Department of Arabic Language

More ...

About Department of Arabic Language

Facts about Department of Arabic Language

We are proud of what we offer to the world and the community

50

Publications

23

Academic Staff

373

Students

0

Graduates

Programs

No Translation Found
Major No Translation Found

No Translation Found...

Details

Who works at the Department of Arabic Language

Department of Arabic Language has more than 23 academic staff members

staff photo

Dr. Salih Mohammed Dhu Alshareef

صالح محمد الشريف هو أحد أعضاء هيئة التدريس بقسم اللغة العربية بكلية الآداب طرابلس. يعمل السيد صالح الشريف بجامعة طرابلس كأستاذ مساعد منذ 2016-07-24 وله العديد من المنشورات العلمية في مجال تخصصه.

Publications

Some of publications in Department of Arabic Language

فن النقائض في الأدب العربي في الجاهلية وصدر الإسلام

الحمد لله الذي وفقني في إنجاز هذا العمل المتواضع، والذي يتعلق بدراسة ظاهرة فنيّة عملت على تماسك الشّعر الجاهليّ والإسلاميّ، وتقريب معانيه ألا وهي ظاهرة النقائض بين الجاهليّة وصدر الإسلام، التي تدور رحاها بين الشّعراء والتي ورسخّت لنا أصول الشّعر ومعانيه وأفكاره، وهذا من فضل الله عليّ ثم فضل أستاذي الكريم وتوجيهاته القيّمة المصيبة، فقد عمل جاهدا على إرشادي وتوجيهي، وعمل على إنارة الدّرب أماميّ، فوظفت هذا التّوجيه من الأستاذ في البحث، فقسمته إلى ثلاثة فصول ومقدّمة وخاتمة والتي استفدت منها واستنتجت منها الآتي: أنّ هذه الظاهرة، عرفت منذ القدم، وتمتد جذورها إلى العصر الجاهلي. لا تتم الرئاسة على القوم، إلا بوجود عصبية غالبة للعصبيات الأخرى. تخلخل هذه الظاهرة نوعاً من العصبيات القبلية. بلغت عصبية الشعراء لقبائلهم ذروتها في العصر الجاهلي وصدر الإسلام. أثرت هذه الظاهرة في الحياة الأدبية في العصر الجاهلي والإسلامي. وخاصة في الشعراء والنقائض، مما أدى إلى مغالاة الشعراء في عصبياتهم لقبائلهم وعشائرهم. حفظت اللغة العربية من الضياع بين اللغات الدخيلة. ظل الصراع بين العصبيات متواصلاً في عصر صدر الإسلامي. ظلت العصبية القبلية بين المهاجرين والأنصار قائمة في الإسلام وبين الأنصار أنفسهم على الرغم من أنّ الرّسول آخى بينهم. ظهور النزاع في بطون قريش بسبب الخلافة وذلك أثر وفاة الرسول أنّ فنّ النقائض معونة قيمة في تاريخ الأدب العربي بعامّة القديم والحديث منه. وقوف الشعراء مع قبائلهم في الحرب والسلم وتحريضهم عن القتال والأخذ بالثأر. وقفت طائفة من الشعراء إلى جانب قبائلهم المرتدة عن الإسلام وتحريض بعض الشعراء على الارتداد مثل: الحطيئة. كان لظهور الأيام الجاهلية وحروبها أثر بارز في ظهور فنّ النقائض بين الشعراء. ومن الأمور التي أدت إلى إثراء النقائض النظام القبلي الصارم والعصبيات القبلية. تعلق القبائل بأنسابها وحرصها عليها، واعتزازها بها. تمسك الشعراء في العصر الإسلامي بالروح الإسلامية الجديدة ووقوفهم مع النبي r والدعوة الإسلامية. ظهور معاني جديدة في العصر الإسلامي في النقائض مما أدى إلى ظهور نقائض إسلامية مواكبة للحركة الإسلامية. أدركت القبائل في العصر الجاهلي أنّ مصلحتها تقتضي بشدّة تماسكها وتناصر أفرادها، حتى تستطيع أن تحقق أغراضها من تبوّأ المناصب الرفيعة في الدولة، وجر الغنائم إلى أبنائها ومضاهاة القبائل الأخرى. ظلت نزعة المفاخرة والمنافرة غالبة على النفوس في العصر الجاهلي والإسلامي، ثم زادت في عصر بني أمية. كان للحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي الأثر الواضح في ظهور النقائض. عندما كثرت الأيام وحميت العصبيات وظهر الفحول وبدأ التحدي بينهم، وتعاظمت الجاهلية في نفوسهم، أخذت النقائض تطول وتتكامل عناصرها وتخضع للتحدي، الموضوعي والمعنوي والموسيقي، حتى تمت لها قواعدها المعروفة. إنّ مقومات النقائض وأصولها في الجاهلية هي الأنساب والأصول الاجتماعية والأيام والعصبيات القبلية، والمفاخرة بالأحساب والأنساب. استفادة الشعراء من الروح الإسلامية الجديدة وتوظيفها في أشعارهم وحملها في الدفاع عن الإسلام. تأجج العصبية بين المسلمين والكفار واستخدام النقائض في انتصار كل فريق. ألغى الإسلام الانتماء إلى الأنساب وشرفها والافتخار بها على الناس وكذلك ألغى العصبية القبلية الجاهلية وكل ما تمت إليه بصلة. أخذ الشعراء المسلمين على عاتقهم الدفاع عن الرسول r وعن الإسلام. نزول القرآن الكريم على الرسول r وأحاديث الرسول وخطبه وتعاليمه سندا لنهضة العرب وجميع علومهم بما فيها الشعر. شاركت النساء الشعراء في النهضة الشعرية مع الرسول r وكنّ يحرض على القتال، والانتقام ويبكين القتلى. لأنّ الشعر بعض الشعراء من أمثالهم حسان بن ثابت رضي الله عنه، وذلك لتغير الظروف عليه من الجاهلية إلى الإسلام، ولو بقي حسان في الجاهلية في الشعر لكان شعره مثل الشعراء الذين لم يدخلوا الإسلام، وإذا نُظِرَ إلى شعر المشركين في الإسلام لوُجِد أن شعرهم لم يتغير، وذلك لعدم دخولهم في الإسلام، فبقيت معانيتهم معاني جاهلية. أكثر النقائض الإسلامية جاءت في الغزوات الإسلامية وأيام الحروب بين المسلمين والمشركين، وأنها امتدادا للنقائض الجاهلية. تغيرت المعاني والموضوعات والأساليب من الجاهلية إلى الإسلامية. حمل عام الوفود نقائض تعتبر في مجملها قليلة. اقتباس الشعراء من معاني القرآن الكريم وتوظيفها في شعرهم. وهذا من فضل الله عليّ أن ّأديت جهدا متواضعا في هذا البحث.
هيثم سالم علي العباني (2011)
Publisher's website

