Digital Repository for faculty of Arts Tripoli

Statistics for faculty of Arts Tripoli

  • Icon missing? Request it here.
  • 26

    Conference paper

  • 27

    Journal Article

  • 9

    Book

  • 0

    Chapter

  • 34

    PhD Thesis

  • 241

    Master Thesis

  • 0

    Final Year Project

  • 14

    Technical Report

  • 2

    Unpublished work

  • 1

    Document

دور إفريقية في الصراع العربي الإسلامي البيزنطي حول صقلية (212 - 296هـ/827 - 909م)

خلصت الباحثة بعد مناقشتها وتحليلها لتفاصيل الأحداث المرتبطة بموضوع الدراسة المعنون: (دور إفريقية في الصراع العربي الإسلامي في صقلية (212 - 296 هـ/827– 909م)، والتي تم معالجتها في فصول ثلاث ومباحث إلى نتائج منها: أن الإمارة الأغلبية كانت عاقدة العزم على السيطرة على صقلية مهما كانت التضحيات والتكاليف المادية والبشرية. وكان للقضاء دور كبير في اعداد الحملات العسكرية وفي الدعوة للمشاركة في الخروج للجهاد في صقلية، ناهيك عن خروج القاضي أسد بن الفرات على رأس الجيش الذي توجه لفتح الجزيرة وبأعداد كبيرة، لقد شاركت جميع الفئات الاجتماعية في هذا العمل البطولي، والذي بقي خالد في التاريخ. لقد نجحت الإمارة الأغلبية في تطويق الإمبراطورية البيزنطية محاولة وقف التحالف بينها وبين الفرنجة وبينت الأحداث التاريخية وبشكل جَلى وواضح معالم هذه المرحلة المهمة في تاريخ المسلمين في إفريقية، والتي شهدت اهتمام من جانب الأمراء بالواجهة البحرية سواء من حيث العناية بأسوارها وحصونها وقلاعها المنتشرة في أغلب مدنها وعلى امتداد سواحلها، لاسيما جهودهم في تجهيز جميع مستلزمات الأسطول العربي الإسلامي فى إفريقية، من حيث إنشاء المراسي والمواني، وبناء السفن والمراكب على اختلاف أحجامها ومهامها، وقد شارك الأسطول في العديد من الملاحم التاريخية. خاضت الإمارة الأغلبية صراعا مرير ضد الامبراطورية البيزنطية، وقد تعرضت مصالحها لخطر الأسطول الأغلبي في البحر المتوسط، وناضلت طويلا فى محاولة منها الإبقاء على سيطرتها الواسعة على أهم المنافذ البحرية التي وصل إليها العرب المسلمون طيلة القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي، ومع كل ذلك فشلت الامبراطورية البيزنطية في درء الخطر عن قواعدهاالقريبة من القسطنطينية بعد أن تمكن المسلمون من الوصول إليها مباشرة، ولم تجد بيزنطة سبيلاً للخروج من هذا المأزق، لجأت إلى القوى المسيحية الأخرى للتحالف معها ضد القوة العربية الإسلامية، متجاهلة خلافاتها القديمة العقائدية مع الكنيسة البابوية في روما، وملوك الفرنجة في غرب أوروبا، وبعض الإمارات الإيطالية التي كانت تنافس بيزنطة لأسباب اقتصادية بحتة، لقد شعرت بيزنطة بالخطر يتهددها في أكثر من مكان، وقد وقفت عاجزة عن مواجهة المد العربي الإسلامي، في أهم قواعدها في البحر المتوسط، ولعلها واحدة من أهم النجاحات التي حققها مسلموإفريقية في عهد الأغالبة الوصول إلى صقلية وباري ومالطا، وليس ذلك فحسب بل اتخاذها من هذه المواقع قواعد لها لضرب المصالح البيزنطية في البحر المتوسط، والإيجي والإدرياتيكي. إن فترة الصراع بين المسلمين والبيزنطيين حول جزيرة صقلية، هي فترة صعبة ؛حتى تسنى للعرب المسلمين السيطرة على الجزيرة وما حولها، ولا ريب أن المقاومة العنيفة التي لقيها العرب المسلمون من قبل بيزنطة، كانت وراء النجاحات المحدودة التي حققها المسلمون في صقلية، ولم يمنعهم ذلك من الاستمرار، لتحقيق الهدف الذي قدموا من أجله. كانت صقلية تعاني فراغاً سياسياً بالدرجة الأولى، وكذلك هو شأن بقية القواعد البيزنطية، مثل جزيرة مالطة وجنوب إيطاليا، استغل بعض القادة ممن كانت لديهم أطماع في السيطرة على بعض الممتلكات البيزنطية، الأوضاع التي كانت تمر بها الامبراطورية البيزنطية لتحقيق نواياهم، التي أقل مايمكن أن توصف، بالتواطؤ والتآمر، لتحقيق مصالحها المادية، وقد عمل بعضهم لصالح المسلمين، بحيث أوجد تدخلهم ثقلاً في ميزان القوى التي مالت كفته لصالح المسلمين، وبذلك فقدت الامبراطورية البيزنطية الكثير من نفوذها السياسي وحتى العسكري، وقد ظهرذلك جليا، عندما سقطت مدينة باري في أيدى المسلمين، وفشلت بيزنطة في استردادها وبعد سنوات قليلة وصل العرب المسلمون لجزيرة مالطة الواقعة في البحر المتوسط والهجمات المتتالية التي شنها الأسطول العربي الإسلامي في البحر الإدرياتيكي بحيث لم يكن وجودهم إلا شكلاً من أشكال المنافسة، جاءت نتائجه وخيمة منه اتساع ساحة الصراع. وقفت الإمبراطورية البيزنطية عاجزة على حماية قواعدها ونفوذها في البحر المتوسط، وقد استنزفت قدراتها العسكرية بسبب مشاكلها المزمنة سواء على الصعيدين الداخلي والخارجي، أيضا استغلت بعض القوى المعادية للامبراطورية وعملت لصالح المسلمين، فقد أوجد تدخلهم ثقلاً في ميزان الأحداث لصالح المسلمين استمر الصراع العربي الإسلامي البيزنطي في البحر المتوسط على مدى قرن (212 - 296هـ/827 - 909م) وانتهى بالسيطرة العربية الإسلامية الكاملة على أغلب القواعد البيزنطية في البحر المتوسط. توصلت الباحثة إلى نتيجة مفادها، كانت بيزنطة تتراجع أمام الهجمات التي نفذها المسلمون في البحر المتوسط سواء المنطلقة من إفريقية أو من صقلية بعد فتحها حيث تنبهت إلى ضرورة حماية مناطق نفوذ لها باتت عرضة لهجمات الأسطول الإسلامي، بعيدة عن البحر المتوسط، وقد تبين لها أن المسلمين كانوا يتجهون بقوتهم إلى المنافذ البحرية الحيوية في بحر إيجة، كذلك الإدرياتيكي مما يعنى نقل ساحة الصراع بعيدا عن صقلية. كما أود الإشارة هنا، إلى أن بعض الدراسات الغربية، ذكرت خطورة الهجمات الإسلامية على البحر المتوسط والإدرياتيكي، وأظهرت مخاوف بيزنطة من المد الإسلامي في هذه المناطق، ودافعت على موقف بيزنطة المعادي من القوة الإسلامية، معللة أنها قاومت من منطلق حماية نفوذها في البحار الغربية، وخوفاً على مصالحها الاقتصادية، التي باتت مهددة من جراء النزاعات القائمة بينها وبين بعض القوى المعادية لها، مثل نابولي وجايت وأمالفي، والتي تحالفت مع العرب المسلمين هادفة بالدرجة الأولى إلى إبعاد الأسطول البيزنطي والحد من نشاطه في البحر الإدرياتيكي والأيوني. نهضة اقتصادية بفضل الرعاية والاهتمام بالأنشطة الاقتصادية من قبل المسلمين ولم يؤثر الصراع الدائر على الحياة الاقتصادية في البحر المتوسط، بل ويمكن القول كانت نتائجه إيجابية على غير المألوف في تاريخ الصراعات بين القوى الكبرى، التي غالباً ما تكون النتائج سلبية على الحياة الاقتصادية. وجدت الباحثة من المفيد، الإشادة ببعض ملامح أهم الإنجازات الحضارية وكانت كبيرة ومهمة من حيث تأثيرها الواضح في كل الجوانب الحياتية السياسية والاقتصادية والثقافية في صقلية وغيرها، ومن خلالها تبين أهمية الدور الذي قام به المسلمون، فلازالت آثارهم باقية شاهدة على عظمة مقاصدهم التي قدموا من أجلها إلى أوروبا. إن أبرز مظاهرالوجود العربي الإسلامي، كانت تلك التحولات التي شهدتها مواطن عدة من أوروبا بدءا بجزيرة صقلية والبلاد القريبة منها، مثل جنوب إيطاليا، التي وصلتها الإشعاعات الحضارية من إفريقية، وكذلك مثيلاتها من البلاد العربية الإسلامية، جميعها قامت بدور ثقافي مميز، حيث أسهمت في نشر الثقافة العربية الإسلامية في تلك الأرجاء من القارة الأوربية، بعد أن استقر المسلمون فيها وشجعوا إخوانهم في الدين على الهجرة إليها، سكن الجزيرة مسلمون قدموا إليها من مصر والأندلس وبلاد الشام وإفريقية، وساهموا جميعاً في نقل المؤثرات الثقافية والحضارية إلى صقلية ومالطة وغيرهامن جزر البحر المتوسط، واعتزوا بموطنهم الجديد، وقد ظهر واضحاَ في أشعارهم وكتبهم. وفي خاتمة القول: لقد استجابت إفريقية لكل التحديات التي فرضها العامل الجغرافي، ويمكن إضافة مسألة أخرى، وهي رغبة المسلمين في القيام بدورهم التاريخي مدفوعين بالإرادة التي تحَلى بها العرب المسلمون منذ وطأت أقدامهم أرض إفريقية، فقد سار الأغالبة على نفس السياسة في مواجهة أسطول البيزنطيين في البحر المتوسط.
فاطمة عمر أحمد البي(2011)

