Digital Repository for Department of Arabic Language

Statistics for Department of Arabic Language

  • Icon missing? Request it here.
  • 0

    Conference paper

  • 0

    Journal Article

  • 0

    Book

  • 0

    Chapter

  • 8

    PhD Thesis

  • 42

    Master Thesis

  • 0

    Final Year Project

  • 0

    Technical Report

  • 0

    Unpublished work

  • 0

    Document

الأعلم الشنتمري ومنهجه في شرح حماسة أبي تمام

في ختام هذه الدراسة الشاملة لمنهج الأعلم الشنتمري في شرحه لحماسة أبي تمام، نصل إلى أهم النتائج التي كشفها هذا البحث، وهي على النحو الآتي: إنّ تسمية شرح الأعلم الشنتمري بحماسة أبي تمام من باب المجاز لا غير؛لأنه أضاف حماسات أخرى إلى حماسة أبي تمام، ثم جمعها في كتابه "المسمى بشرح حماسة أبي تمام تجلّي غرر المعاني عن مثل صور الغواني والتحلي بالقلائد من جوهر الفوائد". إنّ شرح الأعلم الشنتمري لهذا الكتاب يمثل الرائد الأول بالنسبة لنص الحماسة التماميّة في الأندلس. إنّ منهج الأعلم الشنتمري يعد من المناهج التعليمية التي تزود طلاب المعارف من خلال النصوص المشروحة بمعلومات جمة في تكوين ذاكرة المتلقي آنذاك. يعتبر منهج الأعلم الشنتمري من المناهج المختصرة المفضلة والمختارة في شرح التراث العربي. إنّ أسلوب الأعلم الشنتمري هو من نماذج الأساليب الرائعة عند المتلقي، التي تتسم بالخلو من تعقيدات في المعاني، وركاكة في التعبيرات. إنّ اختيار الأعلم الشنتمري حماسات شعرية أخرى بالإضافة إلى حماسة أبي تمام المشهورة هو دليل قوي على اهتمامه بالشعر وتوابعه، ودرايته به دراية متخصص في مجال تخصصه. الدراسة تفتح الباب أمام دراسات مستقبلية في مجال الدراسات الأندلسية منها: الموازنات، والاختيارات الشعرية، والدراسات الأدبية الحديثة، وغيرها.
غالية الطاهر حبلوص(2010)