تجليات الحداثة في القصيدة العباسية حتى نهاية القرن الخامس الهجري

حاولت هذه الدراسة أن تقدم صورة عن تراث العرب الأدبي في عصر من أرقى العصور الإسلامية ثقافياً، وأدبياً، وأكثرها إنتاجاً للشعر، وهي حقبة الحكم العباسي، هذا العصر الذي وإن كثرت الدراسات حوله ؛ فالحاجة ما تزال قائمة فيه للمزيد من الدراسات التي تكشف قدرة شعرائه، وتوضح بديع إنتاجهم. من هنا كان هدف هذه الدراسة الرئيسي، هو توضيح أهم ملامح الحداثة، والتطور التي طرأت على القصيدة العربية في العصر العباسي. ومسألة التطور، والتجديد، والتكيف مع ظروف العصر السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، تعد من سنن الحياة في كل عصر، وخاصة إذا ما توفر المناخ المناسب لكل ذلك ؛ وهذا ما حدث بالفعل مع القصيدة العربية في العصر العباسي، الذي شهد نقلة نوعية طالت كل مناحي الحياة. فهمُّ هذه الدراسة إذاً هو السعي إلى الوقوف على أشكال التطور والتجديد الذي طرأ على القصيدة الشعرية في العصر العباسي ومن هنا فقد جاء الفصل الأول من هذه الدراسة تمهيداً تناول مظاهر الحياة العامة، وما صاحبها من تغير على الصعيد السياسي، والاجتماعي، والعقلي الثقافي، حيث أوضحت من الجانب السياسي كيف أن سياسة الأمويين عملت على تأليب الناس ضدها، وخاصة فئة الموالي التي قاست ألوانـاً من الذل، والميز الجـنسي، مما دفعهم إلى العمل في الخفاء مع الحزب العباسي للإطاحة بالأمويين، وهذا ما تحقق لهم فعلاً، وكانت بعدهم دولة بني العباس الذين رجحوا كفة الموالي على العرب، الأمر الذي أمدَّ التيار الشعوبي بكل أسباب القوة فراح دعاته يعملون جهاراً، ودون رادع. ومن ناحية الجانب الاقتصادي فقد عملت على توضيح اختلاط العرب بغيرهم من القوميات، والبيئات الأجنبية التي أثّرت تأثيراً مباشراً على نظام حياة العرب الذي كان بسيطاً، وخالياً من التعقيد، وقد اتضح أنه كان للعامل الاقتصادي دوره في تكوين هذه البيئة المستحدثة مع توفر الأموال، وسيطرة طبقات بعينها على مقدرات طبقات أخرى بسيطة كادحة. وعرضت في الجانب الثقافي والعقلي من هذا الفصل إلى أثر الحضارات الوافدة على المجتمع العربي، فمن الثقافة الفارسية إلى اليونانية إلى الثقافة الهندية، وقد تعامل العرب مع هذه الثقافات من جانبين، جانب المخالطة المباشرة، والاحتكاك، وجانب آخر هو عن طريق الترجمة ؛ وقد كان فعل الاحتكاك الاجتماعي أبرز من دور الترجمة، يُضاف إلى هذا الجانب الثقافة الإسلامية التي تمازجت مع تلك الثقافات الوافدة. وقد خُصص الفصل الثاني من هذه الدراسة وهو المعنون بقضايا عامة لتناول ثلاث من القضايا التي شغلت النقاد، والشعراء، ومتتبعي الأدب، أولها كانت قضية الصراع بين القدم والحداثة، وقد أوضحت أن أنصار القديم كانوا من العلماء المهتمين بجمع اللغة، وتفسير القرآن الكريم، والذين كان همهم الأول هو المحافظة على عمود الشعر العربي ؛ أما دعاة التجديد فإنهم شعراء رأوا أنه من الزيف أن يحيوا حياة كلها حضارة، وترف مادي، وعقلي، ثم يتمسكوا في شعرهم بتقاليد لا تمت إلى هذه الحياة بأي صلة، ثم إن أصحاب الموقف المتشدد المحافظ تحولت نزعتهم تلك إلى عصبية قائمة على أسس زمنية بعيدة عن النظرة الفنية الصائبة. وكانت القضية الثانية قضية الثورة على الموروث، وقد جئت بالثورة على المقدمة الطللية كنموذج لها، هذه الثورة التي وجدت أن أبا نواس أكثر