعل النابع من فعل الأمر: " أفعل ما شئت مادام جديداً ! وما أحرانا أن نستلهم القيمة العملية في فلسفة بدوي من أجل إصلاح الإنسان في أمتنا، والنهوض به نحو مواطن الإبداع والحضارة، وأحسب أن في ذلك إحياءً حقيقياً لتراثنا العربي المعاصر وامتداداً لمشروع النهضة العربية القائم على الواقع وتغييره نحو الأفضل، متمثلاً في الفعل الإنساني فإن لم يخطيء الإنسان فلن يصيب، ولهذا لا يجب أن يتوقف عن الفعل أبداً بل يستمر إنساناً فعالاً مدى حياته ساعياً بفعله نحو اكتمال ذاته ووصوله إلى الإنسان الكامل. وفي النهاية أقول أن فلسفة بدوي إسهام يستهدف الحقيقة بشمولها، يبقى دون الكمال، غير أنه يرسي الأساس لمشاريع أبحاث أخرى تستكمل المحاولة، وتثري حقيقة تاريخية يجري بناؤها، لبنة لبنة، وخطوة خطوة. وانتهى بحمد الله، وإن كان في بحثي هذا تقصيرُ، فإني مدركة لما أنا عليه من قصور، فالقصور من عندي، وإن حاز القبول فبفضل من الله وحده وهو وحده ولي النعمة والفضل. . . (ربنا لا تؤاخذنا، إن نسينا أو أخطأنا)، وعلمنا ما ينفعنا، وأنفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، إنك على كل شيء قدير. سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم والحمد لله وكفى وسلاماً على عباده الذين اصطفى.
فوزية منصور محمد(2008)

إشكالية اللغة عند أبي الفتح عثمان بن جني دراسة فلسفية لكتابه "الخصائص"

هذه الدراسة تناولت شخصية تراثية من رجالات القرن الرابع الهجري الذي يعد من أخصب القرون العلمية وأنضجها، عرف أهم أقطاب العلوم اللغوية، وأهم نقاد الأدب وعلماء البلاغة والبيان، وأقطاب المتصوفة والفقهاء والمتكلمين والفلاسفة، وكان شيخنا ابن جِنِّي من أبرزهم ثراءً عقلياً وأجرأهم علماً ونقداً، والباحث في مصنَّفاته يقف على جملة من الحقائق ومجموعة من الأفكار والتي لها صداها إلى يومنا هذا خاصةً تلك التي تتعلق بعلم اللغة العام، وبنظرته الفلسفية التي تتصل بالتقعيد والتعليل، والتي يمكن أن استنتجها من هذه الدراسة هي الآتية: شخصية أبي الفتح عثمان ابن جِنِّي امتازت باختراعات علمية صارت لدى كثير من الباحثين في الحقل اللغوي وصور الاستدلال والاستنباط مثلاً للشخصية اللغوية في مختلف مراحل تاريخ علوم اللغة والتي نصبها للذود عن لغة القرآن الكريم، ومحاربة كل طاعن في هذه اللغة الشريفة. إن مشروعاً كمشروع الخطاب التأصيلي لشيخ العربية نجده مشروعاً فكرياً فيه توازن وتوافق بالتمسك بنصوص اللغة ونضدها حسب ما تجود به النظرة العقلية التي يقتضيها مقام التناول. حرصه على لغة العرب، قام