المستودع الرقمي لـكلية الآداب - جامعة طرابلس

احصائيات كلية الآداب - جامعة طرابلس

  • Icon missing? Request it here.
  • 26

    مقال في مؤتمر علمي

  • 27

    مقال في مجلة علمية

  • 9

    كتاب

  • 0

    فصل من كتاب

  • 34

    رسالة دكتوراة

  • 241

    رسالة ماجستير

  • 0

    مشروع تخرج بكالوريوس

  • 14

    تقرير علمي

  • 2

    عمل غير منشور

  • 1

    وثيقة

أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن هشام بن إبراهيم بن خلف اللخمي وجهوده النحوية مع تحقيق كتابه الفصول والجمل في شرح أبيات الجمل

إنّ تاريخ الكتاب العربي المخطوط جزء مهم من تاريخنا الحضاري فإنّ كل أمة عريقة حيّه تسعى إلى ربط ماضيها بحاضرها وتعمل على أداء قسط من حقوق السلف عليها، وتريد أن تبني صرحها العلمي وحضارتها الحديثة على أسس متينة وقواعد راسخـة، ونشر كتب التراث بعد تحقيقها تحقيقاً علمياً هو أحد السبل الموصلة إلى ما ذُكر، - ولا سيما تراث الأمة الإسلامية الأصيل - فقد أقبل الباحثون المتخرجون في الجامعات العربية وغيرها على تحقيق التراث الإسلامي لأن المخطوطات أكثر إغراء بالبحث ؛ ولأنها تكشف عن جانب من تاريخنا الحضاري مازال مجهولاً حيث تفرغت لإحيائه ونشره بعض المعاهد ومراكز البحث العلمي، ونشط في ميدانه كثير من رجال العلم الذين شاركوا في هذا الإحياء والنشر، وأصبحت بعض الجامعات العربية تشترط أن تكون أطروحة الدرجة العلمية في تحقيق كتـاب من كتب التراث، كان لكل ذلك أثر في إماطة اللثام عن تراثنا المجيد إلا أن الكثيرين يظنون أن عملية التحقيق أسهل من إعداد بحث، فهي في ظاهرها القريب نسخ للمخطوط يضاف إليه بعض التعليقات البسيطة، والواقع أن المحقق يعاني من مشقة وجهد كبيرين فكم من عبارة مغلقة محرفة يصادفها ولا يجد لها أثر اً في المراجع التي أمامه فيمضي في سبيل تقويمها أياماً، وكم من قول لأحد العلماء أو علم يحاول أن يخرجه فلا يجد له أثر، وقد قطع أياماً يحاول حتى أجهد ومن خلال دراستي لكتاب بن هشام اللخمى أيقنت أن هذا الكتاب هو من كتب التراث العربي في أدق موضوعاته وألصقها بتخصصاته الدقيقة العميقة، إذ هـو شرح لأبيات جمل الزجاجي، وجمل الزجاجي هي جمل في علمي النحو والصرف وأبياتـه هي شواهده الشعرية، والشواهد النحوية هي مصدر التصحيح اللغوي، وهي المصدر التاريخي للثقة في أن لغتنا العربية الصحيحة التي نتكلمها اليوم هي اللغة نفسها التي يتكلمها سلف هذه الأمة العربية العظيمة، حتى كانت هذه اللغة الفصيحة أقوى عناصر وحدتها، ويكفى أنها اليوم وسيلة فهم كتاب الله سبحانه وتعالى، وأحاديث رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ولما للتراث من أهمية كبيرة في تاريخنا.
علي محمد خليفة المقطف (2006)

البهجة في شرح التحفة لأبي الحسن علي بن عبد السلام التُّسولي المتوفى سنة 1258 هـجرية

الحمد لله أولا وآخرا والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد فها هي الرحلة مع هذا الجزء من الكتاب قد توقفت عند نهاية باب النكاح على أمل أن تستأنف لتكملة الأبواب الأخرى من الكتاب، إن شاء الله تعالى، لقد قطعت في هذه الرحلة مسالك شائكة وبذلت جهوداً شاقة لتتبع الشيخ التسولي فحاولت أن أتلمس طريقته ومنهجه في شرحه بالوقوف على جل مصادره التي تمكنت من الوصول إليها وعزوت إحالاته لمصادرها، ولا أدعي أني أحطت بكل ذلك وتمكنت منه فهيهات لمثلي أن يجاري هذا الفقيه العالم المتميز ولكني قدمت ما أعتقد أنه سيسهل على القارئ بعض جوانب الكتاب ويرجعه للمصادر ليستزيد من بعض التفاصيل، وأبرز ما يمكن قوله في هذه الخاتمة ما يلي: كان الفقيه التسولي أمينا في نقله للمسائل وإخراجها من مصادرها بعناية فائقة، ونسبتها إلى أصحابها بكل دقة وأمانة وإخلاص. كان شرح التسولي للتحفة وافيا جامعا للشروح قبله فتميز بذلك الأمر الذي جعله كتاباً يدرس في الجامعات والمعاهد الدينية في الأقطار المغاربية. لاشك أن تحقيق هذا الكتاب سيزيد من إقبال طلبة العلم والقراء عموما على اقتنائه لا سيما وقد صححت فيه العديد من الأخطاء المطبعية. إن الهيئات العلمية والجامعات وكل من يعنى بالمعرفة ونشرها مدعوون لدعم تحقيق مثل هذه الكتب حتى يسهل الاستفادة من كنوزها وذخائرها لا سيما مسائل الأقضية والأحكام والمسائل المتعلقة بفقه الأحوال الشخصية في حل العديد من القضايا التي تعيشها المجتمعات الإسلامية المعاصرة. وأخيرا أعتذر من كل قلبي عما ورد مني من تقصير وزلل، سائلا الله عز وجل قبول العمل فهو حسبي ونعم المتكل.
عبد الرحمن محمد بن رمضان(2006)

Evaluation of English Language Teachers' Qualifications Teaching 7th to 9th grades، Basic Education in Public Schools in Tripoli / Libya