توظيف الشواهد البلاغية في كتاب دلائل الإعجاز للشيخ عبد القاهر الجرجاني

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأصلي وأسلم على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فقد بلغ هذا العمل نهايته، ولكن تجدرالإشارة إلى أن بعض النتائج التي توصل إليها البحث لم يكن من المستطاع أن يتم تناولها في صلب الدراسة بسبب تركيزها على شواهد كتاب "دلائل الإعجاز" بصفة خاصة، وليست هي بالأمر الهين، وأن التطرق إلى تلك النتائج الهامة سيقلل من نسبة التركيز التي كان البحث في الشواهد يتطلبها، ولذلك لابد من التطرق لتلك النتائج في الخاتمة حيث لم يتسع لها البحث، وهذه النتائج جاءت على النحو التالي: أن النهوض بالبلاغة العربية لن يتم دون النهوض بالشاهد البلاغي. إن عملية انتخاب الشاهد البلاغي ليست بالأمر الهين " فلم يكن الاختيار عملية يسيرة، بل كانت عندهم دقيقة لا تقل – في عسر مخاضها – عن عملية الخلق والإبداع ذاتها، وهي تحتاج إلى أدوات صارمة في التمييز والتنقيح، فضلا عما ينتظر القائمين عليها من التشبع بالنصوص، وطول معاشرتها " يقول الشيخ عبد القاهر الجرجاني كدليل على صدق كلام صاحب المدونة وهو يتحدث عن الصعوبة، التي يتجشمها الباحث عن المزايا، التي عرضت بسبب "معاني النحو": " ثم إنك تحتاج إلى أن تستقري عدة قصائد بل أن تفلي ديوانا من الشعر حتى تجمع منه عدة أبيات" إذا كانت اللغة تشبه الكائن الحي، وأن هذا الكائن مكون من أعضاء منضم بعضها إلى بعض، فهكذا حال اللغة، لابد من دراستها، وقد التحمت مكوناتها من نحو، وصرف، وبلاغة، في سياق نظم واحد، وهذا ما يحققه مصطلح " النظم " الذي يقضي تلقائيا على ما عرف بقضية اللفظ والمعنى، وهذا ما سعى عبد القاهر الجرجاني إلى التأكيد عليه، أما حالة التجزئة التي عليها لغتنا فقد صنعت منها كائنا مقطع الأوصال: العظم في جهة (ويمكن أن نمثله "بالنحو" في حال اللغة، حيث أصبح النحو كالهيكل العظمي الخالي من أي جمال على أهميته في إقامة صلبها). واللحم في جهة ( وهو الذي يمكن أن تمثله البلاغة، وقد فصلت عن النحو، وسميت " المعاني " و"البيان " و " البديع " فكانوا كالأيتام في هوانهم على الناس، وقد تركت البلاغة دون سند تعتمد عليه، ويتجمل هو بها). وما نظرية عبد القاهر الجرجاني في "معاني النحو"، وحماسه الشديد في تبصيرنا بأهميتها، إلا للقضاء على هذا الخطر الداهم على كل من: اللغة، والإعجاز، ورد اللحم على العظم، والكسوة على الهيكل، للحصول على الحياة بعد القتل. وهذا ما اشار إليه الدكتور محمد منذور في كتابه "النقد المنهجي عند العرب" معرفا النقد بقوله: "النقد في أدق معانيه هو فن دراسة النصوص والتمييز بين الأساليب المختلفة" والنص كل متكامل بنحوه وصرفه، ألفاظه ومعانيها، بيانه وبديعه ومعانيه، وإذا تجزأ فقد كيانه، وكيانه يكمن في النظم الذي اجتهد الشيخ في توضيح مراتبه، الأمر الذي بوأه المكانة التي يستحق، وفي ذلك يقول الدكتور محمد منذور أيضا: " وفي الحق إن عبد القاهر قد اهتدى في العلوم اللغوية كلها إلى مذهب لا يمكن أن نبالغ في أهميته، مذهب يشهد لصاحبه بعبقرية لغوية منقطعة النظير. وعلى أساس هذا المذهب كون مبادئه في إدراك (دلائل الإعجاز)، مذهب عبد القاهر هو أصح وأحدث ما وصل إليه علم اللغة في أوروبا لأيامنا هذه، هو مذهب العالم السويسري الثبت فردناند دي سوسير الذي توفي سنة 1913 م، ونحن لا يهمنا الآن من هذا المذهب الخطير إلا طريقة استخدامه كأس لمنهج لغوي "فيولوجي" في نقد النصوص" التأكيد على أن الشيخ قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وكل مطلع على كتب الشيخ يدرك هذه الحقيقة، وبقي الأمر أمانة في أعناقنا، في أن نعيد الأمور إلى نصابها، وندرس لغتنا: إما بالاستمرار على طريقة المعتزلة، كما هي موضحة في كتاب "سر الفصاحة" لابن سنان الخفاجي، الذي نكس البحث البلاغي على رأسه من البحث في الإبداع إلى البحث في الحروف، ونترك مناهجنا على حالها بكل ما فيها من لا منطقية ولا جمال، الأمر الذي ترتب عليه كره الأجيال الحالية واللاحقة للبلاغة و للغة القرآن، وانصرافهم عنها إلى اللغات الأخرى، القاصرة أن تبلغ في معانيها ما بلغته لغتنا. وإما أن ننهض إلى إتباع الحق الذي وضحه الشيخ، وتحدى أن يأتي أحد بخلافه – فلم يأت أحد بخلافه - ودعا إليه في دلائل الإعجاز، وأيدته فيه كل الدراسات اللغوية الحديثة، في ضرورة دراسة اللغة في سياق نظمها، وأن الأحكام على "الألفاظ المفردة " أو " الحروف " أو "المعنى " دون نظر إلى السياق، لهو من الظلم لكل نظم، ذلك لأن الناظم لا يصنع في "الحروف " مفردة، ولا في"الألفاظ " مفردة، ولا في "المعاني" مفردة شيئا، وإنما يحاسب ويقوم على نظمه، وطريقته في تقديم معانيه، فهذا مجال عمله، ولطالما شبهه الشيخ بالصائغ، والنساج، والبناء، الذي لا يصنع في المواد الأولية شيئا، وإنما ينحصر مجال عمله في صنعته. والذي يقوم بهذه التجزئة فحاله يشبه حال من وجد باقة ورد جميلة، صنعتها يد منسق بارع، ووزعت فيها الألوان بشكل عبقري، فرأى في نفسه أن يعيد تنسيقها بحسب مكوناتها، فجمع الورود الحمراء في باقة، والصفراء في باقة، والبيضاء في باقة، وجمع النباتات الخضراء التي كانت تتخلل الباقة فجعلها في حزمة مفردة، لقد حقق الترتيب المنشود ولكنه قضى على ما كان يسمى باقة ! تدعو الدراسة إلى ضرورة تخليص البلاغة من المسحة الطائفية التي أحاطت بها، وأخرجتها عن مسارها، فالاستدلالات التي جاء بها ابن سنان الخفاجي في كتاب سر الفصاحة ما هي إلا تكميل لعمل كل من: القاضي عبد الجبار، والرماني المعتزليين، فقد تحدث الأول عن الفصاحة دون أن يدعم كلامه بالشواهد، ونسب الآخر الإعجاز للتلاؤم دون