المستودع الرقمي لـكلية الآداب - جامعة طرابلس

احصائيات كلية الآداب - جامعة طرابلس

  • Icon missing? Request it here.
  • 26

    مقال في مؤتمر علمي

  • 27

    مقال في مجلة علمية

  • 9

    كتاب

  • 0

    فصل من كتاب

  • 34

    رسالة دكتوراة

  • 241

    رسالة ماجستير

  • 0

    مشروع تخرج بكالوريوس

  • 14

    تقرير علمي

  • 2

    عمل غير منشور

  • 1

    وثيقة

الشواهد القرآنية وتوظيفها في كتاب «المنزع البديع» للسجلماسي

لعل أهم النتائج التي توصلت إليها في بحثي هذا تتمثل في الآتي : تبين من خلال تتبع الشواهد القرآنية في مصنفات أصحاب المدرسة البلاغية المغاربية المتأثرة بالتيار الفلسفي اليوناني ومنها المنزع، أن العامل الديني ظل هو الباعث المشترك الأقوى الذي تصدر واجهة أسباب تباين نسب الاستشهاد من حيث الوفرة أو القلة في تلك المصنفات بهذا النوع من الشواهد، حتى وإن نازعته عوامل أخرى من مؤثرات فكرية وثقافية سائدة، أو اختلاف في دوافع التأليف. إن التحرز الديني هو العامل الذي تحكم بقوة في طريقة تعامل السجلماسي مع شواهده القرآنية ؛ إذ هو الذي دفعه في بعض الأحيان إلى التملص من استنطاق الشاهد القرآني أو إلى إقصائه من عملية الاستشهاد أحيانا أخرى. على الرغم من إشارة السجلماسي إلى أهمية الدراسة البلاغية في الكشف عن حقيقة الإعجاز في القرآن الكريم، نجده لم يحاول أن يفرد لقضية الإعجاز فصلا خاصا بها، أو تكون له نظراته الخاصة حولها، والذي يظهر أن السجلماسي اكتفى بأن تكون الفنون البلاغية التي أوردها في المنزع هي السبيل المفضي إلى إدراك الإعجاز البياني في القرآن الكريم. شكـّل اختيار السجلماسي للشواهد مسرحاً مهما للنشاط النقدي في المنزع، إذ إن اختياره للشواهد عموماً اعتمد على الذوق والحس الجمالي، وهذا الأمر شمل حتى الشواهد القرآنية نفسها، وتمثل ذلك في إيراد السجلماسي عبارات مشحونة بقيم جمالية عند الشروع في استحضار الشاهد من مثل: «ومن بديعها«، وغيرها من العبارات، لكن اختياراته الرفيعة هذه لم يقم بتحليلها للوقوف على ما فيها من نكت بلاغية وأسرار تركيبية، وإنما كان يعول على قارئه النوعي وحاسته الذوقية في استكشاف هذه الأسرار. عندما ينظّر السجلماسي لقضاياه البلاغية بأدوات منطقية صرفة، كثيرا ما كان يوظف الشواهد القرآنية تحديداً لتحقيق هذه الغاية، وفي هذه الحالة نرى الشواهد القرآنية تحظى بتعامل خاص من قبل السجلماسي ؛ إذ نراه يستفيض في تحليلاته إياها حتى تصل بصورة أوضح إلى ذهن المتلقي، وهو ما تمثل بصورة جلية، كما رأيناه، في تعامله مع شواهد جنس الرصف. وظف السجلماسي الشواهد القرآنية أحياناً لاستنباط أحكام فقهية وتأويلات تشريعية، وهذا الأمر في الحقيقة ثمرة تطبيقاته التي أنجزها وفق معالجات وأدوات منطقية فلسفية، وبراعته في الاشتغال بها. تمثل الشواهد القرآنية في المنزع دعما للقاعدة البلاغية وتأكيداً إياها ؛ ذلك أن ولع السجلماسي بالأسلوب المنطقي أفضى به إلى اختبار تصوراته النظرية في مختبره العقلي أولا، فإذا ما ثبت له إمكان حصولها، استحضر لها ما يقابلها في المستوى التطبيقي تأكيداً إياها، وإن كان هذا المسلك لا يعد أمراً مطرداً في الكتاب كله ؛ لأننا قد نراه في بعض المواضع يلجأ إلى الشاهد مباشرة يستمد منه مصطلحه البلاغي، وفي هذه الحالة يكتسب الشاهد لديه وظيفة أخرى مغايرة تؤهله أن يكون هو الأساس للقاعدة والقانون في المنزع. إن السجلماسي كان حريصاً بشدة على توثيق العلاقة بين البلاغة وعلم النفس، فقد عمل على إظهار ما تحتويه العديد من الأنواع البلاغية من مقومات فنية قادرة على إحداث أقصى ما يمكن من التأثير النفسي على المتلقي، ونراه يعتمد أحيانا كذلك على الشواهد القرآنية بما تحمله من قدرات ذاتية وطاقات إيحائية للتأثير على المتلقي تأثيرا خاصا يحمله على استخلاص معان ودلالات تغنيه عن مشقة البحث في القوانين البلاغية التي تمثلها، بحيث تصلح أن تقوم مقامها؛ لأنها شواهد دالة بنفسها على نفسها. بينت الدراسة أن السجلماسي عندما يستحضر الشواهد القرآنية التي استشهد بها من هم قبله من أقطاب علماء البلاغة كان لا يتعامل معها تعامل المقلد الذي يساير غيره مسايرة تامة ؛ وإنما له رأيه الخاص وشخصيته المستقلة التي لا تستعبدها أشخاص مهما كانت مكانتهم، غير أن ما يعاب عليه أن أغلب أحكامه النقدية ينقصها التعليل، وكأنه يتعامل مع طبقة خاصة من المتلقين الذين لا يحتاجون في تقديره إلى مثل هذا الإجراء. عمل السجلماسي في بعض الأحيان على توظيف الشاهد القرآني الواحد ليخدم به أكثر من فكرة أو قاعدة، ومن ثم اكتسب هذا النوع من الشاهد أهمية مزدوجة لاحتوائه أكثر من ناحية بلاغية. تتميز الشواهد القرآنية الواردة في منزع السجلماسي بالتجزئية، لكنه عادة لا يغيّب النص الكامل من مجال استشهاداته، وإن كان وجوده محدوداً في المنزع، ولم يتم استثماره في بناء رؤية تأليفية موحدة للظاهرة البلاغية التي تمثله. لم يكن السجلماسي في بعض المواضع دقيقا في اصطفاء الشواهد القرآنية المناسبة للغرض الذي يتناوله، فهو قد يخفق أحيانا في توظيف الشاهد الذي يستجيب للمفهوم البلاغي الذي يعرضه، وهذا الأمر يؤدي بطبيعة الحال إلى حصول تفاوت في المنهج بين المستويين التنظيري والتطبيقي.
هناء علي الصادق(2012)

المبتدأ ونواسخه في كتاب: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم)