Abstract

Teaching a language needs a qualified teacher who masters it very well and has the ability to deal with the different situations in the classroom . Therefore this research evaluates the performance of English language teachers in the Libyan schools and their ability to perform their job successfully. The main objective of this research is to evaluate the English language teachers qualifications who are teaching 7th، 8th، and 9th grades . The qualifications in question are those that enable English language teachers to perform their job in an appropriate way and to enable the pupils use the language they learn. The procedures to collect the data of the research are: a classroom check list and a semi-structured interview . The check list covers the linguistic، the pedagogical and the psychological qualifications. The interview is conducted depending on the results of the checklist to clarify the issues that cause problems and hinder the teaching process. The qualifications to be investigated are linguistic qualifications، pedagogical qualifications، and the psychological qualifications. All of these qualifications are integrated together to produce a qualified teacher who is supposed to be the key for teaching pupils to use the language. Therefore، the research target is to focus on the main deficiencies of English language teachers in teaching English to such age groups. This research hypothesizes that primary English language teachers lack the professional qualifications to teach the English language for communication in an effective way. Therefore، the research aims at focusing on the major professional deficiencies، (whether linguistic، educational or psychological) that most ELT teaching in preparatory schools in Libya exhibit.
سهيلة صالح الهوزا (2012)

Problems Encountered in Teaching English as a Foreign Language to Large Classes in Libyan Primary Schools

Large English classes can cause many problems for the teacher and the young learners. It may seem impossible in such classes to organize dynamic and creative teaching and learning sessions. For example، it is impossible for the teacher in such classes to ensure individual participation of the young learners in the process of language practice and language use. Large classes can never be suitable for dealing with the new demands of language teaching. In other words، large classes cannot facilitate accomplishing teaching and learning based on the principles underlying communicative approach adopted in the primary 5 and 6 textbook، which is intended to build up the learner's confidence in going from organizing information to using the different language skills. The study examines the negative effects of the large number of young learners in the classroom. It intends to shed light on problems encountered in teaching English as a foreign language for communication to such classes. Research procedure and techniques to be used to collect data required for this study will be fulfilled by the use of teacher's questionnaire as well as data drawn from informal interviews with English teachers in some primary schools in Tripoli. The actual teaching environment in primary schools is unsuitable for teaching English as a foreign language to young learners and at the same time it prevents pupils from learning English properly. This is because most of the classes which have been visited and observed were crowded with large number of pupils. It has been noticed that this situation was problematic and uncomfortable for both the teachers and the pupils. Teaching English as a foreign language for communication to young learners requires small number of pupils in each class for the process to be successful. Young learners need special teachers' care and attention. They need enough time for each learner to practise the language and perform the various activities. Therefore، it has been recommended that large classes must be reduced to normal-size classes.
اسماء محمد ابوصاع (2010)

دور الفلسفة في تأسيس وبناء الحضارة "العصر الحديث أنموذجا (دراسة نقدية تحليلية)

من خلال ماتم طرحه في هذا البحث حول دور الفلسفة المهم في تأسيس وبناء مشاريع الحضارة، يتبين لنا أن كل ما شهده الغرب منذ عصر النهضة، وحتى مطلع القرن الواحد والعشرين من تطورات متلاحقة على كافة الأصعدة وفي مختلف الاتجاهات يرجع إلى التقدم الفكري والعلمي والفلسفي. وبالتالي شهد الغرب حضارة لا مثيل لها، وانطلق الإنسان الغربي يحقق الانتصار تلو الإنتصار في مختلف ميادين الحياة مستخدماً في ذلك الفكر الجديد والأدوات التكنولوجية المتطورة التي جعلته يستنفد كل الإمكانات المتاحة في أوروبا ويحلم بالسيطرة على بقية العالم. إلا أن هناك تحدياً قائماً يواجه الفكر الإنساني ومشروع الفلسفة نحو الكمال والتقدم الإنساني، وأيضا الأزمة التي تمر بها الحضارات من حيث الضعف والإنهيارالذي أدى إلى قول البعض بنهاية الفلسفة، ونهاية الفكر، ونهاية الإنسان، ونهاية التاريخ. حيث إن كل حضارة إنسانية قائمة أومضت مرت بمراحل ومن خلال الاطلاع على إحداها يتبين لنا أن أياً منها لم يقو على تحدي عامل الزمن بالخلود سواء كانت نهايتها موتاً طبيعياً، أو انتحاراً، فكل حضارة تمر بميلاد يعقبه طفولة، فشباب، ثم شيخوخة وفناء ذلك ما أرادته وقدرته مشيئة الله بالأمم والحضارات )وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ(. وما أريد أن أوضحه هنا أن المطلع على حضارات العالم يلاحظ الدور المهم الذي تلعبه الفلسفة في العلوم وعلى رأي الفيلسوف الألماني هيدجر: " إن العلوم لا تكون إلا إذا تقدمتها الفلسفة وقادتها. . . "وعلى الرغم من استقلال العلوم وتميزها لاينبعي أن يفهم باعتباره انفصالاً عن الفلسفة أو مناقضة وعداء لها. لقد ظلت الفلسفة في مراحل استقلال العلوم تتخذ من العلوم الحديثة مادة لتأملاتها ومصدراً لتعميماتها، حيث كانت الفلسفة مصدراً لكثير من الأنظمة العقلية والمبادئ الأساسية، بل لقد ساهم كثير من الفلاسفة مساهمة فعالة في تطوير كثير من نتائجها الخاصة، فاستقلال العلوم عن الفلسفة لم يعزل الفلسفة عن مناهج الفكر الفلسفي وتعميماته ومبادئه النظرية؛ فغاية الفلسفة هي معرفة أعم المبادئ التي تسيطر على الكون. فالفلسفة هي الرغبة الجامحة التي تسعى إلى فهم هذا الكون الغامض الفسيح وتدفع إلى معرفة الوجود كله في جملته لا في تفصيله، وهي ككل رغبة في المعرفة تستعين بالتفكير النظري لا التجريبي، والفلسفة ليست هي النتائج إنما هي روح التفكيرالحر وأسلوب البحث المستقيم. ففي عصرنا هذا تعوزنا الفلسفة أكثر من ذي قبل أن عصرنا الحاي في أمس الحاجة إلى الفلسفة. صحيح أن الإنسان في عصرنا هذا قد اكتسب بالعلوم الطبيعية قوة هائلة وتهيأ له من الوسائل المادية ما لو أحسن استعماله لكفل لنفسه حياة أهنأ وأسلم بمعاني الحق والخير والجمال، ولكن علوم الإنسان من أخلاق وسياسة واجتماع لم تستقر قواعدها بعد ولم تتقدم في الحقيقة تقدم العلوم الطبيعية. ونتيجة لهذا فالفلسفة في نظرنا هي الكفيلة بسد هذا النقص؛ لأن الفلاسفة هم رافعو لواء القيم الروحية وهم بُناء الحضارة بمعناها الإنساني الصحيح؛ وهم المصلحون الحقيقيون. إن كل حضارة تمت أو ستتم هي في الحقيقة أثر من آثار الفلسفة والفلاسفة. وقد صدق من قال: " لولا أحلام الفلاسفة في الأزمنة الماضية لكان الناس يعيشون قديماً عراة في الكهوف!". والحق أن التاريخ وسائر العلوم تظل كتاباً مطوياً إذا لم نفسرها بالفلسفة، وأن المؤرخين والسياسيين ورواة القصص والأخبار ومهما يكن من شأنهم، ليتضاءلون بالقياس إلى ذوي الاقدام من الفلاسفة والمصلحين، أؤلئك الذين نقبوا في أغوار النفس وحاولوا أن يكشفوا عن الغاية الخفية التي ترمي إليها الإنسانية. فالحضارة الإنسانية عموماً ماهي إلا وليدة الفلسفة وإن كانت الفلسفة بدورها من نتائج الحضارة، فإذا عرفت مهمة الحضارة وحددت خصائصها التي تميزها أدركت تعريف الفلسفة نفسها. إنها تكون نماذج يجري على نمطها التفكير ويسير بمقتضاها العمل، وبهذا تتقدم الحضارة وبغير الفلسفة لا تكون حضارة. فالفلسفة تؤدي مهمة هامة للحضارة وتشكيل الحضارات بحسب الفلسفات التي تواجهها فالفلسفة لها دور مهم في تاريخ الحضارة، ذلك أن الفلسفة بمحاولتها الدائبة للتأثير كمعرفة على تغيير العالم وتطويره إنما تتجاوز باستمرار مجرد التأمل والتفسير لتصبح قوة دينامية تحرك الإنسانية نحو التقدم. فالفسفة هي أساس التقدم وبدون الفلسفة لاتقدم لأي مجتمع فالمجتمع الذي تغيب فيه الفلسفة لايمكن أن يشهد نهضة علمية، ولا تقدماً تقنياً، ولا يمكن أن يتمتع بحرية حقيقية، إن الفلسفة هي التي تعدُ الأرض الصالحة للتقدم والتطور كما تعدُ العقول القادرة لأن تكنس الخرافات والأوهام والتسليم بما هو قائم.
مبروكة كريم أحمد(2014)

