-
UoT Launches its new Website
Deprecated: strlen(): Passing null to parameter #1 ($string) of type string is deprecated in /home/staging/public_html/slider5.php on line 93
-
Department of
More ...About Department of
Facts about Department of
We are proud of what we offer to the world and the community
21
Publications
212
Students
0
Graduates
Publications
Some of publications in Department of
تحديد العلاقة بين الأخلاق، والقانون عند ميكافيللى، وهيجل
سيطرت فكرة الدولة على أفكار ميكافيللى وهيجل، وطغت هذه الفكرة على كل القيم الأخلاقية وجُل القواعد القانونية لديهما - إلى درجة لم تعد الأخلاق والقانون في الحسبان، عندما يكون هناك خطر يهدد كيان الدولة، خاصة وأن الطرفين استبعدا الحاكم من كل تقييم أخلاقي وقانوني، ذلك أن الدولة ووجودها وحياتها فوق كل الاعتبارات عند ميكافيللى، ولذلك جعل القوة أهم بكثير من القيم الأخلاقية والقواعد القانونية من حيث تحقيق الهدف الذي يسمو إليه. في المقابل مجد هيجل الدولة أيضا وجعلها تسمو مرتبه ومقاما وقوة على الأفراد المكونين لها، وهي طبقا للجدل الهيجلي غاية ونهاية لتطوره التاريخي ومن ثم فهي مصدر كل القيم الأخلاقية والاجتماعية والروحية. لقد حاولتُ - من خلال هذه الدراسة حسب ظني - أن أطرق بابا لم يطرقه احد من قبل – حيث أنني بحثتُ في العلاقة بين مفكرين مختلفين في الظاهر باعتبار أحدهما واقعيا، والأخر مثاليا، وذلك من أجل الوصول إلى تحديد العلاقة بين الأخلاق والقانون. من خلال هذه الدراسة وصلت إلى نتيجة وهي أني أرى أن الاثنين كانا يهدفان إلي نفس النتيجة - وهي بناء الدولة، وإن كانت الوسائل مختلفة وكذلك الفرد لا وجود له أمام مصلحة هذه الدولة . أرى ضرورة الرجوع إلى دراسة التاريخ من أجل أخد العبر والموعظة، ولا نأخذ بها كما هي عند ميكافيللى - باعتبار أن التاريخ يعيد نفسه أو كما أخد بها هيجل - بأننا لا نتعلم من التاريخ شئ - انطلاقا من إن كل الأشياء في تطور وتقدم . الابتعاد عن وسائل ميكافيللى أللأخلاقية، وعن مبدأ الغاية تبرر الوسيلة - حيث أنهُ يجب أن تكون غايات الإنسان في حياته مقيدة بما أذن الله به في شريعته لعباده، فليس كل غاية تبدو للإنسان - يجوز له أن يجعلها إحدى غاياته مالم تكن غاية ماذوناً بها شرعاً كذلك إن يكون سعي الإنسان إلى غاياته الماذون بها شرعا، وذلك ضمن الوسائل التي ليس فيها أهدار للحق أو للعدل أو للفضيلة وللواجب، وليس فيها ارتكاب المحرم من المحرمات الشرعية، وليس فيها إسراف ولا تدبير - بدل ذي قيمة .
فتحية حسن محمد المز وغى(2009)
Publisher's website
فتحية حسن محمد المز وغى(2009)
أثر العامل الاقتصادي في السياسة عند ابن خلدون وماركس
قد لا يشكل هذا البحث القول الفصل في العلاقة بين الاقتصاد والسياسة، فالموضوع في حد ذاته غير قابل للحسم، لأن تلك العلاقة قائمة أساساً علي جدلية العلاقة بين الخير والشر داخل الانسان، ولكن اقل ما يمكن أن يكون هذا البحث قد حققه انه نبه إلي ضرورة البحت في هذه العلاقة، والتي يتوصل من خلالها إلي مجموعة من النتائج التي تعتبر محاولات للإجابة عن الأسئلة التي تم طرحها في بداية هذا البحث، والتي تحولت إلي فصول ومباحث شَكَّل كل منها جزءاً من الإجابة وخطوة من خطوات الوصول إلي النتائج التي سعى هذا البحث من البداية للوصول إليها. إن أول النتائج التي توصل هذا البحث إليها منذ بدايته هي صعوبة الوصول لتعريف دقيق ومحدد للاقتصاد وكذلك السياسة فلابد من وجود نقطة يلتقي فيها كل منهما مع الأخر، مما يؤكد صعوبة الفصل بينهما لأن موضوعهما واحد وهو الإنسان فإذا كان الاقتصاد يبحث في معاش ذلك الإنسان فإن السياسة تبحث في أمنه وحريته حتى يستطيع العيش في مجتمع يكفل له حقوقه ويهيئ له القيام بواجباته على أكمل وجه. ومن خلال التعرض لمعنى الاقتصاد والسياسة تبين أن الفلسفة هي الطريق الذي يمكن أن يلتقي فيه الاقتصاد والسياسة، حيث تقوم فلسفة بدراسة الاقتصاد في علاقته بنواحي الحياة المختلفة والتي أولها السياسة، ويصبح موضوع هذا البحث نتيجة لوجود تلك العلاقة بين الاقتصاد والسياسة والتي بدأت تتوضح منذ بدايته. وفي محاولة الباحثة تحديد العلاقة بين الاقتصاد والسياسة، ثمَّ الوصول إلي نتيجة هامة تقول بأن تلك العلاقة علي قِدَمِهَا قد برزت وبشكل أكبر في نهاية العصور الوسطي وبداية العصور الحديثة مع تغير العقلية الغربية، التي بدأت بالثورة علي الكنيسة وبدأت تدعو إلي الحرية واكتشاف العالم، فبدأت الثروات تتراكم وبدأ علم الاقتصاد يظهر للوجود لأن الحاجة إليه صارت أكثر من ذي قبل، وخاصة مع ظهور النظام الرأسمالي الذي أصبح محتاجاً