بعد هذه الدراسة لموضوع المبتدإ ونواسخه، أصل إلى أهم النتائج الَّتي اشتمل عليها هذا البحث، ومنها الآتي: تباينت آراء النحاة في رافع المبتدإ والخبر، فاخترتُ رأي الجمهور القائل بأن العامل في المبتدإ هو الابتداء، وفي الخبر هو المبتدأ. إنَّ الخبر هو محل الفائدة؛ لأنها لا تتم ألا بذكره، إلا أنَّ التصديق والتكذيب لا يقع على الخبر، وإنما يقع على نسبة الخبر إلى المبتدإ. الأصل في الخبر الإفراد، والجملة فرع عنه. خالفتُ ما ذهب إليه البصريون في القول بإبراز الضمير مطلقاً إذا جرى الخبر على غير من هو له، واخترتُ مذهب الكوفيين الَّذين يوجبون إبراز الضمير عند اللبس فقط؛ لأن الشيء إذا فُهِم لا حاجة لذكره. إذا كان المبتدأ أداة شرط، فالخبر هو مجموع الشرط والجزاء، لأن الفائدة لا تتم إلا بذكر الجواب؛ ولأنه في مقابلة الخبر. رجَّحتُ قول الجمهور في تعدد الخبر للمبتدإ الواحد بلا عطف، ولا داعي لتقدير مبتدإ لكل خبر، أو لجعلها صفات للخبر الأول. اتفقتُ مع البصريين في القول بجواز تقديم خبر المبتدإ في بعض الصور؛ لوروده في الأساليب العربيَّة نثراً وشعراً. استعملت ( كان ) وبعض أخواتها تامة، وناقصة، واختلف في معنى النقص هنا، فقيل: ناقصة؛ لأنها لا دلالة فيها على الحدث، وقيل: لأنها لا تكتفي بالمرفوع، وهو ما اخترتُه ؛ لأن الفعل إذا كان له مصدر فمحال أن يتجرد من الحدث. الأفعال الناقصة تدخل على الجملة الاسمية، فترفع الأول ويسمى اسمها، وتنصب الثاني ويسمى خبرها، خلافاً لمن يرى أن المرفوع فاعل، والمنصوب مفعول به أو حال. اتفقتُ مع الجمهور في منع تقديم خبر ( ما دام ) عليها؛ لأن ( ما ) مصدريَّة من قبيل الموصولات، ولا تتقدم الصلة على الموصول. رجَّحتُ منع تقديم خبر( ليس ) عليها، وهو ما ذهب إليه الكوفيون ومن تبعهم من البصريين؛ لأن (ليس) فعل جامد لا يتصرف في نفسه، فلا يتصرف في معموله بالتقديم والتأخير. اتفقتُ مع الفارسي ومن معه في القول بعمل (لات) في الحين، وما رادفه من ظروف الزمان، كالساعة، والأوان؛ وذلك لورود شواهد تؤيده. تسمية (كاد) وأخواتها بهذا الاسم أنسب من غيره؛ لأنها تختلف عن (كان) وأخواتها في كون خبرها لا يكون إلاَّ جملة؛ ولأنها لا تدل كلها على المقاربة. اتفقتُ مع البصريين في القول بأنَّ ( أن والفعل) تكون في موضع نصب خبر للفعل (كاد)، وليس كما ذهب الكوفيون والرضي من أنه بدل اشتمال. رجَّحتُ ما ذهب إليه البصريون من رفع (إنَّ) وأخواتها للخبر؛ لأنها لما اقتضتهما من حيث المعنى، اقتضتهما من حيث اللفظ، فعملت في الاسم والخبر. ذهبتُ إلى جواز تعدّد خبر (إنَّ ) قياساً على جواز تعدد خبر المبتدإ. رجَّحتُ أنَّ كسر همزة (إنَّ) أولى من فتحها، إذا وقعت بعد فاء الجزاء؛ لأنَّ ذلك لا يحوج إلى تقدير محذوف. ذهب سيبويه إلى أنّ (ما) إذا دخلت على( إنَّ) وأخواتها، أُهملت وصارت صالحة لأن يليها الاسماء، والأفعال، إلاَّ (ليت). وهو ما رجَّحته. اخترتُ رأي الحجازيين في جواز حذف خبر (لا) النافية للجنس. ذهبتُ إلى ما ذهب إليه بعض الباحثين من أنَّ إلحاق (لا) النافية للجنس بـ (إنَّ) يُعدُّ من تساهلات النحاة القدامى. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
نعيمة محمد رجب الجطلاوي(2012)

الأسرار البلاغية للاستفهام فى "صحيح البخاري"

فإن البلاغة النبوية تعد من أبرز مظاهر عظمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأجلى دلائل نبوته، فهو صاحب اللسان المبين، والحكمة البالغة، والكلمة الصادقة فقد قال الله عز وجل {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} سورة النجم 3-4وقال {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} سورة الشعراء 193-195 ومع كثرة الكتب التي كُتبت عن السيرة النبوية، والأحكام الفقهية في أحاديثه -صلى الله عليه وسلم- إلا أن هناك قلة وندرة في الدراسات التي تناولت الحذيت النبوي الشريف من الوجة البلاغية، مع أن البلاغة سمة واضحة وجلية في كلامه -صلى الله عليه وسلم- وقد أخترت أن أدرس الجانب البلاغي للاستفهام في الحديث النبوي الشريف من خلال صحيح البخاري الذي يعد من أفضل الكتب التي جمعت الحديث النبوي الشريف وأتمنى من الله العلي القدير أن يوفقني في هذه الدراسة. الأهداف من هذه الدراسة تهدف هده الدراسة إلى البحث والكشف عن الأغراض البلاغية للاستفهام في الحديث النبوي من خلال صحيح البخاري، الذي لا يختلف إثنان على مدى صحته وشموله. ومن الأهداف التي أرجو تحقيقها من خلال هده الدراسة: - إضافة جديد في مكتبة البلاغة العربية، إذ لا يوجد دراسة تناولت الأغراض البلاغية للاستفهام في الحديث النبوي الشريف كدراسة مستقلة عن غيرها من الفنون البلاغية حسب علمي. الحث على زيادة الدراسة في الوجوه البلاغية الأخرى للحديث النبوى الشريف. المساهمة في إبراز جانب من جوانب بلاغة الرسول - صلى الله عليه وسلم ـ وتوضيحها، وكشف الأسرار البلاغية للاستفهام. الوقوف عند فصاحته وبلاغته ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسبب تلك البلاغة. خدمة لحديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمزيد الكشف عن وجوه إعجازه وبيانه. الاسهام بجهدي المتواضع في إيضاح الأغراض البلاغية للاستفهام في الحديث النبوى الشريف. أهمية الموضوع كثرت في هذه الأيام الأخيرة فلول الشائنين الأصاغر المتعرضين لمقام الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم- بالعيب والثلب، وهم أحق به وأهله. وإن من أعظم ما يجاهد به هؤلاء الحاقدون المتربصون أن نرد عليهم بالعلم والحقائق، والتي من بينها إظهار بلاغته- صلى الله عليه وسلم- في حديثه وقدرته على التعبير ونشر الدين الإسلامي بأسلوب فصيح بليغ. وترجع أهمية هده الدراسة إلى عدة أمور منها: -إن لدراسة الحد يث النبوي الشريف أهمية كبرى في فهم معاني القرآن الكريم. إن دراسة الحديث النبوي الشريف مكانة سامية بين العلوم، وقد كان ومازال لأهل الحديث مكانتهم المرموقة بين العلماء. اهتم العلماء قديما وحديثا بدراسة الأساليب البلاغية المختلفة، لما لهذه الأساليب من قدرة على إيصال المعاني بصورة صحيحة إلى المتلقي، واسلوب الاستفهام أحد هذه الأساليب. هذه الدراسة توضح جهود بعض العلماء في خدمة متن الحديث النبوي الشريف من الوجهة البلاغية.
غزالة عمران خليفة محمد(2012)