أن يفصل القول فيه، فجاء عمل ابن سنان مكملا لعملهما. توصل البحث إلى أن الشواهد في المؤلفات البلاغية، يمكن ردها إلى ثلاثة منابع رئيسية وهي: شواهد الجاحظ. شواهد عبد القاهر الجرجاني. شواهد المغاربة. وإذا كان لا أحد ينكر اعتماد جل البلاغيين الذين جاءوا بعد عبد القاهر على مؤلفاته من أمثال الرازي، والسكاكي، والقزويني والخطيب، وغيرهم، فإن الإجماع يكاد يكون مسلما به على أبوة الجاحظ لعلم البلاغة العربية، سواء في أصولها أو شواهدها، وفي ذلك يقول الدكتور علي عشري زايد: "وقد احتوى الكتاب " البيان والتبيين " على مجموعة من أهم الأصول البلاغية الأولى التي قامت عليها دعائم علم البلاغة فيما بعد، والتي جعلت مؤرخي البلاغة يعتبرون الجاحظ واحدا من الآباء الشرعيين الأول لعلم البلاغة، على الرغم من أن الكتاب لا يشتمل على نظرية علمية متكاملة، أو حتى على قضايا بلاغية محددة، وإنما هي أفكار بلاغية متناثرة هنا وهناك، وسط حشد هائل من النصوص والأخبار الأدبية، وتراجم الأدباء ولكن هذه الآراء المتناثرة كانت هي البذور التي نماها البلاغيون فيما بعد، والأصول الأولى التي شادوا عليها صرح البلاغة العربية " ولعله هذا هو السبب الذي جعل الشيخ عبد القاهر الجرجاني يرجع للجاحظ مباشرة، لأن الذين جاءوا بعده اعتمدوا على شواهده، وتبنوا آراءه البلاغية و النقدية. كل من يحاول أن يكتب عن البلاغيين القدماء الذين أسسوا لعلم البلاغة من طريق ما كتبه المحدثون عنهم فإنه سيضل الطريق، وكل من يحاول أن يكتب عنهم بعد قراءة فقرات من مؤلفاتهم هو الآخر سيضل الطريق، وذلك بسبب اعتمادهم على التأليف التراكمي الذي سببه اعتمادهم على ذاكرتهم وهم يكتبون، فتكثر عندهم الاستطرادات والتكرار، ثم يعودون إلى الفكرة التي كانوا بصددها. فالطريق السليم للتعامل مع كتب التراث البلاغي إنما هو التمرس المتكرر بتلك الكتب حتى يتمكن الدارس من إدراك معنى ما يكتبون، وإن الذي يقرأ كتاب "دلائل الإعجاز" مثلا عشرين مرة فقط فلن يفهم مغزى ما يكتبه عبد القاهر الجرجاني. وإن الذي يأخذ فقرات من كتاب دلائل الإعجاز يؤسس عليها كتابا عن عبد القاهر الجرجاني فلن يحصل على الدقة المبتغاة مما يفعل. وبالمثل كتاب منهاج البلغاء وسراج الأدباء لحازم القرطاجني، وكتاب المنزع البديع للسجلماسي وغيرها. يقول الدكتور محمد منذور في مقدمة كتابه "النقد المنهجي عند العرب: "وفي الحق إن في الكتب العربية القديمة كنوزا نستطيع إذا عدنا إليها وتناولناها بعقولنا المثقفة ثقافة أوروبية حديثة أن نستخرج منها الكثير من الحقائق التي لا تزال قائمة حتى اليوم" من المسائل الهامة التي استنتجها البحث أن البلاغيين القدماء في مجملهم كانوا يردون بمؤلفات على مؤلفات يصححون بها ما يرونه يجانب الصواب في تلك المؤلفات، كما ينتقد بعضهم آراء البعض الآخر دون إشارة إلى صاحب ذلك الرأى، والباحث المدقق يستطيع أن يتذكر أين قرأ هذا الرأي، ثم يربط بين الآراء ويخرج بنتيجة. وليس السبب في أنهم لا يذكرون اسماء المخالفين أنهم يستنقصونهم، بل السبب أنهم لا يوجهون نقدهم للذوات وإنما النقد موجه للأفكار والآراء. ومن أوضح النماذج على ذلك هو موقف الباقلاني من الوجوه العشرة التي فسر بها الرماني البلاغة، وحصرها في تلك الوجوه، ثم نسب الإعجاز للوجه البلاغي، فعارض الباقلاني هذا التوجه بشدة، واضطره الأمر أن يستعرض جميع تلك الوجوه الواردة عند الرماني ويرد عليها واحدا واحدا، كما أن الباقلاني كان يعارض حصر البديع في عدد من الوجوه، ولذلك استعرض منه أشكالا عديدة استشهد لها من القرآن والشعر والنثر والأقوال وغيرها ؛ ليبين أن الوجوه غير محصورة، غير أن مجرد وجود الوجوه التي ذكرها الرماني بأجمعها في كتاب إعجاز القرآن للباقلاني جعلت الدكتور عبد القادر حسين يقول في كتابه "أثر النحاة في البحث البلاغي": "وبهذا الباب العاشر تنتهي أقسام البلاغة عند الرماني التي كان لها أجل الخطر على الدارسين بعده في نهاية القرن الرابع الهجري، والقرون التالية حتى نهاية القرن الثامن الهجري، فمنهم من أعجب بها، وأخذها على علاتها دون مناقشة، بل أتى كالجراد على الحقل البلاغي للرماني فلم يبق منه شيئا ولم يذر، وإنما التهم كل ما صادفه كما فعل الباقلاني". ولو تمت قراءة الباقلاني بشكل أكثر وعيا لجعلت طريقا إلى تحرير البلاغة العربية من الأقفاص التي صنعها لها الرماني وسجنها بها وسماها وجوها. وقد أشار صاحب المدونة إلى ذلك وهو يسعى إلى إيجاد سبيل لإنقاذ البلاغة فقال: فإن رأى المشتغل بالبلاغة اليوم من الضروري أن يفك حصار النمذجة والتنميط الذي ضرب على جل المواد الأدبية المنزلة في رسالة الرماني بنسبة أقل، وفي مصنفي العسكري والباقلاني بصفة أجلى وأوضح، فليس إلا أن يعود إلى نصوص الجاحظ والجرجاني، فأما مع الأول: فالمادة لا تزال طليقة حرة، تتحرك في النص بشيء من الأريحية. وأما مع الثاني: فقد عرفت المادة المنتدبة متنفسا جديدا؛ لأنها اخترقت جدار التنميط، وتجاوزت الحدود المصطنعة في التصنيف والتقسيم؛ إما لتعانق الأصول الأسلوبية والبلاغية عند الجاحظ من جديد، أو لتعرض المادة القديمة والمستحدثة في آن على مناهج أخرى تأليفية في النظر والتحقيق، سواء من جهة الأصول التصويرية، والتخييلية الكبرى الجوهرية، أو من جهة مبادئ الضم والتعليق. ثم أشار صاحب المدونة إلى ما يمكن تسميته بـ فضل عبد القاهر: قال: "ولهذا الرجل في نظرنا فضل كبير في تحويل وجهة البلاغة ودفعها نحو دوائر متسعة من الانفتاح والامتداد والتواصل، وإخراجها من البؤرة الضيقة التي كادت تتردى فيها بموجب الحصار الذي ضرب على الشعر من جراء الشروط المجحفة إن في الصناعة أو في الصنعة ".
فوزية الطاهر الشين (2010)