القيم الأخـلاقية بين الفرد والمجتمع (توماس هوبز وأوجست كونتإنموذجاً) دراسة تحليلية مقارنة

في ضوء التحليل المقارن السابق لمشكلة الأخلاق عند هوبز وكونت تخرج الدراسة بمجموعةٍ من النتائج: لعبت الأُسس دوراً في فلسفتي الأخلاق لدي هوبز وكونت مع إتجاهيهما المتضادين. الأول استند إلى طبيعة الإنسان، بينما إهتم الثاني بالمجتمع إنسانياً. والأسس بالنسبة الأول موجودة في تحديده للإنسان، حريته وحالتة قبل التعاقد وبعده مع الغير على تبادل الأمن والمصالح. بينما ذهب كونت إلى أسس جمعية للأخلاق تمشياً مع فكرة المجتمع وتاريخه ومعاييره النوعية وفي هذا الخصوص تميز هوبز وكونت كفيلسوفين بطريقة تفكير مختلفة، فإذا كان هناك فيلسوف يطرح مشكلات الأخلاق جرياً على مذاهب سالفة، فإن هوبز وكونت وضعا مبادئ جذريةً لرؤية المشكلات وهي مبادئ تمس الإنسانَ والحقائق الطبيعية والإجتماعية والتاريخ والعالم، فلم يكونا صاحبا مذهبين أخلاقيين على غرار الفلسفات التقليدية، ولذلك يعدَّان من الفلاسفة الثوريين في تاريخ الفكر، وهذا عن أصالة فلسفيةٍ في المفاهيم وأدوات التحليل حيث تعبرالأخلاق عن مكونات الإنسان المتنوعة من عاطفة وعقل وحس ووجدان هكذا تأتي لدى هوبز على أنها ذات طبيعة سيكولوجية، ولذلك حلل الإبعاد النفسية للذة والرغبات الحسية وكأنه في كتابه"التنين" يحلل نفسياً جذور السلوك ثم يأتي ما إذا كان سلوكاً أخلاقياً أم لا؟ ونفس الشيء مع كونت فقد أشار إلى الأخلاق إجتماعياً بوصفها شاملة لجوانب الإنسان وتحولاتها، وهذا مهم للفيلسوفين أثناء تحليل معنى الأخلاق ومعطياتها ولذلك إذا كان هوبز قد وضع الجانب الطبيعي مصدراً للأفعال والتفضيلات فهو غاية بالمثل، لأن السعادة عبارة عن تلبية إحتياجات الإنسان ورغباته، ومن هنا كان الطبيعي معياراً للأريحية نفسياً وأخلاقياً، وجعل كونت المجتمع غايةً أيضاً لأنَّ مواضعاته هي التي تمنح الرضا والسعادة، والحقائق الإجتماعية تترجم الأخلاقيات إلى أفعالٍ يرتبط بها الأفراد. صحيح أنَّ الأفكار الأخلاقية لدى هوبز وكونت جاءت ضمن أفكار السياسة والدين والمجتمع إلا أنها تضعنا أمام خاصية للأخلاق: أنها فعل بيني(وسيط) بموجب كونها مرتبطةً بسلوكيات وتصورات ومرجعيات لا تبدو أخلاقيةً في ظاهرها، والمثال الواضح على ذلك" نظام الحكم" أو الدولة، فهي موضوع سياسي سوى أنها تعكس قيماً أخلاقية و على الرغم من تناقض الفيلسوفين في المنطلق الأخلاقي إلا أنهما بنظرة عامة متكاملان. هما يشكلان حركتين داخل دائرة السلوك(الفعل، المعيار، القيمة) والإنسان والمجتمع، فالإنسان يشكل مركز الدائرة بينما يعدُّ المجتمع محيطها، ويمثل السلوك الأخلاقي قُطرَ الدائرة. إذ ذاك ينتقل هوبز من المركز(ميول الإنسان ورغباته) إلى محيطها، أي إلى خط المجتمع، في المقابل ينتقل كونت من المحيط(المجتمع ) إلى المركز لقد عبرت الأخلاق عن مكونات الإنسان المتنوعة من عاطفة وعقل وحس ووجدان هكذا تأتي لدى هوبز على أنها ذات طبيعة سيكولوجية، ولذلك حلل الأبعاد النفسية للذة والرغبات الحسية وكأنه في كتابه"التنين" يحلل نفسياً جذور السلوك ثم يأتي ما إذا كان سلوكاً أخلاقياً أم لا؟ ونفس الشيء مع كونت فقد أشار إلى الأخلاق إجتماعياً بوصفها شاملة لجوانب الإنسان وتحولاتها، وهذا مهم للفيلسوفين أثناء تحليل معنى الأخلاق ومعطياتها وعلى خلفية فلسفة هوبز ظهرت تأثيرات التراث الكلاسيكي والتطورات المعرفية الحديثة والمناخ السياسي والديني الذي عاشه، مما يعني أنّ السيرة الفلسفية تصبح مهمة وبذات القدر تعد مؤثرة في أفكاره. لقد توافرت في تعليمه اللغات الكلاسيكية ولاسيما اليونانية واللاتينة حيث حملتا الأفكار الفلسفية والأدبية والدينية التي تركت بصماتها في العصر الحديث. ولا ينبغي أن نغفل أن هاتين اللغتين كانتا معبرتين عن الفكر الغربي في عمقه التاريخي. وكانت الفلسفة والمنطق اليونانيان- رغم النقد الذي لقياه– موضوعين من موضوعات الدراسة وإعادة القراءة من قبل هوبز بل من قبل فلاسفة التنوير ولأنّ هوبز قد عارض المذهب التجريبي، فقد اتخذ اتجاهاً مناقضاً لمذهب العقل الصرف(الميتافيزيقي)، فهوبز كان متأثراً بالهندسة، وهو لا يكتفي بالاستقراء والملاحظة بل دافع عن منهج فلسفي يعارض الاستقراء تمام المعارضة، ومن هنا جعل الفلسفةَ الخلفية ذاتَ صبغة تحليلية بصفه عامة. وعارض بذلك كل مذهب تجريبي لأن الفلسفة كما يرى - تقوم على أسس صحيحة، وكانت القسمة الواضحة التي ظهرت في تاريخالفلسفة بين أؤلئك الذين يضعون ثقتهم في ملاحظة الأشياء، وبين أولئك الذين يحاولون إقامة بناء المعرفة على أسس صلبة من العقل، وكان البناءُ الذي تصوره هوبز بناء استنباطياً تماماً في مجال الإنسان والقيم حيث ذهب هوبز إلى أن الخير والشرعبارة عن أسماء دالةٍ على الرغبة والكراهية التي تختلف باختلاف العادات والتقاليد لدى الأفراد، بل أيضاً هما متفقانفي أغلب الأوقات مع العقل في الحياة. ومن جانب آخر فإن أكثرَ الأفراد ذكاءً وقدرة على الحياة في أوقات وظروف متباينة نجدهم مختلفين في تعاملهم مع الخير والشر، وقد يختلفون أصلاً في نظرتهم إلى ما هو خيّر وشرير. فقد يستحسن الفردُشياً أو فعل