عبادة الإله زيوس في كيريني من خلال المصادر الأدبية والمخلفات الأثرية

بانتهاء هذه الدراسة، ومن خلال ما مر في فصولها، يلاحظ القارئ كيف تطور الدين لدى الإغريق من العصر"المينوموكينى" إلى العصر "الهيلينستى" الذي حدث فيه أن اختلطت الديانة الإغريقية بالديانات الأخرى، فأثرت وتأثرت بها. كذلك كان للنظام السياسي أثر قوى وواضح على ديانة الإغريق وخاصة بظهور نظام دولة المدينة الذي انعكس على الديانة، فجعل لكل مدينة إلهها الخاص. ومن خلال استعراض الآلهة الإغريقية؛ تبين أنها كانت كثيرة جداً ومتعددة المجالات، و أحياناً تتداخل اختصاصاتها. لقد كان الإله زيوس أهم آلهة الإغريق على الإطلاق وأغزرها من الناحية الأدبية، ويستشف ذلك من ما مر بنا خلال هذه الدراسة، من الكم الهائل للأساطير المتعلقة بمغامراته العاطفية وغيرها. وقد كانت شخصية الإله زيوس من أهم مواضيع الأساطير الإغريقية قاطبة، ولا تكاد تخلو أسطورة منه. وفيما يخص عبادة هذا الإله في كيرينى؛ يتضح أن هذه العبادة ربما دخلت للمنطقة قبل قدوم الإغريق لها وتأسيس كيرينى عام 631 ق. م، ولكن هذه الفرضية لا تزال تحتاج للمزيد من البحث والدراسة. ولقد عبد زيوس في كيرينى تحت ألقاب عدة أهمها "زيوس ليكايوس" ثم تمت مطابقته بالإله "آمون" وقد انفردت بهذه المطابقة كيرينى، ثم انتقلت عن طريقها إلى باقي العالم الإغريقي، فكانت كيرينى بمثابة الجسر الذي عبرت عليه هذه العبادة، وقد عُبد هذا الإله - زيوس آمون - في اسبرطة واوليمبيا وطيبة وغيرها. وقد حظيت كيرينى بشهرة واسعة بسبب هذه العبادة. ويتبين أن نهاية هذه العبادة في كيرينى كانت خلال بدايات القرن الرابع للميلاد. يتضح أن الإغريق كانوا مولعين بالأعياد والاحتفالات الدينية التي تقام لفترات متقاربة، وقد كانت أهم تلك الاحتفالات تقام على شرف الإله زيوس ألا وهى الألعاب الاولمبي، والتي لا تزال تقام حتى اليوم. ويتبين من خلال هذه الدراسة أن مدينة كيرينى كانت تشارك في هذه الاحتفالات وبشكل يلفت الانتباه، ويُرى ذلك من خلال اسماء الفائزين في هذه الألعاب، وكذلك يتضح أن مدينة كيرينى ربما كانت تقوم بتنظيم بعض هذه الألعاب على أراضيها. ومن خلال دراسة المخلفات الأثرية الخاصة بالإله زيوس في كيرينى، وخاصةَ العملات يتضح أن هذا الإله يحتل المرتبة الأولى في الظهور عليها، سواء أكان ذلك بصفته "زيوس ليكايوس" أو "زيوس امون". أما عن العمارة فيتضح تأثير عبادة هذا الإله عليها من خلال دراسة معبده الضخم الذي يعتبر تحفة لفن العمارة في المدينة، وهو يضاهى أشهر معابد الإغريق مثل (البارثنون) في أثينا، ومعبد زيوس في اوليمبيا، وبذلك يعد من أضخم معابد الإغريق، وهو الأكبر في قارة أفريقيا. ومن خلال دراسة فن النحت في كيرينى، يظهر هذا الإله في عدة أشكال، وتدل كثرة تماثيله وانتشارها في المدينة على الاهتمام الذي حظي به، ومن خلال تمثاله الضخم الذي كان موجودا في معبده يتضح مدى تأثر فن النحت بهذه العبادة من خلال صنع أكبر تمثال ليس فقط في المدينة بل في الإقليم، والذي كان نسخة عن تمثال زيوس في اوليمبيا من صنع النحات "فيدياس". ومن خلال كل ما مر بنا يتضح تأثير هذه العبادة على شتى مناحي الحياة في كيرينى من فنون، كالعمارة والعملات والنحت، وكذلك على الحياة الاقتصادية من نشاط وازدهار التجارة، والحياة الاجتماعية من تآلف اجتماعي بين مختلف الأعراق والأجناس في المدينة. والدين كان له تأثير كبير في حياة الإغريق وتفكيرهم، ويعتقدون أن كل ما يصيبهم من خير أو شر هو من عند الآلهة، فكانوا يلجأون إليها لحل مشاكلهم الاقتصادية و الاجتماعية ومن ثم يقومون بتنفيذ نصائحها وتوجيهاتها. وهو ما فعله أهل جزيرة ثيرا عندما حل الجفاف بأرضهم لجأوا إلي الإله ابوللو حيث نصحهم الموحي بالذهاب الي ليبيا الغنية وبعد ذالك قاموا بتأسيس مستوطنة كيريني، وبذالك استطاعوا حل مشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية، وبما أن زيوس هو أبو الآلهة والناس فقد كان له مكانة عظيمه في نفوس الإغريق. وان دراسة هذا الموضوع ستفتح الباب أمام الباحثين لدراسة جوانب أخري تتعلق بدور الدين في حياة الناس.
علي مفتاح عبد ربه حمد(2010)