آراء الكوفيين في تفسير الطّبري من سورة الفاتحة إلى آخر سورة الأنعام

لعبت اللغة العربيّة والتُّراث الفكريّ والعربيّ دوراً مهمّاً فِي الحضارة الإنسانيَّة منذ أقدم العصور، وهذا ما جعل اللُّغة العربيّة مثار اهتمام الداَّرسين والمتعلِّمين على حدّ سواء منذ عهود بعيدة، فقد انفسحت أمام العديد مِنَ العلماء مجالات البحث وتنوّعت مقاصدها وأغراضها، وأُثِر عَنْهُم مِنَ الكتب والآراء ما لا يدخل تحت حصر ولا تزال هذه الدِّراسة قائمة ومستمرّة بهذا الفنّ، إلى يومنا هذا، مِنْ تصنيف وتدريس ورواية وغيرها. ومِنْ هؤلاء الجهابذة علماء الكوفة، الَّذِينَ حازوا على مكانة كبيرة عند معاصريهم والخالفِين لَهم، إذ إنّ الكوفة كالبصرة جديرة بالدِّراسة والعناية، ولكن غموض الصُّورة، ووعورة الطريق يتمثّلان لنا طرافة فِي الموضوع، وجدّة فِي النَّتائج ويلوّحان لنا بفرحة استكشاف المجهول، واستجلاء الغامض مِنْهُ. فقد عُرف عن الفرّاء ـ مثلاً مِنْ علماء الكوفة ـ حُسن إعمال فكره وتمكّنه مِنْ علوم عدّة كالفقه وأخبار العرب والطِّب والفلك، إلى جانب براعته فِي علم النّحو واللُّغة، وتأثّر الطّبري بِهِ يبدو واضحاً فِي كثير من المسائل الَّتِي نقلَها عَنْهُ، إذ إنّ الفرّاء لثقته بعلمه فقد أورد فِي كتابِهِ ( معاني القرآن ) أقوالاً كثيرةً عن الكسائي وبعض علماء العربيّة، وبعض الأعراب الَّذِينَ وثق بهم، ولَكِنَّهُ اتّخذ مذهباً خاصّاً بِهِ فِي العربيّة وهو المذهب الْكُوفِي، الَّذِي كان مخالفاً للمذهب البصري فِي كثير مِنَ الأحيان. وكما أنّ للغة العربيّة كنوز كثيرة ومتنوعة ـ شاء اللَهُ تعالى ـ لَها أنْ تُحفظ وتُصان بأيدي علماء أجلاّء، تصدّوا شموخ لكلّ الَّتِيَّارات الفكريَّة العاتية ومِنْ بين هؤلاء، عالمنا الشَّهير صاحب الفضل الوفِير ( مُحَمَّد بن جرير الطّبري )، الَّذِي ترك لنا كتاباً مليئاً بالشَّواهد الشِّعريَّة، الَّتِي قد جمعها مِنْ كتب عدّة، سواء كانت هذه الكتب شروح أم غيرها من الكتب، فهو أحد الَّذِينَ وضعوا أسس ومقدّمات واضحة لقواعد النَّحْو العربيِّ، وكان يقتدي برأي الفرّاء فِي كثير مِنَ المسائل للاستدلال بِهِ على صحَّة ما يذهب إِلَيْهِ فِي مسألة ما. وكتاب ( جامع البيان ) هذا شمل على العديد مِنَ المسائل بين نحاة البصرة والكوفة جسّدت الخلاف البصري الْكُوفِي فِي اللُّغة العربيّة، وكان الطّبري يرجح مِنَ الآراء ما يراه صواباً. ولا بدّ لكلّ عمل مِنْ هدف، فكان هدفِي مِنْ هذا العمل محاولة جمع الآراء الْكُوفِية، الَّتِي لم تحض ولم تنل نصيبها مِنَ الدّرس مثل ما نالته الآراء البصريَّة وكذلك فتح الطَّريق أمام مَنْ أراد أنْ يخوض فِي هذا المجال. وكما أنّ لكلّ عمل مِنْ نتائج وتوصيات، فها هي أبرز النَّتائج والتَّوصيات الَّتِي تحصلت عَلَيْها: اعتمد الطّبري فِي تفسيره على الكثير مِنَ الكتب المصنّفة فِي التَّفسير، والتَّاريخ ومعاني القرآن، ومِنْ بينها معاني القرآن للفرّاء القراءات القرآنية المختلفة تسهم إسهاماً غير قليل فِي تعدد توجيه النُّحَاة والمفسِّرين للآية القرآنية نحوياً، وبحثهم المتواصل فِي اختلاف وجوه الإعراب فِي كلِّ قراءة لآية معينة على حدة. أوجه الإعراب تكشف عَنْ وجوه التَّأويل، وتمكن الدَّارس مِنْ معرفة المعاني المختلفة الَّتِي تحتملَها الآية القرآنيَّة، وذلك مِنْ دلائل الإعجاز الإلَهي فِي الكتاب العزيز. استخدم الطّبري المصطلحات الْكُوفِية فِي التَّعبير عن الدّروس النّحْويّة استخداماً واضحاً متكرّراً، وهذا لا يعني أنّهُ لم يستخدم المصطلح البصري؛ إلاّ أنّ استخدامه للمصطلحات البصريّة قليل. كان الطّبري يُصرّح برأي الفرّاء للاستدلال بِهِ على صحّة ما يذهب إِلَيْهِ فِي مسألة ما، ولمخالفته الرّأي، ويطلق عَلَيْهِ أحياناً بعض نَحْوِيِّيّ الكوفة، أو بعض أهل العربيّة وفِي أحيان أخرى