شيء، و قد يصبح الإنسان - كما يرى هوبز- ذئباً لأخيه الإنسان، فالتفاوت النسبي في القدرات الذاتية لا يعني مطلقاً الاستقرار والسعادة لفردٍ دون آخر كان اختيار هوبز لحالة الطبيعةاختياراًلحالة الإنسان الحق في الاستحواذ على كل الأشياء المنتمية إليه، واقتنع بها لأنها حالة الحرية التامة بلا قيود وبلا ضوابط، بمعنى أن يستعمل الفرد حقه الطبيعي في حريته، وفي تحقيق رغباته وميوله بلا قوانين منظمة أو حكومة قوية، وهو الرأي الذي يخالفه جون لوك بصددهذا الحق الطبيعي. وهوبز يُرجع الحرية إلى الطبيعة إلا أنه يري الأقوى فاعلية في كل حالة طبيعية هو رغبة البشر واستعمالهم لحريتهم كحق طبيعي في كل شيء. وهو استعمال مُوجه برغباتهم وعواطفهم، ومن ثم يربط هوبز أسباب الصراع بالطبيعة الإنسانية كما يربطها بالبحث عن القوة الدائم إذ يبدو التعاقد من وجهة نظر هوبز موضوعاً للمعايير الأخلاقية، بمعنى ما يتم الإتفاق عليه إنْ وجد يعتبر مقياساً نسبياً للتمسك به أو رفضه سلوكياً، والمعايير لا تتم إلا من وجهة نظر الفرد وسعادته. ويعتقد كونت أن التعاقد أصل أساسي يترتب عليه كافة أبنية المجتمع وهناك نتيجة للفعل الأخلاقي مثل افتراض هوبز الدولة على مستوى إجتماعي وسياسي عام لفرض القوة. والقوة تضمن عدم الإقصاء وفرض القانون الخارجي، لأن القانون الداخلي يتيح حرية تدمير القانون نفسه، فكل شيء مباح ولا شيء محظور. ورأى كونت الوضع السياسي من منظور عام، فهو وضع يستمد حقيقته من التنظيم الإجتماعيوإتساقاً مع رؤيته تكمل السياسة مواضعات المجتمع ومعاييره الأخلاقية رأي هوبز في الدولة كائناً مصطنعاً من خلق الأفراد، لأن الطبيعي بالنسبة لهوبزفي محاولته الفلسفية هو وضع الشروط الأساسية لاستقرارالمجتمعأنْ يتجه نحو القواعد والقوانين التي تسيطر على سلوكيات الأفراد. فالفرد هو الأساس وهو البداية والنهاية. ولهذا اعتقد أن الأفراد بطبيعتهم مندفعون بنزعة حب البقاء والمحافظة على الحياة الإنسانية إلى النضال طوال حياتهم من أجلها. كما نجد أنَّ الأفراد يقفون بالطبيعة متفرقين، لأن قوتهم غير متكافئة بين القوة الجسمانية والذكاء، وإن كان الأفراد من جهة أخرى يعيشون في حالة الفطرة الأولى ولديهم حقوق طبيعية متساوية. كما أن الفرد في رأى هوبز يجتمع فيه الهوى مع العقل بطبيعته في تحقيق إرضاء الشخص بالنسبة لنفسه فكان لابد من المجتمع من جهة اخرى نجد أن كلٌ من الفيلسوفين يهتم بتنظيم المجتمع، طرح هوبز رؤيته من خلال فكرة التعاقد الإجتماعي لكي يأمن على وجوده من الضياع، ولأنه مالم يأخذ حذرَّه من الآخرين سيلتهمونه(بموجب الصراع)، التنظيم الإجتماعي عمليه ضرورية لإدارة الصراع وإلا سيأكل الجميعُ الجميعَ، ورأى كونت للحرص على أخلاقيات جديدة لابد من تنظيم المجتمع تنظيماً مختلفاً لقد اعتقد كونت أن الآراء والقناعات الأخلاقية تتغيرمع تغير أحوال الناس باستمرار، ويتضح أن هذهالآراء مقبولة عندما يتحلى الإنسان العادي أخلاقياً من خلال سلوكه بين الجماعات التي يعيش معها، أو في المجتمع المحدد من حوله. ولهذا فالإنسان مدني بطبعه كما يرى علماء الاجتماع، بمعني أن الإنسان لا يمكن أن يعيش منعزلاً عن بني جنسية الآخر، بل لا تستقيم حياته إلا حين يحيا في جماعة كما يقول كونت علة استخدام كونت للمنهج التاريخيأنه وسيلته الأساسية في البحث الاجتماعي، ولا يمكن الاقتصار على الحوادث الراهنة فقط، لأنه يراه أسمى وسائل البحث في علم الاجتماع والتي يتكامل فيها المنهج الوضعي مع التطور التاريخي، ويتمثل المنهج التاريخي في علم الاجتماع بحثاً عن القوانين العامة، فهو لا يقتصرعليالحوادث، لهذا يرى أهمية لمنهجه في نظرته الشاملة للمجتمع والظواهر الاجتماعية، فالأخيرة ظواهر تاريخية وتوضيحاً تقوم الأخلاق عند كونت على العلم الوضعي، وهي تحقق صفاته الأساسية فهي أولاً "حقائق"، تقوم على مناهج الملاحظة وليس على الخيال. وهي تعتمدً على التحليل التجريدي لأنه يوجد في الإنسان مشاعر خاصة به فالأخلاق لدى كونت نسبية لأن نسبية المعرفة تؤدي إلى نتيجة مباشرة وضرورية وهي نسبية الأخلاق. لذلك وجود النوع البشري يتوقف على مجموعة كبيرة من الشروط الطبيعية والفيزيقية والاجتماعية. فالأخلاق تبدو قائمة على جانبين، جانب طبيعي وجانب اجتماعي. لأن الطبيعة الإنسانية تحتوي على غرائز و ميول وأهواء تتصارع بعضها معالأخرى، وهذه الحقيقة يتبثها علم النفس الوضعي، ولهذا فالمجتمع لا يستطيع أن يعيش بدون هذه الغرائز وتتمثل القيم الأخلاقية عند كونت في الثورة على الأوضاع البالية والتمرد على القيم التافهة، ابتغاء إصلاحها أو وضع قيم سليمة تأخذ مكانها، ويبين كونتأن القيم الجديدة التي صدرت عن الفرد موجهة لفساد المجتمع، وإن كان هذا الفرد نفسه لم يبرأ من تأثيرالمجتمع الذي يعيش فيه، وبهذا يتم التطور الروح واخيراً رأى كونت أن الأخلاق تنحصر في فكرة"الواجب"، ذلك الميل الطبيعي إلى إخضاع النزعات الذاتية لصالح الآخرين بحيث يصير الفرد في الحياة لأجل الغير، إن فكرة الواجب آتية من الروح الاجتماعي الذي تحققه الفلسفة للفرد كعضوٍ من أعضاء المجتمع وتبسط قوانين النظام الأخلاقي.
حاكمة مسعود المخزوم(2013)