الحياة الفكرية والثقافية في إقليم قورينائية خلال العصر الإغريقي 631 – 96 ق. م

تناولت الدراسة موضوع الحياة الفكرية والثقافية في إقليم قورينائية خلال العصر الإغريقي بكافة جوانبه من بداية الاستيطان الإغريقي لمنطقة الجبل الأخضر وتأسيسهم لمجموعة من المدن، وظلت هذه المدن تحت السيطرة الإغريقية فترة طويلة من الزمن بدأت بحكم أسرة باتوس، ثم حكم الارستقراطية الإغريقية بالمنطقة وأخيراً ألت هذه المدن إلى حكم البطالمة بعد أن استولى الإسكندر المقدوني على منطقة وادي النيل عام 332 ق. م، وظلت المنطقة بذلك تحت حكم الإغريق إلى أن سلمت إلى الرومان عام 96 ق. م. لقد كانت هناك حضارة وثقافة في المنطقة قبل قدوم الإغريق إليها فالنصوص والرسوم والنقوش المصرية الفرعونية ساعدت على التعرف على بعض معالم حضارة وثقافة الليبيين. وازدهرت الحركة الفلسفية والعلمية والأدبية في المدن الإغريقية في ليبيا، ومن مظاهر هذا الازدهار: - انتشار مختلف العلوم الفلسفية والرياضية والفلكية والجغرافية والطبية وغير ذلك من مجالات الفكر والحياة كما انتشرت مختلف الآداب من شعر ونثر ومسرح، وما إلى ذلك. وقد استفاد الإغريق في الإقليم في نهضتهم الثقافية والفلسفية والعلمية والأدبية مما تحقق وكان يتحقق في بلدهم اليونان الأم من نهضة ثقافية وفلسفية وعلمية وأدبية، وأنتجت هذه النهضة كثيراً من الفلاسفة والعلماء والأدباء الذين ينتمون إلى قوريني ويعتزون بانتمائهم إليها، منهم على سبيل المثال: - الفيلسوف اريستبوس، والجغرافي إراتوسثينيس وعالم الرياضيات والهندسة ثيودروس، والشاعر كاليماخوس وإلى غير ذلك من الفلاسفة والعلماء والأدباء القورينيين الذين كانوا لا يقلون في كفاءتهم الفلسفية والعلمية والأدبية عن نظرائهم في بلاد الإغريق في تلك الفترة. إذ صارت قورينائية أحد المراكز الثقافية في حوض البحر الأبيض المتوسط شهيرة بعلمائها من جغرافيين وفلاسفة وأدباء وشعراء وأطباء ورياضيين نالوا الجوائز الأولى في بلاد الإغريق، وخلقت صفحات خالد في تاريخ الفكر الانساني وأعطت للثقافة و الفكر اسماء لامعة في العالم القديم في ميدان الفلسفة و الرياضيات والأدب وقد استطاعت مدينة الإسكندرية بما حققته من نشاط اقتصادي وثقافي أن تجذب إليها علماء قوريني وفلاسفتها وأدبائها، وتكون قوريني قد أسهمت في نهضة الإسكندرية في العصر الهلينستي. وظلت قورينائية تواكب بلاد الإغريق نفسها في حضارتها وازدهارها، إلا أن استمرار هذا المركز الثقافي كان مرتبطاً بالتطورات السياسية، ومنذ القرن الثاني قبل الميلاد بدأت قوريني في الافول ولم تعد قوريني مركزاً تجارياً مهماً يرتبط مع مدن العالم القديم وتضاءلت مقوماتها الاقتصادية، وأصبحت المدن الإغريقية في الإقليم تتقبل في كل حين ضربات القبائل الليبية الضاربة بأودية الصحارى بعيداً عن نفوذ المستوطنين الإغريق، ونزل الرعب في قلوب من سلبهم حقهم في وطنهم وأبعدهم عن خيراته ورفائه.
حميدة عويدات القماطي(2009)

نظام الأدوار وأثره في حركة المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الإيطالي بمنطقة الجبل الأخضر 1922م – 1932م