لعلماء يُنَظرون له الأفكار ويضعون له النظريات، وبظهور ذلك النظام تأكدت سيطرة الاقتصاد علي بقية العوامل وأولها السياسة. وبناء عليه تم الوصول لإثبات نتيجة هامة تقول بأنه في عالمنا المعاصر الاقتصاد هو المسيطر وأن السياسة تابعة للاقتصاد، ولقد تحولت هذه النتيجة إلي فرضية حاولنا من خلال فصول البحث المختلفة التحقق من صحتها. وقام هذا البحث بوضع فرضية أخري تقوم علي علاقة الواقع بالفكر، من أجل بحث علاقة الاقتصاد بالسياسة من زاوية أخرى، وتوصل من خلالها أن الواقع يمكن أن يصنع الفكر وأن الفكر أيضا يمكن أن يصنع واقعاً ولعل الفكر الماركسي أصدق دليل على ذلك. وتم التوصل من خلال التعرض لتاريخ العلاقة بين الاقتصاد والسياسة إلي تقرير حقيقة تقول بوجود أثر كبير للاقتصاد علي السياسة منذ بداية الحضارات الإنسانية وإن كان هذا الأثر ليس بنفس القوة التي تعيشها المجتمعات الحديثة. وبعد الانتهاء من توضيح العلاقة بين الاقتصاد والسياسة قام هذا البحث تأثير تلك العلاقة علي شخصيتين هامتين هما (إبن خلدون وماركس)، فتناول (إبن خلدون) أولاً بالدراسة والتحليل وتوصل من خلاله إلي إثبات دور الواقع الذي عاشه في صنع أفكاره التي جاءت خير شاهد علي ذلك العصر. كما أن النتيجة التي يجب تسجيلها عند الخروج من دراسة مصادر(أبن خلدون) الفلسفية استفادته الكبرى من كل ما سبقه من أفكار وأحداث قام(أبن خلدون) بتسجيلها كنظريات وأفكار في مقدمته بعد أن تربَّي في مدرسة القرآن وعلومه المختلفة وبالتالي يقدم (أبن خلدون) دليلاً حياً وصادقاً على أن الدِّين الإسلامي يفتح الأفاق أمام العقل ولا يقف حاجزاً أمامه. وعند دراسة الفكر الاقتصادي عند(أبن خلدون) قام هذا البحث بدراسته بطريقة حاول من خلالها أن يجعله أكثر ترتيباً لعله بذلك يضيف شيئاً لهذا الفكر الذي وقعت دراسته في السابق فأراد أن تكون إضافته من هذا الجانب علي الأقل واثبت من خلاله أن (ابن خلدون) درس مواضيع اقتصادية هي من صميم علم الاقتصاد الحديث وفي ذلك ردٌّ علي من أنْكر ذلك علي (ابن خلدون). وفي دراسة أثر الاقتصاد علي السياسة في فكر (ابن خلدون)، توصل هذا البحث إلي أن الأثر موجود وبقوة، حيث ظهر أثر العامل الاقتصادي واضحاً عند صياغة (ابن خلدون) للعديد من الأفكار السياسية خاصة في نشأة الدولة وعوامل قوتها وضعفها، كما أن النتيجة التي ظهرت بوضوح هي قوله بتأثير الاقتصاد على السياسة ولكنه يبقي من أنصار أن المجتمع البشري لا يستقيم بدون سياسة، وعلي ما بين السياسة والاقتصاد من تأثير وتأثر ولكن يمكن القول أن (أبن خلدون) يقول بان الوضع الطبيعي هو أن تسبق السياسة الاقتصاد وذلك يتطلب أن تكون السياسة في حماية الدين الذي يقضي علي أهواء السياسة ويمنعها من الانحراف ويخرجها من سيطرة الاقتصاد التي جند )أبن خلدون) معظم أفكاره السياسية للتحذير منها. وعند دراسة الفكر الماركسي أيضا تم التوصل لعدد من النتائج الهامة أولها أن الماركسية باعتبارها فلسفة الواقع لا يمكن دراستها دون العودة إلي الواقع الرأسمالي وضرورة البحث في مصادر تاريخية وفلسفية واجتماعية للتعرف علي كيفية ظهور النظام الرأسمالي لأن دراسة الماركسية لابُدَّ فيها من العودة إلي ذلك النظام والذي قام ماركس أساسا بوضع تحليلات هامة تصف مراحل التراكم الأولى كما أن دراسة الفكر الماركسي لا تنفصل عن دراسة الأفكار الاقتصادية المعاصرة له والمتمثلة في الاقتصاديين الإنجليز، ولا ينفصل أيضا عن دراسة الأفكار السياسية ممثلة في الثورة الفرنسية، ولا عن الأفكار الفلسفية ممثلة بالفلسفة الألمانية حيث أخذ ماركس عن كل تلك المصادر التي ساهمت في بناء أفكاره والتي علمنا من خلالها أن العلماء يجب أن لا يكونوا خُدَّاماً لرأس المال على ما رأي في فلاسفة الاقتصاد الإنجليز، وأن الثورة لا يجب أن يكون هدفها جنى أكبر قدرِ من المال والامتيازات علي نحو ما وقع في الثورة الفرنسية، وأن الفلسفة يجب أن تنطلق من الواقع لا أن تظل في عالم الفكر علي ما وقعت فيه الفلسفة الألمانية التي عُنِى ماركس بنقدها. وإذا كانت كل تلك المصادر قد ساهمت في بناء الفكر الماركسي فإن الإضافة التي يرجو هذا البحث أن قد يكون أضافها هي التنبيه إلي ضرورة إن يتم اعتماد الفكر الخلدوني كأحد مصادر هذا الفكر الذي تبث إطلاع (ماركس) عليه. وفي دراسة الفكر الاقتصادي الماركسي أتضح أن (ماركس) كشف عن سر التراكم الرأسمالي من خلال فائض القيمة تمهيداً لوضع نظريته بأن العمل أساس القيمة وبذلك أصاب (ماركس) النظام الرأسمالي ((في ذلك الوقت علي الأقل)) إصابة في العمق بتوجيه الاهتمام إلي العمال وأن عملهم هو الذي يحقق التراكم الرأسمالي بعد أن حاول النظام الرأسمالي دائماً تهميش دور العمال