من هتفوا بها، وأن هذه الدعوة في عمومها كانت لا تخلو من شبهة الشعوبية، وإن كانت لها أمثلة عند شعراء عرب الأصل مثل ابن المعتز، وقد كان مصير هذه الدعوة هو الفشل لأن رائدها نفسه، وهو أبو نواس لم يفلت من النظام التقليدي للقصيدة المدحية في كثير من شعره، حيث افتتح كثيراً من قصائده بالمقدمة الطللية، وقد كان للخلفاء، والأمراء دور بارز في استمرار المقدمة الطللـية في الشعر العباسي، لأن ذلك بالنسبة لهم نوع من الترف الفني، كما أنهم كانوا يحبذون من ممتدحيهم الرجوع بهذه المدائح إلى النسخة العربية الأصيلة التي رأوها في أشعار الفحول من شعراء الجاهلية الأوائل، هذا مع العلم بأن أكثر هؤلاء الخلفاء كانوا على علم ودراية - لا بأس بهما - بأساليب الشعر ونقده. وأتبعت القضيتان السابقتان بثالثة، وهي مسألة الصراعات الفكرية، والمذاهب الدينية، في القصيدة العباسية الأمر الذي لم يُعهد بكثرة في العصر السابق، فمن الحزب الأموي إلى الحزب العـباسي ودعاته، إلى العلويين، إلى فرق ونحل دينية أخرى، مثل المعتزلة، والشيعة، وتيار آخر هو التيار الشعوبي، فكل هذه الفرق والمذاهب وجدت في الشعر العباسي، وقد تقسم الشعراء العباسيون بين هذه الفرق والمذاهب، وأخذ كلٌّ منهم يدعو لما يراه لصالحه ؛ الأمر الذي أدّى إلى اتساع هذا النوع من الشعر السياسي، والديني في العصر العباسي. أما في الفصل الثالث فقد ألقيت الضوء على أهم ملامح التطور، والتجديد في القصيدة العباسية، وقد تناولت ذلك من جانبين: جانب الموضوعات أو الأغراض، وجانب الشكل الذي يحتوي الأسلوب، والأوزان، والصورة الشعرية. ففيما يتعلق بالغرض الشعري والتجديد فيه، فقد خلصت الدراسة إلى أن هناك تجديداً في الغرض الشعري، وقد انقسم عمل الشاعر العباسي فيه إلى نمطين، قام في الأول منهما بالتجديد في إطار بعض الموضوعات القديمة، كتجديده في القصيدة المدحية، وقصيدة الغزل، والرثاء، والهجاء، كما جدد الشاعر العباسي في شعر الوصف، إذ عمد إلى وصف الطبيعة الزاهرة، ووصف أكثر مظاهر الحضارة، والرقي في عصره مثل القصور، والجسور والسفن، والبرك، وأصناف الأطعمة التي راجت في عصرهم، كما اتجه آخرون إلى وصف أدوات الفكر والكتابة مثل الأقلام والكتب. وقد طال هذا التطور قصيدة الخمر، التي حمل لواء التجديد فيها أبو نواس الذي نادى بأن تحل المقدمة الخمرية محل المقدمة الطللية، كما استفرغ أبو نواس كل صفات الخمر وما تعلق بها من السقاة، والباعة، والندمان، والكؤوس وما زينت به من تصاوير لأجناد الفرس، وتطرق النواسي أيضاً في خمرياته لعملية تعتيق الخمر، وتغنى بالبلاد التي فضل أن تجتلب هذه الخمر منها وهي بلاد فارس، ومما وقفت عنده هذه الدراسة من التجديد في قصيدة الخمر وغيرها مثل قصيدة وصف الطبيعة ؛ أن هذه الأغراض أخذت تنحو نحو الاستقلال في قصائد ومقطوعات اقتصرت على غرض واحد سواء في صفة الخمر، أو في صفة الطبيعة، على خلاف ما كانت عليه قبل هذا العصر بأن تتداخل الموضوعات في القصيدة الواحدة. وشعر الطرد أيضاً حدث معه الأمر نفسه حيث جدد فيه الشاعر العباسي، بأن جعل القصيدة الطردية مسرحاً، جُسدت عليه رحلة الصيد، وما صاحبها من مجالس لهو، وشرب، وأكل، كما وصفوا في طردياتهم جميع الحيوانات الصائدة إضافة إلى الفرائس، واتجه بعضهم إلى افتتاح الطردية بفخره بالنفس ؛ كفعل المتنبي في بعض طردياته، وقد مزج المتنبي أيضاً بين