بعد الانتهاء من إعداد هذه الدراسة توصل الباحث إلى النتائج الآتية: كانت الحياة البدوية للمجتمع الليبي تفرض على الشخص الاعتماد على نفسه في حماية ممتلكاته والذود عن حماه، حيث كان التدريب على استخدام السلاح وامتلاكه من مكملات شخصية الرجل الذي كان يفتخر بحمله في أثناء تنقلاته وترحاله وبالتالي فإن المتطوعين من القبائل بحركة المقاومة الوطنية منذ بداية الغزو الإيطالي لليبيا في معسكرات المقاومة تحت قيادة الضباط العثمانيين كانوا متدربين على القنص واستخدام السلاح بدقه متناهية من دون عناء في تدريبهم، كما أن طبيعة المنطقة الاجتماعية البدوية أكسبت سكانها صلابة في الموقف وسرعة في الاستجابة للدفاع عن الوطن وحماية أنفسهم ودينهم وعرضهم وممتلكاتهم من أيدي العدو، كل ذلك جعلهم يهبون للدفاع عن بلادهم، وينضوون تحت قيادة أنور باشا و السيد أحمد الشريف في مقاومة العدو، ومن هذا المنطلق أسس ما يعرف بنظام الأدوار معتمدين في ذلك على القبائل المنطقة. نظراً لقوة النظام الاجتماعي في برقة استطاع شيوخ القبائل والزعماء الدينيون ملء الفراغ السياسي والعسكري الذي تركه الانسحاب العثماني من برقة بمقتضى معاهدة أوشى لوزان في 18 أكتوبر 1912م، وأصبح قائد المقاومة الوطنية السيد أحمد الشريف هو الذي يمثل القيادة السياسية والعسكرية في البلاد، وقد أثبتت التجربة بأن سكان برقة كغيرهم من الليبيين قادرون على مقاومة العدو الإيطالي من دون الاعتماد على السلطة العثمانية. بما أن التعبئة القبلية هي الأساس لعملية تنظيم المقاومة في برقة منذ بداية الغزو الإيطالي سنة 1911م فيما يعرف بنظام الأدوار، نجد أن القائد الجديد لحركة المقاومة الوطنية بالجبل الأخضر السيد عمر المختار، قد اعتمد في إعادة بناء الأدوار أواخر سنة 1922م على قبائل المنطقة وجعلها الركيزة الأساسية لذلك التنظيم؛ لذا أولت قيادة الأدوار الجديدة شيخ القبيلة أهمية كبيرة كونه أكثر الناس معرفة بشؤون قبيلته وأدرى بأوضاعها، وبالتالي فهو يقوم بإرسال المتطوعين أو من يأتي دورهم للالتحاق بمعسكرات المقاومة، ويأذن لمن انتهى دورهم بجبهة القتال للعودة لأسرهم وهكذا. كما كانت القبائل تقدم الدعم اللوجستى للمجاهدين، ويتمثل ذلك الدعم في الاستطلاع لقيادة الأدوار وإخبارها بتحركات العدو، إضافةً إلى حماية أمن المجاهدين في تنقلاتهم ومعاركهم، ومن هذا المنطلق فقد كان لمشايخ القبائل دور كبير في بناء نظام الأدوار بالجبل الأخضر و استمراريته وهو ما يبين مدى أهمية الأساس الاجتماعي للجانبين السياسي والعسكري لنظام الأدوار. اعتمد نظام الأدوار في جانبه الاقتصادي غالباً على البناء الاجتماعي للتنظيم وذلك بما يحصل عليه بشكل ذاتي من القبائل، حيث كانت كل قبيلة مسؤولة عن توفير التموين والسلاح والمركوب لمقاتليها في الجبهة، وفى حالة عدم توفر مقاتل من العدد المطلوب بتلك القبيلة تقوم بدفع مبلغ مالي معين حتى يتم به تجهيز مقاتل أخر من خارجها، كما كانت القبائل تقدم أموال أخرى للأدوار متمثلة في الزكاة والأعشار والتبرعات والإقراض، وإلى جانب كل ذلك تعد الغنائم التي يحصل عليها المجاهدون في معاركهم مع الإيطاليين، أو من يتعاون معهم من الليبيين، إحدى ركائز الجانب الاقتصادي للتنظيم. وبما أن تمويل حركة المقاومة بالجبل الأخضر كان محلياً نجد انه اكسب الحركة قدرة وصلابة على اخذ القرارات التي تتناسب مع تحركاتها من دون تدخل خارجي. اثبت الدراسة أن الأهالي من سكان المدن والقرى الواقعة تحت الاحتلال الايطالي قد ساهموا مساهمة فعالة في دعم الأدوار عسكرياً وذلك عن طريق المعلومات التي كانوا يقدمونها للمجاهدين عن تحركات القوات الايطالية داخل المنطقة، كما كان لبعض المجندين الليبيين لدى القوات الايطالية دور وطني مهم في استمرار المقاومة لفترة أطول، فقد عملوا على إيصال المعلومات العسكرية المهمة لقيادة الأدوار، بل كانوا يقومون بتزويد المجاهدين بالعتاد؛ وذلك بترك الذخيرة لإخوانهم الليبيين في أماكن مخفية بساحات المعارك. لعبت المرأة الليبية دوراً مهماً في مؤازرة المقاومة المتمثلة في الأدوار، وذلك بمساندة أخيها الرجل على كافة الصعد. اثبت البناء الشعبي لتنظيم الأدوار نجاحاً فائقاً في تكبيد العدو الإيطالي خسائر كبيرة في الأرواح والأموال، وحطم على إثرها طموحات المستعمر في الهناء بالبلاد وخيراتها، حيث عطلت المقاومة تفوق العدو وحدت من قدراته، و يرجع الفضل في قدرة ونجاح واستمرار حركة المقاومة بالجبل الأخضر لفترة طويلة من الزمن إلى ترابط الأهالي معها و وجود قيادة فذة وحكيمة على سدة قيادة تلك الحركة، يأتي على رأسهم السيد عمر المختار، وقاده آخرون عظام لولاهم لما نجح عمر المختار في مهمته الصعبة، ومن أولئك القادة: يوسف بو رحيل و حسين الجويفى وعبد الحميد العبار والفضيل بو عمر وغيرهم كُثر و مما يؤيد ذلك أن الحركة قد تأثرت كثيراً بعد استشهاد العديد منهم و اخص هنا الشهيد حسين الجويفي والشهيد الفضيل بو عمر. أدرك الإيطاليون أهمية التعاون المحكم بين المقاومة والأهالي، ومدى ف اعلية ذلك التعاون في التصدي لهم وإحباط مخططاتهم فقاموا باتخاذ عدة إجراءات، كان من أبرزها عزل السكان مادة المقاومة ومصدر الإمداد عن الأدوار، وذلك بحشرهم في معسكرات اعتقال جماعية، وكذلك تغيير نوع السلاح، ومد الأسلاك الشائكة بين ليبيا ومصر، و تشكيل محكمة طائرة تعاقب كل متعاون من الأهالي مع المجاهدين، تلك الإجراءات التي كانت ذات مردود واثر سلبي على حركة المقاومة بالجبل الأخضر وأدت مع مرور الوقت وتفوق العدو عسكرياً إلى نهايتها. لم تكن نهاية نظام الأدوار بالجبل الأخضر بسبب ضعف وقلة خبرة وحنكة خليفة عمر المختار، السيد يوسف بورحيل المسمارى، بل مرد ذلك إلى اختلاف الظروف التي تسلم فيها كلٌ منهما دفة القيادة، فقد تولى عمر المختار القيادة أواخر عام 1922م، وكانت قد سبقت تلك الفترة مدة من التفاوض والهدنة مع الإيطاليين فاقت الست سنوات، تحضر فيها المجاهدون وقادتهم لخوض حرب طويلة مع العدو، وانفتاح الساحة الليبية أمام القوى الاستعمارية المتحاربة في الحرب العالمية الأولى، مما سهل دخول السلاح العتاد بكثرة خلال تلك الأعوام بينما يوسف بورحيل زمام قيادة حركة المقاومة الوطنية في وقت كانت الحرب مشتعلة بين المجاهدين، و القوات الإيطالية قرابة عشر سنوات، استنفدت فيها المقاومة قواها العسكرية والاقتصادية كافة، بخسارتها عدداً كبيراً من رجالها وقادتها الكبار الذين كانوا سنداً لها في جميع الجوانب، كل ذلك يأتي إلى جانب ما اتخذته السلطات الإيطالية من إجراءات مضادة، ولهذا وذاك أصبحت مهمة القائد الجديد بالاستمرار في المقاومة أمراً أشبه بالمستحيل. كان للبعد الاجتماعي في حركة المقاومة الوطنية بالجبل الأخضر، أو ما يعرف بنظام الأدوار نتائج وتأثيرات سلبية على أوضاع المجتمع بشكل عام، فالإيطاليون قد أدركوا أهمية ذلك البعد وقيمته، لذا كانت سياستهم تجاه سكان المنطقة قاسية وبأساليب قمعيه فريد لم يسبق أن استخدمها مستعمر في منطقتنا العربية بصفة عامة مما أدى إلى موت وفناء الكثير منهم، الأمر الذي لا يزال أثرة واضحاً في سكان المنطقة حتى وقتنا الحاضر.
يونس علي صالح الجوير(2009)

النشاط الاستيطاني الزراعي الروماني في ولايات شمال أفريقيا للفترة (133 ق. م - 337م)