تحقيق جزء من مخطوط البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي من الآية 219 من سورة البقرة إلى الآية 41 من سورة آل عمران مع دراسة قراءة أبي السمال قعنب العدوي الواردة في كامل التفسير

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعود بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وأصلي وأسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد النبي الأمين، وعلى آله وأزواجه أمهات المؤمنين، وعلى أصحابه الغر الميامين، ومن والاهم وسار على نهجهم وتبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد: فإن خير العلوم التي يشغل بها المرء نفسه، وأفضلها هي علوم القرآن الكريم لا سيما إذا كان هذا العلم علما يُستخرج به فرائد الدر من الكتاب العزيز، وجواهر الياقوت والزمرد من ثنايا الآيات القرآنية الكريمة، وبيان معانيها، واستنباط أحكامها وحكمها. ولا يكون ذلك إلا بعلم التفسير الذي به وُثّقت أقوال الصحابة والتابعين لهم من السلف الصالح في تفسير الآيات، ونقل فهمهم لها بما تلقوه عن النبي وقد اهتم علماء الإسلام بهذا العلم اهتماما كبيرا فصنفوا فيه تصانيف جليلة تحمل في ثناياها تراثا عظيما، وكنزا علميّا قيما. ومن أجل ما صُنِّف في هذا العلم تفسير البحر المحيط لأبي محمد بن يوسف الأندلسي الغرناطي الذي ألمَّ فيه بأقوال من سبقه في هذا الباب محللا ومناقشا ومستعرضا آراءهم في غاية من التراكيب البليغة، والأساليب الفريدة التي تدل دلالة قاطعة على مكانته في هذا العلم، ومكانة تفسيره الجليل بين التفاسير. وإن كان تفسير البحر المحيط قد تم إخراجه في عدة طبعات محققة وغير محققة إلا أنها ـ ومع الجهد المبذول فيها ـ أخل فيها أصحابها بنص الكتاب فتعددت فيها الأخطاء المطبعية فضلا عن السقطات التي جاءت في المتن فخرج غير سليم في كثير من مواضع التفسير،وسأبين ذلك من خلال الحديث عن الدراسات السابقة ـ إن شاء الله تعالى ـوتقوم الرسالة على جانبين : الأول: تحقيق جزء من مخطوط التفسير يبدأ من: الآية 219 من سورة البقرة إلى الآية 41 من سورة آل عمران. الآخر: دراسة وتوجيه قراءة أبي السمال قعنب العدوي الواردة في كامل التفسير. وقد كان التمهيد عن أبي حيان من نصيب طالب قبلي فأعرضت عنه. وقد قدمت جانب التحقيق على جانب الدراسة؛لأني استخرجت وجمعتُ قراءة أبي السمال من تفسير البحر المحيط، فهي جزء منه؛فقدمتُ الكل على الجزء، سائلا الله ـ العلي العظيم ـ أن أكون قد وُفِّقتُ فيما قمت به من عمل. أسباب اختيار الموضوع: يرجع سبب اختيار تحقيق تفسير البحر المحيط إلى أسباب عدة منها: حب كتاب الله، والطمع في رضوانه، ومغفرته، وثوابه بخدمة كتابه العزيز. ارتباط هذه الدراسة بالقرآن الكريم، هذا الكتاب الذي يقف الإنسان عاجزا عن إدراك أسراره اللغوية، والبلاغية، والإحاطة بها مهما اعتقد أنه قد وصل إلى أعلى درجات العلم. إن تفسير البحر المحيط يمثل مرحلة من مراحل التطور الفكري في استخدام النحو لتفسير معاني القرآن؛إذ حشد فيه أبو حيان آراءَ جمعٍ غفيرٍ من النحاة الذين سبقوه، فلا تكاد تخلو صفحةٌ من صفحاته من رأي سابق في النحو، والإعراب،. ولم يكن عمله مجرد حشد، وتجميع، وإنما قابل تلك الآراء بالشرح، والتقويم، والنقد، وربما أضاف رأيا لم يسبقه إليه أحد من قبله. يُعدُّ تفسير البحر المحيط المرجع الأول، والأهم لمن أراد أن يقف على وجوه الإعراب لألفاظ القرآن الكريم، وبذلك فهو يعد موسوعة إسلامية كبيرة، ومصدرا مهما في كثير من الدراسات. يعد تفسير البحر المحيط من أكثر التفاسير المهتمة بالإعراب، والقراءات تداولا بين العلماء، والدارسين؛لغزارة مادته، وسهولة فهمه واستعابه. غموض موضوع القراءات في أذهان الكثير من القارئين لكتاب الله ـ سبحانه وتعالى. التعريف بالقراء. معرفة موقف أبي حيان من القراءات المتواترة منها، والشاذة. إن تفسير البحر المحيط بحاجة ماسة إلى إعادة تحقيق؛لما في الدراسات السابقة من قصور في منهج التحقيق. إبراز شخصية علمية مرموقة، لها إسهامات في الدراسات القرآنية، والنحوية، والبلاغية، والأدبية. الإسهام في إحياء تراث هذه الأمة العظيمة، وإخراجه للناس للاستفادة منه في الصورة التي أرادها لها المؤلف ما استطعت إلى ذلك سبيلا. رجاء رضى الله والتقرب إليه، ومصاحبة رسولهe في جنات الخلود. أهمية الموضوع العلمية: مهما تكلمت عن تفسير البحر المحيط فإنني لن أوفيه حقه، ولن أستطيع أن أُلمَّ في هذا العرض بكل ما يتعلق بأهميته العلمية للقارئ، والدارس، والباحث؛ففيه وضع أبو حيان خلاصة علمه الذي استخلصه منذ أن أكبَّ على العلم حتى أواخر حياته، ومن أهم ما يقال: يُعدُّ هذا التفسير من أجل كتب التفسير التي اعتنت بالنحو، والإعراب، وتوسعت فيه ـ ولا عجب في ذلك ـ فمؤلفه قد بلغ مكانة مرموقة قي العربية، ولا أدلَّ على ذلك من كتابه ( ارتشاف الضرب ) الذي يُعَدُّ أجمع موسوعة جمعت ما قاله المتقدمون، والمتأخرون. اهتم فيه مؤلفه بحشد رواية القراءات، وتوجيهها، والاحتجاج لها، والدفاع عنها، وتخريجها على أحسن الوجوه، ولا يخفى أنه كان عالما في القراءات، وقد أجازه الكثيرون، وروى عن الجم الكثير، حتى إن شيوخه بلغوا نحو أربعمائة وخمسين، وزد على ذلك أنه عَمَّرَ طويلا حتى بلغ التسعين قضى جُلها في التعلم، والتعليم، والتأليف. هذا المؤلف هو أضخم مؤلفاته، وقد ألفه في السابعة والخمسين من عمره، وكان أستاذا للتفسير حينها؛فأودع فيه الغرائب، والأفكار، وهو بحق منهج للتطبيق النحوي على الأساليب القرآنية الكريمة. يمثل هذا التفسير مرحلة مستقلة من مراحل النحو، والتفسير، وهي كما اسماها د. إبراهيم رفيدة ـ رحمه الله ـ : "مرحلة الشرح، والتقويم، والنقد" يعد مصدرا، ومرجعا لا غنى عنه لأي باحث، وطالب في مجال الإعراب، والتطبيق النحوي، وللباحث في الروايات صحيحها، وشاذها، ووجوهها اللغوية. يعد مراجعة عامة، وتقويما لأقوال المفسرين، والمعربين النحويين الأوائل.
صالح علي جقلول السوكني(2010)

بلاغةُ المتشابه اللفظي في القرن الكريم من خِلال تحليـل اللغـة والسيـاق

الحمـد لله أولاً وآخراً، والشكر له تعالى في البدء و الختم ؛ الذي وفقني لإتمام هذه الدراسة التي حاولت فيها بحث أحد الظواهر الأسلوبية في كتابه العزيز (القرآن الكريم)، المتمثلة في الآيات المتشابهة لفظياً من خلال اللغة والسياق لعلني بذلك أنال شرف المساهمة في خدمة هذا الكتاب العظيـم. و بعـد إتمام دراسـة هذا الموضـوع تم التوصل إلى النتائج الآتيـة: إن وجود الآيات المتشابهة لفظياً في الكتاب العزيز ليس أمراً عشوائياً، وليست لمجرد التنويع في الخطاب، بل هو أمرٌ مقصـودٌ لتأدية أغراض بيانية ومقاصـد دلاليـة. إن الآيات المتشابهة لفظياً هي أحد أوجه الإعجاز اللغوي والبياني في القرآن الكريم، وذلك على عكس مزاعم الطاعنين فيه. إن لدراسة الآيات المتشابهة لفظياً دوراً مهماً في تفسير القرآن الكريـم و بيان معانيه الدقيـقة. أثبت البحث النجاح الباهر للمنهج (السِّيـاقي) الذي يعتمد على نظرية السياق في توجيه الآيات المتشابهة لفظياً بصفة خاصة، وفي تفسير القرآن الكريم وبيان معانيه بصفة عامة. إن مراعاة الفاصلة القرآنية ليس أمراً مطرداً لتحقيق الإيقاع الصوتي بين الآيات، بل الهدف الأول هو (المعنى). أثبت البحث الدقة المتناهية في مطابقة التعبير القرآني لمقتضى الحال، وهي تلكم الظاهرة الإعجازية التي تُـميز البيان القرآني عن غيره من كلام البشر! من دراسة الأمثلة الواردة في فصول البحث للآيات المتشابهة لفظياً تـمَّ التوصـل إلى أن الأساليب التي استخدمها القرآن الكريم في الآيات المتشابهة لفظياً وهي: التقديم والتأخير، والحذف و الذكـر، و تغيير صيغ الألفـاظ، و الدلالة، و الحروف ؛ هي أساليب معروفة وأصيلة في اللغة العربية غير أن القرآن الكريم استخدمها استخداماً لم يكن معهوداً للتعبير عن معانٍ لغوية دقيـقة ولأغراض بلاغيـة تتسـق مع سيـاق النـص القـرآني ـ في مواضعها ـ اتساقـاً في غايـة الإعجــاز !! مع ملاحظة أن الأسرار اللغوية والبيانية لهذه الآيات تُستنبـَط لكـل آيـة (علـى حدة) في موضعها من السياق القرآني الكريم. وأخيراً فقـد قمت بدراسـة هذا الموضوع في حدود إمكانياتـي وجهـدي المتواضعين، ويعلم الله أنَّي لم ادَّخر وقتاً ولا جُهداً في سبيل إخراج هذا العمل بالمظهر اللائق شكلاً ومضموناً. ولا أدعي الإحاطة بكل شوارد هذا الموضوع الكبير فذلك ليس بالأمر اليسير في هذا البحث المحدود، وغاية ما أصبو إليه في هذا المقام هو تحديد معالم الطريق، ولفت الأنظار إلى مواصلة البحث في هـذا العلـم الهام ؛ إذ لا تزال هناك جوانب أخرى في المتشابه اللفظي بحاجة إلى الدراسة مثل: المتشابه اللفظي في القصص القرآني، و دراسة المتشابه اللفظي دراسة موضوعية تتناول ـ مثلا ـ ما يتعلق منها باليوم الآخر أو القيم الاجتماعية أو المعاملات أو التشريع. . ، مع مراعاة أن تعتمد كل هذه الدراسات على (المنهج السِّياقي) الذي أثبت هذا البحث نجاحَـهُ و أهميَّـته وجَـدْواه. هذا و ما كان من توفيق فمن الله وما كان من خطأ أو نسيان فمني ومن الشيطان. و ختاماً أدعـو الله تعالى أن لا يؤاخذني عن كل سهو أو خطا أو نسيان، وأن يغفر لي إن قلت في كتابه بما لا أعلم، وأن يصفح عن كل ما قَصُرت عنه الهِمَـمُ، أو عجز عن إدراكه الفَهْـمُ، وأن يجعـل هـذا العمـل خالصاً لوجهه الكريم. ﴿ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ (صدق الله العظيم)
عبد المجيد المبروك أحمد الأسطى(2010)