المدح والطرد بأن جعل الممدوح هو الذي يصطاد الفرائس مباشرة دون استخدام الكلاب أو الفهود أو البزاة. كان هذا النوع الأول من التجديد الذي طرأ على الغرض الشـعري الموروث. أما النوع الآخر فهو ما قام فيه الشاعر العباسي باستحداث وابتداع أغراض جديدة لم يسبق للشاعر العربي أن نظم فيها، وهي أغراض دعت إلى اختراعها ظروف العصر ومعطياته المتباينة، وقد كان الشعر التعليمي من أبرز هذه الأغراض المستحدثة والطارئة على الشعر العباسي، كان باعثه الأول لجوء الناس في هذا العصر إلى تعليم أبنائهم العلوم التي شاعت في هذا العصر، وهي رواية الشعر، وعلوم اللغة، والعلوم الدينية، وعلوم الأوائل مما ترجم عن اليونان، فمن هنا ارتأى الشاعر العباسي تسهيل فهم وحفظ وتدارس هذه العلوم على المتعلمين بأن نظمها شعراً، وقد جاء أكثر هذا الشعر على بحر الرجز، هذا البحر الذي أثبت أنه أكثر البحور الشعرية قدرة على استيعاب مختلف العلوم التي كان الناس بصدد دراستها في هذا العصر. ومن ابتداعات الشاعر العباسي تناولت هذه الدراسة شعر المجون، وخاصة الغزل الشاذ منه - الغزل بالمذكر-، الذي اتضح أنه ظهر نتيجة تأثيرات أجنبية، ولم يُعهد عن العرب الأوائل أن تعاطوا مثل هذا النـوع من الشعر الشاذ، ولا جاءت به عنهم الروايات والأخبار. وقد استدعى استفحال أمر الشعر الماجن أن يظهر تيار شعري آخر مضاد، وهو تيار الشعر الزهدي، كما أن كثرة دعاة الخير والصلاح شجعت كثرة من شعراء هذا العصر على أن ينظموا فيه لتوعية الناس، وانتشالهم من رذائل التيار الماجن وشروره، كما أن من أسباب اتساع دائرة هذا التيار لجوء الطبقات المضطهدة من ظلم المجتمع وصخبه إلى الله والإنابة إليه. أما المبحث الثاني من هذا الفصل فقد اشتمل على الجوانب الشكلية في القصيدة العباسية، وما طرأ عليها من تجديد وتطوير، وهذه الجوانب هي الأسلوب الشعري، والأوزان، والصورة الشعرية، أما الأسلوب فقد أطلق عليه اسم الأسلوب المحدث أو المولد، لما كان لهُ من مميزات وسمات عصرية، لم تُعهد على أسلوب الشعر العربي القديم، فكانت أهم مميزات الأسلوب المحدث أن لجأ الشاعر العباسي فيه إلى الشعبية، وإدخال الكثير من الألفاظ اليومية لعامة الناس كما أدخل الشاعر العباسي في شعره الكثير من ألألفاظ الأجنبية، واقترنت هذه السمات بالميل إلى النثرية، والتفنن أيضاً في استخدام الصنعة البديعية إلى درجة أصبحت فيها هذه الصنعة مقصودة لذاتها. ومن الجوانب الشكلية في القصيدة العباسية تطرقت الدراسة أيضاً إلى الأوزان الشعرية وأثر حركة الغناء فيها، فهذه الأوزان التي وإن كانت وفيرة ومتنوعة قبل هذا العصر ؛ إلا أنه كان للشاعر العباسي تعامله الخاص معها استجابة لعوامل كثيرة دعت إلى التطوير في هذه الأوزان، وقد كان على رأس هذه العوامل اتساع دائرة الغناء، وانشغال كافة الناس به لدرجة أن معظم الشعر أصبح ينظم ليغنى به، من هنا قام الشاعر العباسي بإحياء بعض الأوزان التي كانت مهملة قبل هذا العصر، كما كثر نظمهم على الأوزان القصيرة والرشيقة، وتجزئة الأوزان الطويلة، وقد ألحق هذا التطور على صعيد الأوزان بأن تحلل الشاعر العباسي من النظام الموحد للقافية في القصيدة الواحدة، وذلك بأن نظم في المزدوجات، والمسمطات، والمخمسات، والرباعيات. يُضاف إلى هذين الجانبين من الجوانب الشكلية للقصيدة العباسية جانب آخر هو الصورة الشعرية، التي أفرط الشاعر