برحلات – قدوة بأسلافه– يجمع اللغة ويخالط الأعراب، وكان لا يأخذ من أحد حتى يمتحنه ويسبر طبيعته وسجيته، خاصةً مع أولئك الذين لم تفسد لغتهم بمخالطة أهل الحضر قرب مُدُنهم وقُراهم، ومن هنا كانت له سعة بالرواية. كان شيخنا واسع الدراية في اللغة وجاء هذا وفق منهجه في العودة إلى التراث والأخذ من أسلافه النحويين واقتفاء أثرهم، ولكن مع هذا لا يحرج في نقدهم إذا استوجب النقد. فتح باب الاجتهاد في اللغة، خاصةً مع الحُذّاق المتقنين الذين يتوفر فيهم شروط الاجتهاد. نظرته إلى اتساع لغة العرب وقبولها للوافد الأجنبي حسب مصالح أهل اللغة وحاجاتهم المختلفة، فهو يرى أننا نملك اللغو قياساً كما تملكنا سماعاً ونصاً، لذا نجده يناصر مقولة: ((ما قيس على كلام العرب فهو من كلام العرب)) إلى جانب شجاعة العربية في الحذف وأنواعه، والإيجاز والاختصار. نظرية اتساع لغة العرب وقبولها للوافد الأجنبي، طرحتها مثالاً مُوَظفاً في معالجة إشكالية التطور اللغوي بوصفه تطوراً حتمياً مطلقاً حسب أصول المنهج الغربي للغة على مستوى الحداثة والمعاصرة، والرأي الذي استنبطه من خصائص ابن جِنِّي والذي يرى فيه أن سنة التطور في لغة العرب محكوم بضوابط وقوانين. الإشارة أعلاه استنبطت منها أن العرب يقفون إلى جانب الفصحى، ويروْن في حفظها وصونها من التردي واجباً دينياً ومسئولية حضارية، ولا يُعيرون اهتماماً للغة الطبيعية أو الدارجة، وهذا على خلاف الغرب الذي يعولون على اللغة الطبيعية، في بحوثهم اللغوية وتحليلاتهم الفلسفية، في نفور من اللغة المثالية (الفصحى) التي تسبب ارتباكاً لهم. أرى أن المعاصرة هي من صيغة مفاعلة ومشاركة، لا تقليد واتباع، ويمكن تحديث تراثنا ومعاصرته بما يفرضه عصرنا الذاتي وعصر الآخر بموضوعيه، فيها "وسطية" القبول لذاتنا وللآخر، بدون ذوبان وتميع بين الطرفين، ولنا في ابن جِنِّي مثالاً. تقرر عندي أن خطاب ابن جِنِّي، واضح وبين من جانب الطرح النظري على الرغم من الإطناب والتكرار، ولكن يعوزه الوضوح حول الجانب التطبيقي المتعلق بالأدلة العملية في الأمثلة التي كان يمثلها من قضايا الصرف وحدها، فجعل هذا الجانب كثيراً ما يكون محاط بالغموض والتقعيد، لصعوبة هذا المكوِّن وتشابكه وتداخله مع المكوِّنات الأخرى، بقدر تشابك وتداخل الظاهرة اللغوية في ذاتها، لذا نجد ابن جِنِّي يكرر أمثلة العملية في أكثر من موقف ويضفي عليها صوراً أخرى حسب بغيته من الطرح الذي يسعى إليه. وهذا التشابك والتداخل جعل ابن جِنِّي ينزع إلى حل الإشكالات عن طريق "الوسطية" وهي مرتقى صعب حسب رأيي.