بعد أن ناقشت الدراسة فصولها ومباحثها ما طرحته من فرضيات، وحاولت الإجابة عن ما صاغته من تساؤلات بغية إيجاد حل للإشكالية المراد سبر غورها وفهم جوهر تركيبها وتفكيكه إلى جزئيات يُعاد تجمعيها وإعادة قراءتها حتى يمكن استيعابها، خلصت إلى: إن فكرة الاستيطان الزراعي الروماني بولايات الشمال الأفريقي لم تكن بداية لممارسة الزراعة في المنطقة، بل أن ذلك يعود إلى فترة العصور الحجرية وممارسة القبائل المحلية للنشاط الزراعي ودور الفينيقيين القرطاجيين في تطوير هذا النشاط حتى مجيء الرومان واستغلال هذا النشاط وتطويره والمحافظة عليه إلى نهاية حكم الأسرة السفيرية. إن هدف الرومان من المجيء إلى شمال أفريقيا كان القضاء على قرطاج، وذلك للسيطرة على كافة المقدرات الاقتصادية المتمثلة في الطرق التجارية البحرية والممرات في البحر الأبيض المتوسط، والتحكم في أراضيها الزراعية لتوفير احتياجات روما من المواد الغذائية، والعمل على احتلال أراضي جديدة لزيادة الإنتاج. أن الأهمية الاقتصادية للولاية الأفريقية بالنسبة للرومان تتضح في استيلائهم على الأراضي وتوسعهم فيها، إلا أن ذلك لم يظهر واضحاً على السطح في بداية احتلالهم للمنطقة، على الرغم من أنه لم يجـذب اهتمام الرومان للمنطقة إلا باعتبارها منتجة للقمح الـذي كانت زراعته حتى نهاية القرن الأول الميلادي هي الزراعة الوحيدة التي لاقت تشجيعاً من قبل السلطـات الرومانية نظـراً لاعتمـاد روما الأساس في غذائها على القمح الأفريقي. كما تتضح أهمية العامل الاقتصادي، خاصة الأرض الأفريقية من سعي الأباطرة والأسر الارستقراطية الكبيرة على امتلاك مساحات شاسعة من الأرض المنتجة واستغلال خيراتها وسكانها، فجميع الحروب والحملات التي شنت، والثورات المحلية التي أخمدت كانت أسبابها مصادرة مساحات واسعة من أراضي القبائل المحلية، والتي نتج عنها تحول أغلب مالكيها الأصليين إلى الإقامة فيها باعتبارها من الأملاك العامة، وبالتالي إجبارهم على العمل بها أو دفع أتاوات وضرائب أو النزوح إلى المناطق الصحراوية. كما يتبين الدور الذي أدته التحصينات الدفاعية التي أنشأها الأباطرة الرومان في إخماد وإنهاء هجمات القبائل ونشر الاستقرار، بالإضافة إلى دورها الاقتصادي المتمثل في المحافظة على المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية المنتجة، فظهرت هذه التحصينات بشكلها الكامل في فترة حكم الأسرة السفيرية التي تمكنت من الوصول إلى أقصى نقطة في الصحراء زمن الاحتلال الروماني، حيث عمل أباطرتها على بناء الكثير من التحصينات وأقاموا المزارع المحصنة كخطوط دفاعية. إن الرومان رغم الوجه القبيح لاستعمارهم ومحاولات اضطهاد السكان المحليين، واستخدامهم العنف والقمع المفرط ضدهم، إلا أنهم طوروا جوانب حيوية في المنطقة خاصة في مجال الزراعة والري وإقامة السدود، والمدخلات المتعلقة بالإنتاج الزراعي من أدوات وبذور وصناعات تحويلية. وذلك على الرغم من كون أن كل ذلك كـان يتم لمصلحتهم إذ اعتبروا شمال أفريقيا منطقة استيطانية دائمة ضمن إمبراطوريتهم، وأن إقامتهم فيها دائمة. اتضح للدراسة أن عدم التوافق الثقافي بين الوافد والمقيم، خاصة في المعتقد، كان له دور في إذكاء الروح الوطنية في المقاومة، فانظم الرافضون للسيطرة الاستعمارية الرومانية إلى الحركة الدوناثية في رفضها ومقاومتها للرومان. إن مقاومة الأهالي وثوراتهم قد أثر سلباً على الطموح الروماني في تحويل المنطقة إلى مزرعة خاصة بروما ترفدها بما تحتاجه من محاصيل ومنتجات زراعية أخرى، خاصة بعد انهيار الأسرة السيفيرية، وذلك رغماً عما بذله الأباطرة الرومان وحكام الولايات الأفريقية من جهود في المجال الزراعي وعمليات الري والطرق والعمليات العسكرية المختلفة، فإن المنطقة لم ترضخ لأحلامهم في الإقامة الدائمة.
نادية جمعة ذغمان(2009)

أباطرة الأسرة السويرية وعلاقتهم بمنطقة المدن الثلاث (لبدة الكبرى – ويات – صبراتة)(193 - 235م)

خلص الباحث من خلال دراسته لموضوع (أباطرة الأسرة السويرية وعلاقتهم بمنطقة المدن الثلاث) إلى العديد من النتائج يمكن تلخيص أهمها على النحو الآتي: - كانت كمية الأمطار التي تسقط على مناطق الإقليم خلال فترة العهد السويري والروماني بصفة عامة أكثر مما عليه الآن، وكذلك النطاق الجغرافي الذي تسقط عليه كان أكبر مساحة مما عليه في الوقت الحاضر. امتدت الرقعة الخضراء في مناطق الإقليم سواء المناطق الساحلية أو مناطق الدواخل في تلك الفترة أكثر مما هو عليه الحال في الوقت الراهن. نتيجة لاتساع الرقعة الخضراء وسقوط كمية جيدة من الأمطار على مناطق الإقليم المختلفة كانت توجد في هذه المناطق العديد من أنواع الحيوانات المختلفة والتي انقرض بعضها في الوقت الحاضر. على الأرجح أن المجموعة الفينيقية المؤسسة لمدينة لبدة الكبرى كانت من مدينة صور وربما هم نفس المجموعة التي أسست مدينة صبراتة، أما مدينة ويات فقد أسست من قبل مجموعة من الفينيقيين قدموا من جزيرة صقلية. يبدو أن أصل التسمية بالنسبة لمدينة لبدة الكبرى يرجع للأصل الفينيقي لكلمة (ليبادة - لبقي) التي تعني المدينة التي تقع على طرف البادية وأن الأقرب إلى الأصل الصحيح لتسمية مدينة ويات هو(ويات) لأنها الأقرب في النطق إلى اسم القبيلة الليبية القديمة (أيات) التي كانت موجودة في مناطق هذه المدينة، أما اسم مدينة صبراته فيرجع في أصوله للغة الفينيقية حيث وجد مكتوباً بصيغة (صبرات - صبراتان)، وكل هذه الاسماء فينيقية الأصل. يبدو أن تاريخ تأسيس المدن الثلاث – خاصة لبدة الكبرى – يرجع لفترة ما قبل القرن السابع ق. م. كانت تقطن مناطق الإقليم خلال العهد السويري العديد من المجموعات البشرية مختلفة الأعراق. دلت غالبية الشواهد الآثارية و الإشارات التاريخية على الأصل الليبي اللبداوي لأفراد الأسرة السويرية. لوحظ أن جميع الإشارات سواء كانت آثارية أم تاريخية تصب في جانب الرأي الذي يرى أن الإمبراطور سبتيميوس سويروس قد زار مسقط رأسه مدينة لبدة الكبرى وكان ذلك في عام 203م. اعتلاء العديد من الشخصيات اللبداوية للمناصب الحكومية المختلفة في الإمبراطورية الرومانية خلال العهد السويري حتى أن البعض منهم وصل إلى عضوية مجلس الشيوخ الروماني. اتخاذ بعض أباطرة الأسرة السويرية (سبتيميوس سويروس - كاركلا) للقائد القرطاجي حنبعل مثالاً وقدوة مما يدل على أصولهم الليبية. لعبت المرأة دوراً رئيساً أثناء فترة الحكم السويري خاصة في فترة حكم الإمبراطور الاسكندر سويروس ومن قبله الإمبراطور إيلاجابالوس. زيادة مرتبات أفراد الجيش و الحرس الإمبراطوري خلال العهد السويري بشكل لم يسبق له مثيل في السياسة العسكرية للإمبراطورية الرومانية و الاعتماد عليهم في احكام السيطرة على العرش الإمبراطوري و مجلس الشيوخ. اهتم الإمبراطور سبتيميوس سويروس في الجانب السياسي بمدينة لبدة الكبرى حتى إنه منح سكانها حقوق المواطنة الايطالية. يرجح تفسير بعض الوثائق التي ترجع إلى العهد السويري إلى أن إقليم المدن الثلاث خلال هذا العهد كان ولاية مستقلة تتمتع بحكم ذاتي عن بقية الأقاليم الأفريقية. شهد النشاط الزراعي بالإقليم خاصة غرس أشجار الزيتون اهتماماً واضحاً خلال العهد السويري لأنه كان يمثل أحد الدعائم الأساسية لاقتصاد مدن الإقليم التي عمل الرومان على الاستفادة منها إلى أقصى حد ممكن. ساعد النظام الدفاعي السويري الجديد في إقليم المدن الثلاث على ازدياد الاستقرار الزراعي باطراد، إضافة إلى توفير الحماية اللازمة لطرق التجارة في الإقليم مما أدى إلى ازدهار ورخاء مناطق الإقليم خلال العهد السويري. كان لمدن الإقليم دور كبير في دعم الاقتصاد الروماني من خلال الكميات الكبيرة من زيت الزيتون والقمح التي كانت تزويد بها مدينة روما. استمر سكان الإقليم خلال العهد السويري في المحافظة على عاداتهم و تقاليدهم القديمة مثل: تعدد الزوجات و عادة الاعتناء باللحية. اهتم الأباطرة السويريين بالقطاع العام الذي يقدم خدمات اجتماعية مختلفة لكافة شرائح سكان الإقليم. حافظ سكان الإقليم على عقائدهم ومعبوداتهم المختلفة خلال العهد السويري. شهدت المعتقدات الشرقية بالإقليم اهتماماً ملحوظاً من قبل الأباطرة السويريين. تم مطابقة ومناظرة الآلهة المحلية بالإقليم مع ما يقابلها في الصفات من الآلهة الرومانية. عبدت الآلهة الرومانية منفردة وحدها من قبل بعض سكان الإقليم من العائلات الغنية من أجل المحافظة على نفوذهم وامتيازاتهم. تم عبادة بعض الآلهة المحلية من قبل بعض الأفراد الرومان مثل: الجنود الرومان المرابطين في الحصون الدفاعية في جنوب الإقليم. تعرض أفراد الديانات السماوية – اليهود و المسيحيين – معظم فترة الحكم السويري إلى حظر العمليات التبشيرية التي يقومون بها، إضافة إلى فرض العقوبات والغرامات الكبيرة على المتحولين لاعتناق هاتين الديانتين. استمر السكان المحليين في استخدام اللغة المحلية (الليبية والفينيقية) في المعاملات اليومية فيما بينهم. اضطر بعض السكان إلى تعلم اللغة اللاتينية لإتمام إجراءاتهم الإدارية نظراً لأن الرومان جعلوا منها اللغة الرسمية الوحيدة في المعاملات الإدارية بالإقليم. كان لسكان الإقليم إقبال كبير خلال العهد السويري على المنابر الثقافية المختلفة. كان معظم سكان المزارع المحصنة بالأودية في دواخل الإقليم من السكان المحليين من أهالي وجنود متقاعدين من صفوف الجيش الروماني. زاد الاهتمام بشبكة الطرق في الإقليم خلال العهد السويري من السيطرة على مناطق الإقليم المختلفة وربطها مع بعضها البعض. شهدت مناطق الإقليم خلال هذا العهد خاصة مدينة لبدة الكبرى إنشاء العديد من العمائر المختلفة التي زادت من ازدهار وتقدم مدن الإقليم. تجدر الإشارة إلى أن الإمبراطورية الرومانية بشكل عام قد شهدت خلال فترة الحكم السويري فترة من الازدهار و الرخاء بالرغم من اتهام البعض للأباطرة السويريين بالاعتماد على نظام حكم وراثي في تسيير أمور هذه الإمبراطورية. وأخيراً إن هذا البحث ليس نهاية المطاف في دراسة هذا الحقبة التاريخية في مناطق إقليم المدن الثلاث، وإن هناك جوانب أخرى لحضارة هذا الإقليم في نفس الفترة التاريخية – العهد السويري – تستحق البحث وتستدعى اهتمام الباحثين.
محمود فرج سالم بن حسين(2009)