العباسي في نقلها من استخدام الاستعارة، والكناية، والجناس، والطباق، كما عمد بعضهم أيضاً إلى التجسيم والتشخيص للمعنويات. ثم نأتي للفصل الرابع الذي كان عنوانه البنية الهيكلية للقصيدة في هذا العصر، وقد قسم هذا الفصل إلى مبحثين تناولت في أولهما إطار القصيدة، وقد كانت أطر القصيد في هذا العصر متـعددة منها القصائد، والمقطوعات، والرجز، وأطر أخرى كالمسمط، والمزدوج، ومما أوضحته هذه الدراسة في هذا الفصل، أن نظام القصيدة أخذ يتراجع وأخذ يطغى عليه نظام المقطوعة الشعرية، لأن غالبية شعر هذا العصر نظم ليُغنى به، وأن طبيعة العصر وحياة الناس لم تعد تسمح بالإطالة في القصائد، إلا إذا كانت قصيدة من الشعر الرسمي كالمدح أو التهنئة، أما عن الرجز فقد كثر النظم عليه وخاصة في الشعر التعليمي أو الأخلاقي، وشعر الطرد كذلك وقد تحدثت في المبحث الثاني من هذا الفصل عن عناصر بنية القصيدة وهي المقدمة والمطلع، ثم التخلص، ثم الغرض، فقد كان الشاعر القديم عادة ما يفتتح قصيدته بالمقدمة الطللية أو بالغزل والنسيب، أما في هذا العصر فقد دعا بعض الشعراء إلى الثورة على مثل هذه المقدمات، وطرحوا بدائل عنها منها المقدمة الخمرية، كما جاء شعراء آخرون بمقدمات أخرى كوصف الطبـيعة، ومنهم من دخل في غرضه مباشرة دون تقديم لذلك، وآخرون عمـدوا إلى المقدمة الحكمـية الوعظية كما أن بعض القصائد قـدم لها بمناسبتها، وعلى الرغم من كل هذا فإن المقدمة الطللية لم تندثر أو تختفي في أشعار هذه الفترة، وبالأخص في قصيدة المدح، وإن لوحظ أن الشاعر العباسي قد تخفف في كثير من قصائده من أصول المقدمة الطللية. وكان التخلص من موضوع لآخر أو من فكرة لأخرى في القصيدة العربية من أبرز العناصر التي عني بها النقاد، ودعوا الشعراء إلى الإحسان فيها في العصور السابقة لهذا العصر، وكان الأمر كذلك في هذا العصر؛ ففي قصيدة المدح نلاحظ أن الشاعر العباسي أصبح أكثر سلاسة في التنقل بين أفكاره دون أن يُشعر القارئ أو المستمع أن هناك تنقلاً قد حدث بالفعل، ولم يكن هذا حال كل الشعراء العباسيين، لأن منهم من عقّب العلماء على تخلصه في بعض قصائده بأنه لم يُحسن التصرف في هذا التخلص. وآخر عناصر بناء القصيدة في هذا المبحث كان الغرض أو الموضوع الشعري، وبما أن هذا العنصر سبق التطرق إليه في الفصل السابق، فقد اكتفيت في هذا الموضع بالإشارة إلى ذلك تجنباً للتكرار. أخيراً فإن أهم ما سجلته هذه الدراسة من نتائج، كان التأكيد على أن هناك تجديداً أصاب القصيدة العربية في هذا العصر، وأن هذا التجديد كان شاملاً للجانبين الشكلي والموضوعي، وأن دواعي ذلك التجديد كانت متشابكة سياسية، واجتماعية، واقتصادية كما أن هذه الدراسة عرّفت بأغراض الشعر القديمة التي طرأ عليها بعض التجديد في الشعر العباسي، وتعرضت كذلك للأغراض الشعرية المستحدثة. وكذلك فهذه الدراسة في أغلب فصولها تعد بمثابة المقارنة بين شكلي القصيدة العربية، الشكل التقليدي الموروث، والشكل المولد المحدث، يتضح ذلك من خوضها في قضايا مثل قضية الصراع بين القديم المحدث، وقضية الثورة على المقدمة الطللية. وبعد فإن هذه الدراسة تتبعت شعراء عاشوا في فترة تزيد على الثلاثة قرون من الزمان ؛ فكان الغالب على منهجها هو استشفاف الروح العامة التي اتسمت بها أعمال هؤلاء الشعراء في هذه الفترة.
سالم مُرجان الدبوس العبد(2009)
Publisher's website