وبذلك أنجزت أفكار (ماركس) إنجازا هاماً لصالح العمال وساهمت في تكوين نقابات للمطالبة بحقوقهم وضمان عدم الاعتداء عليها، وعليه فمن المهم أن ينظر الإنسان في أخطاء واقعه محاولاً إصلاحه. وفي دراسة أثر العامل الاقتصادي علي السياسة عند (ماركس) نصل إلي حقيقة هامة وهي أن (ماركس) لم يكْن يقصد البحث في السياسة وإنما بحثه في الاقتصاد هو الذي أدى به إلي الدخول فيها وفي ذلك إثبات علي العلاقة الوثيقة بين الاقتصاد والسياسة وصعوبة الفصل بينهما، و(ماركس) علي رفضه للسياسة باعتبارها أداة للتفاوت الطبقي مما دعاه للقول بإلغائها لم يستطع إنهاء دور السياسة التي يبقى دورها أساسيا وضروريا للوصول إلي المجتمع المنشود. وعند مقارنة أفكار (أبن خلدون) و(ماركس) وتوصل هذا البحث إلي عدد من النقاط الهامة، لعل أولها وحدة الفكر الإنساني هي الأساس الذي يجعل إجراء المقارنات بين فيلسوفين من بيئتين مختلفتين أمراً ممكناً بحيث لا يقف حاجز الزمان أو المكان أو الدين أو غيرها من الحواجز الأخرى حجر عثرة في وجه الدراسات المقارنة، بل إن كل تلك الحواجز تتحول إلي مميزات تجعل إجراء ذات طبيعة خاصة بشكل أكبر مما اقتصرت تلك الدراسات علي شخصيات من نفس العصر ومن ذات الطبيعة الواحدة. والنتيجة الأخرى أن الواقع الخلدوني المحارب للفلسفة جعل من (ابن خلدون) يقف موقف الناقد ليختار الأصلح فليست كل فلسفة يجب أن تحارب بل يجب البحث في فلسفة جديدة هي فلسفة الواقع التي تنطلق مما هو موجود ومشاهد وبالتالي فلقد وضع (ابن خلدون) أساسا من أساسيات العلم الحديث، وهنا يختلف الموقف الخلدوني من الواقع عن موقف (ماركس) الذي اتفق مع واقعه المحارب للدين. ومن خلال مقارنة المنهج عند كل منهما أتضح أن كل منهما أمتلك أساسيات المنهج الجدلي وإن كانت مقوماته أكثر وضوحاً عند (ماركس) منها عند (أبن خلدون) وذلك راجع إلي أن المنهج الجذلي في عصره كان أكثر وضوحاً وعلي ما بينهما من تفاوت في دراجات وضوح ذلك المنهج، ويقدم (ماركس) و(أبن خلدون) دليلاً علي ضرورة امتلاك الفيلسوف منهجاً معيناً حتى يتمكن من الوصول إلي الحقائق التي يطمح لإثباتها بأسهل الطرق. وعند مقارنة الفكر الاقتصادي عند كل منهما فإن الانطلاقة عندهما كانت واحدة وهي أن العمل أساس القيمة، ولكن يبقي للعمل في الفكر الخلدوني خصوصية تنبع من كونه فيلسوفاً مسلماً تَشَرَّب روح وتعاليم الإسلام في اعتبار العمل عبادة فكان اهتمام (أبن خلدون) بالعمل من هذا المنطق في حين أن العمل في الفكر الماركسي قوة تدفع الإنسان للعمل انتظاراً لمقابل فصار بذلك يعاني من الاغتراب، مما دعا (ماركس) للقضاء علي الاغتراب للقول بأن يعمل الإنسان في مجتمعه المنشود مقتصراً في الحصول على حاجاته الضرورية في حين يدخر الباقي للوصول للفردوس المنشود أو ((الشيوعية))، في حين أن فردوس المسلم ليس في هذه الحياة التي ما هي إلا بوابة للوصول إليه. وفي الجانب الاقتصادي تم التعرض لمشكلة الملكية باعتبارها الأساس الذي ينقسم بمقتضاه الفكر الاقتصادي إلي رأسمالي أو اشتراكي وحاولت أن توضح موقف (أبن خلدون) بالذات الذي كثيراً ما قيل عنه بأنه مؤسس المذهب الفردي الحر، وتوصلنا أنه قال بذلك الرأي نتيجة لظروف خاصة عاشها وعاصرها تمثلت في امتلاك قلة من الحكام لثروة المجتمع إضافة للسلطة السياسية مما دعاها لاستغلال نفوذها والأضرار بالناس في أعمالها، فدعوة (أبن خلدون) لعدم تدخل الدولة في الاقتصاد يجب ألا تدرس منفصلة عن الواقع الخلدوني الذي شكل الدافع الأول لتلك الدعوة، وبالتالي فالنتيجة الهامة التي يمكن الوصول إليها من خلال مقارنة الفكر الاقتصادي عند (أبن خلدون) و(ماركس) أن النتيجة أو الغاية التي يريد كل منهما الوصول إليها واحدة وهي بناء اقتصاد عادل بعيداً عن الظلم يحصل فيه كل إنسان علي مقابل عمله، ولكنهما اختلافا في طريقة الوصول إلي ذلك النظام فدعا (ماركس) لإلغاء الملكية في مجتمعه الشيوعي، في حين يتبث (أبن خلدون) حق الانسان فيها في ظل سياسة قوية تضمن له ذلك الحق من أن يغتصب. ما يمكن استخلاصه مما سبق أن لا يقف الانسان من أي نظرية موقفاً مسبقاً فكل نظرية يمكن أن تستفيد منها شيئاً يساعد في حل مشكلة أو بيان شئ غامض أو إضافة شيء جديد إلي نظرية سبق وجودها، فرأي (ابن خلدون) السابق في ضمان حق الملكية الخاصة في ظل سياسة عادلة هو الحل لمشكلة النظام الرأسمالي الذي يدعو إلي ترك تدخل الدولة فعاني ما يعانيه من أزمات، والملكية العامة تحت إشراف الدولة عند(ماركس) تحتاج إلي دعمها تأكيد الحق في الملكية الخاصة، ففي النظامين الرأسمالي والاشتراكي دليل علي أن الاقتصار علي واحدة منهما دون الأخرى سيخلق أزمة داخل النظام. وبذلك فإن السياسة ضرورية