نجد كلام الطّبري متضمّناً ما ذكره الفرّاء ومتّبعاً مذهبه مِنْ دون أن يشير إِلَيْهِ لا مِنْ قريب ولا مِنْ بعيد. يوجد اختلاف يسير بين عبارة الفرّاء وعبارة الطّبري فِيما ينقلَهُ عَنْهُ فِي كثير من المواضع، وهذا الاختلاف قد يكون راجعاً إلى اختلاف النَّسخ. اشتمل تفسير الطّبري على العديد مِنَ المقابلات بين نَحْوِيِّيّ البصرة ونَحْوِيِّيّ الكوفة التي جسّدت الخلاف البصري الْكُوفِي فِي اللُّغة العربيّة، وكانت أغلب هذه المقابلات بين الفرّاء والزّجّاج وأيضاً الأخفش، وكان الطّبري يرجّح من الآراء ما يراه صائباً. غالباً ما يوافق الطّبري الفرّاء فِيما يذهب إِلَيْهِ، ونادراً ما يخالفه ويذهب مذهب البصريِّين. أقرّ الطّبري كثيراً مِنَ الأصول النَّحْويّة الْكُوفِيَّة كأخذهم بأقوالَهم مِنْها: أنّ الكوفيِّين عندما ذهبوا إلى نصب الفعل المضارع الواقع بعد ( اللاَّم )، فإنّ الطّبري أجاز هذا النّصْب، وانتصر لَهُ، واستشهد على ذلك بشواهد قرآنيَّة كثيرة. وكما أنّهُ قد وافق رأي الكوفيِّين فِي السَّبب الَّذِي مِنْ أجلَهُ أنثت لفظ ( الكبيرة ) بذكر الأسباب المنطقيَّة الَّتِي تقوِّي هذا الرَّأي. لم يرفض الطّبري مذهب الكوفيِّين فِي مجئ اسم الإشارة بمعنى الاسم الموصول. وهذا كان واضحاً مِنْ خلال تأويلَه للآية الَّتِي جئت بها كشاهد على هذه المسألة. استعمال ( إذ ) مكان ( إذا ) وبالعكس، والَّذِي جاز فِيهِ تبادل معنى هذين الحرفِين وذكر لذلك شواهد كثيرة، وكما قلت فِي متن الرسالة كلام ابن مالك أنَّهُ استعمال صحيح غفل عن التَّنبيه إِلَيْهِ أكثر النَحْوِيِّيّنَ. وأيضاً حذف الموصول وبقاء صلته؛ إلاّ أنّ الفرّاء قد اشترط لَهذا الحذف، وهذا ما قَالَ بِهِ كثيرٌ من النُّحَاة. ذهب الفرّاء والطّبري إلى أنّ الواو المضمومة تبدل همزة، فِي نحو: أثُن فِي وُثُن وأجُوه فِي وُجُوه، وهو ما سبق أن ذكره سيبويه. خالف الطّبري رأي أهل العربيّة مِنْ أهل الكوفة وترجيحه للآراء البصريَّة مِنْها: عدم جوازه وقوع الفعل الماضي المثبت حالا بدون ( قد ). عدم وقوع ( إلاَّ ) بمعنى ( الواو ). أخذ الطّبري برأي البصريِّين ورفض عطف الظَّاهر على المضمر. مجئ الفعل ( كن ) بمعنى ( كان ). عرض الطّبري الخلاف دون ترجيح مِنْها: نقل الطّبري اختلاف أهل العربيّة فِي علّة صرف ( عرفات ) دون ترجيح. وبصورة عامة فإنّ الطّبري عند تناولَه للمسائل النَّحْويَّة وبالتَّحديد الكوفيِّين، لم يذكر اسم عالم مِنْ علماء الكوفة، ففِي جميع المسائل الَّتِي تطرقتُ إِلَيْها نجد أنّ الطّبري يستخدم العبارة الآتية: ( وقَالَ بعض نَحْوِيِّيّ الكوفة ) أو ( ذهب أهل العربيّة مِنْ أهل الكوفة ). ومِنَ النَّتائج الَّتِي توصلتُ إِلَيْها أنّ الكوفة كالبصرة، لَها الفضل الكبير فِي إرساء قواعد العربيّة، وإظهارها بصورتها الَّتِي عَلَيْها الآن فقد استطاعوا أنْ يخرجوا أحياناً بآراء جديرة أن يُستهدى بها عند التَّصدي لإعادة النَّظر فِي النَّحو العربي لتيسيره على طالبيه. فمن المتَّفق عَلَيْهِ أنّ البصريِّين أصحّ قياساً؛ لأنَّهُم لا يلتفتون إلى كلّ مسموع ولا يقيسون على الشَّاذ، ولكن لا ننسى أنّ الكوفيِّين أوسع رواية، فهم عالمون بأشعار العرب، مطلعون عَلَيْها، لأنّ جلّ علماء الكوفة كانت لَهُم دراية واسعة بالشِّعر العربيّ. وأخيراً فإنّني أحمدُ اللََّه تعالى الَّذِي أوصلني إلى هذه المرحلة مِنَ الدِّراسة بعد أنْ أخذ منّي هذا البحث الوقت والجهد والعمل الكثير، فقد بذلت فِيهِ مِنْ كل ذلك كمَنْ أراد أنْ يظهر عملَهُ بصورة يرضى عَنْها مَنِ اطّلع عَلَيْهِ، ولا يُعيب لَهُ جانباً، فإنّني أرجو مِنَ اللََّه تعالى أنْ يرتقي إلى المستوى المطلوب، ويفِي بالغرض المقصود وأنْ ينفع بِهِ مَنْ أراد الخوض فِي هذا المجال، وأنْ يوفّقنا إلى ما يحبّ ويرضى.
سناء عبد الهادي طالب(2012)