كتاب دقائق التصريف للقاسم بن محمد بن سعيد المؤدب

الحمد والصلاة والسلام على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد: أختتم هذا البحث بما توصلت إليه من نتائج موجزة وبأهم ما ورد به من نقاط، وما هذه النتائج التي توصلت إليها إلا ثمرة العمل التي استغرق الوصول إليها مراحل صعبة تحومها العقبات وخصوصاً أن هذه الدراسة جديدة وغير مسبوقة بدراسات أخرى، إلا ما ذكره الأستاذ عبد القادر المهيري في مقالة قصيرة تشير إلى هذا الكتاب. وقد اتجهت في هذا البحث اتجاهاً أرجوا أن تتحقق معه مزايا البحث العلمي وأشير بإيجاز أن نتائج هذا البحث التي تنحصر في الآتي: تناولت في بداية البحث إلى تمهيد للتعريف بأبي القاسم المؤدب وتحدث عن أهم شيوخه، ومنزلته العلمية، والحركة اللغوية في عصره، وكذلك أشرت إلى الجهود الصرفية حتى نهاية القرن الرابع الهجري، وألمعت بالخصوص إلى كتابه ( دقائق التصريف ) شاهداً على ثقافته واطلاعه الواسع. وقد تكلمت عن منهجه وأصوله النحوية: يكاد يجزم الباحث أن المنهج الذي سار عليه أبو القاسم المؤدب ويميل إليه في كتابه هذا هو المنهج الوصفي بنوعيه التحليلي والتقريري، فقد نَهَجَ نَهْج أعلام الكوفيين من النحاة وموافقته لكثير من آرائهم ولاسيما أبا بكر محمد بن القاسم الأنباري ويحيى بن زياد الفراء ولا يستبعد أن يكون هذا راجعاً إلى تلمذة أستاذه الهيثم بن كليب عليه واتصال سلسلة السند عن طريقه بينه وبين الأنباري. ولا شك أن أبا القاسم أطلع على كثير من الكتب الصرفية والنحوية قبل كتابه ( دقائق التصريف ) ويظهر هذا واضحاً في نقله عن هؤلاء السابقين وقد نقل عن كثير من علماء العربية، وكان أكثر ما نقل عن الفرّاء وابن الأنباري، وكان يكثر ترديد اسميهما في المسائل، ويستشهد بآرائهما ويكنّ لهما كل احترام وتقديرهذا بالإضافة إلى أن ما ينقله عن أئمة الكوفة يتجاوز بكثير ما ينقله عن سائر الصرفيين ويستشهد به من أقوالهم، ومما يؤيد هذا الرأي توخيه بعض المصطلحات التي جرت على لسان الكوفيين واعتماده الكثير على الآراء التي عرفوا بها كما أشرت إلى ذلك في موضعه من البحث. ثم أمعنت النظر في أسلوب المؤدب وما يتسم به من إيجاز في بعض المواضع، الأطناب والاستطراد في مواضع أخرى فمن وجوه الإيجاز أنه يحيل القارئ في بعض الأحكام على ما تقدم ذكره من أحكام تشابهها قد سبق الحديث عنها بعبارة اختصار وإيجاز نحو قوله: " وعلة انتصاب الباء مثل العلة فيما تقدم " وقوله: " هكذا اشتقاق هذا الباب وما لم أذكر فهو على قياس ما ذكرته " ومن وجوه الأطناب ما يلجأ إليه في تقرير المسائل على وجه المحاورة في صيغة سائل ومجيب، كما نلمس في أسلوبه المساواة أيضاً ومن أسلوبه أيضاً استعماله عبارات المشابهة والتشبيه، وكذلك سمات أسلوبية أخرى كاستخدامه للمشيئة كما اتضح ذلك في موضعه، ومنه أيضاً اتجاهه إلى المخاطب في عبارته، فهو يتجه في أسلوبه إلى القارئ يشركه معه فيما هو بصدده من شرح المسائل المختلفة نحو قوله: " ألا ترى، واعلم، فاعلم فافهم ". ومن المعلوم أن كتاب ( دقائق التصريف ) هو كتاب في التصريف، ولكن أبا القاسم لا يقتصر فيه على المسائل الصرفية فقط بل تخللتها مسائل نحوية ومسائل لغوية، وإن لم يفصل ذلك بأبواب مخصصة لها فالقاسم بن محمد المؤدب على ثقافته وإلمامه الواسع نلاحظ في تخطيطه الكتاب يشوبه الاضطراب، وناتج هذا هو تجاوز الموضوعات الصرفية أحياناً، أو تناول جوانب بعيد عن الباب المخصص لها والاستطراد في التعليق عن جزئية أخرى غير مرتبطة بما جاء قبلها من المسائل، قد أدى إليه سعيه إلى التنظيم والتبويب من ناحية والتقيد بما رواه من ناحية أخرى، وهو ما دعاه إلى الإخلال بتسلسل الأبواب أو تداخل المسائل الصرفية أحياناً بمسائل نحوية كان الأجدر به أن يتناولها في مواضع أخرى خاصة بها. كذلك تحدثت عن أهم مصادره فكان الكلام عن إلمامه بالعديد من اللهجات العربية منها لهجة أهل الحجاز، لهجة مكة، لهجة نجد، لهجة أسد، لهجة