للوصول إلي اقتصاد أمثل عند كل من (ماركس) و(ابن خلدون)، وأن كان دورها أكثر وضوحاً عند (ابن خلدون) مما هو عند (ماركس) الذي لا يستطيع الوصول لمجتمعه المنشود إلا بسياسة قوية، تمهيداً للقول بإلغائها في ذلك المجتمع، وعليه يبقى رأي (ابن خلدون) في العلاقة بين السياسة والاقتصاد أكثر واقعية من رأي (ماركس). ولقد حاول هذا البحث وضع مقارنة حول الحكومة المثلي عند (أبن خلدون) و(ماركس) خاصة وأن (ماركس) قدم تصوراً عن تلك الحكومة في حين لا يوجد عند (ابن خلدون) قول صريح عن نوع الحكم الأمثل علي ما وجد عند(ماركس)، كما قام بمقارنة بين مقومات الدولة عند كل منهما وتبين من خلال ذلك خصوصية وتميز كل منهما عن الأخر نظراً لاختلاف بيئة وثقافة كل منهما، ففي حين يعتبر الدين أساسا هاما من أسس بناء الدولة عند (أبن خلدون)، لا يعطي (ماركس) للدين دوراً يذكر في ذلك وبالتالي يثير هذا البحث قضية هامة تدعو الباحثة لاستمرار البحث فيها عن دور الدين في علاقة السياسة بالاقتصاد وما أثر الدين في رسم حدود تلك العلاقة التي أفاد في التنبيه إليها اختلاف آراء (أبن خلدون) و(ماركس) حول العلاقة بين السياسة والاقتصاد. ونظراً لأن الواقع العالمي المعاصر يشكل مادة حية للعلاقة بين الاقتصاد والسياسة والتي يظهر فيها الأثر الكبير للاقتصاد علي السياسة ((حيث كانت هذه القضية من أهم دوافع الباحثة للبحث عن الوضع الصحيح الأمثل هل أن يؤثر الاقتصاد في السياسة أم أن تؤثر السياسة في الاقتصاد)) وعليه قام هذا البحث بالتعرض لتطور تلك العلاقة التي بدأتها بالفترة التي بعد (ماركس) والتي أتضح من خلالها تأرجح النظام الرأسمالي بين استبعاد السياسة من دائرة الاقتصاد أو المطالبة بعودتها إلي التدخل فيه خاصة علي يد اشهر منظري هذا النظام (كينز) مما يعنى أن القضية لم تُحسم بعد، حيث أنه رغم ظهور العامل الاقتصادي كمؤثر أول علي بناء السياسة الداخلية للدول في العالم، فإن ذلك لم يمنع النظام الرأسمالي من طلب السياسة بالتدخل عند مروره بأزمات. وعند دراسة البحث فكرة العولمة تبين أن هذه الفكرة المطروحة علي الساحة العالمية المطبقة منذ منتصف القرن الماضي، والتي تأكد وجودها بانهيار النظام الاشتراكي، قد أكدت علي سيطرة الاقتصاد علي معظم مناحي الحياة المعاصرة وأولها السياسة فصارت تقضي شيئاً فشيئاً علي حدود الدولة الوطنية وتقضي علي صلاحياتها وتضعف العملية السياسية التي تقوم بها لصالح الاقتصاد الذي تقوده مجموعة من الشركات والكيانات الاقتصادية في العالم؛ وبذلك تقدم العولمة أخر ما وصل إليه النظام الرأسمالي من تطور. ولأن عالماً يتحكم فيه الاقتصاد يشكل هاجسًا بالنسبة للجميع قام هذا البحث بالتعرض لأثر النظرة الاقتصادية علي الحضارة التي تحولت مادية استهلاكية ترى نفسها تدخل في صراع مع غيرها من الحضارات نتيجة لإغراقها في المادية، فمن المعروف أن المادة هي سبب أغلب الصراعات بين الشعوب، وصور (هنتنغتون) حالة الصراع التي تمر بها الحضارة الغربية أروع تصوير كاشفاً عن أن الصراع هو اقتصادي بالدرجة الأولى وان حاول تصويره علي أنه صراع حضارات وثقافات. في حين يعتبر تصور (فوكوياما) ما الذي سبق (هنتنغتون) – أكثر ثقة في المستقبل الذي ستقوده الحضارة الغربية بقيادة رأسمالية باعتبارها نهاية تطور البشرية ناسياً التأثيرات السلبية لتلك الحضارة علي السياسة والبيئة والإنسانية جمعاء والتي حاولت الباحثة إبرازها في محاولة للتنبيه أيتها البشرية إلي أين ؟!. ولقد تعرض البحث أيضاً للوضع العالمي كما هو موجود ثم تعرض لما ينبغي أن يكون عليه، فتعرض لرؤية (روجيه جارودي) وجلال أمين اللذين اتفقا في ضرورة أن تتغير النظرة للأمور وأن لا يترك الاقتصاد وحده يتحكم في مصير الشعوب، وتعرض أيضا لوجهة نظرية العالمية الثالثة التي قدمت حلاً جديداً لمعاناة العالم المعاصر تقوم علي بناء سياسة من نوع جديد واقتصاد من نوع مختلف، إنها سياسة يبنيها الجميع واقتصاد يشارك فيه الجميع وبالتالي لا يحدث ذلك الانفصال الذي بدا يقع بين السياسة والاقتصاد في عالمنا المعاصر، بل إن الكتاب الأخضر يقدم الحل السياسي أولاً لأنه الطريقة الناجحة لبناء اقتصاد أمثل ويخرج البحث في النهاية بنتيجة هامة هي أن السياسة هي التي يجب أن تقود الاقتصاد، وأن بناء مثل تلك السياسة يحتاج إلي بناء النفوس من جديد بحيث يصبح الاقتصاد عاملاً من عوامل عديدة وليس العامل الوحيد المؤثر كما هو واضح في عالمنا المعاصر. ويخرج البحث برؤية استشرافية للمستقبل من خلال فكر (أبن خلدون) و(ماركس) من خلال رؤية عالمنا المعاصر من خلالهما وحاول هذا البحث الوصول إلي حل لما يعانيه هذا العالم من خلال هاتين المدرستين، حيث شخص (أبن