قضايا الأصول النحوية عند ابن السراج من خلال كتابه (الأصول في النحو)

بعون الله وتوفيقه وتسديده، وعلى ضوء ما حصلت عليه من المصادر والمراجع والدراسات السابقة تمكنت من إتمام هذه الدراسة، فالحمد لله حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه. بعد دراسة الأصول النحوية عند ابن السراج من خلال كتابه (الأصول في النحو) والتطواف معها في موسوعات النحو والأصول نستطيع أن نقول: إن هذه الدراسة قد وضعت أيدينا على حقائق أستطيع أن أقول إنها نتائج توصلت إليها بعون الله وهي: إن هذا الكتاب لا يدور حول موضوع أصول النحو بمعنى أدلته كما عرفنا في عصر ابن الأنباري، فأصول النحو لديه هي أبوابه وعوامله وعلله، فهو لم يخصص كتابه للبحث في أدلة النحو من سماع وقياس وإجماع واستصحاب حال، إنما وردت هذه الأدلة في ثنايا كتابه ومباحثه في قضايا النحو و أبوابه، إذن هذا الكتاب ليس بحثا في أصول النحو بل هو يتناول أبواب النحو بالدرس، فأصول النحو لديه الأبواب النحوية اللازمة للتعلم. يعتبر ابن السراج الطارق الأول ﻠ (علم أصول النحو) واضعاً يده على بداياته، فهو المقدمة المباشرة لنشأة علم أصول النحو بمفهومه فيما بعد عند ابن جني والأنباري والسيوطي. طبق ابن السراج الأصول بمعنى الأدلة من سماع وقياس وإجماع واستصحاب حال في كتابه (الأصول في النحو). توسع في السماع فاعتد بالاستشهاد بالقرآن وقراءاته، فهو يقدمه على غيره ويعتبره الشاهد الأول في كل موضوع من موضوعات كتابه، وقد توسع في الاستشهاد بالقرآن الكريم، وصرًّح بهذا في مواضع عديدة من كتابه، حتى إنا نجد في الصفحة الواحدة من كتابه أنه يستشهد بأكثر من آية أو آيتين، وهو نفسه يشير إلى قيمة الاستشهاد بالقرآن، إذ يقول: "أنه أفصح اللغات وسيدها". كما استشهد ابن السراج بالقراءات وكان موقفه منها معتدلا، فلم نجده يشير إلى قراءة باللحن، ولم يفضل قراءة على أخرى، ولم يخطي قراءة ولم يرجح قارئاً على آخر. استشهد ابن السراج بالحديث لكنه لم يكثر الاستشهاد به، وغالباً ما يستشهد به لتوضيح شاهد قرآني جاء في مسألة من المسائل. توسع في الاستشهاد بالنثر بما يشمله من أقوال العرب وحكمهم، كما أكثر ابن السراج من الاستشهاد بالتراكيب و النماذج النحوية، وقد أكثر ابن السراج من الاستشهاد بالشعر واعتمد عليه اعتمادا بالغا في تأكيد القواعد، حتى إنك لا تجد قاعدة لم يستدل عليها ببيت أو بيتين، وهي من السعة بحيث لا يمكن الإحاطة بها، ومن الملاحظ أن ابن السراج غالبا ما يأتي بالأبيات الشعرية بعد تأكيد القاعدة بالقرآن أولا، كما نسب أكثر الأبيات إلى أصحابها واستشهد بشعر شعراء الطبقات الثلاث، طبقة الجاهليين، فأورد شعرا لأمريء القيس والنابغة والأعشى وطرفة وأورد شعرا لطبقة المخضرمين، ومنهم حسان بن ثابت الأنصاري وشعرا لطبقة الإسلاميين، كجرير والفرزدق والأخطل، كما استشهد بالأبيات كاملة، وقد يكتفي من بعض الأبيات بالصدر أو العجز. وقد ذكر ابن السراج القياس وصرح به في العديد من المواضع فلا يبدو للقياس حدود في كتاب ابن السراج، وإن ذل ذلك على شيء فإنما يدل على اتساع أفق ابن السراج واعتماده على هذا الأصل. ذكر ابن السراج الإجماع وصرح به، والإجماع عنده أصل مرعي لا تصح مخالفته، ولذلك أعطاه قيمة ظاهرة و التزمه في كثير من أحكامه، فهو يقف من إجماع النحويين والعرب موقف التقدير والاحترام، فلا يجوز عنده خرق ذلك الإجماع أو مخالفته، سواء أكان إجماع العرب أم إجماع النحويين. اعتمد ابن السراج على أصل استصحاب الحال في مواضع عديدة، وإن لم يصرح به ولم يسمه استصحاب الحال أو استصحاب أصل كما كان لدى النحويين بعد عصره، كما نجده يداخل بين القياس واستصحاب الحال عندما يعطي الفرع حكم الأصل استصحابا وقياسا. وأخيراً أحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات حمداً يوازي نعمه أن وفقني لإتمام هذا البحث، وأسأله سبحانه أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم إنه سميع مجيب وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فوزية محمد عمر شلوف (2012)

الترادف في القرآن الكريم

قد أنهيت هذا البحث والحمد لله في يسر وأمان، خاصة أنني بدأته في ظروف عصيبة جداً، درست خلالها قضية الترادف التي شغلت الدارسين قديماً وحديثاً، وقد توصلت في دراستي لهذه القضية من خلال عنوان البحث: (الترادف في القرآن الكريم، دراسة تطبيقية على الربع الأخير من الذكر الحكيم)، إلى النتائج الآتية: لم يتفق اللغويون قديماً وحديثاً على تعريف واضح لمصطلح الترادف؛ وذلك بسبب غموض المصطلح، وهو ما جعلهم يختلفون في موقفهم من الترادف، بين جامع للمترادفات، وبين مثبت ومنكر لها. كثرة الألفاظ المترادفة جعلت بعض اللغويين يفتخرون بما سمعوه من أفواه العرب وتناقلوه عنهم روايةً وحفظاً، وكان ذلك يعني عندهم أنهم من المثبتين للترادف، مع ذكرهم لاختلاف اللغات، وعلل التسمية، والمجاز. كل قضية تبدأ بالإثبات يأتي الرد عليها بالإنكار، خاصة أن المنكرين وجدوا الألفاظ المترادفة مجموعةً في كتب ورسائل، فليس من سمع كمن قرأ، فدرسوا الألفاظ المترادفة دراسة عميقة متأنية، فمنهم من أثبت ترادفها ومنهم من أنكر، ووفقاً لنظرتهم التأصيلية للترادف فإن ذلك كله ليس من الترادف، ومنهم من التمس الفروق الدقيقة بين الألفاظ، ومنهم من استقل في أمره فجمع الألفاظ المترادفة في كتاب، تم التمس لها الفروق في آخر. من عوامل حدوث الترادف، وفوائده في الشعر والنثر، التوسُّع في سلوك طُرق الفصاحة وأساليب البلاغة في النَّظم والنثر؛ وذلك لأن اللفظ الواحدَ قد يتأتَّى باستعماله مع لفظ آخر السَّجْعُ، والسجع في القرآن يساعد على حفظ القرآن الكريم. أما الترادف في القرآن الكريم، فقد كان لأهل اللغة والتفسير آراءٌ، واشتغلوا بتثبيت آرائهم وإسنادها إلى أدلةٍ من القرآن، وذلك لما للفظ المرادف من أثر كبير كذلك في تفسير آي القرآن الكريم وتبيان معانيه، واختلفت آراءهم، وكانت هذه الآراء على درجات متفاوتة، وفي اتجاهات متباينة، فمنهم من أثبت وقوعه من خلال الأحرف السبعة، ومنهم من أثبته في التوكيد، والمتشابه. إثبات الترادف لدى المفسرين، كثر في كتبهم تفسير ألفاظ القرآن الكريم بمرادفات توضح اللفظ الغامض بلفظ آخر أجلى منه وأوضح، وأيضاً المعاجم فقد كثر فيها تفسير ألفاظٍ بمرادفاتها، ومنهم من أنكر الترادف، ومنهم من أثبت وقوعه ثم التمس الفروق بين بعض ألفاظه، ومنهم من أثبت وقوعه على بعض الكلمات في القرآن الكريم، وثمت من تردد بين الإنكار والإثبات. في الربع الأخير حوى البحث ثمانية وخمسين لفظاّ، لها ألفاظ مرادفة في الاسماء، وثلاثين لفظاّ في الأفعال. كثير من هذه الألفاظ متعددة الترادف وبعضها مرادفاتها في غير الربع الأخير. كثرة المترادفات في القرآن، فقد تصل أحياناً إلى عشر مترادفات للفظ الواحد، وأن هذه الألفاظ مفسرة لبعضها في القرآن، فالألفاظ الغامضة تفسر بمرادفاتها الأوضح منها بغرض الإفهام وتوضيح المعنى. ونظراً لضيق مجال البحث وأنه لا يسمح لذكر ذلك الكم الهائل من المترادفات الواردة في الربع الأخير وغيره، توصي الباحثة باطراد البحث في هذا الموضوع؛ لما له من أهمية في إثبات أن القرآن بالإضافة إلى معجزته الخالدة، يمكن أن يكون معجماً لكم هائل من الألفاظ المترادفة.
سميرة علي أحمد شهوب(2012)