أحمد ميلاد حيدر(2007)

الخطاب الفلسفي بين الغزالي وابن رشد " دراسة تحليلية مقارنة "

في نهاية هذا البحث أرى أنه من الضروري عقد مقارنة بين رأيي الغزالي وابن رشد قبل ذكر نتائج هذا البحث . أولاً: نقاط الإتفاق والإختلاف بين الغزالي وابن رشد : نقاط الإتفاق : يتفق ابن رشد والغزالي في طريقة عرض المسائل والموضوعات، فكما عرض الغزالي آراء المشائين، وفند أدلتهم للرد عليها ؛ كذلك فعل ابن رشد في كتابه حين عرض لأراء الغزالي وفندها للرد عليها أيضاً محاولاً الدفاع عن موقف سلفه من المشائين. كما يذهب الغزالي في الدليل الأول من المسألة الأولى إلى القول بجواز تراخي المفعول عن إرادة الفاعل ولا يجيز تراخيه عن فعل الفاعل المختار، نجد ابن رشد يسلم معه بالقول بذلك إذ يقول: " وتراخي المفعول عن إرادة الفاعل، جائز، وأما تراخيه عن فعل الفاعل له، فغير جائز . "(1) يتفق كل منهما في القول بأن تقدم الباري سبحانه وتعالى على العالم ليس تقدماً زمانياً، إذ لو كان القول بذلك غير صحيح لكان هناك فاصل بين الله والعالم هو الزمان وكان قبل الزمان الذي وجد فيه العالم زمان، وهكذا تتسلسل إلى مالا نهاية له وهذا محال . لذا ذهب الغزالي إلى القول بأن: (( . . . الزمان حادث ومخلوق وليس قبله زمان أصلاً، ومعنى قولنا: إن الله متقدم على العالم والزمان، أنه سبحانه كان ولا عالم ثم كان ومعه عالم، ومفهوم قولنا: كان ولم يكن معه عالم، وجود ذات الباري وعدم ذات العالم فقط ؛ ومفهوم قولنا: كان ومعه عالم، وجود الذاتين فقط فنعني بالتقدم انفراده بالوجود فقط ؛ والعالم كشخص واحد، ولو قلنا: كان الله ولا عيسى مثلاً ثم كان وعيسى معه، لم يتضمن اللفظ إلا وجود ذات وعدم وجود ذات، ثم وجود ذاتين، وليس من ضرورة ذلك تقدير شيء ثالث. ))(2) . ويقول ابن رشد: (( . . . فتقدم أحـد الموجودين على الآخر أعنى الـذي ليس يلحقه الزمان ؛ ليس تقدماً زمانياً، ولا تقدم العلة على المعلول اللذين هما من طبيعة الموجود المتحرك، مثل تقدم الشخص على ظله، ولذلك كل من شبه تقدم الموجود غير المتحرك على المتحرك بتقدم الموجودين المتحركين أحدهما على الثاني فقد أخطأ، وذلك أن كل موجودين من هذا الجنس، هو الذي إذا اعتبر أحدهما بالثاني، صدق عليه أنه: إما أن يكونا معاً، وإما أن يكون متقدماً عليه بالزمان، أو متأخراً عنه، والذي سلك هذا المسلك من الفلاسفة هم المتأخرون من أهل الإسلام ؛ لقلة تحصيلهم لمذهب القدماء. ))(1) -يسلم ابن رشد بما ذهب إليه الغزالي من أن الأمر الثالث الذي يتصوره الفلاسفة ( الزمان ) ما هو إلا من عمل الوهم وليس له وجود بذاته ولا له وجود خارج النفس، فالزمان: (( نسبة لازمة بالقياس إلينا . . . ))(2) إذ هو شيء يفعله الذهن في الحركة، والحركة لا يمكن إبطالها، والزمان كذلك ولا يمتنع وجود الزمان إلا مع الموجودات التي لا تقبل الحركة، وأما تقدير وجود الموجودات المتحركة فلا ينفك عنها الزمان ضرورة وهذا ما أوضحه ابن رشد