قيس، لهجة تميم. . . الخ مع ملاحظة أنه لا ينص أحياناً على اسم القبيلة التي يحكي لغتها، ومقياسه في أخذه عن مختلف لهجات القبائل العربية هو الفصاحة، وقبائل العرب – عنده – متباينة في فصاحتها، وهناك ما يكون من اللغات ما هو شاذ أو ما هو قليل رديء عنده. أما عن أخذه اللغة فقد كان ينص على أنه أخذ اللغة عمّن يوثق به في روايته عن العرب الخُلَّص، فقد حكي أبو القاسم المؤدب عن شيخه ( الهيثم بن كليب ) ونص على أنه ثقة في روايته إذ يقول: " وحكي لي الثقة عن أبي بكر محمد ابن القاسم بن بشار الأنباري: صبراً جميلٌ " ومثل هذا كثير في كتابه، لكنه لم يلتزم في بعض الأحيان بتوثيق من يروي له عن العرب في كثير من الموضوعات وكان يكتفي بالتصريح بأنه سُمِعَ ذلك من العرب، ويأتي ذلك على عبارات مختلفة نحو قوله: " والعرب تقول كذا، وقد قال بعض العرب كذا " وعلى هذا النحو قد أخذت لهجات أكثر القبائل العربية من عناية المؤدب ما جعلها جزاءً مهماً في منهجه متمثلاً ذلك في اهتمامه وحرصه على استيعاب الكثير من اللهجات الواردة في نطق بعض الكلمات العربية، ويتضح أنه على دراية باللهجات العربية وخصائصها اللهجية. وقد فصلت القول في نقله عن أعلام الصرف والنحو ولاسيما تلك النقولات والتخريجات التي لم تعرف أو لعلها مأخوذة من كتب ضاعت أو لم تنشر مثل: نقله عن كتاب ( الجمع والتثنية ) للفرّاء وكتابه ( المُعرب ) وكتاب ( عيون الأخبار ) لابن قتيبة وكتاب ( معاني الشعر ) لابن السكيت، فهذه الكتب من الكتب المفقودة والتي لم يعثر على نسخة منها. ولعل ما تجدر ملاحظته في نقله عن الصرفيين أنه يميز بين المتقدمين والمتأخرين منهم ثم تكلمت عن جهوده في الصرف والنحو ممثلة في شواهده وأدلته النحوية. فقد قام منهج الصرفي في دراسة التصريف ووضع القواعد والاستشهاد على المسائل المعروضة عن المصادر التي تنحصر في القرآن الكريم ووجوه قراءاته، وقليل من الحديث النبوي الشريف وكثير من الشعر العربي، والنثر والأمثال. أما القرآن الكريم وهو أفصح الكلام على الإطلاق هو المصدر الأول للغة فقد أكثر من الاستشهاد به وبقراءاته، غير أن هذه العناية بالقرآن وقراءاته لم تمنعه من الطعن في بعض القراءات من ذلك قول الله عز وجل في ( معايش ) فقد نص على أن الياء فيها لا تهمز، مع العلم أن همز ياء ( معايش ) قراءة نافع وهو من القرّاء السبعة فقد بادر المؤدب بالطعن في هذه القراءة وهي سبعية، وهذا أمر لا يجوز في حق هذه القراءة ولا يحل لأبي القاسم إنكارها، فأما أن يكون قد أغفلها لأنه لم يكن يأخذ بها، وإما أن تكون هذه القراءة لم تصل إليه ؟، وهذا ما أرجحه، وقد كان حرياً بأبي القاسم أن ينأى عن هذا المورد الوخيم الذي ورده فقد بالغ هجومه على - نافع وهو من القراء السبعة - وإنما تردى في هذه الوهدة، لأنه يشترط في القراءة أن تجري على سنن كلام العرب، وقد فاته أن القراء يعملون على الأثبت في الأثر، فإذا صحت القراءة عندهم لم يلتفتوا إلى هذا الشرط لأن القراءة سُنّة يأخذها الآخر عن الأول، أضف إلى ذلك أن الرواة الذين جمعوا اللغة من أفواه العرب لم يستغرقوا لغات كافة القبائل والمقاييس التي استنبطها النحاة والصرفيون مستمدة مما وصل إليهم من كلام العرب تنكرنَّ أن تأتي القراءات القرآنية على لغات لم تطرق اسماع الرواة والنحويين، وهذا أحد المآخذ التي توجه إلى منهج الصرفي في قضية الاستشهاد بالقراءات حين أباح لنفسه تخطئة القراءة إذا لم يجد نظيراً من كلام العرب لبعض القراءات. أما الحديث النبوي الشريف فلم يطعن في شيءٍ منه، بل احتج به من غير أن يبحث في درجة الحديث، لكنه لم يكثر من الاستشهاد به. أما كلام العرب قد اهتم أبو القاسم المؤدب بالشواهد الشعرية فاستشهد بها صرفياً ونحوياً وشرحها وحللها على اختلاف تناوله لها. ونجده أيضاً قد أكثر من ذكر كلام العرب النثري، وهو من الشواهد التراثية التي لا تجري غالباً مجرى الأمثال ولكنها من آثارهم المروية عنهم، وكما وجدت الأمثال