الصوائت الطويلة في اللغة العربية

الصوائت تتميز بخواص مشتركة وهذه الخاصية لا نكاد نعثر عليها عند الصوامت، فقد يتفق صامتان في المخرج ويختلفان في صفة ما، بينما الصوائت يجمع بينهما العديد من الخواص فهي كلها متسعة المخرج، حيث يمر الهواء دون عائق أو عارض يعترضه، إذ يمر الهواء حراً طليقاً، مما يعطيها القوة التصويتية، فهي أصوات كلها مجهورة يتذبذب عند صدورها الوتران الصوتيان، وتزداد كمية الهواء باتساع المخرج، فتكون أوضح في السمع من باقي الأصوات، وتقل هذه الظاهرة وتزداد حسب طبيعة الصائت وكميته، كما يعرف عن الصائت خروجه دون كلفة ومشقة، يعتمد على اللسان والشفتين في نطقه، فيعطيه مرونة في النطق، فتخرج الصوائت دون ضوضاء، لانتظام ذبذباتها، مما يجعلها تساعد على أن تكون أصوات غنائية وفي الحقيقة الصوائت خواصها متداخلة فيما بينها. ودور الصائت مميز فهو الذي يخرج الصامت من سكونه ويساعد الصوامت على الاتصال يبعضها البعض، لأنه القنطرة التي تربط الصوامت في السلسلة الكلامية، فمن قواعد التلفظ في العربية عدم الابتداء بالساكن، ولا يتبدأ بالصائت، ولكن الصامت لا ينطق إلا أذا كانت الدفعة والدفقة من الصائت، ولولاه لكانت الصوامت ساكنة لا نفع فيها، فهو يمثل نواة المقطع الذي يعتبر أصغر وحدة صوتية في الكلام. ولما كانت الصوائت ضرورة في بناء السلسلة الكلامية أصبحت أكثر شيوعا ودورانا في الكلام، فمنها كل الصيغ الصرفية المختلفة، والوفرة في تعدد المعاني، فيكفي تغيير صائت فيتغير المعني، فخواصها الصوتية تساعد على البروز والدوران. أسباب اختيار الموضوع ترجع الأسباب لاختيار هذا الموضوع إلى الرغبة في دراسة الصوائت الطويلة في اللغة العربية، ومعرفة تعريف الصائت والمقياس المعياري للصوائت، ودراسة نظرية حدٌ الصائت والأسس التي بنيت عليها وتطبيقاتها في اللغة العربية، ودراسة أنواع الصوائت في اللغة العربية، ودراسة حروف العلة ومخارجها وصفاتها، ودراسة المقطع وأهمية وأنواعه. أهداف الدراسة تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على الصوائت الطويلة في اللغة العربية، والتعرف على تعريف الصائت والمقياس المعياري للصوائت، والتعرف على نظرية حدٌ الصائت والأسس التي بنيت عليها وتطبيقاتها في اللغة العربية، والتعرف على أنواع الصوائت في اللغة العربية، والتعرف على حروف العلة ومخارجها وصفاتها، والتعرف على المقطع وأهمية وأنواعه. أهمية الدراسة تكمن أهمية دراسة هذا الموضوع في كونه بحث حيوي له أثره البارز في وصل القديم بالحديث، فعلم الأصوات ليس محدثاً كما يعتقد البعض بل هو علم لفت أنظار العلماء المسلمين منذ قرون خاصة أصحاب المعاجم وعلماء القراءات القرآنية. وتأتي أهمية هذه الدراسة أيضا من دورها المؤثر في أيجاد وإتقان وحفظ وتأويل القران الكريم وحفظ اللسان العربي من اللحن والتحريف وتطوير اللفة وتيسيرها حتي يمكننا وصل اللغة بالحياة على أساس متين خاصة في العصر الذي يتسم بتقنياته المعقدة وتطوره المذهل وظهور معارف علمية جديدة لم تكن موجودة من قبل. ومن ثمرات هذه الدراسة أنها تكسب الباحث الجاد سعة في الاطلاع ودقة في البحث وسلامة في المنهج وكل ذلك من العوامل المؤثرة في تحقيق الأهداف المرجوة من هذه الدراسة. منهج الدراسة ستعتمد الباحثة في هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي بأعتباره المنهج المناسب لطبيعة هذه الدراسة.
سمية محمد ميلاد المهباط(2012)