بقوله: (( إن الموجود نوعان: أحدهما من طبيعته الحركة والآخر ليس من طبيعته الحركة . . . ))(3) . يتفق الفيلسوفان في القول بأن تعدد الأنواع والأجناس يوجب التعدد في العلم وأن عقلنا الإنساني يستمد علمه من الموجودات الجزئية لأنه (( عقل منفعل ومعلول ))(4)، أما علم الله فهو (( فعل محض وعلة ؛ فلا يقاس علمه على العلم الإنساني ))(5) . وفي المسألة الثالثة يتفق كل منهما في القول أن النفس لا تفنى بفناء الجسد وإنما تبقى بعد الموت، كما دلت عليه الدلائل العقلية والشرعية وإنه لا بد من الإيمان بعودة النفوس إلى أمثال أبدانها لا عين أبدانها وهذا ما عبر عنه الغزالي بقولـه: (( . . . لأنه مهما انعدلت الحياة، فاستئناف خلقها، إيجاد لمثل ما كان، لا لعين مـا كان، بل العود المفهوم، هو الذي يفرض فيه بقاء شيء، وتجدد شيء، كما يقال فلان عاد إلى الإنعام أي أن المنعم باق، وترك الإنعام، ثم عاد إليه، أي عاد إلى ما هو الأول بالجنس، ولكنه غيره بالعدد، فيكون عوداً بالحقيقة إلى مثله، لا إليه، ويقال: فلان عاد إلى البلد، أي بقي موجوداً خارج البلد، وقد كان له كونٌ في البلد، فعاد إلى مثل ذلك. . . ))(1)، وأيده فيه ابن رشد بقوله: (( وأن يضع أن التي تعود هي أمثال هذه الأجسام التي كانت في هذه الدار لا هي بعينها، لأن المعدوم لا يعود بالشخص، وإنما يعود الموجود لمثل ما عدم، لا لعين ما عدم . . . ولذلك لا يصح القول بالإعادة، على مذهب من اعتقد من المتكلمين أن النفس عرض، وأن الأجسام التي تعاد هي التي تعدم، وذلك أن ما عدم ثم وجد، فإنه وجد بالنوع، لا واحد بالعدد، بل اثنان بالعدد . . . ))(2) نقاط الاختلاف : الاختلاف في النشأة، حيث يوجد اختلاف كبير بين الفيلسوفين وظروف عصريهما : - فبينما كانت حياة الأول منذ بدايتها حياة فقر وزهد، وسعى لطلب العلم في مختلف المجالات وفي أي مكان، كانت حياة الثاني حياة هدوء وسكينة، فقد نشأ في بيت جاه، وكان طلبه للعلم ميسراً، فلم يحتج إلى السفر إلى أي مكان لتحصيل العلم ؛ بل درس الفقه والطب والفلسفة في قرطبة مسقط رأسه . الإختلاف في الفكر : بينما اتجه فكر الغزالي إلى التصوف والدفاع عن الدين والعقيدة الإسلامية الصحيحة، اتجه فكر ابن رشد إلى الفلسفة مدافعاً عنها وعن فلاسفتها المشائين . الإختلاف في المسائل الثلاث : يرى الغزالي ليس استحالة تأخر المعلول عن علته في الموجَب والموجِب الضروري الذاتي فحسب بل في العرفي والوضعي أيضاً، وقد مثل لذلك بمسألة الطلاق(1)، بينما نجد ابن رشد يرى أن الأمر في الوضعيات ليس كالأمر في العقليات إذ (( لا نسبة للمعقول، من المطبوع في ذلك المفهوم إلى الموضوع المصطلح عليه ))(2) . وفي حين يرى الغزالي أن كل ما هو مدرك بمعرفة أولية يجب أن يعترف به جميع الناس، يرى ابن رشد أنه ليس من شرط المعروف بنفسه أن يعترف به جميع الناس لأنه ليس أكثر من كونه مشهوراً، ولا يلزم فيما كان مشهوراً أن يكون معروفاً بنفسه . بينما يذهب الغزالي إلى