المغني بين الدماميني والشمني دراسة تحليلية لاعتراضات الشمني على الدماميني في شرح المغني

الحمد لله رب العالمين، الهادي إلى طريق الخير والفلاح، وأصلي وأسلم على الرحمة المهداة خير الخلق أجمعين، وبعد: فقد وفقني الحق تبارك وتعالى في إتمام هذا البحث، ودرست فيه جزءا من اعتراضات الشمني على الدماميني، وتتبعت دليل كل منهما، وسعيت قدر استطاعتي إلى أن أوفي الموضوع حقه، وأصل به إلى ما أستطيع من غاية؛ لأدون أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال مسيرتي مع هذا البحث، وهاأنا أسجل أبرزها اقتداء بسنة السلف: أن كتاب مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام الأنصاري عظيم القدر، كثير النفع، نال شهرة واسعة من بين كتب النحو. أن البدر الدماميني عاش حياة حافلة بالعطاء، والنشاط العلمي المثمر، في كل بلاد حلّ فيها، لا سيما بلاد الهند، التي صعد فيها نجمه. سعة أفق العلامة الشمني الذي كان يجمع بين مختلف العلوم، وذبّه عن ابن هشام والانتصار له في كثير من القضايا. اعتماد العلماء الثلاثة على المسموع من كلام العرب، والاستشهاد بفصيح الكلام والحديث النبوي ما أمكن ذلك. أن لشرح الدماميني وحاشية الشمني مكانة سامية بين الشروح والحواشي. حرص كل من الدماميني والشمني على بقاء نص المغني سليما وذلك بالاعتماد على أكثر من نسخة. أن دراسة الاعتراضات النحوية تعد سجلا حافلا لكثير من آراء النحاة وأقوالهم، بل كان من ورائها الآراء الصائبة والتوجيهات السديدة. أن الدماميني ذو شخصية متميزة، لم يبهره تفوق المصنف، المنعوت بشيخ النحو في عصره، بل تعقبه في كثير من المواضع، ورد قوله بتعبيرات تدل على خلقه، واحترامه وتقديره لابن هشام. أهمية الوقوف على اعتراضات النحاة والانفكاك عنها. أن الاعتراضات النحوية وسيلة لفهم نصوص العلماء، ومرجع مهم تستقل بخصائص معينة لا يفهما إلا من خاض غمارها. أن بعض الاعتراضات يوحي ظاهرها بالقوة ولكن عند التحقيق ضعيف يسهل إسقاطه. أن بعض الاعتراضات تتسم بالقوة، نظرا لاعتمادها على أدلة قوية يصعب نقضها. أن الاعتراض على القراءات ضعيف؛ لاشتهار القراء بالثقة عند العلماء. أن هذه الدراسة قد فتحت أمامي آفاقا واسعة في فهم الاعتراض النحوي وردود العلماء. أن القواعد النحوية بدأت مع نشأة النحو، واكتملت في كتاب سيبويه، وأن الذين جاءو بعده كانوا موضحين شارحين. أن الاعتراضات النحوية ما هي إلا تفسير للقواعد النحوية، والخروج بها من الواقع النظري إلى العملي، حيث يبرز الدليل وقوته. أن الشارح الدماميني والمحشي الشمني، لم ينتميا إلى مدرسة معينة وإنما يدوران حيث يدور الدليل، فكثيرا ما وافق المحشي رأيُه رأيَ الدماميني. أن الاعتراض النحوي يخرج آراء جديدة لعلماء قد يكونوا مغمورين، فتتضح آراؤهم النحوية، وتفتح آفاقا جديدة للباحثين. أن للاعتراضات النحوية دورا بارزا في إظهار الاتجاهات النحوية، وتعبير كل اعتراض عن وجهة نظر صاحبه. أن للاعتراض النحوي دورا بارزا في الرجوع إلى قواعد اللغة الأصلية. أهمية الحواشي النحوية في تفسير ما يكتنف بعض الشروح من غموض كحاشية الشمني، والدسوقي، والأمير، وغيرها. أن للاعتراض النحوي دورا مهما في ربط السلف بالخلف، من خلال دراسة الآراء النحوية. أن الاعتراض النحوي يربط جل العلـوم ببعضها كالبـلاغة والمـنطقوالعروض وعلم الجدل والأصول. رأيت النحويين يجمعون على الاستشهاد بالقرآن الكريم، وقراءاته المختلفة، ويثبتون أحكامهم النحوية على الشائع الكثير من كلام العرب. أن الاعتراض النحوي قد يقوم على قواعد يقول بها جمهور النحويين أو أحد المذهبين الكبيرين، وقد يقوم على الاجتهادات الشخصية. رأيت أن المنهج الأمثل هو منهج ابن هشام، حيث استفاد منه المفسر واللغوي، فهو يعد مرجعاً شاملاً للآراء المفسرين وتقويمها. من خلال تتبعي للاعتراضات النحوية في حاشية الشمني رأيت أن ابن هشام استفاد من كتاب الكشاف استفادة ظاهرة، ولم ينقل عن أحد من المفسرين كما نقل عن الزمخشري، وأنه يقف منه موقف الرضا والقبول، فيأخذ من أقواله ويرد، وهذا يدل على مكانة التفسير وعظم تأثيره. وفي الختام لا أزعم أنني قد بلغت التمام والكمال، ولكن حسبي أنني حاولت أن أشد جياد الحزم، وأمد ركاب العزم، مقدما رجلا ومؤخرا أخرى؛ لعلمي أن الباع قصير، والمتاع يسير، وأقول لمن يطالع هذا البحث أن ينسب ما فيه من صواب إلى رب العباد، وما فيه من خطئ إلى طالب علم مبتدئ، وفق الله الجميع لما فيه الخير والفلاح، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
علي سالم جمعة شخطور(2009)