دراسة أحوال النفس في الفكر الصوفي الحارث المحاسبي أنموذجاً

من خلال الدراسة نصل إلى خاتمة هذا البحث والذي توصلت فيه الباحثة إلى نتائج عدة تتعلق بمنهج المحاسبي في دراسة النفس فتوصلت إلى الآتي: لقد كان المحاسبي صوفياً وذلك لشدة عنايته بدراسة السلوك الإنساني عند الصوفية وعند العامة، بعد أن تصفح أحوال عصره. فكان بحق ناقداً مصحح لآراء الناس في عصره ولعل تراثه الصوفي يعد مرجعاً في السلوك . أن مؤلفاته ورسائله تعد مناهج متكاملة لرياضة النفس وتطويعها للعقل، فالمحاسبي قد وضع السبل الكفيلة لأي سالك متى ما تبعها إصلاح لنفسه واستقامة لسلوكه. أنه يقدم حلاً عملياً من أجل إصلاح النفس بعيداً عن الاستغراق في الأذكار والهروب من الحياة العامة وانسحاب من رعاية الأهل وصور الرياضيات الشاقة يستبدلها بالقدرة على تنمية الإرادة وتخليصها من الطبائع والشرور التي تلحق النفس والتخلص منها عن طريق التوبة والتطهر. يعتبر المحاسبي قدوة للكثير من الصوفية الذين جاءوا بعده، والذين عاصروا مراحل من الفتن ومراحل من تخلف وشيوع الكثير من الخرافات والبدع. فساروا على نهجه وهو تبصير الصوفية بالأخطاء التي وقع فيها والتي شوهت التصوف وألحقت به الكثير من التهم. أخرج المحاسبي التصوف من دائرته المغلقة القائمة على الاعتزال وترك الحياة العامة ودعا الناس إلى الخروج إلى العمل والارتزاق والذوبان في المجتمع ومحاولة اكتشاف الحلول الناجعة لتلك الأزمات. كما توصلت الدراسة إلى أصالة آراء المحاسبي ضمن منهجه القائم على تحليل النفس فلا تكاد تجد أثرا غريباً يدل على ثقافة واصلة أو آراء مترجمة أو منقولة، بل مجمل آرائه تتبع وتصب في الشريعة الإسلامية قرآناً وحديثاً وأقوال الصحابة والتابعين مما يدل على أصالة منهجه القائم على التحليل النفسي والذي سبق فيه الكثير من الدراسات الغربية التي حظي أصحابها بالشهرة وذيوع الصيت.
مبــروكة عبدالله نصر معطى الله(2012)