خلدون)و(ماركس) مشكلة عالمنا المعاصر في سيطرة الاقتصاد علي السياسة وغيرها من عوامل مؤثرة في حياة الإنسان وبعد تشخيص المشكلة يأتي الدور الأكبر وهو البحث عن طريقة للخروج منها وهو ما توصي الباحثة بضرورة الاستمرار فيه مادام الوضع على ماهو عليه. وأخيراً يقدم هذا البحث جملة من النتائج والتوصيات التي تمثل استخلاص لما يود هذا البحث أن يقوله علي النحو التالي : - الاعتراف بقوة العامل الاقتصادي في التأثير علي السياسة يجعل النظرة إلي الأمور أكثر واقعية، لكي يستطيع الانسان وبعد الوصول لهذا الاعتراف تحديد موقفه من تلك العلاقة. يقدم الفكر الخلد وني والفكر الماركسي طريقة مميزة في النظر إلي الواقع، تنطلق من داخله لتوضيح كيفية تشخيص معاناته التي يجب الخوض فيها وعدم التعالي عليها. اختلاف العقيدة لا يقف حاجزاً أمام الرغبة في البحث، فهو علي صعوبته يفتح المجال لإيجاد علاقات فكرية وثقافية مع ثقافات أخرى ليزيد من التأكيد علي وحدة الفكر الإنساني. الاستفادة من دراسة الفكر الخلد وني والفكر الماركسي في فهم مشكلة عالمنا المعاصر، واستخدام إسهامات هذين المفكرين في الوصول إلي عالم أفضل. إلي جانب البحث في الواقع فإن البحث في المستقبل لا يقل أهمية عنه، فالانطلاق مما هو كائن إنما للبحث فيما ينبغي أن يكون، فالخروج بتصورات عديدة لمجتمع أفضل وعالم إنساني ارقي هي خطوة نحو التغيير. إعادة قراءة ابن خلدون وماركس مرات ومرات ففي كل مرة تتضح أمور جديدة وكل صاحب قراءة له إضافته التي تختلف عن الأخرى. تشجيع الدراسات المقارنة التي تجمع النظرية العالمية الثالثة مع شخصيات ونظريات متعددة للبحث في مشكلة عالمنا المعاصر. ضرورة أن يستعيد الدين دوره في حياة الانسان المعاصر، لما يمثله من قوة ردع داخلية تفيد كثيراً في هذا العالم الذي بدأت السياسة فيه تعجز تدريجياً ان تقوم بدورها مما يجعل الحاجة إلي الدين أكثر وأكثر، لعل في تضافره مع قوة السياسة حداً من قوة أكبر هي القوة الاقتصادية وما لها من تأثير لا ينكره إنسان معاصر. إن إصلاح العلاقات بين المجتمعات الإنسانية يبدأ بإصلاح الإنسان من الداخل ويقدم ابن خلدون وماركس تصوراً لذلك، من خلال التنبيه إلي قوة الجانب المادي وأثره علي حياة الإنسان وبالتالي فالوعي بالقوة المؤثرة له أول الخطوات نحو الإصلاح، علي مستوى الفرد ثم المجتمع بكامله. إن عالماً يسيطر فيه الاقتصاد علي السياسة يجب الثورة عليه (( ولو علي مستوى الفكر )) لا الوقوع تحت تأثير تلك السيطرة والانبهار بها ولعل في إبن خلدون وماركس قدوة في ذلك. وأخيراً فإن هذا البحث يوصى بضرورة استمرار البحث في الجوانب المختلفة للعلاقة بين الاقتصاد والسياسة والتي قد تكون الباحثة غفلت عنها، فترجو أن يستمر في البحث كل من تنبه إلي ما غفلت عنه.
حليمة محمد النعمى(2010)
Publisher's website
حليمة محمد النعمى(2010)
" الأصول الفلسفية لحقوق الإنسان في الفكر المعاصر"
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين . تعد حقوق الإنسان لغة من اللغات التي ظهرت أهميتها على الساحة الدولية، وهي لغة تحدث بها الإنسان قديماً وحديثاً وسيدوم الحديث بها في المستقبل، ولكن الجديد في القضية أن لغة حقوق الإنسان قديما وإلى حد ما كانت مقصورة على فرد أو فئة أو جماعة مميزة بصفة من الصفات التي لاتتوفر في أفراد أو فئات أو جماعات كا العرق والجنس والطبقة. لغة موجهة باتجاه رأسي من الأعلى إلى الأسفل، باتجاه واحد من القوي إلى الضعيف، من الغنى إلى الفقير وبهذا فالعلم مقسوم إلى قسمين: بينما يحق للقوي والغني وضع القوانين الخاصة بهم وتنفيدها، يحرم الآخرون منها الأمر الذي أوجد طوعاً وعدم استقرار تدفع ثمنه الأطراف المعينة. قضية حقوق الإنسان ليست جديدة بالمعنى المنوه عنه اعلاه، ولكنها جديدة بمعنى ازدياد أهميتها ودورها على المستويين المحلي الداخلي والدولي الخارجي، فهي إلى جانب دعمها للشرعية السياسية فإنها تلعب دوراً هاماً في الأمن والأستقرار على كافة المستويات الأجتماعية والأقتصادية والسياسية وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر الفلسفية والقانونية على اختلاف آرائها، ترى ضرورة أن يعيش الإنسان باعتباره إنسانا له حقوق وعليه واجبات، ولكن العقبة الكبرى تكمن في الهوة التي تفصل الفكر النظري الصرف عن الواقع العلمي ودول العالم في القرن الواحد والعشرين دليل واضح على هذه الفجوة، فعلى الرغم من حديثها جميعاً عن الحقوق الإنسانية بشكل عام إلا أنها تقلب ظهر المجن لهذه الحقوق عند الطبيق العملي، ولكن هذا لايعني أن الأمل مفقود في الحلم الذي راود الإنسان قديماً وما زال يراوده في ايجاد عالم عقلاني متزن يحفظ فيه الإنسان على حقوقه