صورة المرأة الجزائرية في قصص و روايات زهور ونيسي ( 1955-2003 )

تتمثل أهم النتائج التي انتهت إليها هذه الدراسة في النقاط التالية: إن الدارس لأدب (ونيسي) القصصي يلاحظ أنه مر على مرحلتين مختلفتين، انعكست كل مرحلة منها على كتاباتها القصصية والروائية، فبرز في مجمل كتاباتها المضمون النضالي الثوري، والمضمون الاجتماعي، وكلاهما نابع من واقع الكاتبة الذي عايشته مما جعل كتاباتها تتميز بالواقعية الثورية والاجتماعية. أبرزت (ونيسي) في قصصها و رواياتها صورا نضالية حية لبطولة المرأة الجزائرية في الثورة ضد المستعمر، وهذا من خلال تصويرها لوقائع وأحداث حقيقية، ولنماذج نسائية متعددة شاركن من المدينة، و الريف. وانطلاقا من نضالها الثوري ؛ فإنّ موضوع الثورة، و دور المرأة في حرب التحرير يعدّ من أبرز الموضوعات في أدبها القصصي، وقد أدى الاهتمام بهذا الموضوع إلى تكراره أحيانا في قصصها و رواياتها: ويتضح ذلك من خلال التشابه الملحوظ في بعض الشخصيات النسائية والمواقف القصصية و الروائية، مما يوحي للباحث بأن (ونيسي) تكرر نفسها في بعض كتاباتها. والملفت للانتباه في قصص وروايات (ونيسي) أيضا؛ تركيزها على العنصر النسوي، بحيث أنّ معظم شخصياتها القصصية و الروائية نسائية: فتعددت الصور والاسماء حتى تبرز القاصة جوانب من بطولات المرأة الجزائرية، وتؤكد على فعاليتها في النضال الثوري، والاجتماعي. كما يتضح تطور رؤية (ونيسي) في المسألة النضالية للمرأة في قصصها، فبعد أن كان نضال المرأة في الثورة محصورا في تحرير الوطن من المستعمر، أصبح تركيز الكاتبة بعد الاستقلال منصبّاً على ضرورة مواصلة النضال في كافة المجالات السياسية و الاجتماعية و الثقافية. يضاف إلى ذلك تركيز (ونيسي) على عالم المرأة النفسي الداخلي،الذي تجلى خاصة أثناء وصفها لأحاسيس ومعاناة المرأة خلال حرب التحرير، فكانت تلج أعماق نفسية المرأة، وتصوّر إحساسها بالظلم والبؤس، وتحمّلها لهذه المعاناة بصبر وإيمان، وذلك جلّي في كثير من المواقف والصور النسائية في قصصها الثوري والاجتماعي. ويستشف من الخطاب القصصي لدى (ونيسي) أنه خطاب إصلاحي موجّه للمجتمع يندرج فيما يسمى بالأدب الملتزم ،الذي كان مركّزا على عنصر المرأة، وحريصا على تجسيد نضالاتها ومعاناتها الخاصة كأنثى، والعامة كإنسانة تسعى لتأكيد وجودها، ورفع الحيْف والجور عنها، من خلال صور و نماذج نسائية وظّفتها في خطاباتها القصصية. يضاف إلى ذلك البعد الاجتماعي في قصص(ونيسي) الذي أضحى بارزا خاصة في المرحلة الثانية بعد الاستقلال، إذ تناولت قضايا هذا الواقع الاجتماعي ومشكلاته، ومما يلفت الانتباه في كتاباتها تركيزها على القضايا التي تمس الواقع الاجتماعي للمرأة الجزائرية. التي تحررت من الاستعمار، لكنها ظلت حبيسة التقاليد البالية، ومن هنا كان انتقاد (ونيسي) لبعض الممارسات الاجتماعية الخاطئة في حق المرأة، تأكيد على أنها كانت السبب في بعض الأحيان في دفع المرأة إلى الانحلال كرد فعل سلبي تجسّد في بعض قصصها، وهي نتيجة منطقية للضغوطات الاجتماعية التي تدفع المرأة حينئذ إلى الانحراف، أو السقوط في الرذيلة أو الانتحار، وكان تركيز الخطاب القصصي النسائي على مثل هذه الصور الاجتماعية السلبية التي من شأنها تعرية الواقع الاجتماعي و تغييره. ولعل هذا ما دفع بعض النقاد إلى وصف الخطاب القصصي لدى (ونيسي) بأنه يشوبه التطرف المبالغ فيه، لأنه لم يلتفت إلى الجوانب المضيئة من حياة المرأة. ورغم ذلك فإنّ (ونيسي) استطاعت إلى حد بعيد أن تطرح كثيرا من المشكلات الاجتماعية برؤية فيها الكثير من تفاصيل الواقعية الانتقادية، وتعكس الوضع الاجتماعي والنضالي للمرأة بشكل واضح وجليّ في كثير من الصور القصصية. بناءًا على الملاحظات السابقة، نستنتج أن الخطاب القصصي (لونيسي) تضمن سمات وخصائص الأدب الملتزم، الذي يعي دوره، و رسالته في المجتمع. كما أنّ أدب (ونيسي) القصصي، بعد تخطيه سلبيات المراحل الأولى أصبح يحمل دلالات ومضامين فكرية جديدة، فيها من النضج الفكري، والفني ما يدل على أن كتابات المرأة العربية في الجزائر لم تعد مقتصرة على هموم المرأة وقضاياها فحسب، بل أصبحت تتطلّع إلى مضامين فكرية إنسانية جديدة تُغني بها تجربتها القصصية ، هذا فضلا عن التطور الفني الذي سجّلته من خلال استخدامها للأساليب والفنيّات الحديثة في بناء القصة والرواية: من لغة موحية ذات خصوصية شعرية، إلى مستويات سردية مختلفة، وتقنيات فنية مونولوجية داخلية لاستبطان عوالم الشخصيات، عبر فنيات القصة. إن توظيفها لهذه العناصر توظيفا فنيا، أضفى على قصصها أبعادا ودلالات رمزية جديدة خاصة مجموعتها القصصية (روسيكادا)، التي تعكس تطور رؤية الكاتبة للأساليب الفنية الحديثة للقصة. أما في المجال الروائي: فإنّ الكاتبة اتخذت من ذاتها مرجعا أساسيا لممارستها الروائية، سجلت من خلاله مذكراتها؛ مثل مذكراتها (من يوميات مدرسة حرة) ،وكان الهدف من كتابتها التعبير عما شاهدته من أحداث واقعية من خلال استخدامها للوصف وهو الأسلوب الغالب على الروايات الواقعية. كما تعتبر رواية (لونجة والغول) تسجيلا لأحداث الثورة التحريرية، واسترجاعا لوقائع الآلام وآمال الشعب الجزائري في التحرر والاستقلال،من خلال أسلوب فيه كثير من الظلال الرمزية. ولاحظ بعض النقاد أنّ كتابات(ونيسي) الروائية كتابة ذاكرة، وهذا لانشغالها المكثف بتقنية التذكّر في استعادة جوانب من تاريخها الشخصي والنضالي الذي لا يتجزأ عن ذاكرة الوطن. إن تطور الخطاب القصصي والروائي عند (ونيسي) سواء من حيث المضامين الفكرية، أو الأساليب الفنية، مؤشر على نضج تجربتها التي تخطت مراحل فنية عديدة: من الواقعية الثورية، إلى الواقعية الانتقادية الاجتماعية، إلى الرمزية. أما الوسائل الفنية التي توسّلت بها في أعمالها القصصية و الروائية، فهي تتفاوت فيما بينها فنيا، وتتعدد أساليبها بتعدد أساليب القصة والرواية الحديثة. وأخيرا فإنّ ما كتبته (ونيسي) من قصص و روايات يعبّر عن مدى ارتفاع وعي الكاتبة بعصرها وقضايا وطنها، فقد كشفت أعمالها الأدبية أن موضوع المرأة والوطن، هما الأبرز في قصصها و رواياتها، وأن رسالتها الموجهة للمرأة الجزائرية مثقفة أو غير مثقفة عبر خطاباتها القصصية هي: أن لا تفرّط في واجباتها و مسؤولياتها كامرأة ، وأن لا تفرط في التحرر والمطالبة بحقوق قد تؤدي بها إلى الانحراف و الضياع. ورغم بعض الهنات والهفوات التي سجّلها بعض النقاد في كتاباتها القصصية و الروائية، فإنها استطاعت أن تبرز صورة المرأة الجزائرية الأصيلة في معظم أدبها القصصي، و تثبت جدارتها ووجودها الإبداعي بين الأديبات العربيات، وتنتج أدباً قصصيا على درجة من الفن والجمال.
يمينة عجناك بشي(2009)