القول بنسبية حركة الأفلاك، وتقسيمها إلى شفعية ووترية، يرى ابن رشد أن هذا لا ينطبق إلا على الأمور المحدثة ذات البداية والنهاية ولا يصح البتة إطلاقه على ما لا نهاية له لأن المحدث وحده يخضع للتجزئة والتقسيم كما أنه لا يسعنا أن نفترض وجود اللحظة الأولى التي تحرك فيها العالم، وبما أن الزمان هو مقياس الحركة، والحركة الأزلية ناشئة عن العالم، فإن العالم الذي صدرت عنه الحركة أزلي أيضاً . يرى الغزالي، بأن أخد أحد الشيئين المتماتلثين هو تمييز الشيء عن مثله(3)، نجد ابن رشد يرى أن أخذ أحد الشيئين المتماتلثين ليس تمييز الشيء عن مثله، (( وإنما هو إقامة المثل بدل مثله، فأي منهما أخذه بلغ مراده، وتم له غرضه، فإرادته إنما تعلقت بتمييز أخذ إحداهما عن الترك المطلق، لابأخذ أحدهما وتمييزه عن ترك الآخـر . ))(4)هـ-بينما يتفق – الغزالى وابن رشد – فى القول بأن تقدم البارى سبحانه وتعالى على العالم ليس تقدماً زمانياً، نجدهما يختلفان فى نوع التقدم ففي حين يقول الأول: بأن تقدم الأول على التانى تقدم بالذات. يقول الثـانى: بنوع آخر من التقدم دون أن يحدد هذا النوع من التقدم إذ يقول: (( فإذن تقدم أحد الموجودين على الآخر هو تقدم الوجود الذى هو ليس بمتغير ولا فى زمان على الوجود المتغير الذى فى الزمان، وهو نوع آخر من التقدم . ))(1) في الدليل الثالث بينما يسلم الغزالي - من أجل إثبات حدوث العالم - بأن العالم قبل وجوده كان له إمكانات غير متناهية بالعدد إذ يقول: (( العالم لم يزل ممكن الحدوث، فلا جرم ما من وقت إلا ويتصور إحداثه فيه . . . ))(2)، ومعنى ذلك هو أن يكون قبل هذا العلم عالم وقبل العالم الثاني عالم ثالث وغير ذلك إلى غير نهاية له، نجد ابن رشد يبطل ذلك، فيرى أنه من المحـال أن يكون قبل هذا العالم عالم آخر وهكذا إلى غير نهـاية له، لأن ذلك (( يلزم أن تكون طبيعة هذا العالم طبيعة الشخص الواحد الذي في هذا العالم الكائن الفاسد، فيكون صدوره عن المبدأ الأول بالنحو الذي صدر عنه الشخص، وذلك بتوسط متحرك أزلي و حركة أزلية، فيكون هذا العالم جزءاً من عالم آخر، كالحال في الأشخاص الكائنة الفاسدة في هذا العالم، فبالإضطرار إما أن ينتهي الأمر إلى عالم أزلي بالشخص، أو يتسلسل، وإذا وجب قطع التسلسل، فقطعه بهذا العالم أولى، أعني بإنزاله واحداً بالعدد أزلياً ))(3) . بينما يرى الغزالي في الدليل الرابع أن الإمكان والإمتناع والوجوب (( قضايا عقلية لا تحتاج إلى موجود حتى تجعل وصفاً له . . . ))(1)، إذ لو احتاج الإمكان إلى وجود شيء لاحتاج الإمتناع إلى وجود شيء يضاف إليه، وكذلك نفوس الآدميين المجردة، وكذلك السواد والبياض، نجد ابن رشد يؤيد رأي الفلاسفة ويقول بقولهم : إن الإمكـان يستدعي شيئاً يقوم به هو المحل القـابل للشيء الممكن، وهذا بين عنده لأن المعقولات الصادقة لابد أن تستدعي أمراً موجوداً خارج النفس . فعند قولنا بأن ذلك الشيء ممكناً يقتضي شيئاً يوجد فيه هذا الإمكان، وأن