الخطاب النقدي في الفكر الإسلامي المعاصر دراسة تحليلية – محمد أركون نموذجا

ما يجب الإشارة إليه في خاتمة هذا البحث ومن البداية هو العلاقة الوطيدة بين الإسلام والعقلانية فدين الإسلام هو دين العقل وهذا ما أشرنا إليه في بحثنا وهذا ما أستنتجناه من خلال العديد من الآيات القرآنية التي تؤكد على تكريم الإنسان بهذه الملكة، وكذلك التأكيد على ضرورة استخدام هذه الهبة التي ميز بها الله الإنسان عن سائر خلقه. ولكن ما نود الإشارة إليه وما توصلنا إليه من خلال قراءاتنا لتاريخ الفكر الإسلامي لاحظنا أن هناك تياراً قوياً وجارفاً حجم العقل وحارب العقلانية من أجل ترسيخ مفاهيم لا علاقة لها بما هو مسطر في كتاب الوحي. ومن خلال الجهد الذي بدلناه من أجل الاطلاع على الفكر النقدي والخطاب النقدي في الفكر الإسلامي اتضحت لنا محطات مهمة جداً بخصوص هذا الموضوع، فقد اتضح أن الحضارة الإسلامية وخاصة في عصر الازدهار كانت حضارة الرأي والرأي الآخر كانت منفتحة على كل التيارات والاتجاهات الفكرية السائدة في ذلك الوقت إغريقية ولاتينية وفارسية، يهودية ومسيحية وحتى على الديانات التي تصنف بأنها ليست ديانات وحي وكانت المدارس الفكرية الكلامية والفلسفية في أوج ازدهارها وقوتها وهي التي كانت السند الكبير للدولة الإسلامية على جميع الأصعدة فهذه الحضارة هي التي أنجبت ابن سينا وابن رشد وغيرهم من الفلاسفة الذين كانوا جسر العبور لكل الفلسفات والأفكار التي سبقتهم ونقلوا كل هذه الفلسفات والاتجاهات إلى كل الشعوب التي تعاملت واحتكت بالحضارة الإسلامية والفكر الإسلامي، ولم يكتف فلاسفة الإسلام بالترجمة ونشر هذه الأفكار والاتجاهات بل طوروا وبلوروا العديد من الأفكار التي ستصبح ركيزة لتقدم شعوب العالم. ومثال على ذلك الرشدية اللاتينية، فالرشدية اللاتينية يؤكد العديد من المفكرين أنها الأساس الذي قامت من فوق أسسه الفلسفة الغربية الحديثة، وعندما نتحدث عن الفلسفة الغربية فنحن نتحدث على العقلانية التي استعارها الغرب من بلاد المسلمين والتي هي من أنجب كل هذه المدنية الرائعة التي ينعم بها الغرب، وكذلك أنجبت هذه الحضارة في فترة الازدهار أعظم المدارس اللاهوتية وأقصد تحديداً فرقة المعتزلة تلك الفرقة التي يعتبرها الكثير من النقاد من الفرق التي لو استمرت ولم يقض عليها لكان حال المسلمين أفضل من هذا الحال "إن أكبر قطيعة في تاريخ الإسلام (كما يؤكد أغلب النقاد هي تلك المتمثلة بالقضاء على مذهب المعتزلة) هذا المذهب الذي فهم معنى الدعوات المتكررة للعقل والعقلانية في القرآن إنه المذهب الذي دافع بقوة عن مقولة خلق القرآن، وبالتالي عن موضعة النص القرآني داخل التاريخ ونفهم من ذلك أن المعتزلة كانوا أكثر وفاء لروح القرآن من غيرهم لأنهم طبقوا التفسير العقلاني الذي أمر به القرآن ذاته وبالتالي فإن تصفية هذا المذهب العقلاني أدى إلى تجميد وتقديس ما كان ينبغي أن يظل منفتحاً ودينامكيا ولو لم يصفى مذهب المعتزلة لما سيطرت الحركات اللاعقلانية على الساحة الإسلامية بهذا الشكل وهي حركات تغلب النقل على العقل"(1)، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا ماتت الفلسفة والتفكير العقلاني في بلاد الإسلام واستمرت بكل قوة في العالم الذي يجاورنا ؟، وأيضاً نطرح سؤالاً آخر ونبحث له عن إجابة، ما هي الآليات التي ثم بها القضاء على الفكر العقلاني؟، ولما انتهى كل ما يمت للخطاب النقدي العقلاني في العالم الإسلامي؟. كل ما هو اليوم مسكوت عنه ومن الاستحالة التفكير فيه كان مطروحاً على مائدة الجدل كل الاتجاهات الفكرية كانت تجاهر بآرائها وكذلك كل المفكرين يعلنون مواقفهم من كل القضايا المطروحة وكانت المنتديات الفكرية تكتظ بكل الفلسفات والأفكار في كل عواصم الفكر الإسلامي حين ذاك، إلا أن الفكر الدوغمائي الأرثوذوكسي استطاع في نهاية الأمر أن يحسم المعركة لصالحه ولصالح التخلف والخروج من التاريخ. في بحثنا هذا كان المفكر النقدي محمد أركون هو نموذجاً لدراستنا ومن خلال كتاباته حاولنا أن نتتبع الإجابات التي نبحث عنها، دون الدخول في متاهات الاصطلاحات والمصطلحات والتعاريف والمفاهيم التي استخدمناها في هذا البحث وكانت الوسيلة التي بها ثم استعراض مجمل الآراء والأفكار التي تتعلق بموضوع هذا البح. ندخل مباشرة إلى ما استخلصناه من قراءتنا ومن الجهد الذي بدلناه في محاولة الإلمام والإحاطة بما يريد أن يقوله صاحب مشروع نقد العقل الإسلامي وفي هذه الخاتمة سنحاول أن نبين أهم المرتكزات والأسس التي بني عليها أركون مشروعه الفكري وسنحاول أن نوجز ذلك بقدر استطاعتنا وفي نفس الوقت نريد أن لا نختزل أياً من الأفكار التي تطرقنا إليها في هذا البحث. يؤكد أركون على ضرورة قراءة التراث الإسلامي قراءة جديدة وجيدة قراءة نقدية تستخدم كل ترسانة علوم الإنسان والمجتمع الحديثة دون أن نهمش أياً من أجزاء هذا التاريخ، ونحاول أن نسلط الأضواء على الأجزاء الموءودة من هذا التراث ونعود إلى لحظة التدشين في كل القراءات وربط هذه القراءات بمفهوم التاريخية الذي أسهبنا في شرحه خلال بحثنا هذا، وأركون من خلال هذا الطرح يحاول أن يؤسس لمنهجية جديدة في دراسة وتناول التراث والفكر الإسلامي وهذه المنهجية يطلـق عليهـا الإسلاميات التطبيقيـة وهـي منهجيـة جديدة من المنهجيات التي أسسها أركون وبهذه المنهجية يحاول أن ينطلق إلى فضاءات أوسع