دور الاقتصاد في تطور الفكر السياسي في أثينا من القرن السابع حتى الرابع قبل الميلاد

من خلال هذا العرض لفصول ومباحث الدراسة، نجد أن الظروف الجغرافية كان لها تأثيرها البالغ في حياة الإغريق بشكل عام والأثينيين بشكل خاص. سواء في ذلك الحياة الاقتصادية أم في مجال السياسة على الصعيد الخارجي، أو الإنتاج الفني أو التنظيم الدستوري الداخلي. حقيقة أن يكون من الخطأ أن يحاول، كما فعل بعض الباحثين المحدثين، أن ننسب كل شيء في هذه المجالات أو في أحداها إلى الظروف الجغرافية فحسب، ولكنا لا نبالغ إذا ذهبنا إلى أن هذه الظروف كانت بين أهم العوامل التي تركت طابعاً واضحاً في المجتمع الأثيني منذُ أن بدأت أثينا تترك مكانها بين دول المرتبة الثانية لتتزعم بلاد الإغريق. فقد كان لأول هذه العوامل الجغرافية، الموقع والتضاريس وأثرهما في عدم كفاية المحصول الأثيني لتوفير الطعام الكافي للأثينيين، فاتجهوا إلى البلدان المجاورة وخصوصاً الشرق حيث حقول القمح على شواطئ البحر الأسود، ومن خلال ذلك اضطروا إلى الاحتكاك بالقوات الأخرى، فكان احتكاكهم هذا، مداراً للجزء الأكبر من سياستهم الخارجية، كما قسوا على أنفسهم في الداخل، فنظموا شؤون القمح في كثير من الدقة وكثير من الشدة. وتمثلت هذه العوامل في جانب آخر كالثروة الحجرية التي قفزت بأثينا درجات في مجال الفن المعماري والثروة المعدنية في مناجم الفضة التي ساعدت أثينا في الوقوف على قدميها في أكثر من مناسبة والتربة الصلصالية التي مكنت من قيام صناعة الفخار، وهكذا أصبحت الأواني الفخارية جانباً أساسياً من صادرات أثينا، عززت دخلها القومي بشكل واضح، وأخيراً فقد كان لأثينا في موقعها الجغرافي وتضاريسها وتعاريج سواحلها ما هيأ لها سبيل الظهور كقوة بحرية، وبالتالي الزعامة في العالم الإغريقي كما أتضح ذلك. وكان لطبيعة تلك التضاريس تأثير واضح على تاريخ المنطقة، إذ تركت الجبال بامتداداتها والأودية التي تقطع البلاد طولاً وعرضاً عوازل طبيعية، وكان لها تأثير على عقليتهم والحياة الاقتصادية التي بدورها وجهت الحياة السياسية في كثير من الأحيان والأودية التي تقطع أوصال البلاد حتى جعلت من بلاد الإغريق مدن وأقاليم مستقلة، ولعل أفضل تأثر بتلك الظروف مدينة أثينا التي كان لموقعها دوراً مهماً في توحيد البلاد وجمعت بقية المدن المشتتة وأصبحت عاصمة لإقليم أثيكا وشكل البحر نقطة انطلاقها ودعامة من دعائم حياتها الاقتصادية، فانتشرت التجارة وساعد ذلك على الاتصال الاجتماعي. وكان لأثينا نشاطها الاقتصادي حسب موقعها. فبحكم موقعها المطل على البحر ووجود المواني بها اتجهت إلى ممارسة النشاط التجاري وبناء السفن وصيد الاسماك والصناعات التجارية. وأثرت الطبيعة الجغرافية على الحياة الاجتماعية فكان لكل إقليم وكل مدينة مكونة من طبقة اجتماعية لها مصالحها الاقتصادية وآراؤها السياسية المتعارضة مع آراء ومصالح الطبقات الأخرى. الأمر الذي ولد منافسات وصراعات بين هذه الطبقات التي كونت أحزاباً خاصة حسب موقعها الجغرافي كحزب الجبل والسهل والساحل في أثينا. وعلى الرغم من أن إقليم أتيكا تميز بخصوبة بعض سهوله مثل تساليا إلا أنها لم تكن شاسعة، بحيث لا تكفى لسد حاجات سكانها من الغذاء ومع ذلك فرضت أراضى أثينا قيوداً على ممارسة نوع النشاط الزراعي. مما دفع بأثينا التوجه إلى جانب اقتصادي آخر ليعوض هذا النقص في إنتاج المواد الغذائية فاتجهت إلى النشاط الصناعي الذي لاقى العديد من الصعوبات في الحصول على المواد الخام ولكن بفضل الحرف اليدوية التي نمت شيئاً فشيئاً دعمت التجارة وتسنى لها جلب المواد الخام حتى تطورت الصناعات المعدنية من حديد ونحاس وفضة وغيرها من الصناعات الفخارية التي بلغت حداً من الروعة والجمال وأضحت أفضل الصناعات بين قريناتها. وما أن تطورت بشكل أفضل حتى اكتشفت المناجم التي أصبحت توفر العمل لكثير من العمال وأسهمت في رفع دخل الدولة وتحسين حالة العامة في آن واحد وقامت عليها صناعة المعادن الثمينة كالفضة والحُلي والمجوهرات. وشكل سك العملة عاملاً مهماً في الدفع بعجلة التجارة مما نتج عنها طبقات اجتماعية جديدة ضمن طبقات المجتمع الأثيني ولم تقتصر الصناعات على هذا الحد بل امتدت إلى كل جانب فشملت صناعة الجلود والصناعات الخشبية ناهيك عن قيام نهضة معمارية بسبب ظهور البناءين المهرة والصناعات الغذائية أيضاً ولعل أبرزها تمليح الاسماك عن طريق الملاحين والصيادين ورغم تميز الإغريق في صناعة السفن سواء أكانت التجارية أو الحربية، إلا أنها استغلت كلاهما في خدمة التجارة سواء نقل المواد أو حماية سفن البضائع. ومع اتساع ممارسة الصناعات والحرف وزيادة عدد الأسواق الخارجية التي استوردت منها الحبوب عوضاً عما لا تستطيع إنتاجه مثل إيجينيا وكورنثة وسكيون وزاد عدد الأسواق الخارجية فشمل وادي النيل والمدن الفينيقية والرومانية وشبه الجزيرة الأيبيرية ومع منطقة المغرب القديم وخاصة إقليم كيرينايكي، مقابل ما يصدرونه من الخمور والزيت والصناعات المختلفة سواء أكانت غذائية أم غير ذلك وخاصة بعد فقدان الفينيقيين دورهم التجاري. ومن هنا نجد أن النشاط الاقتصادي في إقليم أثيكا تميز بالتنوع والإبداع من حيث تعدد مصادر الدخل على الأوجه المختلفة. لقد انفردت أثينا بالعديد من المزايا سواء كان في المباني أو في الحياة الاقتصادية أو الحياة السياسية بالدرجة الأولى دون غيرها ابتداء من الملكية مروراً بالأرستقراطية ثم الأوليجاركية فحكم الطغاة حتى وصلت إلى الديمقراطية وكان ذلك لتعدد العوامل وبخاصة الجغرافية مترتبة عليها الاقتصادية التي تمثلت في الضائقة الاقتصادية التي حلت بأثينا خلال القرن السابع ق. م فسارع البعض لمحاولة حل هذه المشاكل فبرز كيلون لمعالجة هذا الخلل إلا أنه لم يفلح فأوكلت المهمة إلى داركون الذي نجح إلى حدٍ ما لإيجاد حل جذري وإقحام الطبقات المحكومة للمشاركة في السلطة. تتالت الإصلاحات التي حظيت بها أثينا في الحياة الاقتصادية التي سارت جنباً إلى جنب لتثبيت الدستور السياسي، وخاصة فيما قام به صولون وكليسثنيس، ودورهما في إرساء أسس الديمقراطية والعمل على التوفيق بين كل من الأوليجاركية والأرستقراطية