الممتنع كالممكن أيضاً لابد له من موضوع وهذا بين أيضاً عنده لأن الممتنع والممكن متقابلان، والأضداد المتقابلة لابد لها من شيء، وبما أن الإمكان يستدعي موضوعاً، فإن الإمتناع الذي هو سلب الإمكان يستدعي موضوعاً أيضاً، ويضرب مثلاً لذلك فيقول (( فإن وجود الأبعاد المفارقة ممتنع خارج الأجسام الطبيعية أو داخلها ونقول: إن الضدان ممتنع وجودهما في موضوع واحد، ونقول: إنه ممتنع أن يوجد الإثنان في واحد . . . ))(1) يختلف كل منهما عن الآخر في أمر الإمكان هل هو أمر ذهني أم له وجود خارج النفس، فبينما يذهب الغزالي إلى القول أن الإمكان أو أن الأمر الكلي أمر ذهني لا وجود له في الخارج، يذهب ابن رشد إلى القول أن الإمكان له وجود في الخارج لأنه نابع عن جزئيات موجودة خارج النفس(2) . بينما يرى الغزالي أن العلم شيء والمعلوم شيء آخر، فالمعلوم يطلق على الشيء الموجود، ويطلق العلم على إدراك هذا الشيء، بحيث لو فقد العلم أو لم يدرك الشيء لم يفقد المعلوم، يرى ابن رشد أن العلم والمعلوم شيء واحد . أما فيما يتعلق بمسألة الجزئيات، يرى الغزالي أن تعدد الأنواع والأجناس تقتضي تعدداً في العلم كما تقتضيه الأشخاص المتعددة(3)، في حين يقول ابن رشد: أن علم الأنواع والأجناس الثابتة ثابت أيضاً ولا يوجب تغيراً، أما فيما يختص بقيـاس علم الأشخاص بعلم الأنواع فيقول الغزالي بأن العلم في كليهما علم واحد بينما يرى الخصم ابن رشد أنه قياس لا طائل تحته لأن هذين العلمين مختلفين والإشتراك اسمى وبمعنى التعدد، وفـي هذا يقول: (( . . . إنمـا يجتمعان: أعني الكلية والجزئية في ثانياً: النتائج : بعد هذه الرحلة الطويلة من الإطلاع والقراءة تبدى للباحثة حقائق ونتائج منها: إن كل خطاب فكري لا ينشأ طفرة بل لابد له من مرتكز ومستند فكري وسياسي واجتماعي يمكّنه منأن ينحو المنحى الذي يطبعه ويميزه . على الرغم من موقف الغزالي الشديد من الفلسفة والفلاسفة إلا أنه لا يخفى أنه لم يسع إلى هدم الفلسفة كمنهج من مناهج العقل، أو أنه حارب الفلسفة من حيث هي علم تفسير بل إنه حارب التيار الهيليني الوثني المجافي لروح الإسلام، وأكبر دليل على ذلك هو تأليفه في الفلسفة كتابيه المشهورين " مقاصد الفلاسفة، و تهافت الفلاسفة "، وعلى الرغم من أنه كان يقصد بكتابيه الرد على الفلاسفة، وبيان تهافتهم إلا أن النقد والرد عليهم يعتبران فلسفة في حد ذاتها، وذلك أنه استخدم نفس الآلة التي استخدموها وهى العقل . من خلال اطلاعنا على كتاب تهافت الفلاسفة نستطيع أن نتبين الآتي : إن هدف كتاب تهافت الفلاسفة هو إظهار العقل بمظهر العاجز عن اقتناص الحقائق الإلهية، ولهذا، يحاول الغزالي فيه أن ينتزع ثقة الناس من العقل كمصدر تتعرف منه المسائل الإلهية ولكن الغزالي إذ يحاول، تقييد سلطة العقل يتخذ من العقل نفسه مطية للوصول إلى هذه الغاية . فإذن عمله هذا هو محاولة عقلية لإثباث قصور العقل في ميدان الإلهيات، وشهادة بأن العقل حدّاً يجب الوقوف