وأشمل من الفضاءات التي كان الاستشراق بالرغم من جهوده لم يستطع الوصول لها فالإسلاميات التطبيقية هي خلاف أبيستمولوجي وليس أيديولوجي مع الاستشراق الكلاسيكي وفي نفس الوقت هي منهجية مغايرة للمنهجية الأرثوذوكسية الدوغمائية التبجيلية التي يتناول ويدرس بها المسلمين تراثهم وتاريخهم فهي منهجية تحاول دراسة المسكوت عنه والمستحيل التفكير فيه في التاريخ والتراث الإسلامي وحتى في الوقت الراهن، وهي منهجية علمية واقعية لا علاقة لها بالخيال والمخيال والأيديولوجيا منهجية تربط الوقائع والأحداث والأفكار والاتجاهات والفرق بالتاريخ والأرض والسياسة وتضع كل الأمور في نصابها وتطرح كل الأسئلة ونتناول كل ما أسلفناه سابقاً بصورة موجزة وسنبرز كل المحطات المهمة التي استطعنا الإحاطة بها في هذا البحث. الإسلاميات التطبيقية: أركون ينقد العقل الإسلامي في إطار مشروعه الفكري الذي يسميه (الإسلاميات التطبيقية) والتي يهدف منها إلى إحداث قطيعة جذرية مع الدراسات الإسلامية الكلاسيكية التي تتصف برؤية تبوثية وجامدة واستخدام المناهج التاريخية الفلولوجية التي تجاوزتها الحداثة والتطور العلمي وذلك باستخدام المنهجيات الحديثة في علوم الإنسان والمجتمع. المنهج الأركيولوجي: استخدم أركون المنهج الأركيولوجي التفكيكي أي المنهج الحفري وهو منهج استعاره من المفكر الفيلسوف ميشيل فوكو وهذا المنهج الحفري التفكيكي يوظف مجموعة من الأدوات ويستخدم العديد من المناهج ويؤكد على ضرورة التسلح بأدوات منهجية والتي تبلورت بعد الحرب الكونية الثانية في مجال علوم الإنسان والمجتمع بكل فروعها من التاريخ إلى اللسانيات والانتربولوجيا وعلم النفس بجميع مدارسه وعلم الأديان المقارن والسيمولوجيا ثم الأبستمولوجيا والفلسفة ويستند أركون على العديد من الأسماء ذات الباع الكبير في مجال العلوم الإنسانية وكذلك استخدامه لمجموعة من المفاهيم والمصطلحات وليدة المجال الحيوي للفكر الغربي ومنها: رأس المال الرمزي والمعنى والزمن الطويل أو المتطاول والتقطيع الميتي والتاريخية والخطاب السيميائي واللامفكر فيه والمسكوت عنه والأبستومي ومديونية المعنى والعديد من المصطلحات التي كان له الدور الكبير في تأسيسها. اللا مفكر فيه أو المسكوت عنه: يؤكد أركون في كل مشروعه الفكري على منهج نقدي قائم على تصور معين للتراث الإسلامي ونتاجه الفكري فمشروعه يقوم أساساً على إعادة قراءة كل الفكر والتراث الإسلامي قراءة جديدة قراءة كلية قراءة نقدية والمقصد الذي يريد أن يصل إليه أركون هو تتبع كل المساحات التي ظلت بعيدة عن مجال النقد والتفكير وكل ما يدخل تحت إطار المسكوت عنه فكل الأسئلة التي ينبغي طرحها على التراث الإسلامي تدخل في مجال اللامفكر فيه ويشير أركون إلى العديد من القضايا التي أشرنا إليها سابقاً في هذا المبحث ومنها المشكلة التي كانت مطروحة حتى أغلق عليها وهي مشكلة المعتزلة والحنابلة هل القرآن كلام الله أو مخلوق؟، ونحن نعلم أن خياراتنا بهذا الخصوص تؤدي إلى تداعيات تتناقض مع الخيار الآخر وكذلك يشير أركون إلى مشكلة الطائفية التي تعاني منها المجتمعات الإسلامية وخاصة بين فرقتي الشيعة والسنة ويؤكد أركون على ضرورة فتح هذا الملف المسكوت عنه والعودة إلى لحظة تدشين هذه الفرق لمعتقداتها ومحاولة التصالح والبداية من جديد وخاصة أن الجميع يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، ويشير أركون إلى الصراع المسيحي المسيحي بين الأرثوذكس والكاثوليك والكاثوليك والبروتستانت والذي أصبح من الماضي عندما وضع هذا الموضوع على محك النقد في الفكر المسيحي ولم يعد من المسكوت عنه أو المستحيل التفكير فيه، وقضايا كثيرة لا يسمح المجال إلى سردها أو الحديث عنها وتعتبر من المسائل التي تعيق مسيرة المجتمعات الإسلامية نحو التقدم والازدهار. ماهية التراث: ما هو مفهوم التراث عند أركون؟، يعرف أركون التراث بأنه مجموعة متراكمة ومتلاحقة ومتراتبة من العصور والحقب الزمنية وهذه القرون المتطاولة متراتبة بعضها فوق بعض كطبقات الأرض وللوصول إلى الطبقات العميقة أي لحظات التدشين الأولى لا بد من اختراق الطبقات السطحية الأولى والوسطى للوصول إلى الطبقات الأولى، لا بد لمؤرخ الفكر أن يكون أركيولوجي الفكر فالتراث بناء تراكمي تشكل عبر أجيال وحقب زمنية متلاحقة وتتكون من مزيج من الأفكار والتصورات المتداخلة لا نستطيع فيها التفريق بين ما هو أرضي وما هو سماوي وما هو إلهي وما هو بشري وبالتالي كان لا بد من القراءة التفكيكية للمكونات الداخلية المتداخلة والمتراصة لهذا التراث وهذا الفكر وكان لا بد من التعاطي مع هذا المنتج التراكمي للتراث باستخدام المنهجيات التي تتعاطى منتجاته المعرفية بشكلها المتداخل في حدود التصور والمنهج الذي ينتجه. المنهج الإجرائي: أركون حريص على الطابع المنهجي الإجرائي أكثر من حرصه على الوقوف على النتائج أركون دائماً يطرح الأسئلة ويحرك الركود المستوطن داخل العقل الإسلامي فكل كتاباته تتضمن مشاريع في البحث وتقدم رؤوس مواضيع واستفسارات وأسئلة أكثر مما يقدم إجابات عن الأسئلة التي يثيرها في خطاباته فخطاباته تهتم أساساً بتجديد آليات الفكر الإسلامي وربطه بالحداثة الفكرية وحتى بما بعد الحداثة عن طريق الاستفادة من علوم الإنسان والمجتمع. العقل الإسلامي: أركون يتحدث عن العقل الإسلامي الذي يسعى إلى نقده فيحاول البحث عن تركيبته