الأساسية. والمجتمع الدولي اعتمد على اتفاقيات عدة بشأن حقوق الإنسان، تسعى هذه الوثائق إلى وضع تعريفات متفق عليها بشأن حقوق الإنسان وحرياته وألزام الحكومات في نفس الوقت باتخاذ الخطوات الضرورية لضمان حماية هذه الحقوق على صعيد القانون والممارسة في بلدانها، ويمثل المصدر الرئيسي لحقوق الإنسان في الفكر المعاصر في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو وثيقة تاريخية تحدد معايير تحقيق حقوق الإنسان، ومنذ أن تمت الموافقة عليه من جانب الجمعية العامة في العاشر من ديسمبر 1948ف اظهر هذا الإعلان تأثيره في مختلف أنحاء العالم، وكان مصدر وحي للدساتير وقوانين وطنية والمرجعية التي أفرزت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هي مرجعية الهم الإنساني المشترك الذي يتطلع إلى مستقبل أفضل للإنسان، فلم يكن تعبير عن فلسفة سياسية بعينها أو اجتماعية وإنما يستمد قيمها من فطرة الله التي فطر الإنسان عليها ومن الأديان السماوية ومن تجارب وفلسفة الفكر الإنساني ومن ثم فهو وعاء يضم الخصوصية ويستوعب مفرداتها في اطار وحدة الاختلاف . وعليه استنبطت الباحثة أهمية بحثها وفقاً للأتي: أن دراسة هذا الموضوع يمثل أهمية كبيرة على صعيد البشرية عامة وعلى اختلاف نظمها وسياساتها وخياراتها منذ فترات زمنية موغلة في القدم إذ أن حقوق الإنسان ليست وليدة العصور الحديثة وإنما هي نتاج لتراكم معرفي وسياسي على مسرح الحياة. لم تحظ قضية في الساحتين السياسية والفكريةباهتمام كبير في هذا القرن مثلما حظيت قضية حقوق الإنسان حيث باتت على سلم أولويات عدد من الهيئات والمنظمات الدولية وحكومات وشعوب في أنحاء متفرقة من المعمورة. إن قضية حقوق الإنسان لا تعبر قضية علمية فحسب، وإنما بالدرجة الأولى تعتبر قضية حضارية وفي نهاية الأمر وعي ودراسة وإيمان وممارسة. وفي ضوء ما تقدم صاغت الباحثة الأهداف الآتية: الكشف عن الأصول الفلسفية والمدارس الفكرية التي نادت بحقوق الإنسان وما هو الدور الذي لعبه القانون في حماية هذه الحقوق. أما الإشكالية التي تحاول الباحثة الإجابة عنها فهي كا الآتي: الكشف عن الجذور والأصول الفلسفية لمفهوم حقوق الإنسان في الفكر المعاصر؟ما هي العلاقة بين القانون وحقوق الإنسان؟ هل ارتبطت وثائق حقوق بهذه المضامين الفكرية التي إحتوتها تلك الأصول ؟ما هي الأصول الفلسفية والفكرية التي استندت عليها الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان ؟نعلم أن هناك العديد من الدراسات في هذا الموضوع لها من الجدية والعمق ما تغني الباحث عن تلمس دراسة أخرى إلى هذا الموضوع مالي الدنيا وشاغل الناس ولكن إلى أي موضوع في نطاق المعرفة الإنسانية لم يكن بهذه الكيفية، فكل بحث أو دراسة جدته ومنهجه وتحليلاته ونتائجه تختلف اختلاف جذرياً عن البحوث والدراسات المدبجة في هذه المواضيع المتماثلة. والدراسات التي متبت في موضوع حقوق الإنسان بصفة عامة كثيرة قد لانعطيها حقها في الدراسة، ولذا سوف نعرض بعض الدراسات التي اطلعت عليها ومن بين هذه الدراسات: الدراسة التي قام بها الدكتور ساسي الحاج، بعنوان المفاهيم القانونية لحقوق الإنسان عبر الزمان والمكان. الدراسة التي قام بها خليفة أحمد عن تطور حرية حقوق الإنسان في الوطن العربي تناول فيها حقوق الإنسان في الحضارات القديمة والأديان السماوية والدساتير الأوربية والإعلانات الدولية لحقوق الإنسان. الدراسة التي قام بها علي عبد الوافي عن حقوق الإنسان في الإسلام وتناول فيه تسوية الإسلام بين الناس في الحقوق المدنية وشئون المسؤولية والجزاء. أما هذه الدراسة فقد انطلقت من زاوية جديدة للبحث عن الأصول الفلسفية لحقوق الإنسان في الفكر المعاصر، والدور الذي لعبته هذه الفلسفات لترسيخ الحقوق، وعن الدور الذي يلعبه القانون لحماية هذه الحقوق. وبما أن لكل بحث منهج إذن فالباحثة اعتمدت في موضوع بحثها المنهج التاريخي كان لابد من اتباعه باعتباره الوسيلة الانسب التي تمكنني من دراسة الموضوع بقدر معقول من البيان، كما تمكنني من متابعة مسيرة الحقوق الإنسانية. كما اعتمدت الباحثة على المنهج التحليلي فهو طريقة علمية تعتمد على التفحص الواعي للمعلومات بما يؤدي إلى استخلاص الحقائق من مصدرها ويهتم بالمضمون والمتحوى وتؤدي إلى نتائج وأدى هذا إلى تقسيم البحث على النحو التالي: مقدمة وأربعة فصول ويحتوي كل فصل على ثلاث مباحث وخاتمة ونتائج وقائمة مصادر ومراجع. وجاء الفصل الأول عنوان الأصول الفلسفية لحقوق الإنسان في الفكر القديم وتضمن المبحث الأول على فلسفة حقوق الإنسان عند المصريين وبلاد الرافدين أما المبحث الثاني فحتوى على فلسفة حقوق الإنسان عند الهنود والصينيين وجاء المبحث الثالث يحتوي