العربية اهتماماً كبيراً من أبي القاسم، وكتابه حافل بها. وتناولت أدلته النحوية منها السماع والقياس والتعليل والإجماع: أما الأصل الأول من أصول التصريف فهو السماع ويشتمل على سماعه القرآن الكريم والحديث الشريف وكلام العرب الفصحاء، وقد اتخذ المؤدب القياس والمعول عليه في غالب مسائله الصرفية يعتمدُ في دراستها، فاحتج به وبسط القول فيه وقد مُليء كتابه أيضاً بعلل التصريف التي علل بها كلام العرب ولم يقف عند هذا الحد من التعليل، بل تجاوزه إلى تعليل كثير مما لم ينطق به العرب وبيان العلة التي من أجلها لم ينطقوا به على ما بينت في موضعه من البحث، كذلك اتخذ الإجماع حجة في الاستدلال على صحة بعض المذاهب في التصريف وبه احتج في رد بعض الآراء التي خالف فيها أصحابها ما أجمع عليه الصرفيون، وقد درست موقف أبي القاسم من هذه الأصول في مبحث خاص بها. وقد بينت في الموضع المناسب من هذا البحث أهم ما يلاحظ على كتاب ( دقائق التصريف ) جملة من استعمالات القاسم بن محمد المؤدب لكثير من المصطلحات الصرفية التي لم تكن شائعة في كتب التراث العربي ولم تتردد على لسان نحاة العرب فقد قمت بدارسة هذه المصطلحات والربط بينها وبين ما هو شائع في استخدام الصرفيين لها وما استقر في مدوناتهم، وبيان دلالتها وإبراز أهم الأسباب التي أدت إلى اختفائها وشيوع مصطلحات بديلة لها استقرت في التراث اللساني العربي وهو مالا يفسر إلا بأنها استعملت على لسان بعض النحويين في فترة من فترات النحو، ونحن وقد سلمنا من خلال هذه الدراسة أن أبا القاسم كوفي المذهب فالأمر في شأن هذه المصطلحات مرتبط بالخلاف بين أصحاب هذين المذهبين وقد بينت أن سبب الخلاف الاصطلاحي بين المذهبين يرجع إلى: اختلاف السمات المقيدة في كلا المذهبين، وإن كل فريق يرى في المصطلح سمة مفيدة لا يراها غيره، واعتماداً على تلك السمة توضع التسمية. كذلك من أسباب الاختلاف الاصطلاحي بين المذهبين تسامح الكوفيين في تنويع العبارة بتنوع السياق، واعتماد السياق في تعيين تسمية بعض مصطلحاتهم، ومن ثم كانت تسمياتهم مختلفة متعددة أحياناً بتعدد السياقات. ومن تلك الأسباب أيضاً الاختلاف في تصنيف الكلام وتفريعه، فنحن قد نجد المصطلحات الكوفية لا نظير لها في مدونة البصريين، فهم أكثر اتساعاً لأنهم يسعون إلى تفريع المتصورات وإكسابها تسميات جديدة لا قبل للعادة النحوية بها ولنا في المؤدب وكتابه ( دقائق التصريف ) - كما رأينا – خير مثال، من ذلك تفريعه للفعل إلى الفروع النادرة التي ذكرناها في موضع سابق من هذا البحث. ثم تطرقت إلى أهم الآراء والتعليلات الصرفية التي انفرد بها المؤدب وموقفه من نحاة المدرستين، ولأبي القاسم شأنه شأن الكثير من أئمة الصرف والنحو – آراء يشارك فيها غيره من سابقيه ففي كثير من المواضع يشارك النحاة في اتخاذ رأي معين يقولون به، ثم يأخذ دوره في الخلاف في شأن تفسير هذا الرأي أو تفصيلاته. وقد سلك أبو القاسم في مناقشته للآراء الإكثار من عرضها ومناقشتها مناقشة تتسم غالباً بالدقة والعمق وطول النفس، فهو يعرض الكثير منها في المسألة الواحدة أو الموضع الواحد، ويقابل بين هذه الآراء فيجعل بعضها في مواجهة بعض، وكما يفعل ذلك في مقابلة آراء أئمة الصرف والنحو فهو يفعل مثله أيضاً حيال رأي جماعة ورأي أخرى من اتباع المذهب الواحد، وإذا كان بين هذه الآراء رأي ابن الأنباري، فإنه غالباً ما يرجحه كما رأينا ذلك في موضعه. ومن المقرر لدى الباحث أن أبا القاسم المؤدب كوفي يميل إلى آراء الكوفيين فهو بطبيعة الأمر يحتفل لآرائهم ويعرضها في طليعة ما يعرض من آراء مشفوعة في الغالب بترجيحها على ما عداها من الآراء، وموقفه في أكثر الأحوال هو موقف الصرفي الذي يمثل مذهبه أصدق تمثيل، وإن كان في قليل من المواضع يخالف أئمة الكوفة ويتفق في رأيه مع البصريين، وهذه الصورة واضحة لموقفه من هاتين المدرستين وقد بينت ذلك بتفصيل في موضعه من البحث.
أسامة عبد الله طمين(2009)
Publisher's website