نظرية المحاكاة والتخييل بين حازم القرطاجني والسجلماسي

فبعد هذه الرّحلة والمعايشة الطويلة مع هذه الرّسالة، يمكنني حوصلتها في نبذة مختصرة وإعطاء تصور موجز عن أهمّ النّتائج والثّمرات التي توصّلتُ إليها، علاوة على ما سأوصي به من توصيات، فقد توصّلتُ إلى النّتائج الآتية: إنّ مصطلح التخييل مصطلح فلسفي أخذ عن أفلاطون وأرسطو، فانطلق من بحوث الفلسفة، وأدخل في الأبحاث البلاغية والنقدية التي تحمل معاني المخادعة والتأثير وإثارة التعجب، فدرس التخييل تحت علم البيان الذي يشمل التّشبيه والاستعارة والمجاز والكناية والتّمثيل. ويدل في حقل الأدب والشّعر والنقد بصورة عامّة على الصور الحسّية في الذّهن، ويعبر عن فاعلية الشّعر وخصائصه النوعية، ويصف طبيعة الإثارة التي يحدثها الشّعر في المتلقي. إنّ فنّ التخييل نظرية إسلامية أصيلة، بدأ عند الفلاسفة المسلمين بأصل، وإن كانوا استفادوا من اليونانيين كمصطلح وكتسمية، ثم قَنَّنَ لها في مظهرها الفلسفي ابن سينا، وتبناها من بعده الفلاسفة المسلمون والبلاغيون، وصاغها ووسعها حازم القرطاجني، حيث تمثّلت فكرة التخييل عنده تصوراً عاماً للصناعة الشعرية، فهو البلاغي الوحيد الّذي اعتنق هذه الفكرة بحيث تكاد تكون نظرية عامّة يطبقها على طبيعة فنّ الشّعر ووسائله التّعبيريّة. إنّ حازماً والسّجلماسي ينتميان للمدرسة الفلسفية المغربيّة، ومما يلفت النظر في دراسة هذين العالمين أنّ المنهاج والمنزع على الرّغم من إفرادهما حيزاً كبيراً لدراسة المحاكاة والتخييل إلاّ أنّ الغرض الرئيسي عندهما ليس معرفة المحاكاة والتخييل فقط بل هدفهما دراسة تطوّر النّقد والبلاغة في عصرهما وقبل عصر كل واحد منهما. وقد ذهب معظم النّقاد باعتبار المحاكاة والتخييل عنصران رئيسيان في (المنهاج) بل أنّه الغاية فيه. تتقارب رؤية حازم والسجلماسي بأنّ التخييل فنّ من فنون البلاغة العربية والنقدية، فهو مصدر للصور البيانية، فمزجوه في تفكيرهم البلاغي والنقدي، ففكرة التخييل من أبرز الفكر التي عالجها حازم في(المنهاج) بقدر كبير، والذي يعدّ من أكثر النّقاد في عصره شغفاً بالتخييل والمحاكاة، ومن أوسعهم علماً بأسراره، حيث اتبعه السجلماسي في ذلك، فكان السّجلماسي بِدْعاً بين المشتغلين بالبلاغة والنّقد، حيث ربط مبحث المحاكاة والتخييل بالمباحث البلاغية والنّقدية وخاصّة المباحث العشرة التي تناولتها سابقاً. وتتقارب وجهة نظرهما في أنّ التخييل عماد الشعر وعموده الفقري وجوهره، وبه يتقوَّم، ولذلك يختلف عن الإقناع الّذي هو عماد الخطابة التي تتقوَّم به. فكل معنى أو أسلوب لا قيمة له إذا كان لا يحقق التخييل العجيب، فحازم والسجلماسي قد نهجا منهجين متقاربين في المفهوم العام للمحاكاة والتخييل وكلّ ماله علاقة بهما. فالمادّة الأدبيّة عند حازم والسّجلماسي وحدة منسجمة، تكاد تكون واحدة في بعض المواضع، فقد حللا التخييل على أنّه جزء لا يتجزأ من العمل الفنّي، وتحدثا عن تكوّنه وإنشائه ووجوده، وبهذا يكون: الشَّعر كلام مخيِّل ومخيَّل عندهما. تتقارب رؤيتهما بأنّ التَّخييل لا ينافي اليقين؛ لأنّ الشّيء ربما خيَّل على ما هو عليه وربّما حدث العكس وسبب ذلك أنّ الأسالب الشّعريّة لا تحدث أبداً في أسلوب واحد من أحد النقيضين، هما الصّدق والكذب، بل ترد الأقاويل تارة صادقة وتارة أخرى كاذبة، ومؤدى الأساس هو أنّه غالباً لا يتذوق بالشّعر من حيث كونه صدق أو كذب، بل يتذوق به ويتقبله المتلقي من حيث كونه كلام مخيِّل. يتقارب موقفهما في أنّ التخييل هو القول المخترع المستفز المتيقن كذبه، فيرى كلاً منهما أنّ القضية الشّعريّة تؤخذ من حيث هي مخيلة، فالتخييل عملية تسبق الانفعال النفسي، وأنّ المعاني العقلية ليست من جوهر الشّعر وإن لبست رداءه مع أنّهما لايقللان من دورها في رسم الصورة، فيرى كلاً منهما أنّ القيمة في الشّعر ليس ما يتمتع به من الصدق أو الكذب بل بما فيه من الصناعة المتمثلة على الأخيلة الدقيقة، فالتخييل لا ينافي اليقين، فلا يعدّ الشّعر شعراً من حيث هو صدق ولا العكس بل يعدّ شعر شعراً لكونه كلاماً منظوماً مخيّلا. يرى كلاً منهما أنّ التخييل يتعاطى بشكل فاعل من جهة النظم والوزن والأسلوب، كما أنّ اللفظ والمعنى محوران مهمان لتقديم صورة خيالية رائعة، فالتخييل إيهام وهو منوط بالشّعر، ويكون قوياً إذا كان حسّياً لا ذهنياً. يؤمنان بأنّ التخييل مصدر لكلّ الإلهام، فيرى كلاً منهما أنّ التخييل يتجاوز قضية الصدق والكذب في الشعر إلى التصديق به باعتباره مصدر وحي وإلهام، فتمثّل المحاكاة والتخييل عند هما الحقائق الصادقة التي يقبلها العقل والمنطق والتي تعتمد الأساليب المباشرة التي تصور الأمور تصويراً واضحاً. تباعد منهج كتابيهما، فقد تأثرت ثقافة حازم بالثقافة العربيّة واليونانيّة فأثرت على مضمون الكتاب ومصطلحاته، فقدم تعريفاً للشعر والتخييل والمحاكاة والوزن، واللفظ والمعنى وغير ذلك من القضايا النّقدية والبلاغيّة بأسلوب ميزّه عن غيره من فلاسفة المغرب العربيّ، فكتاب المنهاج متعدد التخصصات في اللّغة والنقد والبلاغة والأدب والفلسفة والمنطق، وكذلك كتاب المنزع إلاّ أنّه ركزّ على الجوانب البلاغيّة والنقدية أكثر. ربط حازم فنّ التخييل والمحاكاة بمفهوم الشعر بشكل عام، واعتبره العمود الفقري في كلّ الأعمال الابداعية للشاعر، فالشاعر الذي يجيد التخييل هو شاعر مخترع يشهد له بالنبوغ، أما السجلماسي فقد تحدث عن التخييل واعتبره جنساً مستقلاً من أجناس علم البيان، فيرى أنّ التخييل يضمّ أهمّ جزئيات البلاغة أمثال المباحث الأربعة التي ذكرها في كتابه. لقد اتّخذ حازم الشّعر موضوعه الأوّل، وجعل سوء أحوال نظمه وتلقيه هاجساً أرقه مما فجّر أسئلةً كثيرةً لديه، سعى من خلال الإجابة عنها إلى رسم سبيل جديد لعلم البلاغة والصناعة الشّعرية خاصّة، وفي سبيل سعيه لتقديم آرائه في المحاكاة والتخييل، استفاد في غمار هذا الموضوع من تراث العرب خاصة من خلال الفارابي وابن سينا من جهة، ومن تراث أرسطو من جهة أخرى، وقد عاهد حازم متلقيه منذ صفحات منهاجه الأولى بأن يسلك طريقاً لم يسلكها أحد قبله، وقد وفَّى لكل باحث وقارئ بعهده، كما أثبت للقارئ أنّ مسلكه لم يسلكه أحد بعده أيضاً. إنّ كتاب المنهاج قد حقّق امتداداً طيباً لدى رواد المدرسة المغربيّة لم يجعلهم يستفيدون منه فقط، بل أبان على تفوقه عليهم في تميّزه بمقصده المتمركز حول التخييل خاصّة. وأما