على فلسفة حقوق الإنسان عند كلا اليونانيين والرومان . أما الفصل الثاني: فجاء بعنوان الأصول الفلسفية لحقوق الإنسان في الفكر الوسيط واحتواء هذا الفصل على مباحثين. المبحث الأول/ بعنوان فلسفة حقوق الإنسان في الفكر المسيحي . المبحث الثاني/ بعنوان فلسفة حقوق الإنسان في الفكر الإسلامي. أما الفصل الثالث جاء بعنوان حقوق الإنسان في الفكر الحديث وقد شمل هذا الفصل على ثلاث مباحث. المبحث الأول بعنوان حقوق الإنسان في الفلسفة الليبرالية. والمبحث الثاني بعنوان حقوق الإنسان في الفلسفة الاشتراكية. أما المبحث الثالث فقد جاء بعنوان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لفصل في النهاية إلى الفصل الرابع والذي جاء بعنوان فلسفة حقوق الإنسان في الفكر المعاصر. المبحث الأول فلسفة حقوق عند الفلاسفة المعاصرين . المبحث الثاني فلسفة حقوق الإنسان في الفكر الجماهيري. أما المبحث الثالث تضمنت الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان وإبراز الحقوق التي جاءت بها الوثيقة. ثم جاءت الخاتمة التي سجلت فيها ما استطعت التوصل إليه من نتائج في مجال البحث. فمن خلال البحث توصلت الباحثة إلى أن إحساس الإنسان لحقوقه وتصديه لدفع العدوان عنها كان ضواً للحياة البشرية يشاركها البدء ويشاركها البقاء، وإذا كان الظلم من شتم النفوس، فقد كان نقطة البدء للمطالبة بالحق هي ذاتها نقطة بدء البشرية. فقد كان إحساس الإنسان بحقه من فعل الفطرة يقوم على ادراكه بأن حقوقه يستمدها من الطبيعة ذاتها وليس من وضع البشر، فالإنسان قد حظي بالتكريم الإلهي، فهو الكائن المفضل على كل الكائنات الأخرى، فالله سبحانه وتعالى كرم هذا الإنسان بكل ما يقتضيه التكريم من معنى، فسخر له ما في الأرض جميعاً ليكون بذلك سيد الكائنات جميعها. ويأتي قبل ذلك كله تكريم الله للإنسان لما يتجلى فيه من المقومات الإنسانية الكاملة والمميزة وذلك كخصائص العقل والوعي والشعور والضمير، إلى غير ذلك من خصائص لاتكتمل في غير الإنسان، ويضاف إلى ذلك ما سخره الخالق له من معطيات مادية وحسية ليكون على هذه الأرض، وليعيش عليها أمناً سالماً قادراً على حمل أمانة العمران والتوحيد فيها، وعليه فإن هذا التكريم الإلهي مقروناً بعدة حقوق إنسانية بدونها لايمكن أن يعيش الإنسان في مستوى المكانة الرفيعة التي وهبه الله إياها كأفضل الكائنات وسيدها. والنتيجة التي توصلت إليها الباحثة كالآتي: إن نقطة البدء بالمطالبة بالحق تتجلى في الفكر القديم، فقد قدمت للعالم ملحمة الكفاح الإنساني المبكر من أجل الحقوق والحريات، كما قدمت للعالم أفق النظر الأولى لحياة الإنسان على الأرض والقيم الأخلاقية والروحية والجمالية الأولى التي ما زالت تمثل جوهر الحضارة الإنسانية. إن قضية حقوق الإنسان ذات جذور أصلية في الطبيعة البشرية وإنها كامنة فيهم بسبب إنسانيتهم. إذا كانت الأفكار الفلسفية قد حددت لنا الفرد باعتباره المركز الأساسي للحياة والعناية وله وحده تتوجه التعاليم والواعظ الدينية ولمصلحته تسن التشريعات المختلفة مهما كان مصدرها لاتباع الفضيلة واجتناب الرذيلة، فإن هذه القوانين بمختلف مصادرها هي التي حددت في النهاية حقوق الإنسان التي سنت ودونت له ولمصلحته هذه القوانين وإن كانت هذه الحقوق لم تتميز تميزاً واضحاً في بعض العصور لأنها اختلطت بالمبادئ الدينية والخلقية ولكنها أدت في النهاية إلى الاعتراف له بالحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية. كان للقانون الطبيعي دوراً أساسياً في وضع قواعد حقوق الإنسان لأنه كان منذ أقدم العصور قد سخر لغايات متبادلة باعتباره محاولات إنسانية متكررة في البحث عن العدالة المطلقة، وإذا كانت غاية هذا القانون قد تغيرت طبقاً لتغير المجتمعات وتطورها، فإنه استخدم بصورة فعالة لدعم حقوق الإنسان في العصر الحديث والمعاصر خاصة في مجال الحرية. وأية ذلك أن القانون الطبيعي بالرغم مما قيل عن تجريده ومثاليته فإنه ساهم في بناء الحرية لأنه بالإضافة إلى تأكيده على الحقوق الطبيعية للفرد كان قد لعب دوراً لا يقل عن سابقيه لمناهضة السيادة المطلقة ووضع القيود القانونية للحد من سلطة الدولة وجبروتها. إن وثائق حقوق الإنسان قد ارتبطت بالمضامين الفكرية التي نادى بها المفكرين على مر العصور، فقد جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كحصيلة أو كتمرة لجهود الفلاسفة ويتضح ذلك من خلال المواد الثلاثين للإعلان، فقد كانت هذه الأفكار تحتاج إلى أن تنتقل من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل، أي كانت تحتاج إلى حامل سياسي يحملها إلى الواقع الاجتماعي، وهذا الحامل هو الإعلان العالمي. إن الفكر الجماهيري يستقي