في الوقت الذي ساءت فيه أوضاع العامة. لقد برزت إصلاحات صولون وتشريعاته في مصالح طبقتي الإقطاعيين والتجار، ومنع اقتراض المال بضمان أشخاصهم، وحدد دخل الفرد ودرجة تمتعه بالحقوق السياسية، وبذلك أفسح المجال أمام التجار بأن يصبحوا أعضاء في المجالس الحكومة، وشجع الزراعة والتجارة وسك العملة لتسهيل التعامل التجاري في الوقت الذي ألغى فيه الديون وقضى على العبودية، وإقرار المساواة بين كافة الطبقات وعمل إلى حد كبير على تقلد الشعب للسلطة بإنشائه العديد من المناصب السياسية. إلا أن هذه الأعمال من إصلاحات اقتصادية وسياسية لم تمس الأرستقراطيين بل على العكس كانت عقبة في تحقيق مآربهم وبالتالي لم يكونوا راضين على ما قام به صولون وزاد التوتر أكثر من ذي قبل ومن هنا لم تفلح إصلاحات صولون في تثبيت دعائم الحكم على الرغم من أنه قدم جانباً ملموساً من الإصلاحات الاقتصادية والدستورية لا يمكن لأحد تجاهله. شهدت أثينا فترة من الحكم الفردي (المطلق) أو كما يسميه البعض حكم الطغاة بقيادة بيزستراتوس، وعلى الرغم من تلك التسمية لتلك الفترة إلا أن أثينا تقدمت تقدماً ملموساً وسارت على نهج سياسته التي استخدم فيها كل ما يتطلبه الحكم في أثينا دون مخالفة القانون أو إلغاء أى شيء من شرائع صولون فازدهرت الثقافة في عصره وأصبحت أثينا مجمع الأدباء والعلماء والشعراء وغيرهم ممن ساهموا في رقي الثقافة كما قام بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية التي عادت على البلاد بالرخاء إلا أنها لم تدم طويلاً فبرز الصراع بين الأوليجاركيين والديمقراطيين. لقد توطدت دعائم الديمقراطية بفضل كليسثنيس الذي أجرى العديد من التغيرات والتنظيمات على الحكم فمنح العامة حق الانتخاب بالمجلس التنفيذي، ومنح المحاكم الشعبية حق الأحكام القضائية ومنح لهؤلاء القضاة أجراً مقابل ما يقوموا به من عمل في هذا الجانب حيث امتدت هذه المكافآت إلى عامة الشعب لحضور مثل هذه الجلسات وإعادة تقسيم المجتمع الأثيني على غرار المساحة الجغرافية وأبقى على الرابطة القبلية التي قد تجعل من القبائل يشعرون بالانتماء والتمييز بينهم، ولكي يمنح العامة حق الانتخاب في المناصب السياسية للدولة استخدم مبدأ الاقتراع، حيث تمسك به مواطنو أثينا باعتباره الطريق الأمثل نحو تحقيق المساواة. كما منح كل أثيني عضوية مجلس الاكليزيا. ولما كان خوفه على عودة حكم الفرد المطلق إلى أثينا مرة أخرى حصن النظام الديمقراطي بنظام استحدثه ألا وهو (قانون النفي بدون محاكمة الذي كان كفيلاً بإبعاد أي شخص يشكل خطراً على نظام الحكم في أثينا أو إثارة الشعب). على الرغم من أن أثينا بعد انتهاء حكم كليسثنيس مرت فترة من الزمن قبيل اعتلاء بركليس السلطة إلا أنه لم يتغير فيها شئ، حتى أتى بركليس واعتلى السلطة وازدهرت الديمقراطية وضربت بجذورها بعمق في التطبيق الفعلي حيث قام بركليس بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية التي سيرت دفة السياسة في البلاد. لعل في مقدمتها النهضة المعمارية وإعادة بناء المدينة وتشييد العديد من المباني التي أفسح المجال من خلالها لتوفير فرص العمل للطبقات المتدنية وجعل من أثينا عاصمة للإمبراطورية بتزيينها كما عمل على تشجيع كافة الصناعات والحرف التي دعمت التجارة على شقيها واتجه إلى السياسة السليمة مع البلدان المجاورة وازدهرت الحياة الاقتصادية في عصره التي بدورها وفرت سبل العيش لكافة الأثينيين الذين كانوا فتيل الثورة بسبب ما كانوا يعانونه من جراء الفقر. ومع ذلك لم تسلم الديمقراطية الأثينية من الانتقادات التي لاقتها من قبل مفكريها وعظمائها الذين نظر كل منهم إليها بزاوية مختلفة متناسين إنها وفرت أكبر قدر من العدالة والمساواة للأثينيين الذين اعتادوا روح الحرية وتركت أثراً بفكرها وحضارتها وديمقراطيتها للإنسانية قديماً وحديثاً. ولأهمية الديمقراطية أصبحت جميع الشعوب والأمم على اختلاف أجناسها وتباين انتماءاتها الحضارية والسياسية تطالب بالديمقراطية فكراً وتطبيقاً. فالاهتمام الحديث بالديمقراطية يأتي من كون إن جميع الأمم قد وصلت إلى الاقتناع بأن الديمقراطية هي أفضل حالة يمكن أن يكون عليها النظام السياسي، وذلك انطلاقاً من المزايا التي ترتبت عن الديمقراطية وهو أن الديمقراطية الأثينية جعلت عامة الشعب الأثيني حراً وأعطت هذه الحرية كاملة في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. أما بشكل عام أنها الحالة الوحيدة التي لا تكون فيها السلطة السياسية في المجتمع لفئة أو جماعة على حساب باقي الفئات والجماعات. أنها الحالة الوحيدة التي تتم فيها كفالة حقوق وواجبات متساوية لكافة أفراد المجتمع ودون أي تمييز لأي سبب كان. أنها الحالة التي يتم فيها إقرار الحريات الفردية والعامة وضمانها وحمايتها. وربما أن أنواع الديمقراطية متعددة، وصورة مختلفة من ناحية الواقعية والتطبيق، إلا أن الدراسة تنطلق من حقيقة أساسية هي أن جوهر الديمقراطية واحد وهو (حكم الشعب) كما يفهمه أي شخص، أما ما وراء ذلك فخارج عن نطاق الدراسة ولا يعني ذلك عدم الحاجة إلى دراسة أصول الديمقراطية الأمر الذي تعززه بعض الحقائق. أن معرفة الأصول تفيد وتبين لنا أسباب النشأة، من ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية إلى غير ذلك. . . إن من الأخطاء التي يقع فيها البعض من الكتاب في معاملة الحضارات القديمة على أنها قد انتهت بأفكارها والتفرقة بين القديم والحديث، إلا أن القديم لا يصبح قديماً إلا إذا انتهى نفعه وبطلت فائدته. أما الفكر فيظل حديثاً حتى لو كان من نتاج مفكرين قدماء، مادام فيه منافع للناس، ولا أدعي أن هذه الدراسة قد أعطت جميع جوانب الموضوع حقه وإنما هناك جوانب وعوامل أخرى تظافرت لتساهم في تطور الديمقراطية في أثينا. فعلى الرغم من أهمية الجانب الاقتصادي إلا أن انتشار الوعي السياسي وظهور المفكرين مثل دراكون وصولون وكليسثنيس وغيرهم والفلاسفة من أمثال سقراط وأفلاطون وأرسطو وأبوقراط، كان لهم دور كبير في تطور أنظمة الحكم في أثينا وظهور النظام الديمقراطي، وهذه أمور تحتاج إلى المزيد من البحث والدراسة.
علي عبد الله علي الفتني(2009)