الداخلية وكيفية نشوء هذا العقل وطرق اشتغاله في التاريخ والمجتمع من خلال دراسته التحليلية لهذا العقل من لحظة التدشين ووصل أركون إلى أن هذا العقل التقليدي تفرع إلى عقول عديدة متنافسة وكلها تدعي امتلاك الحقيقة والاستيلاء على المعنى ودخلت في صراع مع بعضها البعض ثم تحولت إلى عقول أرثوذوكسية صلبة مغلقة على ذاتها وهذا يعني ابتعاد هذا العقل على العقلانية الحديثة ومنتجاتها الفكرية انطلاقاً من انغلاق هذا العقل وتشبعه بمفاهيم وقيم موروثة من العصر القروسطي الذي يسوده اللاهوت والتصورات الميتولوجية. العقل والأسطورة في فكر أركون: دائماً أركون يحاول الإشارة إلى الصراع بين اللوغوس والميتوس، المعرفة العقلية والأسطورة لأن الهدف الرئيسي من دراسة الانتربولوجيا الدينية للتراث الإسلامي توضيح العلاقة بين المفهومين السابقين وروابطهما المتغيرة والمتحولة ويؤكد أركون على أن لا مستقبل للعقل الإسلامي إلا إذا تخلص من أرثوذوكسيته ولا يمكنه الانفتاح على العقلانية الحديثة بشكل فعلي وناجح ودائم إلا بتفكيك مفهوم الدوغمائية والأرثوذوكسية التي تحيط به وتغلق أبواب الحداثة أمامه وهذين الاتجاهين من المعرفة يتقاطعان بطريقة تنافسية يحاول كل اتجاه من هذه الاتجاهات المعرفية الإطاحة بالآخر ويرى أركون إنه لا بد من تحطيم المعرفة الأسطورية داخل بنية هذا العقل من أجل انطلاقته إلى رحاب الحداثة ومكتسبات الإنسانية. تحرير العقل الإسلامي: أركون يسعى نحو تفكيك التراث وبنائه من جديد انطلاقا من إعادة إنتاج آليات نقدية تستجيب للتطورات المعرفية التي يشهدها عصرنا هذا والهدف الأساسي هو تحرير العقل الإسلامي من الأساطير التي تشوبه، فأركون ينظر إلى مشروعه باعتباره وسيلة معرفية لفتح وتحرير هذا العقل المغلق ويؤكد على ضرورة انتصار الحداثة الفكرية والخروج من الجمود الذي يعاني منه هذا الفكر بعد أن تحول إلى قلعة مغلقة بالرغم من أن الإسلام في حقيقة الأمر يعتبر حداثة فكرية وعقلية في عصره. أديان الوحي: يسعى أركون إلى محاولة توحيد الرؤية حول الأديان التوحيدية باعتبارها في حقيقة الأمر تجسد ظاهرة الكتاب الموحى به وما ينشأ عن ذلك من تشكيل متخيل مشترك لدى المجتمعات الكتابية محوره هو الكلام المتعالي والمقدس والمعياري لله حيث اعتاد الجميع على إبراز الأديان التوحيدية بصفتها وحياً معطى نزله الله في التاريخ بحسب التنزيل الذي يؤكد عليه القرآن الذي يجد له مقابلاً له في العقيدة المسيحية إن هذا المعطى متعالي ومقدس ويهدي البشر في تاريخهم الدنيوي لكي يحصلوا في نهاية المطاف على النجاة في دار الآخرة "إن القرآن يتموضع داخل خط الديانات التوحيدية مثله مثل التوراث والإنجيل يتموضع داخل منظور الوحي المتصور بصفته تاريخاً للنجاة وهذا التاريخ متقطع إلى مراحل للوحي وكل مرحلة يمثلها نبي من الأنبياء الذين تلقوا الوحي عبر التاريخ الذي يبتدئ بحسب المنظور القرآني بالنبي إبراهيم"(1)، ويستشهد أركون بالقرآن الكريم ((مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ))(2)، ويستمر أركون في اجتهاداته المتعلقة بأديان الوحي يقول بخصوص كلمة مسلم: "المعنى التزامني للكلمة في القرآن ليس هو نفسه المعنى التيولوجي الذي تشكل وساد في العصور التالية: إنها لا تعني المسلم بالمعنى المحصور للكلمة وإنما تعني الخضوع لله وتسليم النفس له وتجسيد هذا الخضوع للحياة الدينية وتكون قدوة ومثالاً في النزاهة وبهذا المعنى تشمل كل المؤمنين وكل الأديان التوحيدية وليس مؤمنو دين وأحد"(3)، ونحن نستعرض فكر أركون بخصوص أديان الوحي ولا يمكننا التعليق على ذلك. وفي نهاية الحديث لا يمكننا القول إلا إن أركون وغيره من النقاد كان هم التخلف يحاصرهم وكانوا يحاولون بذل الجهد للوقوف على أسبابه ومكمن هذا التخلف ومنهم من أخطأ في تحليلاته ومنهم من أصاب ومنهم من مازالت أفكاره وآراؤه في محل الاختبار إلا أننا لا يمكن أن نختلف مع أركون أو غيره عندما يشير إلينا بضرورة القراءة الحديثة للتراث الإسلامي أي القراءة النقدية التاريخية والعقلانية فهي التي ستحرر كل العقول المستلبة منذ زمن طويل والعقلانية هي التي ستزيل العراقيل التي تمنع التطور في مجتمعاتنا وما نود الإشارة إليه أن العقلانية في المجتمعات الإسلامية تصطدم بالقراءة اللا تاريخية العمياء والبكماء والمتخشبة والتي تحتل الشارع وحتى الجامعات وبالتالي المعركة ضخمة جداً وهائلة ولا يمكن أن تكون إلا في بداياتها فالحداثة الفكرية أمل ما زال بعيد المنال بالرغم من أهميته التي تتمثل في تحديث التشريع والقوانين بصورة كلية فالهوة سحيقة بين المفاهيم التراثية لمجمل جوانب الحياة وبين مفاهيم الحداثة الفلسفية والفكرية التي قدمت البشرية ثمناً غالياً من أجل الوصول والحصول عليها. وأخيرا أرجو أن أكون قد لفت الانتباه إلى الفكر النقدي الإسلامي المعاصر والذي أرى أن هاجسه الإجابة عن أسئلة صعبة ومعقدة وفي بعض الأحيان هذه الأسئلة لايوجد من يجروا حتى على طرحها أو الاقتراب منها والحافز على كل ذلك هو الإجابة على السؤال الذي يستمر في محاصرة كل الفضاء الفكري الإسلامي لما نحن خارج التاريخ؟، لما نحن في سبات مستمر؟، في الوقت الذي تتحرك فيه كل الشعوب المتقدمة إلى الأمام في كل لحظة. وفي نهاية الأمر أتمنى أن أكون أضفت ولو جزءاً يسيراً للفكر النقدي الإسلامي، والسلام.
زيدان مولود المنصوري(2012)