تشريعاته ومصادره الفكرية من قواعد ومبادئ القانون الطبيعي والشريعة الإسلامية، فالدين والعرف ينظر إلى الإنسان ليس باعتباره وجوداً مادياً فحسب أو آلة للإنتاج فقط أو محكوم يمارس عليه التسلط والاستغلال بل أنه يرى في الإنسان ذلك الوجود الروحي الذي لولاه لما كان للإنسانية أي معنى ولما وجدت حضارة ولما ترسخت قيم ولا أخلاق، فالإنسان من وجهة نظر الفكر الجماهيري هو صانع التاريخ، وهو محمور الكون وهو واحد في اينما كان واحد في الخلقة وفي الإحساس، وفي القيمة المعنوية وهما كان جنسه أو دينه، وأن ما يناسب هذا الإنسان ذو الطبيعة الوحدة ليس مجموعة من الأفكار يضعها بشر تأثروا بظروف معينة أو أهواء ذاتية وإنما يناسبه القانون الطبيعي الذي يتفق وطبيعة هذا الإنسان في مختلف الدول. دعوة كافة الأمم والشعوب والحكومات والمنظمات غير الحكومية وكافة القوى المجتمعة الفاعلة إلى الاستمرار في النظال لتجسيد المبادئ والمعايير الدولية لحقوق الإنسان حيث إن ما تحقق حتى الآن لاتتجاوب وطموحات الإنسان في كل مكان للحد من الانتهاكات والخروفات والممارسات الغير مشروعة في مجال حقوق الإنسان والعمل على إزالة كل العراقيل أمام أعمالها وعدم تجزئتها وأن تكون متاحة في كل الدول ولكل الناس دون استثناء. لم تظهر فكرة حقوق الإنسان فجأة في التاريخ الإنسانية أو خلال لحظة زمانية معينة أو نتيجة للتفوق الثقافي للفكر الإنساني، بل ترجع أصول حقوق الإنسان إلى فجر الحضارات الإنسانية التي شهدها تاريخ الإنسانية وبالتالي نستطيع القول إن حقوق الإنسان لا يمكن حصرها في ثمرة تجارب الدول الأوربية، وفي القرون الثلاثة الماضية، بل هذه الحقوق وجدت قبل هذا التاريخ وهذا ما يدعو لتعرف على تاريخ حقوق الإنسان وتطورها، من خلال المراحل المختلفة التي مرت بها هذه الحقوق ومدى تفاعلها مع الزمن. إصدار العديد من النشرات والدوريات والكتب التي تتضمن المواثيق والإعلانات الدولية والمتابعات التي تجري بشأنها، ويتم ذلك بشكل مستمر يضمن لنا الأ لمام بكافة المستجدات والتطورات وتشكل الأليات اللازمة لمتابعة تنفيذها وحصر الانتهاكات التي تحدث والعمل على كشفها للرأي العالمي، ويضل الاهتمام يتزايد يوماً بعد يوم لتأكيد الحقوق للجميع وأن هذه الحقوق غير قابلة للتجزئة. العمل على خلق وعي للحقوق الإنسان، ونشر المعرفة بهما ولذلك يجب إعداد برامج تهدف لترويج هذا الوعي وتلك المعرفة. لاهتمام بالخصوصيات المتعلقة بالقيم والمؤثرات الحضارية والثقافية لدى الشعوب الأخرى. معظم الدراسات المتعلقة بحقوق الإنسان مقتصرة على رجال القانون، فحين يجب أن يمتد الأمر ليشمل طلاب المعاهد والجامعات على مختلف المستويات سوى كانوا طلاب فلسفة أو علم اجتماع أو علوم سياسية وغيرهم، إذ لايجب أن تكون قضية حقوق الإنسان مقصورة على فئة واحدة من الدارسين وذلك لإثراء المنهج الدراسي من جهة، والوصول إلى نتائج أكثر شيوعاً وأكثر قابلية للتطبيق من جهة أخرى. وفي الختام أقول كما يقول الشاعر كل كريمة لابد أن تلقى كريماً شاكراً فأتوجه بالشكر والحمد إلى الله العلي القدير الذي شرح لي صدري بنور العلم ووفقني في إنجاز هذا العمل، كما أحمد الله سبحانه وتعالى أن سخر لي من ساعدني وشجعني على الاستمرار من أساتذة أفاضل وزملاء أعزاء فكانوا بحق خير عون للبحث وإثراء الدراسة في مراحلها وأخص بالذكر الأستاذة الدكتورة سالمة عبدالجبار لإشرافها على هذه الرسالة، حيثُ كان لها بالغ الأثر لما قدمته من توجيهات وملاحظات قيمة وحسن معاملة فلا سيعني إلا أن أقدم لها جزيل الشكر والتقدير وبالغ الاحترام عرفاً لمجوداتها. كما أتوجه بالشكر والتقدير للأستاذين الفاضلين الدكتور/ المهدي جحيدر والأستاذ الدكتور جمعة الأحول على تفضلهما بقيول مناقشة هذه الرسالة زيادة في إثرائها علماً ومعرفة كما يزيدني شرفاً لتفضل الدكتور جمعة الأحول على مراجعته لغوياً لهذه الرسالة. وأتوجه بالشكر والتقدير لأصحاب الفضل الذين أكن بهم وافر الحب والعرفان أسرتي الحبية صاحبة التضحية والعطاء. كما أتوجه بالشكر والعرفان لرفيقة الدرب الأستاذة زهرة الهوني ولا يفوتني أن أقدم جزيل الشكر للقائمين على مكتبة الدراسات العليا ومكتبة المحكمة العليا، ومكتبة الفكر الجماهيري، ومكتبة المدرج الأخضر على ما قدموه لي من مساعدة وتعاون فلهم مني جزيل الشكر. وختاماً أتوجه بالشكر لكل الضيوف الكرام على تشريفهم لحضور هذه المناقشة وإلى كل من طوق عنقي بالمساعدة وأعانني على النهوض بهذا العمل ليصل إلى ما وصل إليه اليوم، إليهم جميعاً أهدي جزيل شكري وتقديري. . اسات الغربية التي حظي أصحابها بالشهرة وذيوع الصيت.
نجاة الصادق أنبية(2009)
Publisher's website
نجاة الصادق أنبية(2009)