كتب الحماسة وقيمها الأدبية والنقدية في التراث العربي

لقد سرت في هذا البحث صابرًا محتسبًا حتى استوى على سُوقه، وتكشَّفت لي من خلاله جوانب متعددة استجدها البحث المتتابع الدؤوب بين طيات المصادر والمراجع، وأحسبُ أنّني بهذا الجهد المواضع قد توصلتُ بحمد الله وتوفيقه إِلى نتائج يمكن إِيجازها في النقاط التالية التي تعطي صورة تقريبيةً عن الجديد في هذا البحث: تمثّل الحماسة في دواوينها مظاهر القوة في الحياة، حربيّة وخلقيّة واجتماعيّة وغزليّة، وكل نزعة قوية إِيجابية تمثل السموّ والعزة الفردية والقبلية، ومن ذلك وصف المعارك وأَدواتها وآثارها، والحثَّ على القتال والجرأة على الموت، والفخر بالنصر، والاعتذار عن مقاتلة الأَقارب، والتأسي للقتلى، والصبر على الشدائد، وهجاء الجبان ومدح النخوة والعفّة، وهجر المواطن الذليلة، ونفي الضيم، والخلوص إِلى الحبيب وركوب الصعاب في سبيله. وتمثّلت أَهمية الحماسات أَيضًا فيما حفظته لنا من أَشعار سجّلت الحروب والوقائع، والأَيام العربية القديمة، وما ذكرته من أَحداثٍ وما وصفته من الأَسلحة التي كانت تستعمل في تلك الأَيام، وما حفظته لنا من اسماء الخيول العربية الأَصيلةن واسماء الأَبطال والفرسان وأَنسابهم وقبائلهم ومآثرهم. قدّمت دواوين الحماسة مادةً غزيرةً من الشعر الذي قالته العرب، ذي وحدات موضوعية تعين الدارسين على تتبّع هذه الظاهرة أو تلك في الشعر العربي. مثلما حفظت لنا الحماسات هذا القدر الكبير من الشعر سواء أَعُرف قائلُه أم لم يُعرف، فإنَّها حفظت لنا اسماء الكثير من الشعراء والشواعر، لا نكاد نجد لهم ذكرًا إِلاَّ بين طيّاتها، أَو تكون الحماسات على الأَقل أوَّل من ذكرهم، كما قدّمت لنا الكثير من الاختلاف في الروايات سواء في نسبة الشعر لقائله أَم في أَلفاظ الشعر ذاته، وعدد أبيات المقطوعة الواحدة. لا تكمن أهمية دواوين الحماسة في الكم الهائل من الشعراء الذين أَوردهم مؤلفوها فحسب، وإنما تكمن أَيضًا في الرقعة المكانية التي ينتسب إِليها هؤلاء الشعراء. حفظت لنا دواوين الحماسة قدرًا كبيرًا من الحكم والأَمثال السائرة والأَقوال المأثورة البليغة، وأكثر ما نجد هذه المعاني في أَبواب الأَدب والكبر والشيب، والحماسة، إِذ كان الشاعر العربيّ يصوغ كثيرًا من المعاني السامية، أَو يشتهر له بيت فيصير مثلاً تسير به الركبان، ويتحدث به القوم في منتدياتهم، وفي حلّهم وترحالهم، وقد ذكرت لنا حماسة أَبي تمام وحدها حوالي مائة وثلاثين مثلاً. ضمَّت دواوين الحماسة معاني وأَغراضًا كثيرة تتآزر في الهدفين الخلقي والأَدبي، فقد اختار مؤلفوها مقطوعات تتضمن الحديث عن أَدب النفس ومكارم الأَخلاق، كما أَنَّ أَغراض الحماسة، والمديح، والهجاء، والرثاء، والنسيب تترجم ما في النفس العربية، وتكشف عمَّا فيها من مَطوي النَّوازع ومكنون الميول. اشتملت بعض دواوين الحماسة على قصائد طويلة لبعض الشعراء، وذلك يُعدُّ ميزة تميّز تلك الحماسات، ومن أَهم فوائدها الأَدبيّة إِعطاءُ فكرةٍ صحيحةٍ عن فنِّ الشاعر. كَثُرَ الانتفاعُ بالمختارات الحماسيّة، والاقتباس منها، حيث ارتفع ذكرها بين العلماء، وعلا شأنها بين الأُدباء، وشاعت في المجالس العلميّة، والأَوساط الأَدبيّة، فقد يسَّرت شواهد الاحتجاج، وقرَّبت نماذج التمثيل لكثير من المسائل العلميّة، والفنون الأَدبيّة، فكُتبُ التفسير والنحو والبلاغة زاخرةٌ بشواهدها الشعريَّة، فما أكثر ما وقف المفسِّرون والنحاة والبلاغيّون عند الكثير من أَبيات الحماسة. تميّزت حماسة الظرفاء من أَشعار المحدثين والقدماء بانفرادها دون غيرها من دواوين الحماسة بهذا النثر الذي اختاره الزوزني متمشيًّا مع الشعر في كل بابٍ من أَبوابها العشرة، ومن هنا جاءت أَهميتها في جمعها بين الشعر والنثر، نظرًا لما يمثله النثر من أَهمية كبيرة في الأدب العربي. إِنَّ قراءة شعر الحماسات المنتقى رياضةٌ فنيّةٌ ترهّف الذوق، وتقوّي ملكة النقد والتمييز، وتهذّب النفس، وتسمو بها بما تضمّه بين جنباتها من قيمٍ خلقيةٍ واجتماعيةٍ إِضافة إِلى أَنَّ تلك المختارات الحماسيّة تعدُّ مدرسةً تربويةً لها قدرتها الفاعلة على تربية النفوس، وتثقيف العقول، وذلك بما تفرزه من مُثل صالحة ترتفع بالحياة، وتسمو بالفرد والمجتمع، ولا يُستبعد أَنَّ أَمثال هذه المختارات الحماسية هي التي أَنشأت الأَجيال اللاحقة من الشعراء والأُدباء. كما برز لنا من خلال تقسيم المختارات الحماسية وانتقاء كل مقطوعة وضمها إلى ما يناسبها أَهمية فنيّة نقديّة، كان لها أَثرُها في مجال النقد الأَدبيِّ بعامةٍ، والنقد التأثريّ بخاصةٍ، لحُسْنِ اختيار النماذج الشعريّة وضمها إِلى لِفْقِها. والحمد للّه في البدءِ والختامِ، والا حول ولا قوةَ إِلا باللهِ العليِّ العظيم.
شعبان حسن امحمد غالي(2009)