عنده. إن الغزالي في سلوكه مع الفلاسفة لم ينحرف بآرائهم عن وضعها الصحيح، بل إنه قد أظفى عليها إشراقاً وصفاء . عرضه لأدلة الفلاسفة في صورة دقيقة وواضحة . إن ابن رشد حين دافع عن موقف الفلاسفة إنما اختار لنفسه جانباً خاصاً يمكن أن نجمله في الآتي : -قبوله ما رآه صحيحاً من الأدلة التي تقدم بها الغزالي في كتابه ذاكراً أنها أدلة الفلاسفة لمذهبهم ورفض مالا يراه صحيحاً منها . الرد على ما وجهه الغزالي من اعتراضات على تلك الأدلة . التقدم بأدلة أخرى لتأييد رأي الفلاسفة . إن كتاب تهافت التهافت ليس مخصصاً للبرهنة بل لرد هجوم الغزالي، وبيان أن أكثر ما جاء به لا يرتفع إلى مرتبة اليقين والبرهان، بل كلها معارضات سفسطائية مشوشة كما يقول . كتب ابن رشد كتابه تهافت التهافت للرد على كتاب الغزالي السابق الإشارة إليه، وعلى كل من هاجموا الفلاسفة والفلسفة وأكد منذ البداية على أن من واجب الجميع أن يحترموا الفلسفة ويقدروا الفلاسفة، حتى إذا ما اختلفنا معهم أو حتى إذا أخطأوا، فالواجب فيما يرى ابن رشد أن لا ننكر فضلهم في النظر العقلي، فلو لم يكن لهم إلا صناعة المنطق لكان واجباً علينا وعلى جميع من عرف هذه الصناعة أن يشكرهم عليها وأن يستفيد منها . أما فيما يتعلق بالمسائل التي أخذها الغزالي على الفلاسفة فقد رد عليها ابن رشد مسألة بعد أخرى، مؤكداً أنه من الضروري فيما يتعلق بفكرة الألوهية أن نخاطب الناس على قدر عقولهم وأن نميز بين تصويرين متميزين، أحدهما للعامة والآخر للخاصة، الأول خطابي والآخر برهاني، وقد عاب على المدارس الكلامية أنهم بلبلوا أذهان العامة وعقدوا الأمور على الجماهير، كما عاب على الغزالي أنه كشف في تهافته عن أمور كان الأولى أن تقتصر على الخاصة وألا يشغل بها العامة. إن اسم الكتاب (تهافت التهافت) لا يحمل في طياته مجرد الدلالة على الكتاب فقط بل على موضوع الكتاب، والبواعث التي دفعته لتأليفه، ففيه يقلب الحقائق على مختلف وجهاتها، فيكشف عن مقاصد الفلاسفة حيناً، ويستجلي ضلالتهم في فهم أرسطو حيناً آخر، ويرفع عنهم تهمة الكفر التي ألحقها بهم الغزالي في مسائل ثلاث خالفوا فيها أصول الدين، مبيناً بعد ذلك موقفه من كل منها . إن الذي يطلع على كتاب تهافت التهافت يمكنه أن يتبين في رد ابي الوليد ثلاثة أقسام: استصواب كلام خصمه في أحدها، وخطأه في القسم الثاني مؤيداً الفلاسفة، والثالث بين فيه مواضع خطأ الغزالي في أنه نسب إليهم ما لم يقولوه، فنقض ما نسب إليهم فأصاب وأخطأ في النسبة . إن أسماء الكتابين دليل واضح على طبيعة الخطاب بينهما، والذي يزداد وضوحاً عند عملية المقابلة بين دفتي هذين الكتابين وهي عملية مقابلة الرأي بالرأي، والدليل بالدليل . إن كلا الكتابين يكمل كل منهما الآخر و يؤلفان كلاً لا يتجزأ، فإذا ذكر أحدهما ذكر الآخر، ولا تعرف قيمة تهافت التهافت إلا بمعرفة تهافت الفلاسفة . إن التراث العربي لا يخلو من أمثال هذين الكتابين، فهاهو (خواجه