دراسة اقتصادية لسوق الأوراق المالية في الاقتصاد
يتصاعد الاهتمام بالأسواق المالية في مختلف دول العالم وذلك لأنها وسيلة لتمويل المشروعات الفردية وخطط التنمية الاقتصادية القومية، لذلك شهدنا تنوعاً كبيراً في الأسواق المالية وتنوعاً في الأدوات الاستثمارية التي تناسب فئات مختلفة من المستثمرين. فقد شهدت النظم المالية العالمية تطورات كبيرة خلال العقدين الماضيين وكان من أبرز تلك التطورات تنامي قدرة تلك النظم على جذب العملاء- مدخرين ومستثمرين- ذلك من خلال تقديم منظومة متكاملة من الأدوات والترتيبات المالية المتنوعة التي لم تكن موجودة من قبل مثل الخيارات والمبادلات، والعقود المستقبلية والعقود الآجلة والأوعية الادخارية الجديدة. ولقد تزامنت هذه التطورات مع تطور كبير في مجال تكنولوجيا المعلومات والذي كان من أهم ثماره الزيادة غير المسبوقة في انسياب المعلومات التي يحتاجها صناع القرار في الأسواق والمؤسسات المالية على اختلاف أنواعها مما ساهم في ظهور أساليب جديدة في التحليل المالي وإدارة المخاطر بالإضافة إلى تطوير آليات جديدة لانتقال الأموال بين الأسواق والمؤسسات المالية المختلفة. وأمام كل هذه التطورات الهائلة في الأسواق المالية وأدواتها وتشريعاتها نجد إن في ليبيا سوق مالية حديثة أدى تأخر ولادتها إلى حرمان الاقتصاد الوطني من تدفقات نقدية من وحدات الفائض المالي إلى وحدات العجز المالي حيث كان البطء الشديد في حركة رأس المال وعدم انتظامها، وأدى تأخر قيام السوق أيضاً إلى ابتعاد المستثمر عن فرص الاستثمار التي تتطلب مصادر تمويل تفوق مدخراته الذاتية الأمر الذي أدى إلى توجيه المستثمر إلى المجالات التي تتناسب مع إمكانياته الخاصة والتي تمثلت في الاستثمارات الفردية وكذلك الاستثمار في العقارات والأراضي والأعمال التجارية المختلفة. فكانت هذه الرسالة موجهة إلى دراسة هذه السوق الحديثة لمعرفة مدى نجاحها في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الراهنة وهل توجد مشاكل ومعوقات تواجه سوق الأوراق المالية الليبي. وهكذا أنطلق موضوع الرسالة من الفرضية التالية " وجود معوقات ومشاكل تواجه سوق الأوراق المالية الليبي ، وأسباب تعيق تعامل الشركات والمواطنين مع السوق المالية "وبما أن هذه الرسالة موجها إلى دراسة مدى نجاح سوق الأوراق المالية الليبي وتقديم مجموعة من التوصيات لنجاح السوق المالية ، وعليه كانت الفرضية أعلاه هي الموجه العام لإطار الدراسة. في حين تم استعراض السياسة الاقتصادية في ليبيا، والمؤسسات المالية الموجودة والتي هي الأساس لنجاح سوق الأوراق المالية.وتم استعراض المراحل التي مر بها قيام سوق الأوراق المالية الليبي وأهمية السوق كذلك عمليات التداول الجارية به. ودور الوسطاء وكل الدوائر في سوق الأوراق المالية ومن خلال الاستعراض للواقع الحالي للسوق وما قدمته الدراسة الميدانية ، توصل الباحث إلى مجموعة من الاستنتاجات كان أهمها عدم وجود الوعي الاستثماري لدى الأفراد وبالتالي ضعف مشاركتهم في عمليات التداول بسوق الأوراق المالية. كذلك الضعف الشديد لوسائل الإعلام فيما يخص موضوع الادخار والاستثمار في الأوراق المالية. وتم عرض مجموعة من التوصيات التي يأمل الباحث في أن تسهم في تحقيق الهدف المنشود وهو نجاح سوق الأوراق المالية. وكان من أهم هذه التوصيات هو إيجاد مقر دائم وملائم لسوق الأوراق المالية , والتركيز على المناهج التعليمية فيما يخص الأسواق المالية , ونشر ثقافة الاستثمار لدى المواطنين ومن البديهي إن نجاح سوق الأوراق المالية الليبي هو عمل لا يمكن إناطته بجهة معينة فقط بل هو عمل يتطلب تظافر الجهود من الجميع كذلك يتطلب التخطيط العلمي والعملي والإعداد المناسب للكوادر البشرية فالنتيجة الحتمية لنجاح السوق هي صناعة الرفاهية للمواطن الليبي وصنع التقدم وهي قفزة كبيرة للاقتصاد الوطني من أجل خدمة المستقبل بالحاضر.
خيري رجب الدخلي (2008)