السجلماسي فقد إتخذ البديع موضوعه الأوّل، ثم تطرق إلى قضايا نقدية وبلاغية عدّة، واعتبر التخييل جنس من الأجناس العليا للبلاغة والنّقد. فجنس التخييل يتواطئ على أربعة أنواع: التشبيه، والاستعارة، والتمثيل، والمجاز. وقد إستفاد السجلماسي بالكيفية التي بنى حازم بها رؤيته البلاغية في كتابه منهاج البلغاء فأدرك أنّ حازماً أراد أن يبني للبلاغة مجدها في إطار نظرة شمولية لا تفصلها عن كافة المظاهر العملية الشّعريّة، غير أنّ هذا المجد البلاغيّ لن يدوم طويلاً؛ إذ سرعان ما عكر صفوة ما عرفته البلاغة على يد السجلماسي من انتكاس وتراجع إلى وضعيتها القديمة من عقم وصياغة منطقية، ضيقة مفتقرة إلى المرونة الذوقية – التي هي من متطلبات العمل الأدبي- وقاصرة على استيعاب أطراف العمل الأدبي وجمع سائر الأفكاره في إطار نظرة متكاملة متماسكة على نحو ما وجد عند حازم مثلاً. تناول حازم قوانين الكلام تنظيراً وتطبيقاً بوعي كامل، وإدراك حقيقي لأبعاد الصناعة الشّعريّة، فقد استفاد من الكتابات النقدية والبلاغية اليونانية، واستنطق النصوص الأدبية العربية بعقل واعٍ وذوق رفيع فاستطاع أن يبلور نظرية في الشّعر والشّعرية، تستند إلى مجموعة من القوانين والنظم التي تتحكم في عملية إنتاج النصوص الشّعريّة من ناحية، ونقدها وتحليلها وكشف أبعادها من ناحية أخرى. فكان واعياً بقوانين الصناعة الشعرية، والوسائل الفنّيّة الداعمة لها. فقد حصر حازم قواعد التخييل في الشّعر في أربعة أنحاء، ناحية المعنى، واللفظ، والأسلوب، والنظم والوزن، ويرى أنّ هذه الأنحاء مختلفة في القيمة والدور، ولقد توصلت إلى أنّ هذه الأنحاء الأربعة التي أشار إليها حازم في الحقيقة ثلاثة؛ لأنّ القسم الأوّل من كتابه الذي بحث فيه اللفظ الذي يعتبر ناحية من النواحي الأربعة لم يصل إلينا فدمجت قضية المعنى باللفظ فأصبحت ناحية واحدة، فتسير الأنحاء إذن ناحية اللفظ والمعنى، والأسلوب، والنظم والوزن، وهذا ما حاولت أن أفك مغاليقه، وأحدد أبعاده في ضوء فهمي ورؤيتي القاصرة لفنّ التّخييل. لقد اهتم حازم بالقوى المشاركة في عملية الأداء الفنّي، فأعطى للفنّ الإبداعي عنواناً عاماً، هو (التّخييل)، موضحاً دوره في إطار سلسلة من العمليات تحصل على مستوى الوعي والإرادة، مما سيكون له أثر على صلة العمل الإبداعي بمقاييس المعقول والواقع، وقد ارتبط في العمق بتصورات الفلاسفة المسلمين اللذين فهموا الشّعر باعتباره عملية تخيلية تتم في رعاية العقل، فأعتبر الخيال إمّا أولياً أو ثانوياً. فالخيال الأولي في رأيي هو القوّة الحيوية أو الأولية التي تجعل الإدراك ممكناً، وهو تكرار في العقل المتناهي لعملية الخلق الخالدة في الأنا المطلق، أمّا الخيال الثّانوي فهو في عرفي صدى للخيال الأولي، وهو مع الإرادة الواعية في الخيال الثّانويّ، أو الخيال الشّعريّ. لقد تميزّ حازم عن غيره من النقاد بميزةِ وأصالةٍ في آنِ واحدِ، ولا يكمن ذلك في استعماله مصطلحات جديدة عن بيئة سالفيه ممثلة في التخييل والمحاكاة؛ لأنّ غيره استعملها أيضاً، كما ورد ذكره عند السجلماسي ولكن ميزته هي معرفته كيف يحلق بهذين المصطلحين بعيداً، ويحط بهما في أجواء النَّفس، حيث التحريك والاهتزاز والأثر. إنّ حازماً قد أبان عن علو كعبه وامتداد أمده في النقد والبلاغة، حيث استطاع بعبقريته أن ينتقل من الاستمداد إلى الامتداد دون إلحاق ضرر بأصالته وابتكاره حيث أجاد توظيف ما استمده فحقق به الامتداد الواسع المستمر؛ لأنّه ربط الشّعر بحركات النفس الإنسانية، فجعل نقده وخطابه يقدم أطيب العون لهذه العملية، فترك نقده في النفوس أطيّب الأثر على مرّ الزّمن. فحازم بهذه المميزات يكون قد تفوَّق على السَّجلماسي في مفهوم التَّخييل حيث جعله أعمّ وأشمل وذا فائدة إنسانية، حيث امتدّ في نقده فتفوق عليه، وسبب تجاوزه هو عكوف صاحب المنزع على العبارة، فقام بإحصائها ولم يعطي اهتماماً كبيراً إلى أبعادها النفسية لدى المتلقي خاصّة. أظهر حازم تميزًا واضحًا في تنظيمه لمادّة كتابه على أساس منهجي دقيق حيث أظهر أصالته في تحليله الدقيق والعميق لأسس النظرية الإنشائية والإبداعية والنقدية، فقد حاول تأسيس ما اسماه بقوانين الصناعة الشّعرية، في طرح نظري في معظمه وإن لم يخل الكتاب من بعض النواحي التطبيقية. ولطبيعة الموضوع المعقد الذي عالجه في كتابه، وبسبب تأثره بالمصطلح الفلسفي يجد القارئ أحيانًا لغة الكتاب شديدة التعقيد والتكثيف والتركيز، وأما السجلماسي على الرغم من أنّه اتخذ منهجاً سليماً وبأسلوب مميز في ترتيب مادّة كتابه(المنزع) وهو أسلوب فريد من نوعه، وشمولية قيمة، وروح حيوية متينة، ومع هذا الروح الشهمة والنفس النبيلة إلاّ أّنه يبقي أقلّ درجة في المنهج والأسلوب أمام منهاج حازم. إنّ حازماً هو أحد أكثر النقاد وعيًا بقوانين الإبداع الشّعريّ، اتّخذ في دراسته منهجاً شمولياً ونظرة كلّية فامتد نقده إلى العناصر كلّها، وكان هدفه البحث في القوانين العامّة للشّعرية في الشّعر العربيّ، وبيان أصولها الفلسفية والنفسية، وقد أضاف إلى النقاد الذين سبقوه إضافات جديرة بالعناية ولا سيما في مجال الأسلوب وبناء النصّ، فخصص قسماً للألفاظ (لم يصلنا)، وقسماً للمعاني، وقسماً للأسلوب وقسما للنظم والوزن والإيقاع. ولما كان مقصد حازم شاملاً والعلم الَذي سعى إلى إقامته كلياً، فقد قسمت أبواب دراسته جوانب الشّعر كلّها، ومكونات القصيدة برمّتها. ولم يتم له ذلك إلى حين جعل حركة التخييل ذات أبعاد متعدّدة تمس عناصر الشّعر الأساسيّة انطلاقاً من اللفظ والمعنى وانتهاء بالوزن دون إغفال الأسلوب، وأما السجلماسي على الرغم من تمتعه بشخصية ذات عقلية فلسفية ومنطقية واضحة إلا أنّه اعتمد في دراسته على المنهج الاقصائي والنظرة الجزئية للنصوص، فقد ظهر في منزعه النزعة المنطقية الموغلة في التفريع والاستقصاء الجامع، والتحديد المانع، فلقد استفاد من التجربة الفلسفية أيما استفادة غير أنّه ظلّ دون شأن المنهاج لحازم حيث تميّز بالرؤيا التكاملية التي تظهر عنده في إحاطته بمختلف جوانب النص الإبداعي، وإلمامه بمختلف العناصر الفنية في النص وإمكانية تكوينها وتجسيمها. إنّ كتابي الناقدين المنهاج والمنزع لم يكونا مجرد إعادة لكتابات السابقين؛ بل استطاعا أن يعيدا بناء النقد الأدبي على أركان سليمة، ومع ذلك تفرد كل واحد منهما بمزايا ميزته عن الآخر في تناوله لفنّ التخييل.
إبراهيم الهادي أبو عزوم(2012)