الرمز ودلالـته في شعر أبي تمام وأبي العلاء المعري ( دراسة تحليلية )

وبعد مسيرة شاقة وطويلة وعلى مدى مساحة شاسعة عبر فصول هذا البحث حط الباحث رحاله بتوفيق من الله بعد استنباطه النتائج التالية: يعد الرمز من الأدوات التعبيرية المتجددة التي تصل إلى اللبس وصعوبة التفسير أحياناً. الرمز بنوعيه الذاتي والتراثي يعد عنصراً جوهرياً في الشعر العربي. لقد تنوعت مرجعيات الرمز في شعر أبي تمام والمعري حسب نفسية وثقافة كل منهما، وكانت المرجعيات التراثية من أكثر المرجعيات الرمزية حضوراً في ديوانيهما. تشكل المعطيات الرمزية قوة تعبيرية تتجدد بتجدد الحالات الانفعالية والتجارب الفنية للمبدع وبتطور فلسفته وطبيعة نظراته للكون وأشيائه فتتكشف القيم الدلالية والجمالية للرموز من خلال المستوى المعرفي الذي انتزعت منه، والمستوى السياقي الذي تفاعلت مع جزئياته. قد تفاوتت درجات التوظيف الرمزي بين الشاعرين أبي تمام والمعري تبعاً لتفاوت إمكاناتهما الإبداعية وأدواتهما الفنية وطبيعة فهمهما لأسرار اللغة. استفاد الشاعران من التراث استفادة ملحوظة وبخاصة في الرمز التاريخي والأسطوري والشعبي والديني والأدبي. قد تأثر الشاعران بالحياة الإنسانية بكل جوانبها، بما انعكس على السياق الرمزي في شعرهما إيجاباً. تمكن الشاعران أبو تمام والمعري من توظيف عناصر الطبيعة توظيفاً رمزياً حسناً مما أضفى على السياق الرمزي قيمته الجمالية. تعرض أبو تمام والمعري لمواقف نقدية كثيرة سلباً وإيجاباً. من خلال دراسة شعر الشاعرين تأكد لنا أن الرمز بناء فني متداخل مع النص ومتفاعل ومتلاحم مع بنيته إن دراسة الرمز ودلالاته في شعر أبي تمام والمعري حققت تطوراً ملموساً في الدلالة الرمزية. حقق أبو تمام فضل السبق والإبداع في بعض جوانب هذا البحث، وحقق المعري فضل الإبداع في بعضها وتشابه كلاهما في مواضع أخرى. لاحظ الباحث ابتعاد الشاعرين عن التعنت في اختيار الألفاظ وتركيب العبارات في أكثر شعرهما، وإنما كان الرمز لديهما غموضاً يستدعي شرحاً وتمعناً حتى يبلغ بالمتلقي أرضاً يقف عليها ويتفاعل مع النص الشعري. وفي خاتمة هذه الخلاصة فإن كثيراً من النتائج الجزئية ظلت في ثنايا هذا البحث، ولا أظن بصيرة القارئ المدقق عاجزة عن اقتناصها. وأخيراً لا يدّعي هذا البحث الإحاطة الكاملة والكلمة الفصل في هذا الموضوع ؛ لأن الرمز تشكيل فني واسع وعميق سواء في الميدان النظري أم التطبيقي، ولذلك لن يكون بمقدور أي باحث مهما امتلك من أدوات البحث أن يعلن إغلاقه لهذا الموضوع ؛ بسبب نموه وتطوره على المستويات الفكرية والفنية، إلاّ أن الباحث قد حاول بذل قصارى جهده في طرح تصور متواضع للسياق الرمزي في شعر أبي تمام والمعري من خلال تلك الدراسة الرمزية بالفصلين الأول والثاني من هذه الرسالة. وبقدر الإمكان يطمح هذا البحث إلىإثارة حوار مثمر يثريه، ويفتح المجال أمام دراسات مستقبلية، فإن كان قد نجح في تحقيق ذلك، فقد حقق غاياته وأنجز أهدافه، وفي الختام آمل أن أكون بهذا العمل المتواضع قد قدمت نموذجاً حسناً للرمز ودلالاته في شعر أبي تمام وأبي العلاء المعري، فإن وفقت في شيء، فهذا من فضل الله تعالى، ثم فضل توجيه أستاذي ورعايته وتشجيعه لي، وإن أخفقت، فمن تقصيري، وعليّ تبعة الإخفاق والتقصير.
أبو بكر العربي بريني المجدوب(2009)