السياسة الأمنية للدولة الأموية منذ قيامها حتى وفاة الوليد ابن عبد الملك وآثارها على الأوضاع الداخلية (40 – 96 هـ / 660 – 714 م)

يمكن القول أن ما يتضح من سياسة الأمويين الأمنية، أنها قد جاءت نتاج واقع عميق ودقيق، واقع امتد عمقه إلى طبيعة الأساس الذي بنيت عليه الدولة العربية الإسلامية في جانبها السياسي، كما أن دقته قد تظهر من خلال فهم المجتمع لتلك الطبيعة، أو اختيار فهمها. وقد حاول الأمويون عبر سياستهم الأمنية تأطير مفهوم الدولة وفق نهج حاولوا به موازنة ذاك المفهوم مع البعد الديني، والذي ربما جاءت رؤية الكثيرين إليه على أنه المحدد الوحيد لشخصية الدولة العربية الإسلامية لتظهر أصداء تلك السياسة بمخرجات ربما كانت متطرفة في كثير من الأحيان بحكم تطرف التيار المجابه لها. وليس من شك أن كل تلك التجاذبات قد أسقطت بظلالها على خيارات الأمويين الأمنية ليخلص الباحث في دراستها لمجموعة من النتائج أهمها: كانت سياسة الأمويين الأمنية تمثل تعبيراً مباشراً عن إرادة الدولة في الإسلام. ولم تكن تلك السياسة في معظم حالاتها تعبيراً عن حالة من الخيار للحكام الأمويين بقدر ما كانت تقوم على الاختيار بحكم طبيعة وظروف المرحلة. مثلت العديد من الأحداث التي مرت بها الدولة العربية الإسلامية، خاصة فيما يتعلق بالجانب السياسي، مرجعية للعديد من سياسات الأمويين الأمنيةكان ترسيخ مفهوم الدولة من أهم الأهداف التي كانت وراء الكثير من تفاصيل السياسة الأمنية للأمويين نجح الأمويون عبر العديد من الآليات التي اعتمدوها في سياستهم الأمنية في دعم وإثبات شرعية دولتهم، كما نجحوا في الحد من شرعية خصومها، وكانت السياسة الإعلامية أبرز تلك الآليات في هذا الإطار كما استطاع الأمويون الحد من القيم الرمزية لكثير من خصومهم، والتي كانت ذات أثر ومعنى في مراحل الصراع الأولى. نجحت سياسة الأمويين في التخلص من أقوى خصومها، كما نجحت في احتواء الكثيرين ممن شكلوا خطراً على أمن الدولة. جاءت سياسة الأمويين الأمنية في مختلف مراحل الدولة على نوع من المنهجية حيث كانت معظم التفاصيل التي تقوم عليها هذه السياسة تبنى على ثوابت تبين منهجية هذه السياسة وثوابتها، بأنها لم تكن في معظم حالاتها تبنى على حالة من الفعل المتعمد، وإنما جاء معظمها في إطار رد الفعل. كان للتأييد الكبير الذي حصل عليه الأمويون، أثر بارز في نجاح سياستهم. لم تكن سياسة الأمويين في معظم حالاتها سياسة مركزية، بل كان للمؤسسات دور أساس في رسم وتنفيذ تلك السياسة. كان من سلبيات سياسة الأمويين الأمنية أنها في جانبها التنفيذي ركزت على القضاء على المعارضة كأشخاص ورموز، وكانت محدودة في التركيز على القضاء على المعارضة كفكر، وهذا ما اتضح من استمرار حركات المعارضة طيلة عهد الدولة حتى وإن انخفض تأثيرها. كما أن التركيز على مناطق معينة في مجابهة المعارضة، ربما أدى إلى تفريغ خارجي لتلك المعارضة سمح بإعادة انتشارها في أماكن أخرى. أدى إفراط الأمويين في ترسيخ مفهوم الدولة، إلى اختلال التوازن في ثنائية الدين والدولة وفي كثير من الأحيان لصالح الأخيرة. أدى نظر الأمويين إلى خصومهم، وفق معطيات الدولة، وعدم احتواء الذين يحظون على مكانة دينية بارزة ومجابهتهم بنوع من التطرف، إلى ردة فعل عاطفية في أوساط المسلمين، أسهمت ربما في بغضهم الأمويين والحنق على دولتهم، كما أسهم ذلك في بروز العديد من التيارات والاتجاهات المتطرفة. كما أعطى هذا الأمر المبرر للطامعين في السلطة للخروج على الدولة، وحصولهم على بعض التأييد.
إدريس عبد النبي حامد محمد الجوير(2009)