زاده) المتوفي سنة (893هـ) ألف كتاباً سماه (تهافت الفلاسفة) أيضاً، وقد ألفه بإشارة من السلطان محمد الفاتح العثماني، وهو كتاب جاء للتحكيم بين الغزالي وابن رشد، فيما اختلفا فيه من مسائل . إن الغزالي وابن رشد يكادان يتفقان نوعاً ما في الأسلوب والطريقة في عرض مسائل الكتاب، فطريقة ابن رشد طريقة جدلية كطريقة الغزالي إلا أنها أدق منها من حيث تفنيدها بنقد نص بعينه، والدليل على ذلك أن الغزالي إذا عرض إحد نظريات الفلاسفة ذكر أدلتهم كما فهمها ثم أورد اعتراضه عليها وفندها وأتى بأحكام مناقضة لها، أما ابن رشد إذا ذكر نصاً للغزالي يكتفي بذكر أول ذلك النص وآخره خوفاً من الإطالة ثم أوجزه وأوضحه وفنده وخطأ قائله، كما تميزت طريقته بتحليله المسائل تحليلاً منطقياً جلياً مثبثاً تعريف الألفاظ وتطبيقاتها على ما هو متنازع عليه، أو ما ساده غموض بين الطرفين المتخاصمين . ذا كانت مسألة قدم العالم وحدوثه تحتل مركزاً ممتازاً في تاريخ الفكر الفلسفي عامة والفلسفة الإسلامية خاصة، فإن مسألة العلم الإلهي ومسألة حشر الأجساد لاتقل أهمية عنها، إذ يعد البحث في هاتين المسألتين على جانب كبير من الأهمية ودليل ذلك هو أن دراسة هذين الموضوعين قد شغلا متكلمي وفلاسفة العرب زماناً طويلاً وأن البحث فيهما يعد من البحوث العويصة في حد ذاته، ودليل هذا أننا نجد المتكلمين والفلاسفة قد خصصوا مبحثاً محدداً لدراسة هذين الموضوعين في مؤلفاتهم، بالإضافة إلى تضارب الآراء حولهما تضارباً شديداً، وذهاب كل فرقة مذهباً معيناً يختلف في كثير أو في قليل عن بقية الآراء والمذاهب الأخرى . لم يستطع ابن رشد أن يهدم اعتراضات الغزالي على الفلاسفة في مسألة قدم العالم كما كان يتوقع ذلك، وذلك لأن القول بالحدوث أقرب إلى العقل والنقل منه بالقول بالقدم خاصة بعد أن أثبته العلم في العصر الحديث . ظهرا الإمام الغزالي وابن رشد مقدرة فائقة في التحليل والنقاش وتقصي الحقائق من خلال كتابيهما المشهورين في جميع المسائل وخاصة في مسألة قدم العالم وحدوثه، الأمر الذي يشهد له كثير من المفكرين في القديم والحديث بأنهما أهل لأن يحتلا مكاناً مرموقاً في تاريخ الفكر الفلسفي على وجه العموم . إن المحاورات الفكرية بين الفلاسفة من جهة وبين الفقهاء والمتكلمين من جهة أخرى، وبين كل واحد من هؤلاء أو أولئك إنما تمثل ظاهرة فكرية صحيحة برهنت على حيوية المسلمين وإعمالهم للعقل وللإجتهاد في كل شيء، وقد كان ذلك الصدام الشهير بين الغزالي وبين الفلاسفة السابقين عليه من جهة، وبين الغزالي وابن رشد من جهة أخرى أكثر دلالة على أن الخلاف والإجتهاد في الرأي لم يكن يفسد للود قضية بين مفكري العالم الإسلامي، وذلك كان تعبيراً حياً على مدى وعي المفكرين المسلمين وفهمهم العميق لدينهم ودنياهم في آن واحد. هذا هو جهدي المتواضع في تناول هذا الموضوع الشائك، فإن وفقت فمن الله، وإن كانت الأخرى فمن نفسي، وعذري أني حاولت .
عائشة يوسف الدوكالي عرعارة(2007)